|
تراتبية الهندي بقلم محمد عبد الرحمن
|
05:45 AM May, 31 2015 سودانيز اون لاين مقالات سودانيزاونلاين-phoenix Arizona USA مكتبتى فى سودانيزاونلاين
لم تخلوا الصحف السودانية ومجموعات التواصل الإجتماعى الإلكترونية فى الأيام القليلة الماضية من تداول الإنجاز الذي تحدث عن نفسه من قبل شباب شارع الحوادث – "شكرا ليكم ياشباب على هذا المشروع". شكراً لإيقاظكم فينا حس التكاتف الإجتماعى والعمل من أجل الوطن الذي إنشغل عنه الكثير من الشباب فى الأونه الأخيرة رغم تأصله فينا. أيضا، لم تخلوا تلك الصحف و المجموعات من تداول مقال الهندى عز الدين الذي إنتقد فيه منح شرف الإفتتاح للخالة أم قسمة "ست الشاي" وعدم تقديس شباب شارع الحوادث "للتراتبية" كما في المجتمع الهندى. من الجدير بالذكر أنها ليست المرة الأولى التى يتحدث فيها هذا الكاتب عن مفهوم التراتبية أو التراتب الإجتماعى. لذلك وجدت أنه من الضروري البحث فى هذا المفهوم ومن ثم توضيحه لكل من وقف من القراء عند هذا اللفظ فى مقال الهندى، ليحكم عقله فيما إذا كانت التراتبية الهندية تستحق الإحتذاء بها أم لا، من خلال البحث المكتبي والميدانى الذي إقتضي حوارى مع بعض أفراد المجتمع الهندى ممن يدينون بالهندوسية والإسلام والمسيحية. لقد عانى المجتمع الهندي بما يكفي ويزيد عن طاقته مئات السنين سقم التقسيم الطبقي والذي لقي لاحقاً دعماً من المحتلين البريطانيين لأغراض إدارية – حيث وجد البريطانيون أن المحافظة على ودعم هذا التقسيم سيمكنهم من إدارة المجتمع الهندى ونهب ثرواته بسلاسة. من ناحية علمية، يتفق أغلب علماء الإجتماع والأنثروبولوجيا (علم الإنسان) على أن مفهموم التراتب الإجتماعى الذي "حاربه" المجتمع الهندى بنفسه يقوم على تقسيم المجتمع لمجموعات أو طبقات مختلفة بناءأ على ثنائية الطهارة والدناسة المستقاة من أصل الديانة الهندوسية - ما يعنى أن درجة طهارة أو دناسة الفرد تأتى من نسبه لمجموعة أوفئة إجتماعية بعينها، لا بعمله أو سلوكه. من ناحية هيكلية، قام نظام التراتب الإجتماعى فى الهند على تقسيم طبقات المجتمع الهندى لأربع مجموعات / فئات رئيسية: أولا، فئةBrahmins والتى تنطق برامنز وهي فئة تتضمن الرهبان ورجال الديانة الهندوسية والذين كفل لهم هذا التقسيم الإجتماعى حق دراسة وتطبيق مخطوطات الفيداس Vedas(منهج الديانة الهندوسية)، بالإضافة الى الدور الحصري الذي يقومون به فى التوسط بين معتنقي الديانة الهندوسية وآلهتهم.
ثانياً، فئة Kashatryas والتى تنطق شاتريا وهي فئة أدنى درجة من البرامنز وتشمل المحاربين والذين ينحصر دورهم الحياتى فى الدفاع عن جميع الفئات الأخري، بالإضافة لتقديم القربان للألهة والبرامنز. ثالثاً، فئة Vaisyas والتى تنطق فايشيا وهي الفئة الوحيدة التى يمكنها العمل في التجارة وإمتلاك الأراضي الزراعية ورعاية الماشية. لم يكن مسموحاً لهذه الفئة بالتزاوج مع الفئتين الأعلي ترتيباً، كماتوجب عليها توفير الدعم المادى للبرامنز. رابعاً، فئةShudras والتى تنطق شودراس وهي تنقسم إلى مستويين أعلاهم يحمل إسم شودراس وأدناهم مرتبة يسمون الشاندالالس Chandalas. تشمل فئة الشودراس العمال، والذين كانوا يمثلون أغلبية المجتمع، حيث كان يتعين عليهم خدمة الفئات الأعلى منهم ، كما لم يكن من المسموح لهم ممارسة العبادات، التزواج مع بقية الفئات، وحتى الأكل معهم في مكان واحد. أما الشاندالالس فهى فئة أدنى درجة من الشودراس وكانت أكثر المجموعات تقذيذاً لأفراد المجتمع حيث كان من الصعب التواصل معهم بحكم نتانة أجسادهم وممارستهم السحر الأسود. يعتقد الكثير من علماء الأنثروبولوجيا والمناضلين ضدها من أفراد المجتمع الهندى أن نظام التراتب الإجتماعى فى الهند كان أكثر قسوة من نظم التفرقة العنصرية التى شهدهتها الدول الغربية فى القرون الماضية، مما أثر سلبا على الإقتصاد الهندي ومقدرتهم على دحر المستعمرين والمحافظة على ثراوتهم التى نهبها الإستعمار. يقول القائد الهندي مهاتما غاندى عن التراتبية:" سينتهى الإحتلال عندما ينتهى نظام التراتب الإجتماعى " الآن، وبعد التعرف على مفهوم التراتبية الهندية ومايمكن أن تجلبه من أهوال على المجتمع السودانى، هل هذا ما عناه الهندي، وأراده للسودان؟ هل يحتاج السودان لمزيد من المشاكل الإجتماعية التى لازلنا ندفع ثمنها باهظاً؟ هل يحتاج المنهج الإجتماعى الذي وضعه لنا الإسلام الإستعانة بتراتبية الهندوس وديينا يثمن الإنجاز والفعالية ( فعالية دور ست الشاي ) لا المناصب؟ يقول أبو سليمان الداراني – رحمه الله -: " ليست العبادة عندنا أن تصفّ قدميك وغيرك يتعب لك ولكن إبدأ برغيفك فأحرزهما ثم تعبد". فى الختام ، يجب أن أشكر شباب شارع الحوادث على ماقاموا به من إنجاز مرة أخري وأوصي نفسي وكل فرد سودانى نظامى أو غير نظامى أن يحذوا حذو هؤلاء الشباب وأن يعمل لأجل هذا الوطن لا لأجل تراتبية تعود بالمنفعة لأفراد.
أحدث المقالات
- دموع في عيون (قاسية)!! بقلم صلاح الدين عووضة 05-31-15, 05:26 AM, صلاح الدين عووضة
- دعم المقاومة الايرانية لجم للنفوذ الايراني في المنطقة بقلم منى سالم الجبوري 05-31-15, 05:24 AM, مقالات سودانيزاونلاين
- إيران ومعركة الرمادي.. من أجل من؟! بقلم وائل حسن جعفر 05-31-15, 05:21 AM, وائل حسن جعفر
- سددوا وقاربوا وأبشروا بقلم/ ماهر إبراهيم جعوان 05-31-15, 05:20 AM, ماهر إبراهيم جعوان
- الحق، لم يعد للصمت عُشاق بقلم من المغرب كتب : مصطفى منيغ 05-31-15, 05:19 AM, مصطفى منيغ
- دولة دارفور 2017 بقلم أدم محمد أدم، سان فرانسيسكو 05-31-15, 05:17 AM, أدم محمد أدم
- بماذا يكافئ المجرم عمر البشير زميله المجرم موسي هلال هذه المرة؟ بقلم محمد نور عودو 05-31-15, 04:35 AM, محمد نور عودو
- هذا عن الفيفا وماذا عن الإتحاد السوداني لكرة القدم !!! ؟ بقلم محمد بحرالدين إدريس 05-31-15, 04:33 AM, محمد بحر الدين ادريس
- عبد الخالق: حتى لو كان غضبة الهبباي عملاً سياسياً فهو لم يتخذ أبغض وسيلة له بقلم عبدالله علي إبرا 05-31-15, 04:31 AM, عبدالله علي إبراهيم
- التجارة العادلة Fair Traiding بقلم نورالدين مدني 05-31-15, 04:27 AM, نور الدين مدني
- محاكمة دونكيشوتية بقلم حسن العاصي كاتب فلسطيني مقيم في الدانمرك 05-31-15, 04:25 AM, حسن العاصي
|
|
|
|
|
|