البروف علي شمّــو الوزير، الإذاعي الخطير، الإعلامي المايوي الإنقاذوي الكبير؛ بنظري، أنّه عاش أكثر سنوات عُمره المديد في توزير إعلامي، ونشاط ثقافي منوّعاتي، ولكن لم يكن له أثرٌ إعلاميٍّ واضح؛ أو ممكِن تَحَرِّيه في مَنْ اعتقب جيله من أجيال..! وقد قيل: تصدُق آمال وتطول آجال والحال ياهو نفس الحال. فقد وردت مؤخّراً آراءٌ للبروف شمو، تنعى أفول حزب الإسلامويين الحاكِم، بعد أن قرُبَ فكُّ ارتباطِه بالنظام السوداني الحالي؛ ولكنه استدرَك بسرعة، فسعى لإرجاع "طَنّوب" اللبن إلى شَطرِه فتعصّى عليه.
ففي مقالٍ بعنوان: شاهدان (شافا كل حاجة) علي شمو والكاروي حول انتفاضة أبريل1985، كتبَ د. عثمان أبوزيد: (بدأ بيننا حديث شيق عندما سألت عن تحليل سياسي يتوقع فك الارتباط بين الحكم الحالي الإسلاميين. قلت: التحليل يستند إلى تغير مواقف بعض الدول تجاه السودان. أجاب الشيخ عبد الجليل: لن يحصل ما يقوله التحليل، لأن دا معناه عزل الحكم عن جماهيره... ردَّ الأستاذ شمو: قد يحصل بصورة ما، لكن القيادة لا شك تضع في الاعتبار ما وقع للرئيس نميري عقب اعتقال الإسلاميين الذي عجل بانهيار الوضع. )) إهـ .
وواضحٌ هنا أن الأخ البروف علي شمّو، يعتقد من دواخله أن فكّ الارتباط حاصل حاصل، بمعنى أنه مسألة وقت..! ولكنّه مع ذلك، لا يُريد أن ينعرف عنه مثل هذا الأمر. فـ زاد: لكن القيادة لا شك تضع في الاعتبار ما وقع للرئيس نميري، فاراد البروف ، حسبما أظنّ، أن يقول لهم: لفضلكم وتفضّلكم عليّ بالمناصب والمراتب والكواكب الاحتفالية، لا تخشوا شِقّ كلاميَ الأول "قد يحصل بصورةٍ مَــا فكّ الارتباط" ..! فإنما هو كلامي، وتعرفون لحني في القول.
لسبب من هذا التقلُّب "الكنكشي" فقد استوقفني مليّاً، تأنٍّ عند البروف شــمـو، وهو التأنّي في عدم المبادأة والمبادَرة، حتى بما يقتنع به من رأيٍّ، حول سؤال السائل العاقل؛ ومن ثمّ تركـه المجال مفتوحاً للشيخ الكاروري، ليُدلي بدلوِه. كأنّما استبطن البروف شمو، ســاعتها، أنّ شخصَه بالمُقارَنة مع الشيخ الكاروري، عند منعطفات مثل هذا السؤال الزّلّاق، أشبه بالتَّيَمُّم يبطُل، حين يحضُر الماء؛ وقد قيل: لا ماءُ عندَك تُهديها ولا رأيُّ. تلك مَزيّة سياسية يكاد يـَــبِــزُّ فيها البروف الكبير نفسه التي بين جنبَيْــه..! ناهيك عن الشيوخ المُتسارعين على الدوام بتقديم رؤاهم الصّاخبة، وضمنها ضحلٌ فطحل، وفي حمد التأني يقولون: "في التّأنِّي السلامـة وفي العجلةِ الندّامةُ" .. تقوللِّي اصبُر.
في اعتقادي أن البروف علي شمو، الوزير المايوي الأسبق، ورئيس مجلس الصحافة والمطبوعات، الأعرَق، والمُذيع الرّائد في إذاعة أمدرمان فجر ظهورها، بل والمحاور الإذاعي للسيدة الراحلة، كوكب الشرق في الخرطوم وسط السِّتِّينيات، كان قد بني بأسه الإعلامي على ذاك الحوار مع "كوكب الشرق"..! وهو مطمئنٌّ لايخشى، من بعدها، سؤالا ولا سِجالا؛ حتى أصبح في أذهان كثير من السودانيين، أنه الإعلامي الفَذّ الذي قد سبَقْ، ثم لا يكاد يـُـلـْـحَـق أو يُسْبَق، ولا يُشَقُّ له غُبارٌ غَرَّبَ أو أشرَق، أرعدَ أو أبرَق. تسمعهم يعظّمون تجربته، ويزهون بنبرتِه، ويُبخبخون على مواهبه الثرّة في حوارِه ذاك وما تلاه..! بل ويُوطِّئون له أكناف المنابر الإعلامية والديوانية، حتى لكاد أن يصبح، في كثيرٍ من سنوات عُمره، صاحب الرّياستَيْن، أو كأنّه ذو اليمينَيْن طاهر بن الحُسين.
