لم تكن مفاجأة سعيدة حينما اعتلت الدكتورة مريم المهدي المنبر داخل منبر السلام العادل مساء أمس..سيدة حزب الأمة استخدمت (الاستيكة) وهي تسير على درب المهندس الطيب مصطفى ..كان مسار مريم معاكساً لمواقف المنبر في معظم القضايا الداخلية ..لكن تقاربت الآراء من أزمة الخليج..حزب الأمة منذ البداية كان يرفض نهج التصعيد في وتيرة الأزمة، ويبحث عن حلول وسطى.. بل إن الإمام الصادق امتدح موقف الحكومة العقلاني في الوقوف بين المنزلتين. كان الطيب مصطفى موفقاً حينما بدأ خطابه أمس بإعلان التعاطف مع دولة قطر، ورفض قوائم الترهيب التي لا تبنى على أسس منطقية ..ربما يكون منبر السلام الحزب الوحيد من بين مكونات حكومة الوفاق الذي وجد الشجاعة ليقول إن دول الخليج أخطأت بشأن الأزمة مع قطر..تلك الشجاعة لم تتوفر لحزب المؤتمر الشعبي الذي أصدر بياناً دبلوماسياً ممسكاً فيه العصا من المنتصف ..رغم أن دولة قطر بعثت شقيق الأمير لتقديم واجب العزاء في وفاة الشيخ حسن الترابي، فيما تجاهلت دول الخليج المناسبة الحزينة . موقف منبر السلام يكتسب أهميته في اتساقه مع قلوب عامة السودانيين الذين استشعروا أن دول الخليج تكالبت على دولة قطر الصغيرة، وأطبقت عليها الحصار براً وجوًا وبحراً..ليس مطلوب في المواقف الشعبية أن تكون مبنية على أسس منطقية ..كما أنها بعيدة دائماً عن الحسابات المعقدة للحكومات..هنا يكون حزب المنبر قد وجد نفسه قريباً من عامة الناس في قضية خلافية..كما أنه في ذات الوقت شق طريقاً لنفسه وسط مجموعات أحزاب الحكومة التي بدت وكأن في فمها ماء حينما تطلَّب الأمر اتخاذ موقف من أزمة الخليج . في الجانب الآخر هذا الموقف يخدم الحكومة التي كانت بين المطرقة والسندان ..بل كانت في بعض الأوقات عرضة للابتزاز السياسي كون المعسكر المعارض لقطر يمتلك دوراً في التقارب بين الخرطوم وواشنطن..وجود موقف متطرف من داخل الحكومة يمنحها مسوغاً لتبرر أن مواقفها السياسية غير المتحمسة للتصعيد سببها ضغوط داخلية..حتى للطرف الآخر المتمثل في قطر وأصدقائها ستكون مواقف المنبر قابلة للتسويق باعتبار أن هذا الحزب جزء من الحكومة ويعبر عن بعض مكوناتها. في تقديري رغم هذا الموقف المبني على نضج سياسي من جانب منبر السلام إلا أن هنالك ثمة ملاحظة..ما زال المنبر متخندق حول مواقفه العدائية تجاه جنوب السودان ..حينما يصف مكوِّناً سكانياً بأنه بعض الأذى كما ورد في خطاب الطيب مصطفى، هذا كاف لإثارة المخاوف من جانب إثنيات لديها انتماءات مزدوجة بحكم التاريخ والجغرافيا، أو حتى بحكم المشاعر ..من الأفضل للمنبر أن يغادر تلك المحطة بخيرها وشرها ..جنوب السودان رغم كل الروابط السابقة بات بعض من التاريخ ..من الأفضل للشعوب أن تقفز من محطات الحزن والألم إلى آفاق المستقبل ..كلما أسرع منبر السلام لتجاوز تلك المحطات كلما بات حضوره قوياً بين الشعب المصطلي بنار الغلاء وكوابيس الكوليرا. بصراحة..السياسة تحتم على المشتغلين بها أن يعبروا عن مشاعر الناس..الذين يطلبون من الشعب أن يرتفع إلى مقامهم يعيشون في عزلة..قراءة النفسية السودانية جعلت منبر السلام يستحق الإشادة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة