حديث المدينة الثلاثاء 7 يونيو 2016 الموافق 2 رمضان 1437 هـ
فجأةً بدون سابق إنذار أطل علينا (مانشيت خبري) احتفت به معظم الصحف (خاصة مع الركود العجيب في الشارع العام).. وأصبح المادة المُفضّلة لمقالات الرأي والرأي الآخر.. ليس في الصحافة الخرطومية وحدها.. بل حتى في أثير مواقع الإنترنت والواتساب.. الخبر مفاده أنّ والي ولاية نهر النيل السيد محمد حامد البله (ود البله) أُقيل من منصبه.. بعد حوالي عام واحد من تقلده حكم الولاية.. ردود الأفعال الأولى شَطحت بقوة نحو جدلية (ابن الولاية مقابل خارج الولاية).. لكن الغالبية فضّلوا فرضية الصراع مع مراكز القوى في الولاية وأنّ (ود البله) خاض معركة غير مُتكافئة ضد (فطاحلة) جذورهم في الولاية وأنيابهم في الخرطوم! حرصتُ على قراءة كل ما كُتب حرفاً حرفاً.. ليس في الصحف وحدها بل كل ما مَرّ أمام عيني في الواتساب وغيره.. لأعرف حقيقة الصراع الذي تُشير إليه الأقلام والدردشات.. فلم أجد سوى أنّ هناك مجموعتين في الولاية بدلاً من أن يمسك بهما (ود البله) كما يمسك لاعب السيرك بالزانة وهو يمشي فوق الحبل المَشدود بين ساريتين.. ميّل واتكأ على إحداهما.. فوقع..!! السؤال المُحيِّر العجيب.. بعيداً عن حكاية مجموعات مُتصارعة.. ما هو (المُتَصَارَع) حوله؟؟ هذه الولاية.. مثال لشظف الحال وقلّة المال.. يظهر ذلك في كل مَرافقها بل في عاصمتها التي لا تبدو أكثر من (قرية كبيرة).. رغم عراقة صيتها التاريخي.. وإنسانها النبيل. على ماذا يَتَصَارعون؟ للدرجة التي يتبادلون فيها الإطاحة بالولاة.. غَالبية سُكّان ولاية نهر النيل هُم وافدون هنا في العاصمة.. بما فيها أجنحة الصراع نفسها.. فهم كلهم هنا.. وليست في الولاية مشروعات تنمية عملاقة ولا مدن جاذبة.. فَعَلامَ يَتَصَارَعُون! لو قرأتُ بين ثنايا خُيوط الصراع تباين في (رؤية) حول التنمية في الولاية.. أو تنافس على (استراتيجية) نهضة في الولاية.. أو مثل هذا ممّا يتصل بمَصَالح شعب الولاية.. لكان أولى أن نُصَفِّق للمُتصارعين من الجانبين و(في ذلك فليتنافس المتنافسون).. لكن على النقيض تماماً.. كل الذي بين أيدينا هو كلمة (صراع) جَافة مثل قطعة الخبز الملقاة على حافة الطريق.. لا يبدو حولها أيّة حيثيات تظهر الهدف الأساسي من فكرة الحكم الـ(لا) مركزي.. الذي يفترض أنه يقوم على خدمة الناس ومصالح شعب الولاية.. والأعجب.. أن يكون مثل هذا الصراع مكشوفاً بلا أدنى حياءِ من جماهير تنظر وتنتظر أن تقطف ثمار الحكم الاتحادي الذي وهبها والي وحكومة ومجلس تشريعي ومعتمدون وأطقم لا حصر لها من الكرام البررة في مُختلف مُستويات الحكم بالولاية.. فاتضح أنّ كل هذا مجرد أدوات وأزرار الصراع.. لا مصالح الناس.. يا للهول!! هول المصيبة الفادحة..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة