|
بطاقات مشعثة (13) 6 نوفمبر 2013 معتصم الحارث الضوي
|
بطاقات مشعثة (13)
6 نوفمبر 2013
معتصم الحارث الضوي
(1)
بِعُنفٍ منقطع النظير، وساديةٍ إكلينيكية، اغتالوا انتفاضة الشعب، وهالوا على جثث الشهداء التراب، وآنيًا تحوّلتْ القضيةُ على يد بعض المحسوبين على المعارضة إلى مزايدات سياسية، ومناطحات حزبية، وتلميعات شخصية، وطوفان من لُعاب الجشع الذي لا يعرفُ الحدود.
أما حلُمُ الشعب في الانعتاق من نظام القتلة واللصوص، فانتقل إلى مرحلة الخمول.. ولكن حتى حين.
(2)
هل المعاناة غذاء الإبداع ووقود عطاء المبدع كما يدّعي البعض؟
أقولُ: للمعاناة مستويان؛ أولاهما يزرعُ الدفء في ريشة التشكيلي، والشموخ في وتر الموسيقار، والانطلاق في يراع الكاتب، ولكن،
إذا تجاوزتْ المعاناةُ الحاجز الفاصل بين الواقع والجنون، فإن كينونة المبدع تصابُ بالارتباك، وأداته
الإبداعية بالشلل القاتل.
ما رأيكم.. دام فضلكم؟
(3)
وثائق إدورد سنودن، وما كشف عنه النقاب من انتهاكات صارخة للخصوصية يطرحُ تساؤلا مركزيا ما فتئ علماء السياسة والاجتماع يتداولونه منذ قرون: أين تنتهي الضرورة الأمنية لأي حكومة، والتزامها بتأمين مستقبلها السياسي ووطنها من المخاطر المحدقة، لتبدأ مسألة المحافظة على الحقوق الأساسية للبشر؟
الخط الفاصل باهتٌ كثيرا في عصرنا الحاضر، وخاصة بتغوّل التجليات السيئة للعولمة، وسطوة الأخ الأكبر الذي يرصد كل شاردة وواردة.
(4)
كثيرا ما نتجه غربا عند الحديث عن مظاهر التخلف في تعاملاتنا اليومية.
هذا السلخٌ للذات مبرر –جزئيا- بالنظر إلى فقرنا المدقع في التداول مع الآخرين، ولكننا ننسى أن تلك المبادئ مغروسة في نبعنا السمح، الذي تُقررُ تعاليمه السمحة:
- لا يشكرُ اللهَ من لا يشكرُ الناس.
- تبسُمُكَ في وجهِ أخيكَ صدقة.
- إن الرفقَ لا يكونُ في شيء إلا زانه، ولا يُنزعُ من شيء إلا شانه.
- أحبُ الناس إلى اللهِ أنفعهم، وأحبُ الأعمال إلى الله عز وجل سرور تُدخله على مسلم، أو تكشفُ عنه كُربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطردُ عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجةٍ أحبُ إليَّ من أن أعتكفَ في المسجد شهرا، ومن كفَّ غضبه، سترَ الله عورته، ومن كظمَ غيظا، ولو شاء أن يُمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رضىً يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يُثبتها له، أثبتَ الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوءَ الخُلُق ليفسد العمل، كما يفسد الخل العسل.
وتُتوّج تلك النصوص ب "الدين المعاملة".
أين نحن من ذلك؟!
(5)
لا أدري لماذا، ولكني كلما قرأتُ خبرا عن نظام "الإتلاف" تذكرتُ رواية "مزرعة الحيوانات" لجورج أورويل!
كأنما الكاتب استطاع القفز عبر غلالة الزمن ليصف واقعنا المرير، ولكن لا عجب، فالاستبداد عابرة للأعراق والأزمان والثقافات، وقد يأتي في صورة "خنازير" أورويل، أو "ضبازير" الإتلاف.
* ضبازير: ضباع + خنازير.
(6)
لو لم يرتكب نظامُ "الإتلاف" جُرما سوى أنه شرّد مبدعي بلادي في أرجاء الأرض لكفاه عارا!
انظر –يا رعاك الله- إلى القائمة التالية (مع حفظ المقامات): محمد المكي إبراهيم في أمريكا، والصادق الرضي في بريطانيا، وفضيلي جمّاع في عُمان، وطارق الطيب في النمسا، وحمّور زيادة في مصر، وإسلام زين العابدين في فرنسا، ومحمد بادي في الإمارات.. والقائمة تطول وتطول، لتُدمي الفؤاد ألما، وتملأ الصدر قيحا.
(7)
أقولُ بأنكِ الأغلى
وأنكِ فوقَ ما أدري
وإنْ حدّقتُ في عينيكِ
فرَّ القلبُ من صدري
وأهمسُ فيكِ من شوقي
صباحُ الخيرِ يا عُمري
(أبيات للشاعر الإماراتي: كريم معتوق)
|
|
|
|
|
|