|
اول يوم بمسجد السيد علي والثاني الي قلب الجزيرة مدني وبركات الجميلة/صلاح الباشا
|
اتجهنا صباحا من شارع المعونة الرئيسي بالحلفايا حيث نسكن .. الي مسجد الحسيب النسيب السيد علي الميرغني بحلة خوجلي بالخرطوم بحري .. حيث جرت العادة ان اصلي وعائلتي العيدين بمسجد ابو الوطنية ومحقق الاستقلال منذ عودتي الاولي من الاغتراب بدولة قطر في العام 2003م . وكعادته كان امامنا الشيخ العلامة عبدالعزيز حسن ينشر عبير افضال شهر الصوم .. مستندا الي جماليات السنة النبوية الطاهرة في هذا الشهر ... ومختتما خطبته الشاملة بما وصلت اليه حال البلاد .. مذكرا الناس بتلك الاتفاقية الباهرة لتحقيق السلام بين الميرغني وجون قرنق بالعاصمة الاثيوبية اديس بتاريخ 16 نوفمير 1988م والتي لولا الغباء السياسي والغيرة والحقد الذي اعمي البصائر والعقول معا لكان للسودان وشعبه شان اخر .. ولواصلت الوحدة الوطنية متانتها والتي تحققت مع انتفاضة الخامس من ابريل 1985م وزوال حكم نظام مايو الاهوج. . لكنه السودان .. ولكنه شعبنا غير المحظوظ ... نعم غير المحظوظ .. فهاجر المميزون بكثافة مهولة من شعبنا الي الخارج حسب بيانات ورصد جهاز المغتربين مؤخرا .. وبقي ابناء الوطن يتقاتلون بلا فائدة تتحقق... موت يعقبه موت .. ودماء تعقبها دماء .. ونزوح وصل حد الدهشة . ثم عدنا الي بيوتاتنا بعد الصلاة و ( كلنا يمشي وحيدا ... باكيا قلبا وجفنا ... خائفا الا يعودا ... في سكون الليل .. دعنا نجتلي الصمت الرهيب ) ورحم الله عميد الفن احمد المصطفي وشاعرها الاستاذ مهدي الامين. ووسط هذا الاسي والالم الذي ادخل الخوف في نفوس شعبنا المتسامح من القادم المجهول بعد ان اصبحت الامور عصية الحل فاختفت عبار القادم احلي وانسحبت وبكل هدوء من حياتنا ... توجهنا في صباح اليوم التالي الي ارض المحنة والبص يتهادي بشارع مدني والغيوم تظلل الزمان والمكان .. والرزاز يتساقط ليغسل ارض الجزيرة التي تفتقد زراعة القطن... حيث وجدنا السكون يطغي علي شارع مارنجان وبركات بعد ان كانت شوارع مشروع الجزيرة بمحالجها ورئاستها وحواشاتها لا تهدا لها حركة .. واصوات مصانع النسيج ومعاصر الزيوت لا يهدا لها بال .. فتمتليء الخزانة العامة بدولارات الذهب الابيض وتفتح المزيد من المدارس والمشافي بالدواء المجاني والجامعات تتمدد. . وتنتعش حركة الاسواق ... ويتمدد الامل ايضا والبنات والاولاد يتزوجون وبكل يسر ويعيشون في ثبات ونبات ويخلفون صبيان وبنات ... كل هذا ذهب مع الريح مقلما ذهب قطن الجزيرة. دخلت منزل العائلة ببركات ... والعبرة تخنقني والفصة تواصل ضغطها علي رقبتي بلا رحمة.. ثم بكيت وتشهدت .... ثم نمت . وتذكرت كلمات الفيتوري وانشاد وردي : كان اسمها السودان .. كان اسمها البقعة .. كان العرس عرس الشمال ... كان جنوبيا هواها.
|
|
|
|
|
|