توسّم الربط الكهربائي: منافعه و مَثَالِبه كيف يحصن السودان الربط الكهربائي مع دول الجوار الجزء الأول " (الحجر 75) "إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ
الحلقة "الثالثة ج" من
القراءة العلمية والتحليلية ل "تقريراللجنة الدولية لسد النهضة"
والحلقة العاشرة من شهادتي للتاريخ : صرح المخض عن الزبد
عند موائد الرحمن الفكرية
حول امكانية توليد 6000 ميقاواطس من سد النهضة والتصديرمنه لدول الجوار عبر الربط الكهربائي
"كل الحقائق العلمية الكبرى تمر (عند اطلاقها) بثلاثة مراحل: ◊ أولا، الناس يقولون انها تتعارض مع الكتاب المقدس؛ ◊ وبعدها يقولون انه سبق اكتشافها من قبل؛ ◊ وأخيرا، يقولون انهم كانوا -- منذ البدء - يؤمنون بها” ! الجيولوجي جان أغسيز (Jean Agassiz) ، (1807-1873)
"إذا رضيتْ عني كرامُ عشيرتي، فلا زال غضباناً عليَّ لئامُها" ( أبو العيناء)
بينما السودان -- وهو يواجه خطر مصيري يهدد وجوده ، ينقسم أهليه بين من يراهن علي التحالف الجديد وبين من لا يري في الأمر أكثر من فرصة لجرد الحساب مع خصم مفترض !!! وتلك قصاري فصاحتهم وبيضة منطقهم وزبدة حجتهم ! نأمل أن تكون تلك “شقشقة هدرت ثم قرت"
(Synopsis) موجز • في 19-11-2011 أعلنت الشركة السودانية لنقل الكهرباء، "اكتمل ربط شبكات الكهرباء بين السودان واثيوبيا، ... ليمكن )الأخيرة( من تصدير 100 ميقاوات (في مقابل 300 ميقاوات ينشدها السودان) من)القدرة غير المؤكدة" (Non-Firm Power من الطاقة الكهربائية إلى السودان (الأرجح أنها حاليا تأتي من محطة توليد جيبي الثالث Gibe IIIأكبر محطة للطاقة في إثيوبيا ذات القدرة المركبة البالغة 1870 ميقاوات) ...(مما) سيمكن (السودان) من استبدال محطات التوليد الحرارية (لديه ، باعتبار أن كلفة التوليد الحراري في السودان تبلغ 13.43 c/KWh،بينما تعرض عليه أثيوبيا (7 c/KWh ...وسيساعد (هذا) حال التوسع فيه في خفض عمليات الانتاج الكهربائي وتكاليفه في البلدين"(انتهي) • وفي 21-7-2013 قال رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر إن الشركة تتفاوض حاليا مع مؤسسات مالية دولية لتمويل مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسودان بعدما أظهرت الدراسة الرئيسة جدوى هذا الربط حيث سيتيح تبادل طاقات كهربائية تقدر بـ 250 ميقاوات يوميا بين البدين. • وهناك أيضا مشروع "مجمع الطاقة لربط كهرباء أفريقيا الشرقية " (East African Power Pool, EAPP ) والذي يسعي الي ربط شبكات السودان وإثيوبيا وكينيا ورواندا وأوغندا وبوروندي وتنزانيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجيبوتي) بهدف أن يعمل التجمع بمثابة "سوق للطاقة" التي توفر التكلفة الأقل والكفاءة والموثوقية لإمدادات الكهرباء من خلال نظام إقليمي متكامل ومترابط" وفق ما جاء في أدبياته
• من جانب اخر، فقد"شكك تقريراللجنة الدولية في قدرة سد النهضة على توليد 6000 ميقاوات من الكهرباء ، اذ أن التوليد الكهربائي عند سد النهضة في واقع الأمرهو في حدود (1639) ميقاواتس ، وهناك أسباب اخري عديدة قد تمنع حتي تحقيق هذه ال1639 ميقاواتس وهوأمر يطرح السؤال عن فائض القدرة الذي تزعم هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية بأنه سينساب عبر الربط الكهربائي لدول الجوار، وهو سؤال يثيربدوره قضية "هل كان هذا أفضل خيارات الربط الكهربائي للسودان مع دول الجوار" ؟، وان كان الأمر كذلك كيف نحصن هذا الرابط وأية روابط مستقبلية أخري لنأمن للسودان أفضل العائد من وسائط التبادلات التجاريةالكهربائية؟ • التحصين للربط الكهربائي مع دول الجوار يتأتي بتَوَسَّمَ ما قد يمثل هنا محاور هذه الحلقة من "شهادتي للتاريخ" ، مثل: • فوائد الربط الكهربائي • و مثالبه • و طيف الخيارات المتاحة • وأنواع اتفاقيات التوليد الكهربائي(الميقاواتس) و الطاقة الممكنة (الميقاواتس- ساعة) • وخطوات أخري عديدة سنذكرها في متن هذه الحلقة
