|
انا والسوداني والعجوز الأمريكية حوار الأخلاق والقيم د.محمد الشريفين/ كالفورنيا سانتابربرا
|
طلبت من أخي العزيز الدكتور عبد الوهاب السوداني أن يرافقني في أول زيارة لي من جامعة كاليفورنيا إلى مركز مدينة سانتا باربرا ففعل بكريم طباعه، وبينما نحن في الحافلة نتجاذب أطراف الحديث إذ دخلت عجوز جاوزت الثمانين، تتحامل على عكاز وتجر حقيبة كبيرة ، فجلست بجانبي، فقال لي عبد الوهاب: "انت عارف يا محمد لو كانت العجوز دي عندنا كانت قاعده على فراش الموت وبدوها الميه بالقطاره، ولكن دي امريكا...وناس امريكا"، أردت فتح باب الحوار معها، نظرت اليها وألقيت التحية عليها، فقابلتني بأفضل مما ألقيت عليها، وأهل هذه المدينة على قدر عال من الذوق والأخلاق، ثم أشرت بيدي إلى أخي عبد الوهاب قبل أن أعرّف على نفسي، وقلت لها: هذا الرجل من السودان. نظرت اليه باستغراب وأشاحت بنظرها عنه. قال لها: الا تعرفين السودان؟ نظرت إليه وقالت له: أنا لا اعرف السودان، ولا اريد معرفة السودان. نظر إلي عبد الوهاب مستهجنا مستغرباً، وقال لي: "والله الوليه دية يا محمد عجيبه مرررره". نظرتْ إليه وقالت:انتم الذين تقاتلون دائماً، يقتل بعضكم بعضا!!!! قال لها: إذا تعرفين السودان. قالت له: لا أدري على ماذا تتقاتلون؟؟!!! مشاعري تقول لي: أنكم تتقاتلون على لا شيئ . نظرت اليّ وكانت تتحدث الانجليزية باللكنة الاسبانية، وأخذت تتحدث معي على أنني من بني جنسها وقالت لي: انا دائمة التفكير في هؤلاء، لا انقطع عن التفكير في ما يجري في السودان والشرق الاوسط، لا تتحدث لي في السياسة، أنا لا أحب السياسة، انا انسانة، انا صاحبة مشاعر، قلبي ينفطر لما يحدث في تلك البلاد، أنا أبكي دائماً، أبكي عندما أرى المشردين من الأطفال والشيوخ، أبكي عندما ارى مخيمات اللاجئين، أبكي عندما أرى الأبرياء يقتلون، هل يظن صاحبك هذا أني أحب الظلم، أنا لا أحب الظلم، وأقول دائما إن الذي يحب الظلم ليس من البشر إنه من الغابة. ثم قالت لي: اسأل صاحبك هذا الا يملّ هؤلاء النزاعات، الا يفكرون بالمستقبل، الا يفكرون بأبناءهم، لماذا لا يعطوا أنفسهم فرصة للعيش بسلام، ثم أخذت تأتي بنصوص من الإنجيل: على ان عيسى عليه السلام قادم للسلام ومن اجل السلام. وقالت: هذا ما اسلي به نفسي، تأكيدا منها على رفضها لما يدور من صراعات في السودان والشرق الأوسط، ثم طلبت مني ان اضغط على جرس التوقف ففعلت، وقمت وحملت حقيبتها وأنزلتها من الحافلة، شكرتني وشكرني سائق الحافلة، وجملة من الحاضرين، وعدت الى صاحبي عبد الوهاب وصاحبي هذا يجيد اللغة الانجليزية أكثر مني لكنه صدم بما حدث. جلست بجانب صاحبي فقال لي: انت عارف يا محمد ما أدهشني واستوقفني مدى المتابعة لما يدور في بلادنا من هذه الثمانينة الامريكية ورفضها المطلق للصراعات التي تدور في منطقتنا والتي رجعت بالمنطقة في بعض أجزائها لما قبل التاريخ، والله يا محمد الزول منا بيستحي يقول انا عربي، أو يستحي من جنسيته، ولازم يامحمد نسوي اي حاجه تغير صورتنا عند الناس ديت. قلت له: قبل ان نغير صورتنا يا عبد الوهاب لا بد من أن نغيّر أنفسنا وقلت له: هل تظن أن الحكومات العربية تدرك مدى ضرورة التغيير أم هي جزء من المشكلة، هل الأحزاب العربية الإسلامية تدرك مدى ضرورة التغيير أم هي جزء من محنتنا، هل الشعوب العربية تدرك أن التغيير حتم أم هي تظن أن التغيير نزهة ولعبة أطفال. قال لي انظر يا محمد الشعوب عندنا تقول أنها تريد التغيير والله يا محمد لو امتلكنا الارادة الحقيقية لتغير حالنا احنا عندنا العقول والامكانيات تصور يا محمد السودان اللي مش معجبه العجوز ديت والله فيهو كل حاجه والله العجوز ديت صدعت لي راسي!!! انتبه أخي القارئ الكريم انا اقص حادثة حدثت معي والسلام، فلا تدخلني في نتن السياسة وعفنها.
|
|
|
|
|
|