:: قرأت مناشدة للأخ الهندي عزالدين، يناشد فيها وزير المالية بإعفاء حليب الأطفال من رسوم الجمارك، بحيث يكون هذا الحليب في متناول أيدي الأمهات وأطفالهن بسعر زهيد.. قرأت المناشدة وتألمت، إذ في الخاطر خطة حملة إعلامية كادت تستهدف مناشدة السلطات باعفاء حليب الأطفال من رسوم الجمارك وأثقال أخرى قبل سنوات، ولكن تم وأدها بنجاح ..نعم، بعد أن إجتمع أكثر من عشرين إعلامياً مع بعض نشطاء المجتمع المدني، وحددوا (موعد الحملة)، نجح الأمين العام لجمعية حماية المستهلك الدكتور ياسر ميرغني في ( وأدها)..!! :: والمؤسف، سنوياً تحتفل وزارة الصحة بالأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية، ثم تكشف عن نسبة وفيات الأطفال لعدم توفر الرضاعة الطبيعية (19%)، ثم تٌحمل العقوبات الأمريكية مسؤولية حرمان الأطفال من بعض الأجهزة الطبية .. وكانت كل هذه المعلومات ترد في ( خبر واحد)، بحيث تبدو كنعي وإعلان ذاك التاجر البخيل .. فلان ينعي شقيقه ويفيدكم بنقل محلاته التجارية من شارع الحرية إلى شارع البلدية .. ولكن لا علاقة بين العقوبات الأمريكية و وفاة الأطفال لعدم توفر الرضاعة الطبيعية .. !! :: وزارة المالية - وليست العقوبات الأمريكية - هي التي تساهم في زيادة وفيات الأطفال بسوء التغذية .. ودراسة أجرتها منظمة اليونسيف تكشف أن الرضاعة الطبيعية في بلادنا لا تتجاوز (55.4%).. وهذا يعني أن الرضاعة الصناعية تشكل (45.6 %)، وهي نسبة مزعجة ومحفوفة بمخاطر المرض والموت .. نعم، فالرضاعة الطبيعية هي الأفضل والأمثل للطفل.. ولكن ظروف صحية - وأخرى إقتصادية - هي التي تُقزم نسبة هذه الرضاعة وترفع نسبة الرضاعة الصناعية.. فالأم لا تلجأ إلى شراء حليب الأطفال إلا بأمر الطبيب أو لمجابهة تكاليف الحياة بالخروج إلى العمل..!! :: وبالمناسبة، بلادنا تحتل المركز السابع في قائمة أسوأ دول العالم في رعاية الأمومة والطفولة، ومن كل الف طفل ينتقل (78 طفلا) إلى رحمة مولاهم بسوء التغذية .. وتقارير الرعاية الاجتماعية – أي الحكومة ذاتها- أشارت قبل عام إلى إقتراب نسبة الفقر في بلادنا إلى (47%).. وهذه النسبة تعني - لأي إقتصادي - أن نسبة المواليد في الأسر التي تعيش تحت خط الفقر لا تقل عن تلك النسبة أيضا (47%).. ولذلك، لم يكن مدهشاً أن تشير تقارير منظمة اليونسيف - و أقرت بها وزارة الصحة - قبل عام إلى أن ( 1.800.000 طفل) مصاب بسوء التغذية في بلادنا..!! :: وكثيرة هي المؤشرات التي تشير إلى بؤس حال الأمومة والطفولة في بلادنا لحد تقزم الرضاعة الطبيعية إلى (55,4 %) كما تقول اليونسيف..ومع ذلك، أي رغم بؤس حال الأمومة والطفولة غير المخفي، تابع أيها القارئ - بصبر الصابرين - لتعرف كيف تساعد خزينة الدولة أطفالنا المحرومين من الرضاعة الطبيعية لظروف صحية وإقتصادية.. وبالمناسبة، كل دول الدنيا والعالم تدعم (ألبان الأطفال)، بحيث توزع مجاناً عبر المشافي أو بسعر زهيد عبر الصيدليات ..ولكن سلطات دولتنا - بقلوب هي كالحجارة أو أشد قسوة - تثقل ألبان أطفالنا بما لا تطاق من الرسوم ..!! :: بأمر وزارة المالية، رسوم الجمارك (10%) ..ضريبة القيمة المضافة (17%) ..ضريبة التنمية (13%) ..ضريبة أرباح الأعمال (3%) .. رسوم المواصفات والتخليص (5%).. بهذه الرسوم المفروضة على حليب الأطفال - في دولة تلك هي نسبة الرضاعة الطبيعية في أمهاتها، وتلك هي نسبة الفقر المدقع في أسرها، وتلك هي نسبة سوء التغذية في أطفالها - تساهم وزارة المالية في زيادة نسب سوء التغذية ووفيات الأطفال..(48%)، من قيمة كل علبة لبن، تدفعها الأم - لخزينة الدولة - ليبقى مولودها على قيد الحياة .. !! :: وعندما إجتمع البعض قبل عام، وتأهب لدرء مخاطر غلاء ألبان الأطفال، بحيث ترفع وزارة المالية تلك الأثقال عن الألبان، تدخل الدكتور ياسر ميرغني ونجح في ( كسير المجاديف)، بحيث أقنع الزملاء بأن توفر ألبان الأطفال بأسعار زهيدة سوف يحول ما بين الأطفال والرضاعة الطبيعية، فاقتنعوا وامتنعوا عن المناشدة..واليوم بجانب وزير المالية، نناشد الدكتور ياسر ميرغني أيضاً، بحيث يتراجع عن هذا التبرير غير المنطقي.. !!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة