|
بمناسبة اليوم العالمى لحرية الصحافة : الصحافة السودانية بين تقبل النقد و احترام القارئ
|
التهنئة لكل الصحفيين باليوم العالمى لحرية الصحافة , و أنه و بهذه المناسبة ليسرنى الدعوة لتقَبُل النقد , و ان نعترف بأن حال صحافتنا لا يَسُر , و ان البَوْن و بين نظائرها الاقليمية و الدولية شاسع و يكفينا ان نقارن حالها بحال الصحافة السودانية ذاتها منذ وقت ليس ببعيد , و ان الواحد لـتأخذه الدهشة و هو يسمع ان صحيفة يورييمورى اليابانية تطبع يومياً عشرة مليون نسخة , بل ان صحيفة " الشروق الجزائرية تطبع مليونى نسخة يومياً, و تكاد تماثلها صحيفة " اليوم السابع المصرية " التى يتجاوز متصفحى نسختها الاليكترونية الخمس مليون متصفح و انها اصبحت مركزاً لتلقى الانباء الآنيّة , و نشاهد الصحف السعودية و ضخامة اصدارتها و غزارة موضوعاتها لدرجة تصبح فيها الصحيفة مرجعاً يستشهد به , أمّا نحن فعلى النقيض تماماً فحَشَفٌ و سؤ كَيْل حيث تجد الصحيفة و مع ضآلة حجمها فقيرة المعلومات و تحليلاتها باهتة , و انك لتجد عنواناً يشير الى تقرير فلا هو تقرير و لا هو مادة اخبارية ,و من البديهى ان كان التناول و التحليل معتمِداً على العاطفة و الانطباعية المحدودة المكان و الزمان فذلك قمة الضَعْف , و الكاتب غير المزود بحصيلة وافرة من المعلومات عن الموضوع المُتَناوَل بالإضافة الى لغة سليمة و مفردات وافرة يكون ذلك خصماً على مهنية الصحيفة , و ما لنا لا نقارن انفسنا بالإعلام من حولنا حيث تجد المُحاوِر غير السودانى مُلِمَّا بكل صغيرة و كبيرة و تجده يحاور السودانى بكل ثقة العارفين و كثيراً ما وجدناهم و قد ضيقوا على ضيفهم بالأسئلة الصعبة , فلماذا لا يتزود صحفيونا بالمعلومات التى اصبحت مشاعة و على مدار الساعة , ليس ذلك فحسب بل يكاد الواحد يحس بعدم رغبة هؤلاء الضعفاء فى تحسين ادائهم و الكثير منا لا يقبل النقد criticism و لكنهم فى المقابل يقبلون النقد money و قد لمست ذلك من بين كلمات للأستاذ فيصل محمد صالح فى عموده " افق بعيد " بصحيفة الخرطوم بتاريخ 6\4\2014 و تحت عنوان " غياب اسفيرى" ان احد رؤساء التحرير اشار له بأنه اكثر من نقد الزملاء و ان هذا الامر سيؤثر سلباً على علاقته بالمجتمع الصحفى .... و يقول الاستاذ فيصل ان ما يكتبه عبارة عن مجموعة ملاحظات و متابعات تهدف للنقد الذاتى .. كما كتب الاستاذ عبدالرحمن الامين رئيس تحرير صحيفة الخرطوم مقالاً تحليلياً لحال الصحافة السودانية بعدد الاحد 4\5\2014م الذى أقتبِس منه الآتى : ( كنت أقدر ان تكون مناسبة اليوم العالمى لحرية الصحافة فرصة يتدارس فيها الصحافيون اوضاع ساحتهم من حيث الحرية و مساحتها , و فرص اغتنامها و توسيع دائرتها , و النظر فى النصوص التى يرون انها مقيدة للحريات و مكبلة لها , و هشاشة مؤسساتنا الصحافية و ضعفها , و التى تنعكس سلباً على المهنية , و التعاطى معها . لكن البعض جعل من المناسبة بكائية نجتر عندها احزاننا ............................ ليست القوانين وحدها هى التى توفر للصحافة تطورها و تحجب الرقابة عنها و تحقق التجويد لأدائها , و لكن الممارسة الصحافية تلعب دوراً كبيراً فى الارتقاء بالمهنة و توفير نجاحها , و على الصحافيين ان يعملوا النقد فى وسطهم ....... ................................. ) . و كتب الاستاذ العبيد احمد مروح للمرة الثانية حول اخلاقيات الصحافة تحت عنوان " اخلاقيات الصحافة مرة اخرى " بعدد الثلاثاء 25\3\2014 بصحيفة الرأى العام فى عموده " اضاءات " و قدَّم نقداً ذاتياً للصحافة , كما كتبتْ الاستاذة هويدا حمزة فى عمودها " فوكس " بصحيفة الصيحة بتاريخ 10\4\2014 حول جائزة التفوق الصحفى منتقدة اجراءاتها و تقييمها ..... و ترجو ان لا يكون ما اثارته سبباً فى استهدافها ... و اكتفِى بهذه الاقوال و اعود و اشير الى ان المآخذ على الصحافة السودانية ليست وخيمة بمعنى انه يمكن حلّها اذا سَلَّم المخطئون بأخطائهم و عملوا على تصحيحها . و أكبر آفات الصحافة السودانية – اذا تغاضينا عن التكلفة العالية التى لا يد للصحفيين فيها – فيمكن ايجازها فى الضعف اللغوى , و الانطباعية المتسرعة التى تؤدى الى الحكم على الاشخاص و الاشياء بدون معلومات وافرة كأن يلاحظ امراً او شخصاً فى مكان و زمان محددين و يبنى رؤيته على ما رآه , و التعميم ايضاً بسبب النظرة الضيقة و المعلومات المحدودة و التى يستخدم فيها عبارات مثل ( لم يسبق له نظير اوليس له مثيل , و لم تشهده البلاد من قبل ,,) , و ايضاً الغرض , حيث تجنح بعض الكتابات الى المدح و الثناء أو الذم على اساس المصلحة الشخصية و تصفية الحسابات , بالإضافة الى آفة الكتابة التى تغلب عليها الأنا ego , و لنا من الصحفيين ما لا تخلو كتابتهم الراتبة منها , و كذلك الغياب الاسفيرى كما قال بذلك الاستاذ فيصل محمد صالح . ليس هذا فحسب بل التواصل الاليكترونى يكاد يكون مفقوداً تماماً مع البعض , و لكن الكثير و لله الحمد مبذولون بهواتفهم او عناوينهم الاليكترونية . فالتواصل من شأنه خدمة الصحفى قبل القارئ . و اورِد هنا بعضاً من نماذج التفكك اللغوى و المعلوماتى : • كتب رئيس تحرير فى كلمته بتاريخ 25\12\2013 ما يلى : (كانت الطائرة تنطلق بنا ناحية ..... . ان اجمل شىء يمكن ان يتكشفه المرء فى هكذا مناسبة عمق العلاقات ....... و صعوبة التميز بين هؤلاء و اولئك ....... لقد تقاسم الاثيوبيين ...... ناس لا يختلفون معنا كثيراً و لا نختلف معهم فى الكثير .) و نقول : ( الأسلم ان يقول الطائرة تحلق بنا , امّا السيارة فتنطلق بنا ,, يكتشفه و ليس يتكشفه ,, فى مناسبة كهذه و ليس فى هكذا مناسبة ,, التمييز بمعنى التفريق لا التميز فالتميز مرتبط بالتفوق ,, الاثيوبيون مرفوعة لانها فاعل و ليس الاثيوبيين بالجر ,,, لا يختلفون منَّا و ليس لا يختلفون معنا , فهذا يختلف من هذا فى الشكل و لكنه لا يختلف معه فى الرأى ....) • رئيس تحرير سابق كتب فى ذات الصحيفة التى كان يرأسها بتاريخ 11\3\2014 و قد اكثر من وضع الكلمات بين الاقواس : (..... كما دعت على ابتدار ...... , و ..... كما تشتركان الحركتان .......... ) , و نقول ان الكلمة توضع بين قوسين لأغراض معينة و لا توضع بكثرة و عبثاً فتربك القارىء , و الصحيح ان يقول دعت الى و ليس دعت على , و هو بهذا متأثر بلغة العامة فى قولها ( اتصل على بدلاً من اتصل بى ) , و الصحيح ان يقول كما تشترك الحركتان و ليس تشتركان الحركتان .... ) • فى صحيفة ........ كتب رئيس تحريرها وقتذاك بتاريخ 4\10\2011 معلقاً على وصول وفد من محلية ابوحمد لمقابلة المركز ما يلى : ( وصل الى الخرطوم اكثر من مائتى مواطن من محلية ابوحمد بالولاية الشمالية .... لم يزر المواطنون المتذمرون الخرطوم فى رحلة ترفيهية ... و انما احتجاجاً على عدم مد مناطقهم بالكهرباء , و هم فى الولاية التى تحتضن سد مروى ...... هذا امر جد خطير فكيف تتخلى حكومة الشمالية و واليها عن مسؤوليتها , و تعجز عن اقناع وزارة الكهرباء ....... ) و ليس لأنى من منطقة ابوحمد تجدنى مستنكراً جهل رئيس تحرير بموقع ابوحمد و لكن لأن ما من تلميذ مدرسى الاّ و هو يعرف موقع ابوحمد و قد ارهقه رسم خريطة السودان و انحناءة النيل التى تقع عليها ابوحمد , ثم ان الكاتب يقرر بخطورة تخلى حكومة الشمالية و واليها عن مسؤوليتها و قد نصَّب نفسه حكماً عليها دون ان يجهد نفسه ببضع لحظات مع الحاسوب ليتأكد من موقع ابوحمد التى اصبحت قبلة لطالبى التعدين عن الذهب , وحتى العامة فى مقدورها ان تحدثه ان شاء عن اى شىء عنها و فيها . و هل تدار شئون البلاد بالمسئول الفلانى يقنع غيره و ذاك يقنع هذا ؟ • صحفيَّة معروفة بلغتها الركيكة و اخطائها الفاحشة مع تلميع اقرب للتغزل فيها من بعضهم كتبتْ عن زيارة لها للصين و فى ذِكْرها لتعداد الصين و بالبنط الكبير قالت ان تعداد سكان الصين يبلغ المليار و ثلاثمائة الف نسمة , فأنقَصته بأكثر من 299 مليون نسمة • نائب رئيس تحرير صحيفة ....... كتب بعدد السبت 7\12\2013 تحت عنوان " قدلة يا مولاى ... " ما يلى : ( الاسبوع الذى مضى شهدت ام درمان .... طابوراً لا مثيل له ابطاله جنود جهاز الامن و المخابرات .... صفقت له جماهير العاصمة .... امتلأوا منها حماسة و فراسة و امتلأت منهم طمأنينة و يقيناً بنصر الله ....... شعر كثيرون بالفخار و بالعزة الساجدة ..... كانت بالمقابل تقطع قلوب العملاء و الطابور الخامس ) , و نقول : ( ان صاحب القدلة " مولاى " المذكور فى القصيدة المشار اليها كانت طوابير جنده تُستعرض بحى العرضة المعروف بام درمان و تمتلىء بهم الساحات كحوش الخليفة , و لا داعى لتضخيم الاشياء خاصة اذا كان التضخيم لرجال أمن طبيعتهم المهنية الدِقَّة فى تقدير الاحوال و الاحداث .... و بذات تضخيمه للاشياء و تعميمه المخل يقول ان ام درمان هى التى شهدت الطابور ثم ما يلبث ان يقول صفقت له جماهير العاصمة , و مضى فى الحشو و وضع مفردات فى غير محلها و استخدم كلمة فراسة acumen و insight و هى الفطنة و الاستبصار و عمق النظر , و لكنه يريد فروسية knighthood و chivalry , و قوله " شعر كثيرون بالفخار " لعله يريد " شعر كثيرون بالفخر " فالفخار هو الخزف pottery , و قوله " العزة الساجدة " لم استطع تخمين ما يريد بها فالعزة تكون دائماً شامخة عالية , و قوله " تقطع قلوب العملاء و الطابور الخامس " هو استعدائى و تجريمى علاوة على انه ما من بشر يعلم ما تخفى الصدور , و مع ذلك تدخَّل فى عمل جنود الامن لأنهم بطرائقهم و بمعلوماتهم التى من صميم عملهم . و هذا الكاتب و امثاله هم الاداة التى تشعل النيران بين ابناء البلد الواحد و تزرع الفتن بكلامها هذا فى وقت تنادى فيه الدولة على اعلى مستوياتها بحوار وطنى لا يستثنى حتى حملة السلاح , و يسعى كل الوطنيون لنزع فتيل اى بادرة شقاق و فتنة . • فى صحيفة .......... بعدد الاربعاء 9\4\2014 و تحت عنوان " نهر النيل .... الحاضر و المستقبل " كتب ما يلى :( نحن ابناء ولاية نهر النيل لسنا من اولئك الذين يحيلون التراكم الى محكمة الآتى بقدرما نحاول ان نلتمس و نلاحق سلسلة الضؤ او خيطه لنقترب اكثر من انفسنا و نبتعد عن براكين اغترابنا .... نقترب من اولئك الذين سيجوا الروح بعطر الزوايا الحادة و اسأثروا بالحلم .... ) , و اقول مؤكداً اننى لم اضف او احذف او أبدِّل اى كلمة من كلامه هذا , و لا تعليق عليه فقد شككنى فى قدراتى العقلية و اللغوية .. • و فى صفحة 11 بصحيفة يومية بعدد الثلاثاء 29\4\2014 و تحت عنوان " كمال عبداللطيف ...... و تبر و تراب " مَدَح كاتِبٌ كمال عبداللطيف مدحاً لا حدود له و مع ذلك اورد و بدون ان يشعر واحدة من سلبياته كفيلة بأقالته و محاسبته منذ وقت مبكر ,حيث ذَكَر بأن شركات التعدين تستخدم مادة خطيرة و ضارة , و الوزير يرى و لا يقرر , و نورد هنا بعضاً مما جاء فى المدح : ( فى العام 2013 سافرت فى رحلة بحث علمية و عملية و اعلامية لمناطق تعدين الذهب مع وزير المعادن الاسبق الاستاذ(كمال عبداللطيف ) و كنت وقتها اكتب فى صحيفة التيار ... لكن مجريات تلك الرحلة لم اتمكن من تدوينها و نشرها عبر صحيفة التيار ... و السبب بأن التيار تم ايقافها فى نفس اليوم الذى كنا نحن نحلق و نجوب بقاع السودان .... و تلك الرحلة كانت متفردة لأسباب كثيرة . حيث انطلقت من بعد صلاة الصبح مباشرة ,, و الشمس لم تشرق بعد , و لم تنتهى الاّ و الظلام قد حل علينا . يعنى عمل متواصل 18 ساعة دون توقف , فتصور هل مثل هذا الوزير يكون بعيداً . فالاخ الوزير السابق كمال عبداللطيف شخصية فوق العادة فى الحرص على العمل ,, و لا يهمة الراحة البدنية اذا ما ارتاح نفسياً لما يعمل ..... و الرحلة وضحت لى شخصياً , اى صنف من الرجل هو , هذا الرجل كان بالفعل لا ينام حقيقتةً ..... و الرجل يغضب كثيراً حين ما امر لا يرضى الله سبحانه و تعالى ,, او تقاعس فى العمل ...... و لا يحمل فى نفسه على الاشخاص اى ضغينة ,, و قلب ابيض ينتهى غضبه عند اصحاح و اصلاح امر كان خطاء , .... فأن جاز لى التعبير بأن اصف الرجل ,, لكان وصفى له انه ( محرك و وقود الاصلاح الاول فى البلاد ) , و بما اننى كنت من اصحاب الخبرة ........ الخ ) . و نقول : ( لقد غادر كمال عبداللطيف منصبه بقرارات رئاسية طالت قامات انقاذية اعلى شأناً منه مثل دكتور نافع و على عثمان محمد طه و غيرهما و غادروا بلا ضجة و لا نحيب , فكيف يقال عنه " هل مثل هذا الوزير يكون بعيداً ؟؟ " و الكاتب المادِح وصَف رحلتهم بأنها " متفردة " و لأسباب " كثيرة " ثم انها بدأت بعد صلاة الصبح مباشرة و الشمس لم تشرق بعد , و يذكِّرنا بعدم شروق الشمس , و يقول عن الوزير " انه شخصية فوق العادة فى الحرص على العمل " و نقول ان اى عمل بدون انجاز واضح و موازٍ لما يتقاضاه الشخص فذلك يندرج تحت التعب بدون فائدة , و العمل المتواصل لأكثر من 18 ساعة مسألة روتينية يومية شائعة عند غالبية اهل السودان , و دعك من اهل الريف فحتى اهل المدن حينما تخرج من صلاة الفجر تجد المواصلات العامة سايرة و ممتلئة من البسطاء الذين ينشدون لقمة بما يتيسر لهم من الرزق الحلال , امّا ان تكون مجرد رحلة مترفة مدفوعة الاجر و مدعومة بأطيب الطعام و الشراب فلا يصح ان تُمتَدح , و المادح يبدو انه ما كان يعرف كمال عبداللطيف الى ان حُظى بمرافقته فى رحلته – المتفردة –هذه ,, ثم يصفه بأنه محرك و وقود الاصلاح الاول فى البلاد !!! أترى هل غابت هذه الصفات عن السيد رئيس الجمهورية فحرم البلاد من محركها و وقودها ؟؟؟؟ و العجيب ان المادِح قال عن نفسه انه كان من اصحاب الخبرة بمعنى ان خبرته كانت شيئاً فى الماضي , ألم يقل : " كنتُ من اصحاب الخبرة " ؟؟؟؟ و يمدح الرجل بأنه لا ينام , و نقول ان ذلك ليس مدحاً بل طعناً فى سَوِيته فالإنسان السوى و ليس السيىء يأكل و يشرب و ينوم وفقاً للمعايير المألوفة , و نقول ما فائدة سهر متواصل اذا لم يحقق دعماً للخزينة العامة من الذهب المورد الطبيعى المتبقى بعد فقدان بترول جنوب السودان , خاصة و قد قيل بأن الذهب سيكون بديلاً افضل بكثير من بترول الجنوب ؟؟ ليس هذا فحسب بل ان الممدوح فشل فى الحد من استعمال مادة السيانيد الضار الذى تستخدمه بعض شركات التنقيب . و المدح حينما يكون فى غير محله و بصورة مبالغ فيها يكون مفضوحاً و مثيراً للشكوك و الغرض . • و بذات طريقة المدح الطائش تكَرَّم صحفى رياضى آخر بمدح معتمد محلية ابوحمد بولاية نهر النيل و بلغة لم تسلم من الاخطاء اللغوية فى صحيفة عملاقة بتاريخ 27\4\2014, و نورد بعضاً من كلامه : ( ... ان المعتمد لم ينحصر دعمه على الرياضة فقط و انما شمل كل المجالات الاخرى مثل الصحة و التعليم , و سفلتت الطرق و هيئة المياه بالإضافة الى اهتمامه بتوصيل الكهرباء للمحلية التى قطع العمل فيها شوطاً بعيداً و شهدت المحلية فى عهده حراكاً مكثفاً و انتعشت بصورة لم يسبق لها مثيل ... و يعود ذلك للتنمية التى حدثت فى المنطقة فى مجال الزراعة و التعدين فالتحية للسيد المعتمد ...... ) . و أقول : ( لَولا كَوْنى من مواطنى ولاية نهر النيل لما استغربت لما قاله الصحفى المادح هذا , و ذات الاستغراب يمكن ان يصيب كل مواطنى المحلية بما فيهم المعتمد الممدوح ذاته , فأى تنمية و اى نهوض بالزراعة و الصحة و غيرهما , فالكل على مستوى السودان يعرف مدى الانحطاط الذى اصاب الزراعة و تدنى الخدمات الاساسية و التى ان أجرى تقييم لمحصلة التنمية فى المحليات المختلفة فمحلية ابوحمد بدون شك ستكون من متذيلى القائمة . و قوله ان المعتمد مهتم بمد محليته بالكهرباء !! كلام فيه استخفاف بمواطنى المحلية , اذ كيف لمحلية لا تبعد كثيراً من سد مروى تُحْرَم من الكهرباء و تبقى مسألة للمزايدة السياسية .. و الملاحظ غالباً ان المادحين بالباطل هم الاكثر ضَعْفاً لُغوياً التى ما ينبغى ان يقع فيها اطفال المدارس , و لعل الصحفى المادِح متأثر بطريقة المغالاة فى الوصف الرياضى حيث يصبغون اوصافاً و نعوتاً شاطحة لفرقنا الرياضية رغم ادائها المتواضع كالتماسيح و الاسُود و النمور و الفهود و غير ذلك مما يعجب له اهل الرياضة انفسهم , و نشاهد المباراة فلا نرى تماسيحاً و لا أسوداً, ونقرأ صباح الغد وصفاً و تعليقاً على المباراة فنجد ثانية الوصف بالتماسيح و الاسود و قد أدَّتْ مباراة مذهلة . و ما اعجب له كيف لهؤلاء الوصول لدرجة الكتابة و التحليل و اسباغ احكامهم دونما أهلية , فمن لا يملك لغة سليمة و معلومات كافية و معرفة بمبادئ الأخذ بالمعارف و المعلومات الى جانب فطنة التمييز بين الخطأ و الصواب فلا ينبغى ان يكون له مكان يلطخ فيه صفحات الصحف بما يسيء و يغضب القارىء . • و نورد بعضاً من المدح المفرط فى حق بروفيسر ابراهيم غندور بصفحة الرأى فى صحيفة عريقة بعدد الخميس15\5\2014 تحت عنوان " يا غندور " و هو مدح على حوار فى اذاعة قومية اشبه ما يكون بالمباراة الودية , و من المدح نقتطف الآتى : ( ان الدبلوماسية الهادئة ... الحصافة السياسية المعتقة و الذكاء الفطرى المتوقد ... و الفكر الثاقب ... و الحنكة الناضجة ... و الرأى الصائب ... كلها مهارات و قدرات ذهنية نادرة يمن الله بها على فئة محدودة من عبادة , فتصعد بهم الى درجات علا: لتقبع على قمة هرم الشموخ و التميز ..) و (...كان الحوار شاقاً , عصياً حرجاً , لكنه تزين بألمعية متفردة ....لكن رغم عسر الحوار فقد اجتاز "غندور " الامتحان , و تخطى العثرات الكأداء التى اعترضت الطريق بما وهبه الله عز وجل من قدرات ذهنية نادرة رصدها قلمى فى فاتحة مقالى هذا . ليسمح قارئى اليقظ لقلمى الحذر ليدون ما جال بذهنه على طريقة و مسلك ذلك الحوار و ليس محللاً للمحتوى . استعان المذيع الموهوب بذخيرة لغوية ثرة تنساب من ذاكرته البضة لتقديم اسئلته الملتهبة الحارقة ...... كان طرح "غندور " وافياً و كافياً مرناً مرتباً, انقشعت به سحائب الغموض و الريبة التى غمرت الاجواء و ازال الشبهات التى علقت بالنفوس ... لم تصبنِ الدهشة و انا اصغى بلهفة بالغة لاجابات "غندور" العبقرية لأنى أحد الذين علم البروف رسم الحرف و نطق الكلمة بمدرسة الدويم الريفية الوسطى سابقاً . فقد غرست هذه القدرات الذهنية فيه منذ ان كان "غندور " صبياً يافعاً . فلا غرابة أن اصبح قامة سياسية عرف بالاستقامة الفكرية و الخلقية وشحها بالنبل و الرقة و القلب الناصع البياض مما دفع الاخ رئيس الجمهورية ان ينثر كنانته و يعجمها عوداً عوداً فيجده الاقوى و الاصلب فاختاره لمائدة التفاوض العسيرة الشاقة ...... لكنى ارمى من هذه المقالة ابراز القدرات الذهنية و المهارات المكتسبة النادرة التى يتمتع بها احد ابناء مسقط رأسى و قامة من قامات الوطن لا يقل شموخاً عن افذاذ الرجال فى العهود السابقة . آمل ان يكون قدوة تحتذى . كان الحوار نبتاً اينع و اثمر فشكراً لك ابنى "غندور " و لك انت اخى الزبير عثمان احمد ببذلك و جهدك .. و الله المستعان ) . و أقول : ( ان عمالقة مدح رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة و اتم التسليم بما امتلكوه من ابداع و فصاحة لم يجنحوا لوصف المصطفى صلى الله عليه و سلم بهذه المبالغة و لو فعلوا ما عاب احداً ذلك. و لقد لاحظت كثرة وضع اسم غندور بين قوسين و الوضع بين الاقواس له اغراضه , و ان الواحد ليستغرب للصفة غير المناسبة لموصوف غير مناسب حيث نجد دبلوماسية هادئة , و حصافة معتقة , و حنكة ناضجة ,,, الى آخر الاوصاف و المفردات فى المكان غير المناسب و نجد : ( ... تقبع على قمة هرم الشموخ و التميز ... ) و نقول ان القُبُوع يشير الى الولوج بغرض الاختباء فى الغالب و لذلك لا يكون فى القمم , و يقال قَبَع القُنْفُذ أى انه ادخل رأسه فى جلده , و قَبع اللص اى انه ادخل رأسه فى ثيابه لغرض الاختباء . و لأن المَادِح هو من علَّم البروف رسم الحرف و نطق الكلمة , فلذلك لم تصبه الدهشة و هو يصغى بلهفة لأجابات غندور , و نلاحظ انه شكر غندور بأعتباره ابناً بينما الزبير احمد الحسن كأخ , و لا تعليق . و اشير الى بعضٍ مما يؤخذ على صحافتنا : أولاً الاستهانة باللغة العربية , فقد شاعت الاخطاء اللغوية و على سبيل المثال الاستهانة بحروف الجر و الجار و المجرور , و المبتدأ و الخبر مع كان واخواتها و ان و اخواتها , و اقول الاستهانة و ليس الجهل ذلك من غير المعقول ان يجهل كاتب اساسيات العربية , وكذلك تعريف كلمة غير فيقال خطأً الغير كذا و الصحيح طبعاً غير الكذا , و يقال اتصلت على فلان و الصحيح اتصلت بفلان , و يقال هكذا شىء و الصحيح شىءٌ كهذا , و استخدام مفردات فى مواضع تتسبب فى اضعاف اللغة كالقول بواسطة فلان الفلانى و من الافضل القول من قِبَل فلان الفلانى و لكن الصحيح ان نقول بواسطة قلم الرصاص او المسطرة مثلاً , او استخدام كلمة فقط فى مواضع يكون من الاسلم استبدالها بكلمة فحَسْب و غير ذلك . . و مما يضعف مهنية الصحافة عدم اتاحتها الفرصة للخبراء فى المجالات المختلفة ليتناولوا القضايا من زواية معرفية علمية خاصة فى تلك التى لا تحتمل الرأى الشخصى , فالاوفق ان تستضيف صفحة الحوادث مثلاً علماء النفس و القانون و نحوهم و كذلك فى مجال الاقتصاد او التربية , وغير ذلك , و ليس مقبولاً ان تكون كما فى بعض البرامج الاذاعية حيث يتصل احدهم من غير اهل المعرفة بالموضوع الحساس فيتصل هاتفياً بالبرنامج و بعد الثناء المتبادل يبدى رغبته فى تناول القضية المطروحة بالبرنامج , و المذيع يفسح له المجال : ( يا فلان الفلانى من قرية كذا بمحلية كذا موضوع حلقتنا اليوم هو الكذب عند الاطفال ) و يسارع الفلان الفلانى بالقول : ( يدقوهم دق شديد لحدى ما يشوفوا الدم ) و يقاطعه المذيع : ( و لكن يا فلان ... ) و البرنامج يستمر و لا احد من المسؤولين يتكرم بايقاف البرنامج او التوجيه لوجهته السليمة. و اذكر اننى كنتُ فى مركبة عامة و مذياع المركبة يبث البرنامج و البعض من الركاب يستمع و يضحك ... و ليس تقليلاً من قدْر الصحافيين و لكن لكلٍ حدوده المعرفية و المهنية . و من آفات الصحافة هو التعميم generalization و يعود ذلك لمحدودية المعارف و المعلومات لدى الصحفى فان رأى شيئاً واحداً سرَّه او سائه حَكَم عليه بالانطباع الذاتى الآنى و لذلك ينبغى ان تتسع دائرة معارف و معلومات الكاتب فى الموضوع المراد تناوله , و مما نلاحظه فى صحافتنا تطابق نشر الاخبار و تماثلها لبعضها حتى فى المفردات و علامات الوقف , و اختم بما قال به الاستاذ فيصل محمد صالح عن الغياب الاسفيرى لصحفنا , و اضيف ضعف التواصل الاسفيرى بين كثير من الكُتَّاب و قرائهم , و بالطبع اذكر عدداً معتبراً مِن متميزى الصحافة مَن تعجبك سرعة ردهم و تفاعلهم بريدياً . و من الزمن القريب أذكر سؤالاً ضمن امتحان اللغة العربية فى امتحانات القيد الصحفى للعام 2002 يطلب تصحيح العبارات التالية : - 1-بلغ سنه العشرين . 2- اشاركه احزانه و افراحه . 3-اصر على موقفه الصحيح . 4-تقدمت سيارة الرئيس يتبعها رَتْل من السيارات ( التاء فى رتل ساكنة ) . 5- تقدمت الحكومة بخطة اصلاحية .. كما اذكر ان بروفيسور عثمان محمد عبدالوهاب متعه الله بالعافية استاذنا لمادة المناهج التربوية كان يُحاسِب على الاخطاء اللغوية . و حيث ان العَالَم يحتفل سنوياً فى 18 ديسمبر بيوم اللغة العربية احياءً لذكرى تضمين اللغة العربية مع رصيفاتها من اللغات الرسمية بالامم المتحدة فى 18 ديسمبر1973م , و التذكير دوماً بشيخ النحاة ابوبشر عمرو بن عثمان البصرى المشهور" سيبويه " ( كلمة سيبويه تعنى بالفارسية رائحة التفاح ), و هو المولود ببلدة شيراز بأيران فى760 و خرج منها و عاد ليُتَوَفى فيها فى العام797م ,فينبغى الاهتمام باللغة العربية . و نشير الى ان اهتمام المسؤولين بالعربية كان شديداً, و بلادنا بفضل الله ذخرت و لا تزال تذخر بفطاحلة العربية و الادباء و الكُتَّاب فمن من عالمنا العربى لا يعرف بروفيسر عبدالله الطيب و الطيب صالح و الفيتورى و غيرهم بما لا يتسع المجال لذكرهم , و لكن ما بالنا الآن لا نهتم بسلامة لغتنا الرسمية و لغة القران و الحديث النبوى ؟؟
و لو لم تكن هناك فئة من اهل الصحافة مَن يهتم بترقية و تجويد الكتابة الصحفية لأصبح الحال مزرياً , و ينبغى ان لا يعتمد التأهيل و التدريب على تخصيص الميزانيات و نحوها فحسب , فالتأهيل الذاتى فى وقتنا هذا متاح و منه ما هو مجانى , كما ينبغى ان تفرد جهات التقييم و التحفيز حيزاً مقدراً يليق بأهمية اللغة العربية خلال تقييمها و منحها للجوائز و كما نجد فى الرياضة جائزة اللعب النظيف , فمن الأوْلى ان تُمَيَّز الصحيفة التى تخلو من الاخطاء , كما ان على هذه الجهات ان لا تهتم بالكَمْ و تتغاضى عن النوع أى بمعنى ان لا تهتم بكمية التوزيع و تغفل عن ما تنشره الصحيفة من غثاء لُغَوى وغيره , اما التجاوزات الأخرى فلا اشير لها لأن لها حُرَّاسها. و قد سرَّنى قبل فترة ما كتبه الاستاذ عبدالله علقم الكاتب بصحيفة الخرطوم مشيداً برئيسِ تحرير لِلغته السليمة البليغة و افكاره المُرَتَّبة , و ان يأتِ مدْح كهذا فتلك اشارة الى ان سلامة اللغة العربية اصبحت عملة نادرة تستحق الاشادة. و ادعو ان نسبق الاحتفال العالم باللغة العربية و ندعو لصحافة خالية من الاخطاء اللغوية و المآخذ المهنية الاخرى . اختم بأننى دارٍ بصعوبات الصحافة و غلاء مدخلاتها , بل و توزيعها و لا اذكر اننى اشتريت صحيفة بسعرها الرسمى و قد داعبتُ ذات مرة بائع صحف بقولى ان ما يكسبه من الصحيفة لا تكسبه هيئة التحرير بما فيها رئيسها . و ما اشرتُ له من مآخذ يمكن معالجتها سريعاً و بدون اعباء مالية تُذكَر , كما اننى أشُكّ فى ان يبخل عمالقة الصحافة بمعارفهم و توجيهاتهم للنهوض بصحافتنا , و كل عام و اهل الصحافة بألف خير .
عبدالعزيز وداعة الله عبدالله مترجم - استاذ الترجمة
|
|
|
|
|
|