|
بائعو صكوك الغفران / أنور يوسف عربي
|
بائعو صكوك الغفران الصك هو تلك الوثيقة القانونية التي تتيح لحاملها الحصول على منفعة مالية معلومة يجوز له السحب عليه في الأجل المسمى والممهور عليه بختم من أ صدره ، أو هو ما يعرف في الإصطلاح العام بالشيك ، فقد يكون هذا الصك مردودا لأسباب موضوعية مثل عدم وجود مبلغ كاف في حساب المسحوب منه تفي بإلتزامات الساحب مما قد يدفع الأخير إلي إتخاذ إجراءات قانونية حيال الأول تحت طائل الإحتيال لإعطائه صكا مردودا ،هذا هو المتعارف عليه في إطار التعامل اليومي بين الأفراد والمنظمات والشركات ،على أن ذلك لا يمنع من أن تكون هنالك صكوك أخرى قد أكل وشرب الدهر عليها وأصبحث طي النسيان ، إلا ان بعضهم قد أيقظها من ثباتها الأبدي ، يعود بنا التاريخ إلي الوراء إبان الفترة التي سبقت عصر النهضة الأوربية عندما كانت القارة الأوربية تغط في ظلام دامس حيث كانت السيادة والريادة للبابوات والأساقفة الذين درجوا على دمغ عقول السذج من المتدينين وإستدرار عواطفهم الدينية بتعاليم أبتدعوها من بنات خيالهم بإعطائهم فرمانات عفو وصكوكا للغفران تمهد لهم الطريق إلي الجنة ، أى أنهم جعلوا أنفسهم وكلاء لله في أرضه يمنحون تلك الصكوك لمن شاءوا ويردونها عمن شاءوا ، ولعل ذاك الأمر هو الذي ثبت أركان الكنيسة الأوربية آنذاك ورفع من مقام البابوات وجعل منهم رجال دين مقدسين لا تطال جنابهم الجرح والتعديل ، ومن ثم أستطاعوا الولوج إلي عالم الرفاهية والغني ممتطين رقاب العامة ، فظهرت طائفة الإقطاعيين وطغت بعبابها فوق سماء المجتمع الأوربي ، الامر الذي أدى إلي تفشي الغبن الإجتماعي وظهور حركات الإصلاح بالخروح على الكنيسة وإرتفاع وتيرة الوعي المجتمعي بتقويض تعاليم الكنيسة وتحجيم نفوذ الإقطاعيين والبابوات ، فمهد ذاك الحراك إلي ظهور عصر النهصة الأوربية وذلك بإنعتاق الفكر القومي والتحرر من قبضة أساقفة الكنيسة والبابوات فدخلت أوربا عالم النور . ولعل الغفران والقبول عند الله من الأمور الغيبية التي لا يطلع عليها أحد مهما أعطي من الولاية والصلاح لقوله تعالى :)l ما كان الله ليطلعكم على الغيب)) ومن ثم أن الحكم على العباد بأنهم من أهل الجنة أو من أهل النار يعد من باب إلقاء الحكم جزافا واصدارا صكا من الصكوك التي قد يرتد عند الموقف العظيم ، ثم أننا من نحن حتى نقسم رحمة الله التي وسعت كل شئ ؟ ثم أنه لا بد من التقيد بالسنة لقوله صلى الله عليه وسلم ( من قال لأخيه يا كافر فقد تبوأ به أحدهما ) فهذا من باب المحاذير الشرعية التي ينبغي علينا سد ذريعتها حتى لا يوردنا باب المهالك ، حتى ان الصحابه رضوان الله عليهم كانوا لا يأمنون مكر الله ولا يركنون إلي فضائل أعمالهم فهذا هو الخليفة الراشد عمر بن الخطاب يقول ( لو ان أحد قدمي داخل الجنة والأخر خارجها لما امنت مكر الله ) فمن منا في هذا الوجود الآن يزن ذاك الخليفة الراشد .ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( يأتي الرجل الكبير السمين يوم القيامة وهو لا يسوي عند الله جناح بعوضة ) . أنه من باب الفضائل وكمال مكارم الأخلاق ألا نثبت همم الناس في العقيدة وننعتهم بصفات اللعن والشتم ، وعلينا أيضا ان نتوخى الحيطة والحذر عند أصدارنا لصك من الصكوك حتى لا يرتد في هذه الحياة فتطالنا يد القانون ، أوصكا من صكوك الآخره ويرتد علينا فتطالنا أيدي الزبانية والعياذ بالله.
|
|
|
|
|
|