|
انتخابات المحامي-محمد علي خوجلي
|
انتخابات المحامين 1/4 حزب الأحزاب وحزب الإسلامين ضد الأغلبية الصامتة 2014 (11) محمد علي خوجلي انتخابات المحامين السودانيين للدورة 2014 -2017 نجحت في إثارة عدة قضايا هامة ذات علاقة بالتطورات في الساحة السياسية السودانية، وأبرزت في صورة ناعمة مدى الحاجة لقيادة فكرية ذات خطوط سياسية وتنظيمية واضحة تكسب ثقة الأغلبية الصامتة وتلحق الهزيمة بتكتيكات نصف حزب الاسلاميين الحاكم وحلفاؤه والتي أفلح في تطويرها بين مرحلة وأخرى بسبب العجز الفكري للقوى المناهضة لسلطته. واكتسبت انتخابات (اتحاد) أو (نقابة) المحامين أهمية خاصة كمعركة سياسية من الدرجة الأولى، قوامها متعلمون ومثقفون من الخريجين، لا مخدم لهم ولا يخضعون لضغوط بالنقل التعسفي أو عرقلة الترقية أو خلافها كما نقابات أخرى فهم يملكون حرية قرارهم. كما جرت تحت ظل ظروف سياسية مختلفة عن أية انتخابات سابقة وظروف جديدة على المستويات الوطنية والاقليمية والدولية. فعلى المستوى الوطني فإنها جاءت عقب (هبة سبتمبر) 2013 التي عرقلتها "المنسقيات" والاستعجال لاختطاف صوت من الأغلبية الصامتة قدم عشرات الضحايا في وقت وجيز وصفهم رئيس الجمهورية كشهداء.. وفي ظروف أزمة اقتصادية طاحنة يزيدها سوءاً ما يجري في دولة جنوب السودان والصراع المكشوف لأجهزة المخابرات الدولية والتنافس الدولي لنهب الموارد، وأوضاع متردية في دارفور وعمليات عسكرية في جنوب كردفان (80% من عمليات القوات المسلحة) وخلافات ثانوية بين تيارات الحزب الحاكم، ودعوات للوفاق الوطني والانتخابات العامة القادمة التي صرف عليها (المجتمع الدولي) كثيراً.. و..الخ. إن قوى الإجماع الوطني، أو التحالف المعارض وفي انتخابات المحامين باسم (التحالف الديمقراطي) يتكون من دستة أحزاب وتنظيمات، من بينهم نصف حزب الاسلاميين خارج الحكم بقائمة واحدة وبرنامج واحد يطلق عليه (الثوريون) برنامج الحد الأدنى. ولما كان معلوماً الاتفاق بين قيادات تلك الأحزاب الذي يقضي بحظر نقد بعضها للآخر، (ويسمون النقد شتيمة) فإننا نكون أمام شكل فريد من أشكال التنظيم برز منذ 1990، أطلق عليه البعض حزب الأحزاب الذي كان من محرماته نقد الحركة الشعبية لتحرير السودان حتى لا تضعف أمام المؤتمر الوطني (!) حتى كان ما كان (إجازة قانون الأمن الوطني، الانسحاب من الانتخابات العامة في الشمال، انفصال الجنوب.. وغيره) لكن ذات حزب الأحزاب مع الانتخابات العامة فشل في إعداد القوائم الموحدة والمرشح الموحد فانسحبت معظم أحزابه ولم (تقاطع) الانتخابات كما تشيع دائماً. ولم يستطع حزب الأحزاب، مع ذلك، فعل شئ عندما أصبح الحزب الاتحادي الديمقراطي شريكاً في الحكم وعضو في تحالف المعارضة، الذي لا يزال مولانا محمد عثمان الميرغني رئيسه (!!). وحزب الاسلاميين وحزب الأحزاب متفقان على احتكار الساحة السياسية ويقفان معاً وبقوة في مواجهة أي قوة جديدة، ولذلك فإن معظم وسائط الإعلام جعلت تركيزها على (القائمين) مع إغفال متعمد لأية تيارات أخرى أو أفكار أخرى في انتخابات المحامين ولذلك عند سؤال المرشح للنقيب لقائمة حزب الأحزاب عن القائمة الثالثة أو تيار المهنيين ومدى حظوظه كانت اجابته بسيطة للغاية: أن تيار المستقلين لن يربح العملية الانتخابية لأنه غير مرتبط بالتنظيمات (ولا يجوز إقامة تنظيم بخلاف تنظيمي "التيمان") !! ودعت هيئة محامي دارفور كافة المحامين السودانيين لتشكيل نقابة ظل مستقلة وأن المشاركة في العملية الانتخابية الحالية الزائفة لا تخدم إلا نظام المؤتمر الوطني البائس المعزول شعبياً. أن هدف المؤتمر المؤتمر الوطني إضفاء شرعية زائفة لرافد من روافده وترى الهيئة أن نقابة المحامين (مفقودة) وأشارت إلى ضرورة استلهام الدور التاريخي المهني المستقل لنقابة المحامين السودانيين والمنحاز للحقوق والحريات من أجل وضع دستوري سليم يتراضى عليه كل السودانيين ولتجنيب الوطن أسباب الفرقة والتشرزم والشتات. وإن نقابة مهنية مستقلة لا بد أن تنتخب في أجواء ديمقراطية نزيهة وفقاً لأحكام الفصل العاشر من قانون المحاماة 1983 (الملقي). وباستثناء طلاب جامعة الخرطوم، فإن نسبة المشاركة في جميع الاتحادات الطلابية ضعيفة ولا يتجاوز الـ20% وداب طلاب حزب الأحزاب على مقاطعة الانتخابات أو الانسحاب منها قبل الاقتراع بسبب (التزوير) بعد أن تيقنوا أن الأغلبية الساحقة من الطلاب والطالبات بعيدة عن كل ما يجري من صراعات بين طرفين وعندما توصل حزب الاسلاميين الحاكم أن استمرار الهيمنة المفرطة على الاتحادات الطلابية ذات آثار سلبية، بادر بنفسه بتعديل النظام الانتخابي (جامعة غرب كردفان نموذجاً) ليكون عن طريق التمثيل النسبي المفتوح لضمان الأغلبية وهذا من أسباب فوز (الطلاب المعارضين) في تلك الجامعة دون أن يشكلوا أغلبية في المجلس الأربعيني.. وهذا الذي حدث هو من مؤشرات دخول الاسلاميين في طور جديد من أطوار التمكين ديمقراطياً وبطريقته. ولم ألحظ أي اهتمام من القوى السياسية الأخرى بأساليب العمل الجديدة التي بدأ حزب الاسلاميين الحاكم في ارتيادها. حتى كتبت الصحافية فاطمة الزاكي في 16 فبراير 2013 بهذه الصحيفة حول الموضوع في "سياق آخر حيث جاء: (انتقد الأمين العام للطلاب الأنصار وحزب الأمة القومي قرار المكتب السياسي لحزبه الذي وجه طلاب الحزب بجامعة غرب كردفان بالانسحاب من المكتب التنفيذي للاتحاد والبقاء في المجلس الأربعيني. وسبب عدم تنفيذهم للقرار لأنه لم يصدر عبر التدرج المؤسسي بأخطارهم عبر مسئول الطلاب بالولاية والمحلية. كما أن المكتب التنفيذي للاتحاد يضم عدداً من أحزاب تحالف المعارضة ومنها الشعبي والشيوعي). وفي الانتخابات التكميلية بولاية الخرطوم للدوائر الولائية: (16) الثورة الغربية و(10) البقعة الثانية و(33) العيلفون والعسيلات و(50) جبل أولياء جنوب والدائرة القومية (34) حي النصر الجنوبية كانت مشاركة الناخبين كالآتي:
الـــــدائرة المسجلين صوتوا النسبة المئوية الثورة الغربية 31942 2120 6,6 البقعة الثانية 32315 3267 1،10 العيلفون 39003 8056 20،6 جبل أولياء جنوب 42992 3228 7،7 حي النصر الجنوبية 54629 3221 5،9
فنجد أن جملة الذين اقترعوا أقل من عشرين ألف 19992 في حين أن المفترض اقتراعهم أكثر من مئتي الف 200881 بنسبة مشاركة حوالي 10% فحوالي 90% لم يقتربوا من العملية الانتخابية بما فيهم مؤيدو المؤتمر الوطني وعضويته. أما بالنسبة لانتخابات المحامين السودانيين فإننا نجد: جملة العضوية 26000 وفي قول آخر 24000 المستوفين لشروط الانتخابات 14606 النصاب القانوني 7304 الذين شاركوا في العملية 5316 والذين لم يقتربوا 9310 (حوالي ضعف قوة مؤيدي الحكومة والمعارضة). وعند احتساب العضوية التي لم تجدد تراخيصها وغيرها فإن الرقم يصل إلى أكثر من عشرين الف محامي. والأستاذ نقيب المحامين السودانيين نال ثقة 3174 محامياً وحجب عنه الثقة على المستوى القانوني 11432 محامياً والأستاذ المرشح لنقيب المحامين من القائمة الأخرى نال ثقة 1620 محامياً وحجب عنه الثقة على المستوى القانوني 12986 وأفاد نقيب المحامين الجديد بأن كافة الأحزاب شاركت في العملية الانتخابية ووقع ممثلوها على وثيقة الموافقة بقبول النتيجة بشكلها النهائي. كما صرح الأمين العام لاتحاد المحامين العرب بمشاركة الاتحاد في مراقبة انتخابات المحامين السودانيين موضحاً اطلاعه على قرارات اللجنة القضائية بخصوص الطعون، خاصة المتعلقة بالهيئة الناخبة والمرشحين بالإضافة إلى وقوفه على كافة المراكز وسير العملية الانتخابية والتأكد من حريتها وديمقراطيتها وأن العملية سارت بشكل طبيعي واتسمت بأعلى درجات النزاهة والشفافية. ونواصل....
انتخابات المحامين 2/4 برنامج الحد الأدنى والتراجع عند منتصف الطريق محمد علي خوجلي أقام الحزب الشيوعي السوداني باسم الحركة السودانية للتحرر الوطني حزب (الجبهة المعادية للاستعمار) كحزب جماهيري في سبيل اتحاد القوى الوطنية ضد الاستعمار. وكتب عبد الخالق: إن الجبهة رغم أنها انتشرت في مناطق بعيدة إلا أنها عادت مرة أخرى لتصبح (المنبر القانوني) للحزب االشيوعي وبهذا فقدت أهم أسباب وجودها. كما فشلت في إيجاد أساليب مبتكرة للتعاون مع الشخصيات الديمقراطية وإلى تنشيطها في النشاط العملي. فالجبهة المعادية للاستعمار كانت محاولة لبناء الجبهة الوطنية الديمقراطية في شكل حزب أو في حد أدنى محاولة لتجميع العناصر والأقسام الديمقراطية التي تقبل التعاون مع الحزب الشيوعي في برنامجه الوطني الديمقراطي. والتجربة التاريخية لحزب الشيوعيين السودانيين بشأن التنظيمات الجماهيرية (قوات الجبهة الوطنية الديمقراطية) لم تتوقف عند التنظيمات التي نشأت مع قيامه: الجبهة النقابية العمالية، الجبهة الديمقراطية للطلاب وتنظيمات المزارعين والعمال الزراعيين، إلى جانب النقابات والاتحادات بل بادر بإقامة أعداد كبيرة من (التحالفات المؤقتة) ذات المهام المحددة، ومن النماذج الجبهة الوطنية 1946، جبهة الكفاح 1948، الجبهة المتحدة لتحرير السودان 1952 والجبهة الاستقلالية 1955 ... إلى آخر. وظهرت من خلال النشاط العملي الروابط الاشتراكية للأطباء والمعلمين والجباه الديمقراطية للموظفين والمحامين وغيرهم ثم التحالف الديمقراطي بعد 1985 للعمل بين السكان في الأحياء. وعرقلت أساليب العمل القيادي الخاطئة تطور وتجديد التنظيمات جميعها واستعاضت أخيراً باختطاف التنظيمات لعجزها عن المبادرة. وأبرز تلك الأساليب: - التدخل الحزبي الفظ في أنشطة التنظيمات رغم أنها غير حزبية بشكل مباشر أو عن طريق الوسائط ومنها القطاعات (الفراكشنات) وهو من أشكال الرقابة تعادل أسلوب (الاشراف) على التنظيمات الحزبية والتي هي أيضاً من أنواع الرقابة والعلاقة جدلية بين الديمقراطية الداخلية وديمقراطية التنظيمات الديمقراطية والمحير أنه لا أحد يعلم الجهة التي تتم الرقابة لصالحها !! - الرفض القاطع لمجرد تنسيق جهود التنظيمات غير الحزبية على جميع المستويات (الصناعة، المهنة، المنطقة، الولاية)... إلخ وأن مجرد التفكير في هذا الاتجاه يزرع الرعب في قلوب القادة الثوريين بالتحول لتنظيمات (موازية) لتنظيمات الحزب. ولذلك لم يدهشنى موقف المحامين الأحرار ونقدهم الهيمنة على حزب الأحزاب. والمبدأ الثابت للحزب الشيوعي السوداني (الأصل) هو العمل المستمر لتنظيم الجماهير. وأن علاقة الحزب مع الأحزاب الوطنية الأخرى هي صلات تحالف مؤقت أو عمل مشترك محدد مع احتفاظ الحزب باستقلاليته وحريته في نقد تلك الأحزاب وكشف ترددها وضعفها في أي وقت (نموذج انسحاب الحزب من جبهة أحزاب المعارضة 1963 حتى قيام ثورة أكتوبر). فالعلاقة لا تنفصل بين الاستراتيجية والتكتيك وبين المبادئ وأدوات العمل. وأساليب العمل هي لخدمة المبادئ وأي اختلال يعني تقويض الخط السياسي والسير على غير هدى. أما حزب الاسلاميين في السودان فان (جبهته الواسعة) ظلت على أساس الحزب، وأحياناً بذات صيغة (الجبهة المعادية للاستعمار) المشار إليها. ولكن العامل المشترك بين كل أحزاب حزب الحركة الاسلامية (الذي ظل سرياً حتى من بعد استيلاءه على السلطة لوقت طويل) كانت وجوهاً له: جبهة الميثاق الاسلامي، الجبهة القومية الاسلامية، المؤتمر الوطني... أي ذات تجربة الشيوعيين السودانيين والتي ستندثر بسبب المركزية والهيمنة والتعارض مع الاقتصاديات المتباينة في ولايات السودان لذلك فشل في تحقيق الاستقرار رغم امساكه بكل مفاصل الدولة. والنظام الشمولي لحزب الحركة الاسلامية بصورة الديمقراطية الشكلية لن يستمر وفي جميع الأحوال فإنه يتأكل ذاتياً على الرغم من بذله لتفادي النهايات المعلومة للنظم الشمولية في العالم. واستيلاء حزب الحركة الاسلامية على السلطة بالعنف واجراءاته المتسارعة لتأمين سلطته كشفت وبسرعة الاندماج بين الدولة والحزب الحاكم وحزب الحركة الاسلامية. وفي موضوعنا أصبح لمكتب الفئات وغيرها المتخصصة في الحزب دور كبير في انجاز (الرقابة) على النقابات والاتحادات وهذا نتيجته واحدة: انفصال القيادات عن القواعد ومعروف ما يحدث بعد ذلك. وتوقع مرشح قائمة التحالف الديمقراطي في انتخابات المحامين اكتساح التحالف للعملية وأوضح توافد أنصارهم من الولايات بشكل كبير. بل أن من مؤيدي التحالف من نصح قائمة المؤتمر الوطني بقبول النتائج لايصال رسالة إلى السودانيين أن الحزب الحاكم أكثر قناعة بالاستحقاق الانتخابي قبل عام من الانتخابات العامة. وكشفت قائمة التحالف العرض الذي قدمه المؤتمر الوطني (قائمة الوطنيين) للتوافق بالشراكة ورفضهم للعرض الذي هو دلالة على: - أن التحالف الديمقراطي يقف على أرض صلبة. - وأن المؤتمر الوطني يتهيب من المنافسة والانتخابات. النقيب المرشح لقائمة التحالف الديمقراطي، أفاد أن هناك تيار داخل محامي الحزب الاتحادي الأصل يعمل على عرقلة العلاقة بين التحالف والأمانة العامة للحزب الديمقراطي الأصل. (والطبيعي أن العلاقة أصلاً بين رابطة المحامين الاتحاديين والمكونات الأخرى في التحالف) وفي الإجابة على السؤال: أما كان الأفضل القبول بالنقابة الوفاقية خاصة في ظل تضاؤل حظوظ الربح في الانتخابات؟ قال: حظوظنا ليست ضئيلة في كسب الانتخابات، والعكس صحيح. ورفضنا للنقابة الوفاقية أمر واقعي. والعرض مؤشر قوي أن المؤتمر الوطني مرتبك وغير واثق من اجتياز العملية. إنهم لخمس وعشرين سنة لم يطرحوا نقابة وفاقية.. ويبدوا أنه ولذات السبب أجاب على سؤال آخر أنهم لن يقيموا اتحاداً موازياً لكن الأستاذة هنادي فضل المحامية والناشطة الحقوقية (ودمدني) أوضحت بأن التحالف في مدينة ودمدني سينسحب من الاتحاد حال فوز المؤتمر الوطني بالطرق الملتوية وتكوين جسم موازي لخدمة المحامين. أما الأستاذ الطيب هارون (النقيب الجديد) فقد أفاد أن اجتماعاً انعقد بين قائمة الوطنيين (المؤتمر الوطني) وقائمة التحالف (المعارضة الرسمية) واستمر لساعتين وكشف عن مكان الاجتماع وحضوره (نبيل أديب، عمر شمينا، الطيب العباسي، علي محمد عثمان قيلوب، فرح محمد فرح وحضره المحامي المستقل عادل عبد الغني) ولم ينف أي ممن وردت اسماؤهم الوقائع أو يتدحضها ومنها ما دار في الاجتماع والذي كانت نتيجته: - يقوم كل طرف بتقديم مقترح حول تصوره لبرنامج (الحد الأدنى المشترك) بشأن الأجندة المهنية. - يرفع كل طرف تصوره عن كيفية المشاركة والمحاصصة. ولم ينعقد أي اجتماع آخر، ولم يقدم أي مقترح أو تصور. فقائمة التحالف الديمقراطي تراجعت عند منتصف الطريق سواء من تلقاء نفسها أو بسبب موجهات قيادة تحالف المعارضة (ولا فرق) والحقائق التي أمامنا: - أن التحالف الديمقراطي لم يرفض من حيث المبدأ الحوار حول برنامج الحد الأدنى والمحاصصة. - وأنه لم يواصل الاتفاق حتى نهاياته. وهذا المنهج هو دلالة واضحة على فقدان الوحدة الفكرية وعدم القناعة من قسم مؤثر بوثيقة (البديل الديمقراطي). وإذا سارت العملية حتى النهاية فإنها كان ستضعنا أمام (جبهة واحدة) و(برنامج واحد) و(قائمة واحدة). والمؤتمر الوطني عندما وافق أو بادر بتكتيك (النقابة الوفاقية) لا أعتقد أن موافقته أو مبادرته هي من أنواع الخديعة للطرف الآخر، أو بسبب حاله ضعف تنتابه أو لرغبته في تزكية الخلافات حول الكراسي بين مكونات التحالف الديمقراطي التي اختلفت في حصصها في العشرين مقعداً حتى تدخلت القيادات الحزبية لهذا أو ذاك والمحاصصة كانت ستمنح التحالف الديمقراطي50% من المقاعد (عشرة). إن الطور الراهن للتمكين ديمقراطياً لحزب المؤتمر الوطني واضح: اشراك الآخرين مع الاحتفاظ بالأغلبية وتخفيف حمولة الشمولية التي ينوء يحملها. وهذا هو الترياق الذي أختاره لمواجهة اسقاط النظام.. وأي حزب شمولي في المعارضة أو الحكومة أو أي نظام شمولي وسيلة قهره الرئيسية هي (الهيمنة) أو (اختطاف) التنظيمات: نقابات واتحادات وجمعيات وأكبر عدد من منظمات المجتمع المدني.. ولم تسلم من ذلك اتحادات المعاشيين والمعاقين ولجان المفصولين وحتى مجالس إدارات الأندية الرياضية.. ويتم كل ذلك تحت إشراف (المكاتب الحزبية المختصة) وهذه المكاتب لا تتكون بالضرورة من العاملين بفروع النشاط المعين الذي يتم الإشراف عليه. والحزب والدولة الشموليان في المعارضة الرسمية أو السلطة لا يختلفان في أساليب العمل، وهما يعاديان بلا مواربة: - ديمقراطية التنظيمات الجماهيرية والنقابات والاتحادات والحريات العامة. - التفكير المستقل وروح المبادرة والجرأة في إقامة الروابط والجمعيات والتنظيمات.
انتخابات المحامين 3/4 تمويل الانتخابات... وحماية الجمعية العمومية محمد علي خوجلي الأساتذة من كبار المحامين، على الضفتين، يقتسمون الدخول المحترمة، ومنها تعاقدات بالعملات الأجنبية عن طريق الاستشارات القانونية للسفارات والمنظمات الدولية والمؤسسات الأجنبية والمصارف والمؤسسات الوطنية الكبرى (وهناك حوالي اثني عشر ألفاً من شباب المحامين غير مرخص لهم أو عاجزين عن التجديد). والأهداف العامة، هي التي تجمع بين كبار المحامين (الفئة القليلة) مع غيرهم من المحامين (مع التفاوت حول المفاهيم حول ذات الأهداف!) وهي: • استعادة نقابة المحامين وقانونها الديمقراطي. • استقلال المحاماة. • الدفاع عن مبدأ سيادة حكم القانون. • الدفاع عن الحريات العامة. • واستقلال النظام القضائي. وقضايا الأغلبية الساحقة من المحامين أبرزها: - برامج التدريب داخلياً وخارجياً. - الخدمات وتحسين بيئة العمل. - التأمين الصحي والطبي. - الضمان الاجتماعي. واجتماع الجمعية العمومية للمحامين في دورته الأخيرة (2014 – 2017) طرح مسألتين: تمويل الانتخابات وحماية أعضاء الجمعية العمومية وهما متداخلتان حيث أكد (رئيس) قائمة التحالف الديمقراطي عدم الاعتراف بنتيجة الانتخابات بسبب الأساليب الفاسدة (الأساليب الفاسدة شئ والتزوير شئ آخر) ومنها: 1- أن قائمة الناخبين تضمنت عاملين بمهن أخرى بخلاف المحاماة. 2- الصرف الكبير للحزب الحاكم على الانتخابات (إحضار ناخبين بالطائرات والعربات وانزالهم في الفنادق ومنحهم أمولاً..) بالاضافة إلى ضعف التصويت مقارنة بعدد المحامين الفعلى (26400 بحسب إفادته الصحفية). وكل ما حدث بشأن النقابات والاتحادات وغيرها من التنظيمات من بعد 30 يونيو 1989 معلوم، وأخفها الأساليب الفاسدة ففي المرحلة الأولى كان هناك الاعتقال والفصل والتعذيب وأحياناً حتى الموت وبإشراف مباشر من المكاتب المختصة لحزب الحركة الاسلامية وفي مرات (نظامه الخاص) تحت أمرة د. الترابي أهم زعماء المعارضة (الرسمية) القائمة. طبق حزب الحركة الاسلامية (الموحد) نظرية (التمكين) بكل قسوة وفظاعه ثم بسط هيمنته بالقمع والقوانين واتبع (التوالي) والنقابات الوفاقية و(الاجماع السكوتي) ولجأ لعقد الصفقات مع أجزاء المعارضة الرسمية حول القوانين واللوائح و(السوق) والمحاصصة التي لم تبدأ باتحاد المحامين أو نقابتهم. ومع الإحساس الصادق بالعزلة، وانفصال القواعد عن القيادات في النقابات والتنظيمات (تجارب الأطباء نموذجاً) انتقل إلى طور التمكين ديمقراطياً أو (الديمقراطية الشكلية) فجاءت نظرية (التمثيل النسبي) لنقابة المنشأة (والتي اقترحها الثوريون) دونما أي اعتبار للمعايير الدولية بشأنها، رغم ذلك تمت مصادرة النظرية بأداة اللائحة واكتملت الدورة النقابية دون أي ممارسة فعلية للنظرية. وفي نموذج الأطباء (الطور الراهن والأخير) قبّل الحزب الحاكم أن يكون للأطباء نقيبان وسكت على نقابة أطباء السودان الشرعية (المحدودة) كصورة في إطار. لم يعترف بالنقابة ولم يرفض الاعتراف بها في نفس الوقت (!) وتحولت (اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء) في أجهزة الإعلام (الرسمية) إلى (لجنة منتخبة ولها نقيب) خلافاً لموقف حزب الحكومة من (نقابة أساتذة) جامعة الخرطوم 2006 – 2014) التي اختارت بنفسها أن تكون صورة في إطار. وفي الطور الراهن والأخير لنصف حزب الحركة الاسلامية الحاكم وحلفاؤه هنا وهناك، فإن الهدف اضافة عناصر وقيادات غير مرغوب فيها ولكنها ضرورية لتحسين الوجه الديمقراطي للاقتراب من (البديل الديمقراطي) استعداداً ليوم النزال..(!) لذلك، عندما انحصرت المنافسة بين قائمة حزب الأحزاب (المعارض) وقائمة الحزب الحاكم في الكليات والجامعات وخرجت الأغلبية الساحقة من العملية الانتخابية (اللعبة) برزت نظرية (التمثيل النسبي المفتوح) والتي أشرف عليها د. نافع ولم يتحدث عنها سواه فأصبحت الاتحادات الطلابية في قيادتها تحت إمرة القائمتين. والصرف على الانتخابات، أية انتخابات ليس بالأمر الجديد. ومن مصادر التمويل الأساسية في السودان (القديم): التبرعات وتنظيم مسئوليات (الإعاشة) و(الإقامة) بمنازل مؤيدين والتبرع بالعربات...الخ حتى جاء زمان السودان (الجديد) الذي لا يتم فيه انجاز أي عمل (ثوري) إلا بعد توفير التمويل (مقدماً) من تكلفة المواصلات إلى حافز حضور الاجتماع.. كما لا نغفل تمويل الانتخابات وغيرها من الأنشطة من خارج البلاد، عن طريق منظمات المجتمع المدني الوطنية والأجنبية (راجع مصروفات الاتحاد الأوربي وغيره لصالح إعداد دستور السودان الدائم وانتخاباته القادمة في 2015 أو 2017). لذلك لم أعجب لقول الأستاذ صابر حبيب المحامي عند اتهامه لحزب الأحزاب بتبديد أموال استلمها من جهات خارجية (لم يسمها) في انتخابات المحامين. واستغلال امكانيات الدولة في الانتخابات، أي انتخابات من الأمور العادية في كل الدول التي لم تترسخ فيها الديمقراطية، ومن الإمكانيات القوانين نفسها (تعديل نظام الدوائر الانتخابية عن طريق الحزب أو الائتلاف الحاكم لصالحه حسب مواقع نفوذه) وأصلاً هذا من أسباب الصراع حول (كراسي الحكم) فتكون المهمة حتى ترسخ الديمقراطية هي الرقابة والكشف الفوري ومواجهته بالإجراءات الجادة القانونية والسياسية. وعرفنا في السودان، ليس فقط استغلال امكانيات الدولة، بل أيضاً التمويل الخارجي منذ انتخابات 1954 من تلك الدولة أو غيرها، لهذا الحزب أو ذاك بتبادل الاتهامات علناً بين الفرقاء وبعض كتابات وأحياناً الإقرار صراحة بتلقي الدعم الخارجي ومن النماذج: - في اعتصامات العمال من بعد منتصف سبعينيات القرن الماضي كتبت قيادات من الجبهة الوطنية المعارضة (الأمة والاتحادي والحركة الاسلامية) عن تمويلها لتلك الاعتصامات. - وأقر الإمام الصادق المهدي بتلقي حزبه أموال من الخارج من أحزاب وتنظيمات مشابهة في المنطقة (!). - وأقرت قيادات من التجمع الوطني الديمقراطي (المعارضة الرسمية) بخطأ أخذ التمويل الأمريكي وعند حضور الأستاذة فاطمة أحمد ابراهيم للسودان (الاحتفال بها في دار الرياضة بأم درمان) نبهت الحاضرين (إذا كنتم منتظرين التجمع الوطني، الترابة دي في خشومكم، ديل شالوا القروش من الامريكان..) وعند سؤال المرحوم نقد عن أموال الأمريكان أجاب: أسألوا محمد عثمان الميرغني. وكتب الأستاذ محجوب عثمان (عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي المنتخب في المؤتمر الرابع) في مذكراته عن الفترة 1969 – 1970، حيث شغل منصب سفير السودان في كمبالا:- (وكانت هناك انتخابات في الأفق، عندما جاءني تقرير سري من الأخ فاروق أبو عيسى وزير الخارجية بالانابة ووزير مجلس الوزراء: أن الحكومة مستعدة لإرسال أموال للانتخابات البرلمانية التي ستجري حتى ينجح أعضاء موالين للسودان... ورغم أنني قلت مبدئياً نعم ووافقت إلا أن الاعتمادات لم تات). ومع ذلك، فإن حزب الحركة الاسلامية (الموحد) و(النصف الحاكم) فات الكبار والقدرة في استغلال امكانيات الدولة وتوظيفها لخدمة الأعضاء والحلفاء والمؤلفة قلوبهم في كافة أنشطته السياسية ومنها بالضرورة الانتخابات من أي نوع و(كلهم في الهوا سوا). وإن الجمعية العمومية لأي اتحاد أو نقابة (بالمعايير الدولية) هي السلطة العليا التي ترسم السياسات وتختص بالآتي:- 1- إعتماد لائحة النظام الأساسي وتعديلاته وميثاق الشرف. 2- إعتماد النظام المالي واللوائح الإدارية. 3- إعتماد الموازنة والحساب الختامي. فإنعقاد الجمعية العمومية هو من مبادئ الحرية النقابية. (الجمعية العمومية للمحامين السودانيين أكثر من أربعة عشر ألف. أين توجد القاعة سعة أربعة عشر ألف؟ وكيف تتم إدارة الإجتماع؟). واستقر الفقه الدولي (ولجنة الحريات النقابية بمنظمة العمل الدولية، على مبادئ هامة بشأن الحقوق النقابية الأساسية، وأن حرية الكلمة والتعبير عن الرأي هي من الحريات الأساسية (الجمعيات العمومية، المؤتمرات الاقليمية والدولية). حيث يحق للمرشحين ومناصريهم من الناخبين إعلان ما يفيد معرفتهم بالمشكلات من خلال المنشورات والمناظرات ومناقشات الجمعية العمومية...الخ والنقد وطرح التساؤلات وبيان المواقف المحددة من الأحداث والظروف المحيطة والبرامج، مع الامتناع عن استعمال (لغة مهينة) لدى التعبير عن الآراء. كما لأعضاء الجمعية العمومية حق الإفصاح عن (المعلومات) التي تهم الاتحاد أو النقابة أو الناخبين، وهي بصفة عامة تشكل نشاطاً مشروعاً. ونص دستور منظمة العمل الدولية على (حصانات) أعضاء مؤتمر العمل الدولي والتي اعتبرها ضرورية. وفي الجمعية العمومية للمحامين تم اتهام المرشح للنقيب لقائمة التحالف الديمقراطي بالعمالة للدول الغربية، وإتهام قائمته بالعمالة للموساد وغيرها من أجهزة المخابرات الأجنبية. كما اتهم أعضاء من التحالف الديمقراطي بأنهم (قبضوا) آلاف الدولارات من دول أجنبية. بل أن هناك من تم منعه من ابداْء الرأي بالهتافات. وجاء في الوصف: (وما أن اعتلت المنصة حتى ارتفعت أصوات مؤيدي القائمة الوطنية بالهتاف: داون.. داون سي. آي. إي. وفي المقابل أرادت أن تهدئ من الموقف بالعبارات المعسولة حتى تركت المنصة). وفي تصريح لمرشح النقيب لقائمة التحالف (خص به أخبار اليوم 1/1/ 2014) بأنهم سيفتحون عدداً من البلاغات ضد من أعلن الاتهامات الباطلة، وأنهم في التحالف لن يتركوا الأمر يمر مرور الكرام. وأن من اتهمهم "مريض" وما أورده "انتقام لطرده من التحالف". ولأن الجمعية العمومية هي السلطة العليا وللحماية المقررة لعضويتها في الإفصاح عن المعلومات وابداء الرأي كان من الضروي الرد على الاتهامات (الباطلة) داخل الجمعية العمومية وإذا استحال ذلك بسبب فوضى الاجتماع فهناك أكثر من وسيلة لحق الدفاع أقلها وأيسرها التسجيل بمحضر الإجتماع بحق الأعضاء في دحض الاتهامات بما فيها حق اللجوء للتقاض وهذا من المعايير الوطنية بشأن الديمقراطية النقابية في السودان.. وكل ما حدث يؤكد على حقيقة أن انعقاد الجمعية العمومية بالالاف هو من أشكال الديمقراطية الشكلية أو (المزيفة) فما العمل؟.
|
|
|
|
|
|