|
بريطانيا ليست مسيحية ، فهل السودان اسلاموى !؟
|
تصريح رئيس الوزراء البريطانى الاخير والذى وصف فيه بريطانيا بانها دولة مسيحية والذى قيل انه اطلق لاغراض انتخابية ، اشعل ثورة من الانتقادات والاستياء فى اوساط البريطانيين الذين انبروا لرفض مثل هذه التصريحات محذرين من انها قد تؤدى الى تقسيم واستقطاب حاد فى المجتمع البريطانى المتسامح والمتعدد
ومن المعروف ان بريطانيا قد اتخذت من المجتمع المتعدد الثقافات والاعراق والديانات خيارا لها وان اى من سياسييها يتوخى الحذر قبل الخوض فى امور تتعلق بتقديم الدولة او تعريفها بديانة معينة وقد دعمت بعض استطلاعات الراى الاخيرة (You Gov 2011) هذا الامر حيث اظهرت بان 28% من السكان قد اقروا بانهم مسيحيين مقابل 62% غير مسيحيين - من ديانات اخرى و كان معظمهم لا دينيون كما انحصرت نسبة المسيحيين الملتزمين بممارسة العبادة حسب الاستطلاع الى 7% فقط من اجمالى سكان بريطانيا.
تونى بلير رئيس الوزراء البريطانى السابق والمعروف بانه اكثر تدينا وتشددا من رئيس الوزراء الحالى ديفيد كاميرون كان قد التزم بعدم اقحام تصريحات تحوى امور العقيدة والديانة فى ادائه السياسى وحتى حينما قرر ان يدخل عبارة ( فليبارك الله بريطانيا ) فى نهاية خطاباته ايام حرب الخليج اسوة بالرئيس الامريكى حينذاك بوش ، ووجه الامر برفض شديد من كل مستشاريه مما جعله يتغاضى عن الفكرة حفاظا على حكومته وحزبه و وحدة النسيج الاجتماعى للبلاد
ما يسترعى الانتباه فى استطلاعات الديانات التى تجرى فى الغرب انها فى معالجتها لارقام السكان مثلا تحصرهم فى ديانات او لا دينيين ثم تقسم مدعى المسيحية الى متعاطفين ثم معتنقين ثم ملتزمين وهم الذين يؤدون الصلوات ويلتزمون بالتعاليم ويذهبون الى الكنيسة بانتظام
الزائر لاوروبا لا تخفى عنه مشاهد العديد من الكنائس بابراجها المميزة وقد اصبحت مغلقة او مهجورة او تم تحويلها الى مكاتب او محلات تسوق او حتى فنادق حيث ان مواقعها المميزة ومبانيها التاريخية اجبرتهم على استثمارها بشكلها الحالى بعد ان هجر معظم المصلين الكنائس ومعظم المسيحيين الديانة واصبحوا اما متعاطفين معها او لا دينيين
فى منحى اخر تؤكد التقارير بان وضع بريطانيا كبلد يتميز بمجتمع متعدد الثقافات والاديان والاعراق جعل منها الوجهة المفضلة للعيش واتخاذ المقرات للاعمال والانشطة المختلفة حيث يشعر الانسان مهما كان لونه او دينه او جنسه بالحرية والاحترام لذلك فليس من الغريب ان يتخذ كثير من المشاهير والنافذين واصحاب الاموال بريطانيا مكانا لاقامتهم وعائلاتهم وحتى الرؤساء والملوك من ارجاء العالم المختلفة يتخذون منها موطنا ثانيا ربما تقيم فيه اسرهم مددا اطول مما تقيمه فى بلادهم الاصلية
ان السودان كبلد متعدد الاعراق والثقافات كاد ان ينجح فى الوصول الى حالة المجتمع المتعدد فى بعض الفترتا فى تاريخه ويهمنا التاريخ الحديث ، حيث توفرت بعض الحريات وكادت العرقية ان تختفى من المعاملات الرسمية وانتظمت الخدمة المدنية دون ان يؤثر عليها الخطاب الدينى والعرقى حتى انقلاب يونيو 1989 والذى اسس لقيام دولة الاسلام بقيادة حزب دينى اعاد ترتيب المجتمع حيث جعل اتباعه هم الطبقة العليا المسيطرة على الثروة والسلطة بينما الاخرون هم الاعداء والمتضهدين والمهمشين
ولكن يبقى السؤال الملح وهو : رغم ان النوايا محلها القلوب ولا يعلمها الا الله لكن ماهى امكانية ان يجرى استطلاع او احصاء يحدد عدد الذين وجدوا نفسهم مسلمين ، والذين هم مصدقون ومقتنعون بالدين الاسلامى لكنهم غير ملتزمين فى العبادة ، والذين هم مؤمنون ومحافظون على اداء فرائضهم ، والنوع الاخير وهو المحافظون على فرائضهم امام الناس لكنهم يتخذون من الاسلام طريقا للثروة والسلطة والثلاث والرباع من النساء !؟
من المؤكد والمفروغ منه ان مايحدث فى السودان الان ليست له اى علاقة بالدين الاسلامى لكن هل من يمسكون بالسلطة فى السودان هم حاملوا لواء الاسلام وهل من حقهم اعلان السودان دولة عربية اسلامية واذا كانت الاجابة بلا فما هو الثمن الذى ينوى الشعب ان يقدمه ليشترى حريته !؟
اللهم الطف بنا اجمعين
اكرم محمد زكى
|
|
|
|
|
|