ذكر التقرير القيّم أن بسوق النفايات الألكترونية بأمدرمان "سوق المواسير" سعر مكنة الموبايل بجنيه واحد فقط لا غير، وسعر الكيلو من الموبايلات التالفة (60) جنيهاً، وأن المصريون هم أكثر رواده، وزبائنه الدائمين، كما هناك سوق لبطاريات موبايلات مستعملة بزعم أنها أصلية، إنه سوق مواسير بحق، بكل ما تعني هذه الكلمة من المعنى السوداني، ولا ندري ماذا تفعل جمعية حماية المستلك ونيابتها في ذلك. ويقول معلم الرياضيات بإحدى المدارس الحكومية بحسب التقرير، أنه دخل "سوق المواسير" لزيادة دخله، لأن مرتبه لا يكفيه، ولذلك فإنه يأتي كل مساء بعد الدوام الدراسي ليفرش الموبايلات الاسكراب، وبيعها حتى تساعده في دخله ومصاريف أبنائه. وأنه برغم مكانته كأستاذ لم يتحسس من هذا الوضع، ويتساءل فماذا أفعل وأبنائي ينتظروني جوعا؟ فهل أسرق وأنت تعلم حال البلد؟، (والحمد لله نقوم ببيع الكفرات، والبطاريات، والسماعات المستعملة، ونخرج بمصاريف لأولادي). ويضيف المعلم: أتعامل في السوق كتاجر وليس كمدرس، ورغم ذلك أجد الاحترام ودائماً ينادوني بـ"المعلم الماسورة"، واعتدت على ذلك، وباعتبره مزاح ولا أكثر، وهذا هو حال السوق لازم نتقبل الشين والسمح لتسير الحياة. انتهى كم هو الأمر معقد، في الوصف والتشريح، والتحليل وإطلاق الحكم في هذه الحالة التي تتداخل فيها الأبعاد الإنسانية، والظروف الاقتصادية الحرجة التي يعانيها المواطن، والتي دعت معلم للرياضيات ليتاجر في النفايات الإلكترونية، وأظن بحكم تخصصه يعلم الكثير عن الالكترونيات، وصناعتها، وفوائدها ومضارها. ولكن الوضع الاقتصادي الضاغط جعله يخوض التجربه، وبكل تأكيد لم ولن يكون هو الوحيد "الماسورة" بل هناك "مواسير" كثر من الاطباء، والقانونيين، والبيئيين، ووزراء وضباط متقاعدين يعملون في المجال، ومهن هامشية أخرى. لو درى الناس أن بطارية موبايل واحدة بإمكانها أن تلوث مساحة متر مربع أو يزيد من التربة إذا ما تآكلت فيها، وتمنع انبات النبات، لما استسهلوا التعامل مع النفايات الالكترونية، والتي تصنع بمعادن ومواد كيمائية خطرة ومسرطنة، ومضرة للانسان والحيوان ولهذا السبب فإن المنظمات المعنية بالبيئة والصحة، ترفع صوتها عالياً، وتصرخ من أجل التعامل الحذر مع نفايات عصر الاتصالات والسماوات المفتوحة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة