|
بهنس شهيد المنفي وتداعيات الرحيل المر المثني ابراهيم بحر
|
تفاعلت الكثير من وسائط الاعلام العالمية لرحيل هذا المبدع الشامل الذي فجعت لرحيله بالرغم من انني لم اراه ولم اسمع به الا بعد ان فارق هذه الفانية, وكما وصف كتاب ومثقفون عرب الحدث بالفضيحة الاخلاقية والعار بحق الثقافة والمبدعين ولكن حكومتنا السجمانة لا يهمها شيء لان( قلبها ميت) نعم الموت حق علينا حميعا ,ولكن موت انسان مسكون بكل هذا الابداع لدرجة الادهاش بهذه الطريقة الاليمة لو كانت في اي بلد غير السودان لكان كفيلا بتغيير حكومة بأكملها فهكذا نحن في سودان الفوضي لا نشعر بمبدعينا الا بعد ان يغادروا معترك الحياة ويتركونا نهبا للحزن ,لا اعرف ولكنها سنة باتت لدينا فكلما مددنا ايدينا لازهارهم نجدها تيوح بالمضي بعيدا ,فشخصيا لم استغرب علي رحيل بهنس في هذا العمر الباكر فطينة المبدعين المسكونين بالابداع دائما ما يرحلون في باكر العمر في قلب الاحداث ,وهذه المسألة قد حيرتني تماما ولم اجد لها اي اجابة حتي الان! فمن معاوية نور والتيجاني يوسف بشير ووليم اندريا والعميري ومصطفي سيداحمد ومجدي النور الي محمود عبدالعزيز ولن يكون اخرهم الفنان الراحل بهنس,فلذلك لم استغرب في ان ينسل من حياتنا بهذه السرعة بقدر ما فجعتني طريقة الرحيل المر بعد ان انفتحت ستارة المشهد الاخير علي مشهد ايقظ احزان القلب الموغلة في الاعماق وتركت لنا غصة ادميت قلوبنا وكأنك تريد ان تنبهنا علي شيء ما ....! انا لا الوم حكومة السودان لاني لم ولن اتوقع منها ان تقوم بعمل ايجابي في يوم من الايام تجاه مواطنيها ناهيك عن المبدعين الذين ذاقوا الامرين في عهد عصبة الانقاذ التي نكلت بهم خير تنكيل وشردتهم في بلادالمهجر والمنافيء القسرية,فرب العباد وحده كفيلا بهم ليقتص لكل اولئك الضحايا لانه يمهل ولا يهمل بأذنه تعالي, واين هو الاستاذ حسين خوجلي ثعلب الانقاذ الماكر الذي يرتدي ثياب الواعظين هذه الايام ويروج لحرية الاعلام في نظام الانقاذ, ولماذا لما يتناول هذا الحدث كقضية رأي عام و يوثق له لانه يزعم الاهتمام بالفن والمبدعين عبر قناته التي تحمل شعارها الفن والجمال, ولكني ارمي بكل اللوم علي اهل الفن و قبيلة المبدعين الذين كانوا يعرفون بالمأساة التي كان يعيشها الراحل ولم يسعوا الي انقاذه او تبني قضيته واين كانوا كل هذا الوقت فلا اجد لهم اي عذر, فلو طرحت قضيته في اي من المواقع الاسفيرية لتبني النشطاء قضيته وسيجد تعاطفا واسعا, فنحن السودانين حتي وان هتكت الانقاذ نسيجنا الاجتماعي فما زلنا نحتفظ بذرات من الاشياء الجميلة بدواخلنا تجاه الاخرين واكثر ما ادهشني وانا اقرأ تصريح للاستاذ حمور زيادة في قوله انه قابل الراحل في القاهرة قبل عام في حالة يرثي اليها,وكان عليه ان يخجل مما قاله فلماذا لم يتحرك لفعل شيء ايجابي فهو مثل كل السودانيين الذين كانوا يعرفون الراحل و يقيمون بالقاهرة لزموا الصمت ثم ذرفوا بعد ذلك دموع التماسيح وتأسفت لحال اصدقاءه المبدعين الذين شيعوه الي مثواه الاخير فهؤلاء هم من قتلوا القتيل ومشوا في جنازته....! ان رحيل بهنس فتح جرحا عميقا فنحن امة فاشلة لاننا لا نحترم مبدعينا الا بعد ان يغادروا معترك الحياة ,فهذه سمة تميزنا عن غيرنا من الشعوب ولا ينكرها الا مكابر ,وخجلت حين اتصل بي احد الاصدقاء المصريين قائلا (عيب عليكوا) ولم ارد عليه....! وماذا اقول بعد ان وجد رحيل بهنس صدي واسعا في وكالات الانباء العالمية والعربية وخصوصا المصرية وتفاعلت كلها مع الحدث بشدة واصبحت فضيحتنا بجلاجل منقولة علي حبال الفضائيات ,بينما الحال في السودان يغني عن السؤال اللهم الا اجتهاد بعض الصحف الاليكترونية و النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي وقلة تعد علي اصابع اليد في الصحف اليومية, ولكن ما يتأسي له ان الحدث لم يجد الحراك الجماهيري الواسع ولو كان هذا الحدث في اي بلد اخر لاصبح قضية رأي عام ولتفاعل معه الشارع العام علي تحو واسع فأسرائيل التي تجعل من استعادة اشلاء جندي مات منذ عشرون عاما قضية شرف قومي بينما لا تكلف الدولة نفسها سوي بتأمين علم وطني بلف جثمان مفكريها ومبدعيها وكأنها ليست معنية الا بدفنهم.... ان الموت الفردي يتسع ليشمل الجميع بمدلوله ورحيل بهنس ذكرني بأستشهاد الشرفاء والمناضلين من ابناء هذا الوطن العزيز, هذا يموت في الاحتجاجات ضد قراصنة الوطن , وهذا يموت في المعتقل بين بدي جلاده ,وذاك يموت في المنفي بين يدي سجان الغربة ,وذاك تغتاله كوارث الوطن وغصاته ,ولكن علي التاريخ الانساني ان بوثق لهذا المبدع الفنان والانسان الذي لم بعرف المكائد المتفشية بين اهل السياسة فهو كان بيننا ليرسم بريشته ويلون لنا طعم الحياة ,وعاش ليهب لنا الجمال وسيوثق التاريخ الانساني لهذا المبدع الذي كان شرفه في كونه اعزل امام مكائد الحياة ,وهذا سر انسانيته و اختياره الواقعية طريقا لحياته, يرسم بريشته ويكتب الشعر والرويات بقلمه ويعزف الجيتاربيده ويصور بكاميرته, وسيظل حضورك منعقد في حياتي فأنت حال بروحك دوما ولعل سر ذلك يكمن في هذا الوطن الذي حملت همه عبر لوحاتك واعمالك الفنية الرائعة التي كانت تحكي واقعا معبرا لما تجيش به نفسك التواقة للجمال ثم مضيت كالعظماء الذين يرحلون قبل اوانهم, فهكذا الموت حاسما لكل قضاينا وقلة يرحلون في قلب الاحداث......
|
|
|
|
|
|