لكن من الممكن أن نختصر كل هذا بالقول "أن تحصين الربط لكهربائي" هو في جوهره تَجَلّي وافصاح (Manifestation) ل "معرفة ماذا" ("what “Know-) ، أي "معرفة ماينبغي أو يتعين عمله" (في مقابل "الدراية التقنية"، أو الحذ ق المهنيKnow-how) ) ، وهما أمران فصلناهما في دراستنا المنشورة في النت بعنوان: "مخايل السيادة : مهاتير ما أخطأ من جعلك سيدا ولكن مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ"، في الموقع التالي:
وفي هذا الصدد، يقول نوربرت فينز--عالم ﺍﻟﺴﻴﺒﺭﻨﻁﻴﻘﺎ المشهور ان" ليس هناك سوي خاصية (سجية) واحدة أكثر أهمية من الدراية التقنية"Know-how" ، (أقرأ هنا الحذق المهني) ، وتلك السجية هي "معرفة ماذا" ("Know-what ) ".اذ أن "معرفة ماذا" لا تمكننا فقط من تحديد أهدافنا -- من الربط الكهربائي مثلا-- بل معرفة كيف نأمن له الأحصان!
**** مسوغات هذه الدراسة:
وعليه فكاتب هذا المقال يهدف في هذه النفحة من "موائد الرحمن الفكرية" إلى أربعة أمور: أولها: لفت النظر الي التعقيدات الفنية التي تسم قضايا المياه المطروحة علي الساحة اليوم ، وأبعادها الفنية والأستراتيجية والبيئة والسياسية والقانونية ، وذلك بالرجوع الي العلوم التي لها القول الفصل في هذا الشأن، استجابة لدعوة القران الكريم لذلك حين قال : "واسألواأَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ "(النحل 43) ،
وثانيها :الأمل في أن ترسخ مباحثنا هذه مشروعية حقوق السودان الكبري في مياه النيل بعد أن قمنا في دراسة سابقة "بدعثرة"(هدم) أبرز الأساطير المائية المغلوطة التي جردت السودان من اسهامه في مياه النيل ، لنثبت للسودان ،لأول مره ، فضله علي النيل – حتي بعد فصل الجنوب - بمده ب 25 مليار م3 (انظر دراستنا بعنوان: "جدلية الهوية النيلية للسودان وأبعادها السياسية والفنية والقانونية -- دولة مصب أو عبور فقط -- أم دولة “منبع” ، واذا كم حجم اسهامها في مياه النيل ؟" في الموقع التالي: http://www.sudanile.com/index.php/2008-05-19-17-39-36/1021-5-3-0-1-6-8-8http://www.sudanile.com/index.php/2008-05-19-17-39-36/1021-5-3-0-1-6-8-8
وثالثها : هوالأمل في أن يتمكن التحقق العلمي في هذا الأمرمن دفع السودان، لينطلق لتحقيق دوره الوفاقي في الوصول لحل عادل ومقبول لثلاثية قضايا مياه النيل الحالية (سد النهضة واطار عنتبي واتفاقية 1959)، انطلاقا من الأية الكريمة : "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس" (البقرة 143)) دون التفريط في حقوقه المائية أو الأستهانة بالمخاطر المائية التي تنطوي عليها بعض التطورات المستحدثة علي الساحة ، و سنستدعي ان شاء الله للشهادة علي مدار مباحثنا هذه كثيرا من المعارف والعلوم المائية المرجعية في هذا الشأن والتي توارت – للأسف -- عن المشهد،
"فما بال هذا الزمان لا يجود علينا بأناس ينبهون الناس ويزيلون الألتباس ويفكرون بحزم ويعملون بعزم"، كما قال المفكر العربي عبد الرحمن الكواكبى!
ورابعها: الأمل في أن يكون لنا بهذه المباحث قدم صدق عند ربنا : "قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ۖ إِنْ أجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ" (سبأ 47) ، وان كان في "موائد الرحمن الفكرية " هذه من علم ينتفع به، فنسأل الله الكريم أن يجعله صدقة جارية للوالدين – عليهما الرحمة ولنا وللقاريء الكريم هنا العبرة في قول رسول الله (ص) " حول كيف يتلقي الناس الكلمة العيناء والنصح : "أن مثل مابعثني به الله من الهدي والعلم كمثل غيث أصاب أرضا، فكان منها طائفة قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس ، فشربوا ورعوا وسقوا أو زرعوا، واصابت طائفة منها أخري، انما هي قيعان لاتمسك ماء ولا تنبت كلأ" (صدق رسول الله (ص)
أملي أن يكون القاريء الكريم من الطائفتين الأوليتين: "فَما كُلُّ ذي لُبٍّ بِمؤتيكَ نُصحَهُ وما كُلُّ مؤتٍ نَصحَهُ بِلبيبِ" (كما يقول أبو الأسود الدؤلي)
" ألا هل بلغت ... اللهم فاشهد"(حديث شريف)
استهلال- ضربة البدء للربط مع دول الجوار:
• في 19-11-2011 اعلنت الشركة السودانية لنقل الكهرباء، اكتمال ربط شبكات الكهرباء ( Electricity Interconnection) بين السودان واثيوبيا، مشيرة الى اكتمال ربط الشبكات مع مصر العام المقبل • "ويمتد خط النقل الكهربائي البالغ طوله 230 كيلومتر من باهردار والمتمة الأثيوبيتين ليلتقي بخط النقل الكهربائي السوداني عند حدود مدينة القضارف السودانية عند حدودها المتاخمة لأثيوبيا . وحسب صندوق النقد الدولي: • "سيمكن هذا المشروع السودان من استبدال محطات التوليد الحرارية مما يقلل الانبعاثات الغازية المؤثرة على البيئة" • "وسيساعد حال التوسع فيه في خفض عمليات الانتاج الكهربائي وتكاليفه في البلدين. " • "وسيمكن المشروع (البالغة تكلفته 41 مليون دولار بتمويل من البنك الدولي) دولة إثيوبيا من تصدير 100 ميقاوات ...من الكهرباء ...إلى السودان بعائد شهري يصل الى 1.5 مليون دولار لصالح إثيوبيا" وفق ما نشرته الصحف، وتقرير المكتب الأستشاري "أيفو العالمية" (IVO International)"لعام 1988 الذي أشار الي أنه "سوف يكون لدي إثيوبيا سنويا: • 1000 "قيقاوات - ساعة" فائض طاقة كهرومائية في الحالة الهيدرولوجية الطبيعية"! • "و 550 "قيقاوات- ساعة"!في ظروف السنة الجافة "، • وحاليا يرتبط نظام الطاقة السوداني مع نظام الطاقة الاثيوبي بخط ناقل بجهد(230/220 KV) لتمكين السودان -- من خلال "اتفاقية تبادل قدرة" ( Power Exchange Agreement)من أن يشتري من فائض الطاقة الأثيوبي 100 ميقاوات من التوليد الكهربائي "غير المؤكد "( Non-Firm) ، (والتي تعادل876 "قيقاوات - ساعة" من الطاقة ، مما يجعلها تكاد تلامس سقف فائض الطاقة السنوي الأثيوبي الذي قدر عام 1988 ب 1000 "قيقاوات - ساعة" سنويا، في "الحالة الهيدرولوجية الطبيعية"، و تبُزّ فائض الطاقة الأثيوبي (550 "قيقاوات - ساعة" السنوي في ظروف "السنة الجافة "، وفق دراسة أيفو!
• ماذا يعني امداد أثيوبيا للسودان ب 100 "ميقاواتس"؟ وما الفرق بين "ميقاواتس"و "ميقاواتس--ساعة"؟
هناك كثير من الألتِبَاسٌ حول هذين التعبيرين في الصحافة الورقية والرقمية وهُما في هَذا سَواءٌ : دعنا نقف برهة لأزالة هذا الأ شْكَالٌ "فبداية الحكمة هي تعريف المصطلحات "، كما يقول سقراط ! اذن فلنبدأ بفك الأشتباك بين ما يبدو أنه بعضا من أكثر مفردات الطاقة عنتا علي الناس: • هناك تناظر ( Analogy) بين تدفق المياه (عبر أنابيب المياه مثلا ) وتدفق الطاقة (علي هيئة كهرباء) عبر الأسلاك، مع فارق هام هو أن الكهرباء لا يمكن تخزينها بطريقة اقتصادية بكميات كبيرة (كما المياه) ، ولذا ينبغي توليدها بينما يجري استهلاكها! لهذا السبب من المهم التميز بين "كمية الكهرباء" (Quantity) المولدة والمستهاكة من جانب ، وبين " المعدل" الذي تولد وتستهلك به الكهرباء! • ف ال 100 ميقاواتس" (100 MW) هي "معدل" (Rate) أو"قدرة" Power or Capacity)) ، و ليست "كمية" (Quantity) ، بل هي تماما كأن نقول أن السودان ينتج "100 برميل بترول في اليوم" أو السيارة تسير بسرعة "100 ميل في الساعة" أو أن متوسط تصريف (أو تدفق) النيل الأزرق عند الروصيرص هو " 1570 م3 في الثانية"، علينا اذا أن ننظر اليها ك: • "السرعة" التي تولد بها الكهرباء، (من قبل مولد كهربائي (Electric Generator ) في أثيوبيا مثلا "بقدرة100 MW"، (لاحظ هنا تعبير "ميقاواتس" يتضمن عنصر الزمن)، • أي أن مثل هذا المولد الكهربائي الأثيوبي يمكن ان يورد لشبكة الطاقة الكهربائية السودانية كهرباء بمعدل "100 ميقاواط" (أو 100 "ميقاوات-ساعة" / "ساعة") ("MWh" per "h") ، خلال كل ساعة يتم تشغيله فيها • كما يمكن أيضا توصيف هذه ال 100ميقاواتس" (100 MW) بأنها المعدل (السرعة أو Demand or Load) التي يسحب بها المستهلك السوداني كمية الكهرباء هذه (ال MWh100 ) من الشبكة السودانية!
• وأما "الميقاواتس--ساعة" فهي " الطاقة " (Energy) ، أي "كمية الكهرباء" (Quantity) المولدة (مثلا عند مولد الكهرباء الأثيوبي أو المستهلكة في السودان)، تماما كأن نقول مثلا أن متوسط ايراد النيل الأزرق السنوي (أي متوسط "كمية المياه" الواردة عند الروصيرص سنويا --
• الربط بما سلف (الحلقات 3-أ و3- ب): • من جانب اخر،وكما أشرنا في الحلقة التاسعة من هذه الدراسة، فقد"شكك تقريراللجنة الدولية أصلا في قدرة سد النهضة على توليد 6000 ميقاوات من الكهرباء دون ايراد حيثيات تشككه ، لكنه أوصي إثيوبيا بضرورة التحقق من ذلك • بادي ذي بدء ، فان معظم السدود المائية التي بنيت لتوليد الكهرباء لم تصل الي تحقيق أهدافها الأصلية لحجم التوليد الكهربائي • و في واقع الأمرهذا الرقم للقدرة المركبة مضخم ! فباستخدام معادلة التوليد الكهربائي بطريقتن: • أولا مع صافي فرق التوازن المائي • وثانيا مع ارتفاع السد ، نجد أن القدرة المركبة ( التوليد الكهربائي) عند سد النهضة هي في حدود (1639) ميقاواتس ،أي أقل من ثلث ال 6000 ميقاواتس التي روجت لها هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية! وهو أمر يبرر شكوك اللجنة الدولية ! وهناك أسباب اخري عديدة قد تمنع حتي تحقيق كل هذه ال1639 ميقاواتس كنا قد فصلناها أيضا في الحلقة التاسعة من هذه الدراسة وهوأمر يطرح السؤال عن حجم فائض الطاقة الذي تزعم هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية بأنه سينساب عبر الربط الكهربائي لدول الجوار، وهو سؤال يثيربدوره قضية: • مشاكل الربط الكهربائي للسودان مع دول الجوار، • وكيف نحصن هذا الربط وأي ربط مستقبلي لنأمن للسودان أفضل العائد من وسائط التبادلات التجاريةالكهربائية
• مثل هذا التحصين للربط الكهربائي للسودان مع دول الجوار يتأتي : بتَوَسَّمَ : • فوائد الربط الكهربائي وطرق تقليص مثالبه • طيف خيارات الربط المتاحة للسودان لأختيار الأمثل منها • أنواع اتفاقيات التوليد الكهربائي و الطاقة الممكنة وبتطوير القدرة على التفاوض على شروط أفضل لشراء الطاقة والمعدات وبتعزيز ربط الطاقة بين السودان وجيرانه وبتعزيز الاستقرار لنظام الطاقة في البلدان المعنية. وبالحد من تكلفة الطاقة (مثلا بخفض متطلبات القدرة المركبة) واجرائيا ، بتقليص حجم فقدان السودان للتحكم في الربط الكهربائي مع دول الجوار (كاشتراط الإجماع في اتخاذ القرارات الخ ... مما سنفصله لاحقا هنا).
وسنخصص هذه الحلقة من "شهادتنا للتاريخ ولتقرير اللجنة الدولية لسد النهضة" ، لشرح لكل ما تقدم عاليه
مقدمة: • التوليدالكهرومائي الذاتي الراشد زمن الوفرة المائية (سوي كانت هذه الوفرة مأمنة من خلال التصريف الطبيعي للنهرأو من خلال نقل المياه بين الأحواض -Interbasin Transfer- -أو من خلال "نقل التخزين" (Storage Transfer)الخ... من أليات زيادةالأيراد النهري) -- اذا تم احصانه - يمكن أن يقود الي: • خفض متطلبات القدرة المركبة (Installed Capacity • استخدام مولدات أكبر وأكثرفعالية • خفض مخاطر توقف المولدات بسبب الاغلاق وإعادة التشغيل • خفض فواقد النقل • توفير الوقود في محطات توليد الطاقة البخارية • تحسين حالة الجهد(Improved Voltage Conditions الخ...
معايير وعناصر النجاح لمشاريع الربط الكهربائي: • عموما، فان الربط بين أنظمة التوليد الكهربائي يكون الأكثر فائدة عندما تكون بنائية (هيكلية ) الشبكات مختلفة سواء في التوليد او الأستهلاك • لكن قبل الدخول في أيا من الروابط المحتملة مع دول الجوار ، علي المرء ان يتحري تحديدا من توفرعدة عناصر منها: • مشاركة تقنيات توليد مختلفة (Fuel Diversity ،كالماء والنفط والغاز والفحم وغيرها ) في الربط الكهربائي ،
• التكامل (Complementarities) بين شبكة مائية الهيمنة (Hydro Dominant) كالسودان (أو أثيوبيا) واخري حرارية الهيمنة (Thermal-Dominant System) كالسعودية (أومصر أوليبيا) ،هو الأمثل، اذ أن سلبيات ربط السودان- المتسم بهيمنة مائية بنسبة (75%)، مع دولة ذات هيمنة مائية بنسبة 100% كأثيوبيا ستتمثل في الأتي: تدفق تيار متغير - ينتج عنه تولي يتقلب موسميا أو سنويا "عبء النقل" (Transmission liability)أي زيادة التكاليف السنوية نظرا لطول خطوط النقل وانخفاض نصيبه من الطاقة المكبوتة بقلة الأيراد، والمبددة من قبل نظام النقل تأثيرصراعات استخدام المياه في الخزانات الأثيوبية علي حجم التوليد الممكن منها، وهو أمر تناولناه باسهاب في الحلقة التاسعة من هذه الدراسة
لكن بالمقابل فان التكامل الأمثل بين شبكة مائية الهيمنة (Hydro Dominant) كالسودان (أو أثيوبيا) واخري حرارية الهيمنة (Thermal-Dominant System) كالسعودية (أومصر أوليبيا) ،تقف دونه عقبات متعددة: فربط الشبكة السودانية (التي تتسم بتردد 50 هرتز) بالشبكة السعودية (التي تتسم بتردد 60 هرتز ) سيكون مكلفا ، اذ أن كلفة توحيد التردد(Frequency Unification) عالية ! كما أن دولة مائية الهيمنة كالسودان قد لا ترغب في الربط مع دولة حرارية الهيمنة بنسبة 100% (كليبيا) والتضحية بوثوقية نظامها الكهرومائي المستقل في مقابل مكسب اقتصادي! خاصة وان الجهد في الشبكة الليبية (والسعودية ) والذي يبلغ 127 فولت (" قُدْرَة" الْمُوسر !) يكلف أكثر لنقل الكهرباء إلى السودان اذ أن خطوط النحاس يجب أن تكون أكثر سمكا وبالتالي نصيب السودان من كلفة هذا النقل سيكون كبيرا،رغم أن جهد (127 V) لديه ميزة على الجهد العالي ("جَهْد " المُقِلّ ، المستخدم في السودان والبالغ 230فولت) اذ أنه يعتبر عموما أكثر أمنا. ووفق التقاير المنشورة فستكون خطوط ربط السودان وأثيوبيا بجهد (230/220 KV) بينما خطوط ربط أثيوبيا بالسودان ومصر فبجهد(500KV AC and 600KV DC) وتتمثل وثوقية النظام الهيدرومائي تلك التي قد يضن بها السودان عن الدخول في ربط كهربائي مع دولة حرارية الهيمنة بنسبة 100% (كليبيا) -- بمعناها العريض في الأتي: • قدرات ذروة (Peaking Capacity) ممتازة • توفر وقود غير ملوث وحياة طويلة تصل إلى 100 عاما • مدى فرق توازن مائي (Head Range) محتمل للتوربينات يبلغ 1 - 1500 متر • تحسين عامل حمولة النقل وجودة (نوعية)عملية الذروة لقدرته في تتبع الطلب بشكل وثيق جدا، على غرار توربينات الغاز • وعلى عكس المولدات الحرارية، فان الوليد المائي يعطي التحذير من أي خلل بوقت كاف مقدما
ومن عناصر النجاح الأخري التي ينبغي توسّمها أيضا في أي مشروع للربط الكهربائي:
• "سرعة نمو" متقارب للأحمال ، مثلا بين السودان ودولة الجوار التي ينشد الأرتباط بها • وتوفرخصائص مختلفة لبنية الأحمال بين السودان ودولة الجوار التي ينشد الأرتباط بها: Load Characteristics/Consumption Structures ◊ كالتنوع في (وقت) ذروة الأحمال ◊ وفي عامل تنوع الذروة (Peak Diversity Factor PDF(والذي يعادل نسبة أقصي طلب للمستهلك ، لطلب المستهلك في وقت الذروة) ◊ وفي عامل التحميل السنوي (Annual Load Factor)
عموما ، يستند تنسيق العمليات الكهربائية على: • الخصائص المادية لشبكات الطاقة الكهربائية • الطلب الواقع على الشبكة • الطرائق المستخدمة للسيطرة على التوليد وتدفق الطاقة
وخصائص نظام الطاقة هذه لها تأثير هام على كل من: • فرص جني الفوائد، • شروط اتفاقيات التنسيق التي يتم الوصول اليها
لكن ماذا ينشد السودان - الأن ومستقبلا - من الربط الشبكي للكهرباء مع دول الجوار؟
سقف طموحات السودان -- وان شئت فقل أمانيه - تتمحور حول الأتي: • تعظيم الاستفادة الكهرومائية، على سبيل المثال من خلال زيادة الخيارات البديلة لموضعة محطة توليد الكهرباء لكيلا تصبح كل قدرة "الشريك الربطي" (كالسودان) للتوليد ، مقصورة علي "داخل أراضيه" ( أو علي موقع لم يختار علي أساس أفضل المواقع في الرقعة الجغرفية لمجمل الشركاء قاطبة) : ◊ وهذا أمرجوهري ، ومن أهم مزايا الربط الكهربائي والتي أجهضها سد النهضة ، اذ يحرم شركة الكهرباء السودانية مثلا من فرصة تخطيط كل مشاريعها على أساس أرشد المواقع ، (طبوغرافيا، وجيولوجيا ومائيا ، بغض النظر عن في أي دولة شريكة في الربط يقع اختيارموقع التوليد)!(في أمريكا يدرسون طلبة مرحلة الأساس أن أهم ثلاثة اعتبارات في أي استثمار انشائي - سدا كان أو منزلا - هي "اولا الموقع ، وثانيا الموقع وثالثا الموقع"! ، لينشأ الفرد منذ الصغر مدركا لأهمية الموقع أيا كان - فتأمل !) • التفاضل و التكامل بين شبكة يهيمن عليها التوليد الكهرومائي (كالسودان) واخري تهيمن عليها النظم الحرارية (كمصر أوليبيا أو السعودية)، والاستفادة من تباين الأنظمة السنوية الحرارية والمائية ، حيث أنه في عام 2011 كانت نسبة توليد الطاقة في دول الجوار الأربعة المحتمل الربط معها كالأتي: • 8.6 بليون" كيلووات- ساعة" للسودان، لتوليد الطاقة الكهربائية بنسبة (75.2) % من شبكته لتوليد الطاقة الكهرومائية ، (مع 24.8 % حراري) • و5.2 بليون" كيلووات- ساعة" لأثيوبيا، لتوليد الطاقة الكهربائية بنسبة 99 % من شبكتها لتوليد الطاقة الكهرومائية ، (مع 0.6 % طاقة متجددة، و0.4 % حراري) • و156.6 بليون" كيلووات- ساعة" لمصر لتوليد الطاقة الكهرومائية بنسبة 8.3 % من شبكتها(مع74.7 % غازي، و15.8 % حراري و 1.3 طاقة متجددة) • و27.6 بليون" كيلووات- ساعة" لليبيا لتوليد الطاقة لتوليد الطاقة الكهربائية بنسبة صفر % من شبكتها لتوليد الطاقة الكهرومائية (مع 0.6 % طاقة متجددة، و0.4 % حراري) " • (250.1) بليون "كيلووات- ساعة" للسعودية لتوليد الطاقة الكهربائية بنسبة صفر % من شبكتها لتوليد الطاقة الكهرومائية (مع ( % 48.3) منها غازي و 26.5 % حراري) وكمثال للاستفادة الممكنة من تباين الأنظمة السنوية الحرارية والمائية بين دول الجوار هو أن : ◊ تقوم الدولة ذات التوليد المائي المهيمن في فترة شح الأيراد المائي بتوفير توليد الذروة، في حين تقوم الدولة ذات التوليد الحراري المهيمن بتوفير الحمل الأساسي لشريك الربطSystem Base-Load ◊ تقوم الدولة ذات التوليد المائي المهيمن في فترة الوفرة المائية لمياه، بازاحة التوليد الحراري الأكثر تكلفة في النظام المترابط • أما أمال السودان الأخري من أي ربط كهربائي قادم ، فتشمل فرصة : خفض حجم التوليد الحراري امداد المناطق النائية (ككسلا وبورتسودان وحلفا) بالكهرباء من دول الجوار بناء محطات " توليد ذروة"( Peak Power Plants) مشتركة ، على سبيل المثال محطات "التخزين الضخي" (Pumped Storagee Plants) زيادة مرونة ووثوقية وأمن نظام التوليد (System Reliabilityand Security) من خلال الحفاظ على مستوى مناسب من الوثوقية مع أقل احتياطي توليد وتحسين الاعتمادية من خلال تنسيق تخطيط العمليات زيادة فرص تحقيق التشغيل اليومي الأمثل لمحطات توليد الكهرباء وللنظام بمجمله تبني أكثر العمليات اقتصادا من خلال استخدام "الوحدة الأكثر اقتصادا (Most Economic Unit)" جني ثمار "اقتصاديات الحجم الكبير" (Economies of Scale)-وخفض كلفة "سعرالوحدة" باستخدام المعدات الكبيرة ومن خلال استخدام خطوط نقل ذات سعات كبري تقاسم الاحتياطي المطلوب لتغطية حالات الطواريء الوفر في الأحتياطي التشغيلي في كل من الأحتياطي الدروري(الدواميSpinning Reserve) وغير الدروري(الدواميNon-Spinning Reserve) ، الناتج عن تقاسم الاحتياطي الوفر في الأحتياطي المثبت(Installed Reserve) بسبب الخفض في القدرة المركبة (Installed Capacity)الناتج عن التنسيق في تخطيط القدرة وتقاسم القدرات بين أطراف الربط الكهربائي تنوع الحمل (Load Diversity) - وبالتالي الوفر الناجم عن خفض متطلبات القدرة التي تنتج عندما تصل النظم المترابطة لحمل الذروة (Peak Load ) في أوقات مختلفة - موسميا، أسبوعيا، يوميا وفي كل ساعة تنسيق الصيانة -- وبالتالي الوفر من الجدولة المثلى لها بعيدا عن انقطاع التوليد للصيانة خفض تكاليف التشغيل من خلال بالتعاون الفعال مع الشريك الشبكي ، مثلا عن طريق: • تشغيل المزيد من محطات التوليد ذات "التكلفة الحدية" المنخفضة • خفض التكاليف الثابتة المرتبطة بالقدرة الاحتياطية (ٌReserve Capacity)
• أنواع اتفاقيات تبادل القدرة (Capacity) و الطاقة (Energy)عبر الربط الكهربائي:
تنقسم هذه الأتفاقيات الي نوعين:
• اتفاقيات التبادل قصيرة الأمد (Short -Term)، والتي قد تنطوي: • علي تجميع احتياطي القدرة(Standby Power Reserve)، اذا تزامن ذلك مع التشغيل الأمثل لمحطة التوليد ، • ولها نفس خصائص القدرة الثابتة (Firm Power ) ، إلا أن هذه العقد لفترة محددة
• اتفاقيات التبادل طويلة الأجل والتي قد تنطوي اضافة لما سبق علي: ◊ تركيب (Super Imposition) "منحنيات التحميل اليومية" الخاصة بأنظمة الطاقة الفردية الي بعضها، ◊ مع تصدير واستيراد الطاقة ، ◊ وتشييد محطات التوليد المشتركة ، مما يمكن أن يقود الي: • تقليل احتياجات القدرة المركبة في محطات التوليد • أواستبدال المحطات بأخري أقل تكلفة • توازن التوليد الكهربائي • توفيرحلول للمشاكل البيئية من خلال "التوليد عن بعد"- مما يبدو أن ذلك كان أحد أسباب اختيار موقع سد النهضة الحالي بدلا سد علي بحيرة تانا (علي نهج سد أوينز المسمي الأن Nalubaale علي بحيرة فكتوريا) والذي كان خيار كل خبراء المياه ! "الاتفاقيات الثنائية" كما في حالة الربط الحالي بين السودان وأثيوبيا: • تعقد دائما لفترة محدودة، • أكثر اتساقا مع مبدأ السيادة من التجميع(Pooling)
بينما "المعاهدات المتعددة الأطراف " ، كما في حالة التجميع (Pooling): • أكثر جمودا في هيكلها • تنطوي علي التزامات ذات طابع دائم • و "متطابقة " ، أى أنه يجب القيام بها تجاه جميع الأطراف المتعاقدة، ولا تدع مجالا للتقييم الفردي للمكاسب والنقائص
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة