|
المسرح الجاد/أمل الكردفاني
|
هناك مفهوم سائد عن أن المسرح مكان للضحك ؛ وأن المسرحية القوية هي تلك التي ترتفع فيها القهقهة منذ رفع الستار وحتى إسداله ، هذا المفهوم ليس صحيحا على إطلاقه ؛ فالمسرح رسالة وظل هكذا منذ تطوره من المسرح الروماني وحتى المسرح البرجوازي والتجريبي. إن المسرح هو فعل شاق على الجميع سواء الكاتب المسرحي والمخرج والممثلين وخلافه من المكونات . وهذه الجوقة المترابطة لا تعتمد فقط على فكرة الإضحاك . أو ما يسمى بالمسرح الهوليودي التجاري الذي أثار حنق كبار الكتاب المسرحيين لسطحيته وبعده عن غاية الفكر إلى غاية الربح. منذ أكثر من عشر سنوات كنت أتابع بشغف المسرح الصوتي أو الإذاعي والذي كانت تقدمه الإذاعة الثقافية في مصر . وكانت عبقريات التكوين تبدا من عمليات تلخيص المسرحيات والروايات وتشكيلها كمسرحية إذاعية لمدة ساعة واحدة فقط. أما الممثلون فكانوا من كبار الممثلين ممن يتمتعون بسقف ثقافي مرتفع . فالبناء الثقافي للممثل يعبِّق التمثيل بخصوصية الفهم والإبداع . كان عبد الرحمن أبو زهرة ، سميحة أيوب ، محمود مرسي (الذي اعتبره الملك) ، سناء جميل ، ...الخ. هم أبطال هذه المسرحيات الرهيبة في عمقها وقوتها . قدموا لهيرمان هيسة ، قدمو لبلزاك ، قدموا لأرتور ؛ قدموا لماركيز ، ... الخ. مئات المسرحيات التي كنت انتظر الساعة الثانية عشرة ليلا على أحرِّ من أجمر للاستمتاع بها. لو استمعت لزوزو نبيل ؛ لما استطعت إلا أن تتخيلها حسناء في عمر الثامنة عشر ؛ ولو استمعت لقلق محمود مرسي لما استطعت إلا أن تندمج في انفعالاته . ولو سمعت أبو زهرة .. لو .. ؛ لقد حول أولئك العمالقة المسرح الصوتي إلى طيوف ملائكية في خيال المستمع . فكان المسرح الصوتي عقارا يثير التصورات من وراء الأصوات وفرشاة ترسم على الذاكرة مناظرها السحرية. ومن هنا تعلقت جدا بالمسرح الجاد . المسرح الخصيب بالإبداع الفكري في شتى ضروب اهتماماتنا الإنسانية من فلسفة واجتماع وقانون وهندسة وتاريخ ...الخ. فلم تخل مسرحية من إضافة لشغفنا اللا متناهي بالمعرفة. الآن .. لا يجد المسرح الجاد سبيله إلى شباك التذاكر لأن الوضع الثقافي العام لا يسمح بذلك. ومع ذلك فإنني أتمنى يوما ما أن أملك القدرة المالية لإنشاء مسرح جاد . وأنا متأكد تماما بأنه رويدا رويدا وعبر النقد المتواصل سوف يكتظ بعشاقه. فإلى ذلك الحين ... (ستار) .. أمل الكردفاني الخميس29مايو2014 الساعة 5:00 عصرا
|
|
|
|
|
|