لقد كان البروف في يومٍ قريب، ومن سنوات طوالٍ مِهال، رئيسـاً لمجلس الصحافة والمطبوعات وَ في ذات الآن، يشغل منصب رئيس مجلس أمناء جائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي لشركة زين للهاتف السيّار. ثم لم يقف في وظائفه الدستورية والتخصصية على تينك الوظيفتين فحسب، بل كان له من سواها الكثير المثير الخَطِرْ ..! ولكن دون نتائجٍ تُذكَر؛ والحال أنّ الشيخ البروف علي شمو، قد عُمـّـِـــدَ من زمن، بأنه شيخ الإذاعة، وابنها الأوحد، وأب التلفزيون وَ عميد المسرح القومي ربما، وهكذا دواوينك دواوين.
إذاً فإن المزيّة السياسية التي تفرّد بها البروف شمّو، قد كانت للوظائف جَلّابة، بل كانت في عهد التّمكّن والتمكين غلّابة؛ تُجبي له خَرَاج الحكومة والشركات السمينة، وتتيح له ذات المَزيّة، ما أُتيح له من مقبولية قُصاد كل العُملات، كأنّه ال دولار الذي لاتستقرّ مع العُملات على حالٍ إلّا البَطَّال. وإنّك لـتجِد الآذانَ لحديثه صاغية، والأفئدة لما يقوله ويفعله واعية، والعيون لإطلالته غادية وآتية. حيث لا شكٌّ بأنّ هــذا البروف الإعلامي الوزير الخطير، مجدود في الرتوع بالوظائف الدستورية والديوانية والإعلامية واللّعَبية ومن سنين عددا. مع ذلك، فليس له من أثرٍ وَضّاح، ولا عِلمٌ يُنتَفَعٌ به، ولا موقِفٌ يُستَشْهَــد به. بل هو أمثل في الشبه بذاك الوارِد الذي يجهله كل الناس..! والذي ارسله جماعةٌ له من البدوِ إلى بئــرٍ في الصّقيعة، فوجد "لُقية" ثم قال: يا بُشراي غلام، فــَ أسرّوه بضاعة وباعوه بثمنٍ بخسٍ دراهم معدودات؛ فـأيّكم، سيّداتي والسادة، يعرف ذاك "الرّائد" الذي ضاع أثره قبل أن ينجَرّ؟
بالطبع، ليس هذا البروف وحده الذي ينتهج منهج الأغالبة: تَمَسكــَــنْ حتّى تتمكّن. فالعديدون ضالعون في ذات المزيّة "الفنكوشية" يُزاحمونه فيها بالمنكب والنّاب، كتفاً بكتف، ولَفّاً بـِــ لَفّ..! ولا مـَفَرّ من عرض تجاربهم على تلك الحكمة التي كان يزعمها آبائنا العَبّوديين: احكموا علينا بأعمـــالنا؛ وَ ها قد بدأنا نحكُم؛ واللهم إنّا نسألك التوفيق في ردم تلك المزاليق.
تحية يجيد البروف هندسة وضع اتجاه بوصلة المصلحة ..... يقبع دوما في الخانة الرمادية....يستخدم دربته في الاعلام كخبير ليفصح فيما لا يحتاج الي فصاحة...امساكه بالعصا من النصف جعل العصا تتحلل بين اصابعه التي تعزف لحن المصلحة ولو بعد حين...يشارك البروف شمو زميله اسماعيل الحاج موسي خذ وهات التقلب بل التمرغ في براحات الأنظمة السياسية السلطوية...المتسلطة.
..لا ينتظر الشعب من هؤلاء لكنه يراهم يمثلون ادوار الدهاء المكشوف في مسرح الاحداث وسيولتها المضحكة المبكية في ان...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة