|
بعد ما اصبحت مواطنا جنوبيا|بقلم\عبدالقادر لادو
|
توريت معقل الثورة الجنوبية كانت البداية الفاصلة فى رحلة نضالنا الطويلة من اجل الاستقلال...وجاءت بور الفتية لتتوج هذا النضال بحق تقرير المصير والذى افضى الى الاستقلال التام عن دولة الظلم والعنصرية فى الشمال..بعد ان عاش شعبنا سنينا من القهر بين القتل والتشريد وحرق النسل والزرع بل عشنا اياما... بين الدماء ..والدموع التى سالت انهارا وينابيعا لتروى .ارضنا الطاهرة الخضراء فى حرب ضروس شرسة اكلت الاخضر واليابيس ...صمد فيها شعبنا حتى النصر الكبير باعلان الاستقلال والان بعد ما اصبحت مواطنا فى وطنى.. حقا ما اجمل واروع ان ينتمى الانسان الى ارضه ووطنه وهويته وثقافنه..فقد تلاشت مشاعر الغبن والذل التى كانت تعترينى وتبخر هاجس ازمة الهوية الذى كان يشكل ضغطا نفسيا عاليا فى السودان القديم..اعرب نحن ام افارقة... وكم كانت قصص السودان الفديم المؤلمة لا تغادر الذاكرة..حكى لى احد اصدقائى .. انه عندما كان فى جامعة الخرطوم سافر فى رحلة جامعية الى بغداد وكان هو الطالب الجنوبى البقية شماليين وهناك بواباتان للعرب.. والاجانب وبالطبع دخلوا ببوابة العرب.. فما كان من احد عسكر الجوازات الا الركض ورائهم ..ليقول لهم وبالتحديد فى وجهه.. ان هذه البوابة للعرب فقط وبجدية وحدية فائقة..قال صديقى شعرت بالم شديد يعترينى...هنالك مات الاحساس بالانتماء ...هكذا كانت الخرطوم تسوقنا كالبغال الى.. ديار غير ديارنا.. لنتجرع الكؤوس المرة لازمة الهوية....بعد ما اصبحت مواطنا فى وطنى احمل جواز سفرى وانطلق الى العالم بل الى كل دول العالم دون استثناء مرفوع الراس.. دون حواجز او ازمة هوية ..بعد ان اصبحت مواطنا اصيلا..اخرج فى الامسيات واجول ارجاء مدينتى.. دون وجل او خوف من امن السودان الذى كان غولا فى المدينة...بعد ما اصبحت مواطنا..هاهى جوبا..العاصمة اضحت غابة من الاسمنت..حيث تجرى عملية البناء والعمران على قدم وساق وبدات والاكواخ والقطاطى التى كان يتباهى بها تلفزيون السودان القديم..لعكس صورة التخلف الذى نعيشه..فى التلاشى...جوبا كيف هى الان فى قبضة اهلها...وكيف كانت وهى فى قبضة الخرطوم..حقا ان الاوطان لا يبنيها الا بنيها...لا شك الرئيس السودانى قد ايقن فى زيارته الاخيرة الى جوبا ...بل انبهر.. وكأن لسان حاله..فى مجلسه الخاص..يقول(ظلمنا العبيد ديل فعلا)..بعد ما اصبحت مواطنا..ها هو العالم... يتهافتون الى دولتنا الوليدة من كل حدب وصوب... منهم من اتى لمد يد العون والمساعدة.. ومنهم من جاء بحثا عن فرص العمل ولقمة العيش..بدات دولتنا تشكل ملامحها..وتاخذ مكانها بين الامم...لا شك فى ذلك..دولتنا كاملة الدسم..وان غدا مشرقا جميلا فى انتظارها..فهى واعدة وطموحة..وسنين الطفرة الكبرى امامنا..قادمة لا محالة..وان مولودنا الجديد الذى ما زال يحبو الخائف..الجاهل الصغير..ان تعثرت خطاه او عبث باشياء فى المنزل او اخطأ فى شىْ..فحتما سيقف على قدميه وسينمو ويكبر ويتعلم ويبقى راشدا...يوما ..فالغد مشرق واجمل وافضل. استقلالنا ليس هبة من احد...قلعناه من فكى القرش..فقد ودعنا دولة السودان دون اسف اعترانا..ولا دمعة سكبناها.. ولا حتى يدا لوحت بالوداع رفعناها..فلم التباكى على لبن رائب نتن مسكوب؟ ان الذين يذرفون دموع الندم والحسرة على استقلالنا... انما دموعهم.. رمزا للخيبة والخيانة..والخزى والعار على جبينهم ...ومهما كانت اعاصير الوحدة.. ورعود وبروق الحنين ..فقد ودعنا .الانين والطنين الى الابد...ولم ولن نعود الى سوق النخاسة من جديد ..ولن نأسى على القوم الظالمين..انها احلام ظلوط نحن فداك يا وطنى... وطن الاباء والاجداد...نعض عليك بانواجز هيبة وجبره...القومة ليك يا وطنى...من شلالاتك يا نمولى..الى سهولك الخضراء يا ابيي...ومن راجا الحرة نبيلة..الى الرنك .الخصبة الجميلة....
|
|

|
|
|
|