لا أحب (الغرق في شبر موية) من خلال الانشغال بقضايا إنصرافية ومعارك شخصية وجانبية صغيرة سيما وأن بلادنا تئن من أوجاع مزمنة وأزمات سياسية طاحنة توشك أن تذهب بريحها وتمزقها شر ممزق. تلك الهموم الكبرى هي ما ينبغي أن نبذل الوسع لتداركه قبل فوات الأوان ولكن من يشخصنون كل شيء في هذه الدنيا ولا يرون الكون إلا من خلال ثقوب أنفسهم الأمارة التي جعلت الدنيا أكبر همهم ومبلغ علمهم ، من أجلها يخاصمون بل يفجرون في الخصومة وفي سبيلها يتعاركون مجردين كل أسلحتهم وشاهرين سيوفهم في معارك دونكيشوتية تافهة يسخرون لها صحفهم وأقلامهم وصداقاتهم وأموالهم إصراراً على (الغرق في شبر موية) بينما الدنيا من حولهم تمور وتضطرب بعظائم الأمور .. أقول : لكن هؤلاء يأبون إلا أن (يصغروا) من اهتماماتنا ويصرفونا عن القضايا الكبرى التي ينبغي أن نغوص في خضمها بحثا عن مخرج ينقل بلادنا المأزومة إلى بر آمن يزحزحها من النار التي تتلظى في جوفها. تلك كانت معركة مزمل أبوالقاسم التي صرفتنا عن المهام الكبرى التي أشرت إلى بعض تجلياتها فهو لا يرى في الكون شراً ينبغي أن يستأصل غير بروف مأمون حميدة الذي بات في نظره هو المعضلة الكبرى التي تهدد أمن البلاد وتزلزل كيانها وتحطم أركانها وتمسك بخناق الاقتصاد وتحيل حياة الناس إلى بؤس وشقاء وجحيم وعذاب مقيم. قلنا إن مأمون حميدة لم يأت إلى منصبه راغباً بل مرغماً، وتحدثنا عن سيرة باذخة من العلم والإنجاز والعطاء الذي تجاوز حدود الوطن إلى المنظمات الدولية التي قلدته شرف الانتماء إليها ليمنحها شيئاً من علمه وخبراته، ولكن مزمل يغض الطرف عن كل العاطلين والفاسدين وأنصاف المتعلمين الذين تمتلئ بهم دواوين الدولة ولا يرى إلا مأمون حميدة مثالاً للشر المطلق ويسعى بكل أسلحة الفتك المتاحة في يده للنيل منه . لماذا يا ترى يحدث ذلك على مدى سنوات تفرغ فيها مزمل أو كاد لتلك المهمة (المقدسة) وما هو ذلك السر (الباتع) الذي جعل الرجل يوجف كل خيله ويستنفد كل أسلحته في سبيل ذلك الهدف؟. ثم هل (يا ربي) سيكف مزمل عن ملاحقة مأمون إذا غادر منصبه الوزاري أم أنه سيظل وراءه مطارداً حتى الموت؟. لماذا كل ذلك الحقد الأعمى وهل هناك شيء في الدنيا يعدل ذلك ويستحق أن يستنفد كل ذلك الجهد؟. لكن نرجع مرة أخرى لنسأل ما هو ذلك السر العجيب لذلك العداء السافر الذي يرفض مزمل أن يبوح به مما اضطر الناس إلى أن ينقبوا عن ذلك السر الخفي . سأؤجل تعليق مزمل حول علاقة (الانتباهة) ومطبعتها بمأمون حميدة والتي يعلم علاقتي بها الآن بعد أن انتزعت مني منذ سنوات لأعلق على فرية ظل مزمل يكررها رغم علمه بخطلها فقد قال إن مركز التميز (الطوارئ) الذي بني من قبل وزارة الصحة داخل مستشفى جامعة مأمون حميدة منح للجامعة لتديره محاباة للوزير حميدة، ولكن مزمل تجاهل متعمداً أن مركز التميز الذي بنته الوزارة كذلك داخل مستشفى النو منح قبل ذلك لجامعة العلوم والتقانة التي كانت وقتها تدير المستشفى ذلك أن مراكز التميز (الطوارئ) عندما تنشأ داخل المستشفيات الجامعية ، في إطار خطة الوزارة لإنشاء أقسام للطوارئ في الأطراف ، تمنح لإدارة تلك المستشفيات الجامعية إلى أن ينتهي العقد المبرم بين الجامعة والوزارة وهناك أمثلة أخرى لا داعي لذكرها ولكن مزمل لا يرى إلا ما يريد أن يراه لتجريم حميدة. سؤال آخر حاول مزمل أن يحرج به مدير عام وزارة الصحة د.بابكر محمد علي ورفاقه الذين تصدوا للدفاع عن وزارتهم فقد حكم مزمل بأن وزارة الصحة بولاية الخرطوم وجامعة مأمون حميدة (حاجة واحدة) طالما أنهم ، حسب زعمه ، تحدثوا بفرح وسعادة عن قيام نيابة المال العام بشطب البلاغ الذي رفعته وزارتهم ضد الجامعة. عجيب والله أمر مزمل وعجيبة هي عين السخط التي لا تبدي غير المساوئ. د.بابكر وصحبه من المسؤولين يا مزمل كانوا يجيبون عن أسئلة وجهت إليهم من وحي اتهاماتكم وكانوا يتحدثون عن وقائع تتعلق بحملتكم الظالمة وسؤالكم الاستنكاري الذي يرفض أن تشطب نيابة المال العام البلاغ المقدم من الوزارة ضد الجامعة استناداً على تقرير المراجع العام، وكانوا يدافعون عن وزارتهم ووزيرهم المستهدف بتلك الحملة الظالمة التي شننتها وصحيفتكم ولم يكونوا فرحين كما ذكرت لكنها الحقائق والشهادة بالحق المطلوب منهم أن يقيموها ولو على أنفسهم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة