|
انتظار الساعة الخامسة والعشرين بقلم صلاح يوسف
|
على المحك صلاح يوسف [email protected] منذ أن كتبت قصيدة بهذا العنوان قبل أربعة عقود، لم يأت هذا التوقيت الوهمي حتى الآن. ومع أنني على يقين بعدم جدوى الانتظار، إلا أنني ظللت متشبثاً بالأمل أتلفت ذات اليمين وذات اليسار عسى أن يحدث ما لم يكن في الحسبان. تذكرت هذه القصيدة حين ملأ الفضاء حديث حول إقدام السيد رئيس الجمهورية على إعلان مفاجأة من العيار الثقيل، فذهب البعض بعيداً في التكهن بتحقق ما يمور في جوفهم من توقعات عن المضي في سياسية الإصلاح الداخلي، وسبح البعض الآخر في بحور الاجتهاد آملين الوصول لاتفاق مع المعارضة على حكومة قومية ووضع حد للنزاعات والاتفاق مع الحركات المسلحة وحل المجلس الوطني وتعطيل الدستور مما قد يؤدي إلى صياغة دستور يتراضى عليه الجميع مع تتويج ذلك بانتخابات شفيفة إلى آخر قائمة المطالب دون أن يرشح شيء حول هذه الأطر مع أن بطوننا ليست غريقة لكي تفلح في التكتم على شيء من هذا القبيل لفترة طويلة وفقاً لتجاربنا القادرة على النبش والإبانة. ولما كان الخبر قد وجد طريقة للذيوع بعد اجتماع الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، بالسيد رئيس الجمهورية، الذي قال لوسائل الإعلام إن الرئيس ألمح له بنيته اتخاذ خطوة مهمة قريباً... ولما لم يستطع أحد أن يبشر برؤية هلال الحدث أو يفلح في فك شفرة السر، فقد مهد ذلك لبروز وتداعي مؤشرات التشكيك في صحة هذا الخبر. فحسب ما أوردته صحيفة اليوم التالي في عدد الجمعة الفائتة على ذمة مصادر مسئولة، أن الرئيس البشير لم يطلع كارتر على مفاجآت وأنه يستغرب ويندهش لما تناقلته وسائل الإعلام، وقد عزا المصدر بأن كارتر ربما فهم حديث الرئيس بالخطأ وأن الإعلام بدوره نقل تصريح كارتر دون تمحيص. إن سوء الفهم قد يحدث حتى بين شخصين يتحدثان ذات اللغة، فما بالنا إذا كان لكل واحد من الطرفين لسان وتعابير وكنايات ومترادفات ودلالات مغايرة. هل نقول بأن الترجمة قد ضلت طريقها مثلما سبق أن حدث في لقاءات عديدة بين مسئولين من دول مختلفة حتى في القضايا المصيرية، أم أن إلقاء اللوم على الخطأ في الترجمة يستخدم في حالات الحرج كحائط قصير يقفز من فوقه من يود التراجع عن قول ادلى به. وهل نقول بأن ظلال الخبر عن حوار جاد، كانت حقيقة ولكنها أطلقت لجس النبض لمعرفة آثار تلقيه أولاً، أم أنه بالفعل مجرد وهم اتكأ على أريكة توقعه المحللون ورجل الشارع الذي يشغله أي حدث وينسيه ما عليه من حال؟ ... وعلى كلٍ إلى أن يتبين لنا الخيط الأبيض من الأسود أدعوكم لمائدة تتكون من مقطعين من القصيدة المذكورة: (2) تزاحمتْ دوائرُ الشكوكِ في مساحةِ النظرْ / وأعلنَ السكوتُ مولدَ الخطرَ / ناقوسُه الفتيُ هزَّ بالصليلِ سطوةَ البشرْ/ وأمطرَ الحذرْ../ دقائقٌ أكونُ بعدَها مضرّجاً بالدمِ في الأوحالْ، لو نطقتْ / دقائقٌ، وأدفنُ العيونَ في جهنّمِ الرمالْ، لو انعتقتْ / من سجنيَّ الذي لبستهُ عُباءةً على الجسدْ / من فورةِ الشريانِ تحتَ حُرقةِ الجَلَـدْ / دقائقٌ تمرُ.. ساعاتٌ تفوتْ / أشنقُ الزمانَ ألفُ مرةٍ ..ولا أحّدْ / دقائقٌ تمرُ .. ساعاتٌ تفوتْ / يشنقُني الزمانُ ألفُ مرةٍ .. ولا أحَدْ
(4) باللهِ يا ذاكَ المغامرُ الوليدُ في معاركِ الهزيمةِ النكراءْ / باللهِ لو أفقْتَ مرةً وطوّفتْ عيناكَ في مشارقِ السماءْ / وعانقتْ شرانقْ الصفاءْ / متى يحطَّ ليلُنا دِثارهُ وينكفئ مسافراً / متى يجئَ مولدُ الصباحِ بالبشائرِ الضحوكةَ الأعماقِ ناشراً / متى يا ذلكَ المغامرُ الوحيدُ في معاركِ الإباءْ / أختارُ في بساطِكَ المُبهرجِ الجباهْ، أن تحفَّ خاطري منابتُ النَماءْ / وأنْ يزغردَ الضياءْ / متى يا ليلَنا الصموتُ نستضيفُ في ديارنا عِبارةَ الهناءْ / متى يا ذلكَ المغامرُ الوحيدُ في دروبِ الرفضِ والفناءْ ؟!
|
|

|
|
|
|