|
المــديدة الحـــارة
|
المــديدة الحـــارة
( صلاح شكوكو )
التباين في أحوال الناس سمة من السمات المعهودة .. والإختلاف سنة في الكون .. وإثراء للحياة .. لذلك تجد الناس متفاوتون في المدارك .. مختلفون في المشارب متعاكسون في الأحاسيس والميول والتوجّهات وذلك بسبب تباين التصورات في القضية الواحدة .. مع ذلك لا يمنـــع كل ذلك من التفاكر والإلتقاء .. لكن في حياة الناس كثيراً ما تتأصـــل الحميــــة في الــــنفوس فلا تلبث مع إستمرار الوقت وعوامل الزمـــان أن تتحـــول إلى عقيدة راسخة مستحكمة في العقل والوجـــدان .. مستعصية على الحجـــة والبرهان لا تتزعزع ولا تتزحـــزح عـــن المكان .. ولا تتحرك لمحــــرك ولا تنقـــاد لـــداع مهمــــا كان .
لذلك تجد الدعوات المخلصة هنا و هناك تشترك كلها في هدف واحد وهو تخفيف شدة هذه الحمية وجعلها متوازنة مع طبيعة الفعل المتمثل في المناصرة .. خاصة وأننا هنا بصدد الحديث عن التعصب الرياضي الذي تحول من مناصرة وعناق الى مناكفة وشقاق .. بين أناس غير مدركين أن الرياضة لا تحتاج لهذه الحدة وهذا الخروج المتطرف من دائرة الإعتدال .. وهذا الشطط والتحزب والفرقــــــــــــة والكيــــــــــــد .
لكن بعض الأنفس تظل سادرة في غيها غارقة في عماها لا تصغى إلى الحجج الصادعة بل تتوغل في العناد والشقاق وقد أعماها التعصب أن ترى الأخوة والتآلف والتعاون ً .
لقد إبتليت الأمة بالإفتراق والشقاق فيما بينها في كل شيء .. حتى إنتهى الأمر بالرياضة لإن تخرج من باب الإخاء لتدخل دائرة والعداء .. فقد ترك الناس الأهم خلف ظهورهم وتفرغوا لما بينهم وأخذوا يبحثون عن أسباب التشرذم والفرقة ... لتصبح الألوان شعارات منفرة و رآيات للتعصب . بينما الأصفر لون يحكي قصة الحياة بارضها وشمسها أما الأزرق ففيه الحياة بماءها وسماءها .. والهلال تقويم والنجوم بوصلة .. فكيف يضلّ البطريق عن الطريق ؟؟؟
والعجيب أن يحدث هذا في وقت تزداد فيه هموم الأمة وإنكساراتها .. وقد تعجب أكثر حينما تجد الأخوة الأشقاء في البيت الواحد وقد إشتعل بينهم العداء الرياضي حتى هرب الود من بين أيديهم يلوذ بنفسه فراراً من لهيب نقاشهم المفعم بنار الغل والكيد الأعمى .. فأصبحت الأمة كلها مفتونة بناديها ومناديها وكل واحد منها يحسب أنه أُمةٌ .. بينما الأمة تنزف الدم في كل ثغورها .
حقا أننا في زمان الكسوف والخسوف والخذلان .. فالأمة قد تكالبت عليها الأمم من كل جانب وتكالبنا نحن على بعضنا من كل حدب وصوب ... يعجبني المثل المثالي الذي يقول :- قد أختلف معك في الرأي لكنني على إستعداد لأن أموت دفاعاً عن رأيك ..
لكننا تفننا في أساليب المشاكسة والإختلاف وأصبح لنا فيها مذاهب ورآيات وقباب .. فالرياضة كانت في حياة الناس ترويحا و تهذيبا للنفوس .. لا إقتتالا كحرب الببسوس .. فيها المدافعة بالحسنى والتنافس بالمودة .. والحب لكل الناس .
لكننا أوجدنا مكان التلاقي نوعا من التباغض والإفتراق .. من خلال التراشق بالتهم والتنابز بالألقاب حتى حل الإفراط و التفريط في الجوارح والملكات وغاب العقل وزاد النقل .. وأصبــح الإعلام هو (( المديدة الحارة )) التي تشعل كل عراك .. والذي سوّد الممارسة وأفسد الســـاحة والمساحة بفاحش القول و سفاسف الأمور وتوافه الأشياء والبعد عن دوره الأساسي كأداة إنتقاء وتوجه وتعليم .
إن ممارسة كل نشاط في الحياة يحتاج الي بعض إمور ضابطة ودونها تتداخل الحريات وتتصادم الرغبات وتولد الإحتكاكات و الحرارة .. تماما كقانون المرور الذي ينظم الحركة في الطرقات فبدونه تتكدس السيارات تحت سطوة الأنانية وتتصادم المصالح والرغبات .. يقود غير المؤهل فيؤذي الناس والعباد .. فيصبح الإنصياع لإشارات المرور إنصياع للنظام وإحترام للآخرين .. وبالرياضة ألوان يجب إحترامها .. والرياضة شأن عام يتزاحم فيه الناس لذا فهي تحتاج الى أمور تستقيم بها الممارسة نذكر منها :-
• عـــــــدم التعصب عـــــند المناصــــــــــــــرة . • المـــــــرونة والتسامـــــح في القــــــول والفعــــل . • الإدراك الواعي بان الرياضــــة وسيلة للمحبة وإشاعة الوئــام . • الإدراك أن المنافسة فيها شريفــــة لطيفـــــــــة . • الإدراك أن الإيام فيهـــا يومان يـــوم لك و يـــــوم عليـــــك .
* والمثل القديم يقول :- من لــــــم يذق مرارة الهزيمــــــة لن يتذوّق حـــــــلاوة النصـــــر .
فلو أشعنا هذه المبادئ في حياة الناس لما أخــــرج بعضنا البعض من الملــــة .. ولســــاد الاحترام بيننا .. ولشاعت المـــودة دنيانا .. وأصبحنا رياضيين رياديين .. فهـــل يفلــح الإعـــلام في هـــذا الدور ؟؟؟ أم سيظـــل يحمل تراب المديدة الحــارة يبث بها الفتنة بين الناس .. وينتظر العراك ليكتب فيه ؟؟؟
كلمــــــــات :-
• الدكتور / عثمان أحمد العوض - الأستاذ / محمد قسم السيد - الأستاذ / عمر الأمين المبارك - منارات في سماء الممارسة الرياضية .. مدادهم التجرد والإخلاص .. سلوكهم إحترام كل الناس . • غمرتني الفرحة وأنا أستمع للأخ يوسف ( يور ) حارس مرمى الهلال الأسبق الذي أشهر إسلامه بدبي وهو يتحدث مزهوا بهذا التحول .. وشاكرا الرياضيين الذين كان لهم دور مقدر في ذلك . • سررت غاية السرور وأنا أقرأ خبر إنضمام الكابتن الدكتور / محمد حسين كسلا لأسرة المشاهير وهو بحق إضافة مقدرة وكسب كبير للفكر الرياضي . • منتدى المشاهير .. تحول عن دوره الجاد كساحة لتلاقح الأراء والأفكار الى تراشق وتنابز وشيء من الإسفاف رغم وجود أساتذة أجلاء آثروا الإنزواء .. فهل نقدر للناس أقدارها ؟؟ • اليوم هو يوم الهلال ولا صوت يعلو على صوت الهلال .. كلنا معاً بهلالنا ونجمتنا والهلب وبقية العقد الفريد .. اليوم ملحمة بإسمنا جميعا فلنوسد لها القلب .
صلاح محمد عبد الدائم ( شكوكو ) [email protected]
|
|
|
|
|
|