|
بروق الحنين و ايات شيطانية كور متيوك
|
بروق الحنين و ايات شيطانية كور متيوك " في عرين صلاح الدين فقد كانت السيدة باميلا شمشا تتلوى بين زراعي عشيقها و هي تبكي من عميق اعماقها و هي تنشج باعلى صوتها : لا .. لا .. مستحيل . لقد انفجر تلك الطائرة و انفجر زوجي معها .. لم ينجُ منها احد هل تسمعني .. إنني ارملة شمشا التي مات زوجها اشنع ميتة " ايات شيطانية بروق الحنين هو فيلم وثائقي قام بتصويره د. وجدي كامل كان القصد منها عرض بعض الجوانب التي ادت الى انفصال جنوب السودان و ما وصل إليها الحال اليوم بعد سنتين من التاسع من يوليو 2011م ، يستحق دكتور وجدي التقدير لمجرد تفكيره في مثل هكذا عمل ، لكن ما إنتهى إليه فيلمه الوثائقي ربما يكون مقبولاً في الشاطئ الاخر ( السودان ) لكن في جنوب السودان وجد الامر إستهجان كبير و رفض من كل من شاهد الفيلم ، و هذا ليس بالامر الغريب بالنظر الى السمعة السيئة التي يتمتع بها قناة الجزيرة باعتباره زراع اعلامي له اهداف محددة رسمت لها لا تستطيع تجاوز تلك الاهداف حتى لو من اجل مصداقية القناة ، لذلك في اغلب الاحيان كان القناة ينقل الاخبار المتعلقة بالصراع بين جنوب السودان و السودان بتحيز للجانب السوداني . هنالك مفاهيم خاطئة جداً يتفق فيها بعض القادة في جنوب السودان و بعض من الشعب السوداني و ذلك عندما يتحدثون عن اسباب استقلال جنوب السودان حيث ينتهي الحديث بالاشارة ، على إن إستقلال جنوب السودان كان مجرد عمل سياسي اي بمعنى اخر استقلال سياسي و مرفوض من قبل الشعب الجنوبي و هذا نفاق ليس بعدها نفاق ، و تزييف للتاريخ و للحقائق ، نتائج الاستفتاء الذي تم في جنوب السودان كانت نتيجتها 98.83% شارك فيها 3.792.518 مواطن جنوبي ، فهل يُعقل إن نَصِف الامر بالاستقلال السياسي ؟ إنها رغبة المواطن الجنوبي في الابتعاد عن المركز الاسلاموعروبي الذي يسيطر على الاوضاع داخل السودان منذ استقلالها ، لكن استقلال جنوب السودان ليست بدعة بل هي ما تواترت عليها العديد من الدول و الشعوب فعندما يضيق دولة ما بشعوبها فلا يكون هنالك حل سوى الافتراق ، و يظل شعوب الدولتين المنفصلتين تتواصلان وفقاً للقوانين و القواعد المنظمة لكل دولة ، و هو ما حصل بالضبط ؛ إن إستقلال جنوب السودان تاخر كثيراً فكان ينبغي إن يتم منذ 1947م لولا السياسات الاستعمارية التي وضعت جنوب السودان كجزء من الدولة السودانية لذلك ظل الشعب الجنوبي يعاني الاضطهاد و الاستعباد لاكثر من نصف قرن من الزمان . البعض بمعرفة او دونه يحاولون تبرير الحرب في جنوب السودان على إنها صنيعة إنقاذية و كوزية ( الكوز ) و هو امر خاطئ فسياسات الانقاذ لم تختلف عن سياسات الحكومات التي سبقتها ، فقط الانقاذ قامت بتطوير اليات قمعية و استعلائية وضعتها الانظمة التي مرت على تاريخ السودان ليس بعد استقلال الدولة السودانية بل يعود إلى ما قبل الاستقلال منذ فترات الثورة المهدية حيث كان يتم استرقاق و استعباد الجنوبيين ، كافة الاحزاب السياسية السودانية كانت مواقفها ضد رغبات شعب جنوب السودان بدءاً من الحزب الاتحادي الديمقراطي و حزب الامة و الحزب الشيوعي ووووو الخ ، من الملاحظ إن كافة تلك الاحزاب كانوا عندما يكونوا خارج السلطة يشيرون على استعدادهم لتنفيذ كافة مطالب شعب جنوب السودان لكن بمجرد وصولهم للسلطة يعملون بكل قسوة لسحق اي مطالب او اي معارضة جنوبية و هو ما يعني إن القمع التي مورس على جنوب السودان هي إتجاه ومنهج متفق عليه من قبل المركز في الخرطوم لذلك من الصعب تبرير اي ممارسات ضد شعب جنوب السودان . بالعودة الى إن الانقاذ و المؤتمر الوطني تنفذان ما تم الاتفاق عليه من قبل المركز فتطبيق الشريعة الاسلامية دون مرعاة لوجود مواطنين غير مسلمين و اعلان الجهاد ضد جنوب السودان ليست وليدة انقاذية لذلك لا اعتقد إن هناك مواطناً جنوبياً نادماً على استقلال الجنوب من السودان ، لان هذا اوقف المحاولات المتكررة لتعريبه لينسى اصله الافريقي و ثقافته مثل تغيير الاسماء الى الاسماء العربية إجباره كرهاً او إستغلال حاجته المادية و فقره لتغيير دينه الى الاسلام و التقليل من شانه و النظر اليه باعتباره اقل مكانةً من نظيره الاخر الذي يعتبر شريك في الوطن لكنها كانت شراكة زائفة كما إختبرناها و اعتباره عالة على تقدم الشمال و هنا عندما نتحدث عن الشمال فنحن لا نقصد الشمال بمفهومه الجغرافي . صور الفتيات الجنوبيات و هن تبكين على علاقات عاطفية مع شماليين جرد الفيلم من معناه الحقيقي و جعل كل من ينظر للفيلم يفقد الرغبة على متابعته ، الارتباط و الحب و الزواج ليس له حدود دولية و ليس له جنسية او غيرها لكن عندما يكون الامر له علاقة بجنوب السودان و السودان فالامر اعمق من ذلك ، اعمق من علاقة عاطفية ، اعمق من الحب ، اعمق من الزواج ، فمن الناحية المهنية لا يمكن إن يُقحم تجارب 3 فتيات في قضية تخص 12 مليون جنوبي و 2.5 مليون جنوبي قتلوا في الحرب التي استمرت خمسين عاماً ، لكي يكون منتج الفيلم موضوعياً و مهنياً كان ينبغي له إن يبحث عن نساء جنوبيات تعرضن للاغتصاب ، نساء جنوبيات تعرضن للاسترقاق ، الم يتساءل منتج الفيلم عن سبب عدم وجود شباب جنوبيين يبكون حبيباتهم الشماليات ؟ لن يجد إلا في الخيال ! لانه لا يوجد و غير مسموح بفتيات شماليات يرتبطن بشباب من جنوب السودان و وثنين و نصارى و افارقة ، لكن يمكن للشباب الشماليين الارتباط بفتيات جنوبيات نصارى طالما ستسلمن في نهاية المطاف ؛ إن الفيلم على الرغم من إنه اثار قضايا إفتكر البعض إن الزمن تجاوزها ، إلا إنه يعكس مدى صحة القرار التاريخي الذي اتخذه شعب جنوب السودان ، إن العقلية الاستعلائية و الاستعمارية التي انتجت الفيلم مازال حنين الكولونيالية المفقودة تمنع عنها النوم لذلك هي تلاحق شعب جنوب السودان لتتذكر الماضي الكولونيالي . لا اشك على الإطلاق على إن الفيلم سيحصل على واحد من ارفع الجوائز العربية العريقة او السودانية لدورها العظيم في توثيق بكاء المضطهدين على جلاديهم ، كما إن الدكتور وجدي اثبت إنه الية يمكن الاعتماد عليه فالاعلام هي واحدة من اليات الامبريالية و سيخدم الجزيرة و دكتور وجدي في هذا الاتجاه افضل مما يتوقع عبر إستغلال المزيد من الاحداث ، لكن لا اعتقد إن هناك من سيرتكب مثل تلك الخطاء مرة اخرى مهما كانت الظروف . إن فيلم بروق الحنين لدكتور وجدي هي واحدة من اسواء الافلام الوثائقية التي شاهدتها إنه يشخص مدى إستعلائية العقلية الجلابية الذي لا يحترم الاخرين و لا يرى إلا نفسه دون الاخرين ، لن يجد منتج الفيلم صعوبة في الحصول على ارفع الجوائز ، و لم لا ؟ فلقد منحت ملكة بريطانيا سلمان رشدي لقب فارس لروايته ايات شيطانية و حصل على ارفع جائزة ادبية في الدنمارك و ذلك بالرغم من الاحتجاجات و الرفض الكبير الذي واجه به المسلمين الرواية الذي يتحدث عن حياة الرسول ، إلا إن ما قام به وجدي اثرت بشدة في المواطن الجنوبي اكثر من تاثير الرواية في نفوس المسلمين و ذلك لان الرواية عمل ادبي يخضع لخيال الكاتب ، لذلك يمكنك إن تشعر في متن الرواية ميله للشخصيات الاسطورية اكثر منها واقعية على الرغم من استناده على بعض الايات التي وردت في القران ، و اكد بعض النقاد صحة البعض منها بينما رفضها اخرين ، ما يجعل ( ايات شيطانية ) افضل من ( بروق الحنين ) هو إن الفيلم عن طريق ثلاثة فتيات حاول إن يمحو اسواء ما في العلاقات الجنوبية - الشمالية و ترك المشاهد السوداني يعيش احلام وردية .
|
|
|
|
|
|