|
تحالف الطاغوت الذي يرسخ أسباب التخلف في المجتمع السوداني بقلم / عباس فجار دفاع
|
تختلف الآراء في تحديد المشكلة السودانية نتيجة لتعددها الثقافي والإجتماعي وتراكم مشاكلها المركبة والجمود الفكري والكساد الإجتماعي وإنحسار مساحة التفكير والإيمان بالغيب المطلق بمعناه العام ،الذي غرسته التيارات الجبرية المتطرفة وخلقت حوله عصور الإنحطاط السياسي والإجتماعي والفكري نسيجاً اسطورياً إلي الإيمان بكل ما غاب عن الحس هو منسوب إلي عالم الآخر غير عالم الشهادة وكأن له قوة فاعلة حاكمة لكل شؤون الحياة . ولكن المناط بالأمر النظر بعين الإعتبار في دور الخصوصية الثقافية في حياتنا وتاريخنا في ضوء العمل من أجل الحراك إيجابياً نحو المستقبل الذي يستلزم تأويلات إبداعية جديدة ، تسمح به دينامية كل التراث الثقافي من أجل حشد الطاقات وحفز إرادة إعمال العقل . ومن ثم ليست القضية في جوهرها نفي للغيب أو إثباته فهذا ليس موضوع المقال فضلاً عن أن جميع الحضارات تؤمن بالغيب علي نحو أو آخر، وإن تباين نطاقه ومجال السلطة ولكن القضية هي إفساح مساحة من الحرية والفكر المسؤولة والمتاحة للإنسان لتناولها على مستوى العام .أنها مسألة توزيع اختصاصات أو فصل بين السطات وإيمان بالعقل أيضاً الذي لم يكن له اعتبار في مجتمعنا السودانية لا في الماضي ولا في الحاضر. ولم يرد له الذكر والتوظيف الواضح المعالم والمسؤوليات في الكتب المقدسة . فاذا قولنا فصل الاختصاصات فإن المطلوب هو إن المنحازين إلي تأويل القديم من دعاة الجبر من السلفيين في نطاق السلطة الغيب إنما يفرضون رؤية إسلام السياسية في فضاء حر ومستقل، ثم ان التراث الإسلامي له آلياته الخاصة التي تسمح وتهيئ إمكانية استمرار من خلال قابليته للتأويل فهو حمال أوجه ويبرز الوجه الثوري الدائم للتغيير بفضل الإنسان المؤمن بقدرات البشر علي صنع حياته علي الأرض ويختفي هذا الوجه ليبرز وجه استسلامي تواكلي في عهود الردة والانحسار . قد تكون خصوصية الاعتقاد مسألة نظرية ولكن الذي يعنينا نزع القناع السياسي عن دورها الاجتماعي الذي ساد قرونا طويلة وبين كيف استثمر أصحاب السلطة في التاريخ وهذه الخصوصية لصالح الحفاظ علي السلطة ضد كل من ناهض سلطاتهم وسطوتهم ودعا إلي التغيير والاعتماد على العقل لتدابير شؤون الحياة والثقة فيه مرجعة وهداية للبحث في ظواهر الطبيعية والنفس والمجتمع. وإذا نظرنا لمجتمعنا اليوم نرى بأن السلطة الدنيوية تستمد مشروعيتها من الدين لا من المواطن فقد كان رجال الدين المنوط بهم تفسير الدين أصحاب كلمة إِزاء بيان مشروعية أو شرعية السلطة. وتوالى الأحداث التاريخية ما بين السلطة السياسية والسلطة الدينية أو بين رجال الحكم وفقهاء الدين وهو تحالف ظل رغماً عن التغيير لصالح الكافة ، ونحن في المجتمع بحاجة الي دراسة سوسلوجية معمّقة تكشف جوهر هذا التحالف وأسلوب توظيفه وآثاره المدمرة علي العقل باعتبار أن هذا التحالف يستهدف خدمة الساسة وكانت العلة الأساسية وراء الإنهيار الحضاري والجمود العقلي والامساك الفكري والاسهال المعنوي . والمعروف في المجتمع السوداني إن هذه التحالفات لا تستثني أحداً من ديناصورات وقيادات التنظيمات التقليدية سواء كانت طائفية أو عقائدية أو قبلية و خاصةً حزب المهدي والميرغني في الساحة السياسية . ودائماً يقفون في المناطق الرمادية ولكن هم المتحالفون مع النظام تحالفاً استراتيجياً ومع المعارضة التقليدية تحالفاً تكتيكياً والتاريخ يشهد بذلك ، وخاصة بعدما إنكشف سر تداول السلطة فيما بينهم .(أنا وبن عمي علي الغريب). كما ظهرت عبارات ومصطلحات الصادق المهدي من خطاب البشير وحضوره في المنصة وذلك يسترجع ذاكرتنا إلي العهد القديم كأنما نحن في عهد الجنرال كتشنر باشا، دئماً يفرضون الغباء في أنفسهم ويظنون أنهم يفرضون الغباء في الشعب السوداني، إذا افترضنا جدلاً ان البشير جنرال(كتشنر باشا)وجعفر الميرغني علي يمينه وعبدالرحمن الصادق علي يساره.كل واحد منهم يمثل أسلافه الذين تحالفوا مع المستعمر ضد مصالح الشعب السوداني وخدعوا الشعب السوداني بأنهم زعماء دينيين وأخذوا شرعيتهم جزافاً ولقبوا أنفسهم زعماء للطوائف الدينية ، المتمثلة في طائفتي الخاتمية والأنصار بقيادة عبدالرحمن والميرغني ، ورثوا السلطة والثورة من المستعمر وواصلوا إستعمارهم للشعب السوداني بنفس النهج أو أكثرمنه ، لأنهم لايملكون من الفكر شيئاً ولكن بحكم أنهم زعماء طوائف دينية متخلفة ويؤمنون بالغيب المطلق ويفتكرون ان القضايا السودانية تحل بالدعاء والرجوع إلي الله . هل هذا يحل مشكلة السودان ؟. وكل الملخص من وثبة الرئيس وتململ القوى التقليدية جاءت نتيجة لاختراق ثورة الهامش والزيارات المكوكية التي قام بها قيادات الهامش ، والاختراق السياسي والدبلوماسي للمجتمع الدولي والإتحاد الأوروبي ، والحسم العسكري للنظام في النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور خاصة في أربع معارك التي هزم فيها النظام عسكرياً وسياسياً ودبلوماسياً لذلك تراجع البشير من موقفه وتصريحاته قبل أسبوع من وثبته الامريكية بنكهته الوطنية . وهذه خطوة مسبقة من قبل القوى التقليدية مدعومة من المجتمع الدولي ، لحماية إسقاطهم وتوريث أبناءهم الذين يخضعون لسياسات المستعمر بعد أن أصبحوا عبارة عن جثث سياسية متحركة . مالم نفك تلاثم التحالفات التقليدية ، والكل يزعم أنه يحكم باسم الدين ويروجون تأويلات على لسان رجال الدين تدعم سلطاتهم ، ويتهمون كل داعي إلي العقل بالمروق والهرطقة والعنصرية والعمالة , وتحويل هذا التأويل الذي ترسخ في أذهان العام إلي سد منيع يحول دون استنهاضهم وتحفيزهم إلي التغيير بإرادتهم ودفعهم إلي دائرة سلبية . ودائماً إدارة الشؤون الدنيوية إذا إعتمدت علي أسس دينية يخلق اضرابات سياسية لأن النص الديني دائماً وأبداً حمال أوجه قابل للتأويل , والمفروض أن يكون التأويل حسب المصلحة الإجتماعية العامة في الأساس لا للمصلحة السياسية لفئة محددة ، غير أن السؤال المطروح دائماً هو كيف وظف أصحاب السلطة ومعهم رجال الدين هذا النص لصالحهم . لذلك لا مجال للقوى التقليدية الذين يستمدون شرعيتهم من الدين ، لكي يحكموا مجتمعاً يمتاز بالتعدد الثقافي والديني ، آن الأوان للقوى الديمقراطية والليبرالية والحداثوية التوحد لرسم مستقبل للبلاد . آن الأوان للقوى الدينة المعتدلة الكشف عن تأويل إبداعي جديد يلائم مقتضيات العصر ومقومات الحضارة العصرية ، بحيث يحفز الإنسان على النهوض وخوض غمار الحياة الدنيا متحدياً على أسس عقلانية نقدية لتكون النهضة صحوة حقيقية للتغيير. عباس فجار دفاع [email protected]
|
|
|
|
|
|