|
المخرج من عنق زجاجة الإنقاذ حتمية التغيير والإنتقال السلمي السلس للسلطة (1-2) د.صابر عابدين أحمد
|
المخرج من عنق زجاجة الإنقاذ حتمية التغيير والإنتقال السلمي السلس للسلطة (1-2)
د.صابر عابدين أحمد
طوال الأربع وعشرين عاماً الأخيرة من عمر الشعب السوداني المديد، والتي تشكل أيام حكم الإنقاذ، لم تشهد الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية أي تطور، وإنما هي سلسلة لا نهائية من الفشل الذريع، وتردي الأوضاع من سئ إلى أسوأ، وتوقف عجلات التنمية، وتوقفت في عهدها المصانع وعلى رأسها مصانع النسيج وحلج القطن، ومشروع الجزيرة، وهي من أكبر المشاريع التي كانت ترفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة، وثم توقفت السكك الحديدية، والموانئ النهرية والبحرية، والتي بها وعبرها يتم نقل المنتوج من قطن ومنسوجات وإنتاج حيواني وزراعي وأخشاب إلى كل أنحاء العالم، هكذا كان الوضع سابقاً، وأنظر اليوم إلى مآلات الأحوال، وليأتي المسؤول الكبير بعد الخمسة وعشرون عاماً ليقول إننا أنشأنا السدود والكباري من أموال البترول!! وبالرغم من أن البترول تمت دراسة إمكانية إنتاجه من عقود خلت قبلها، وما فائدة الطرق إذا تعطلت السكك الحديدية إذا ما قارناها كوسيلة نقل مع المركبات الأخرى، أما كان من الأجدر أن تنمي السكك الحديدية وتوازيها في ذات الوقت طرق النقل البري تماماً كما يحدث في أي دولة من دول العالم الحديثة. لقد عانى المواطن السوداني كثيراً منذ استقلال الدولة السودانية، وفشل نخب الأفندية في طرح برامج ورؤى للتقدم والتنمية، ولكن الفشل كان في عهد الإنقاذ (الذي يعتبر أطول فترة للحكم في البلاد) أكثر، وسمات العجز أوضح ..!! وزادت معاناة وآلام المواطنين في أيامهم العصيبة، وتردت الخدمات الصحية والتعليمية بصورة لم يسبق لها مثيل، تم تشريد آلاف العمال حتى لا يكونوا نقابات تشكل إزعاجاً للسلطات، وتم تحويل الداخليات إلى سكن خاص، رفاهية لمن يملك، وعذاب لمن لا يملك، ونرى ما يحدث لطلاب وطالبات الأقاليم وما يواجهونه من عنت في سبيل حصولهم على لقمة أكل، أو سرير يقضين فيه ليلتهن، ولذا فلقد شهدنا نسبة أكبر من إنحرافات الفتيات في عهد المشروع الحضاري نتيجة المسغبة ..!! والذي يمكن فيه لشرطي من النظام العام أن يسائل مهندسة راشدة وعاقلة إذا سقطت طرحتها عن رأسها، بل ويقدمها لمحكمة بتهمة اللبس الفاضح!! بينما إذا شاهدت واحدة من قنواتهم الفضائية لرأيت العجب، ولا أدري ما هو سبب هذه الإزدواجية. وهل سأل المسئولون أنفسهم لماذا ازدادت نسبة الإنحرافات؟ وبل أكثر الإغتصابات للبنات والأولاد اليفع؟ وللأسف من تربويين؟! وهل سأل المسئولين أنفسهم ولو لمرة لماذا صار حال المواطنين هكذا؟ ولماذا انقسم المجتمع وفئاته إلى طبقتين؟ فئة قليلة تستأثر بالثروة والسلطة والأموال المكدسة والعمارات الشاهقة والسيارات الفخمة؟ وفئة أخرى تعيش تعيش الضنك والشظف!؟ وهل استمع المسئولين مرة لدعاء الضعفاء والمظلومين والمحرومين والضحايا وهم يدعون رب العزة والجلالة على سلطة الإنقاذ؟ بل أصلاً هل تستمع سلطة الإنقاذ لصوت غير صوتها الأحادي؟ وفعلاً إذا خلع قوم مرشدهم فماذا تتوقع منهم؟ ولم يسمعوا لنصائح ذوي القربى من الإصلاحيين. ولذا فسوف يظلوا في غيهم يعمهون، ولأن الفكرة والرؤية الأساسية لهم إنهم لا يرون غيرهم أحق بالسلطة ولا يعترفون بمشاركة ولا يقرون بتمثيل سياسي غيرهم يستحق التمتع بمزايا الحكم، والإستعلاء على الشعب بالأيدلوجيا ..!! والإستعلاء بالإيمان كما يقول منظرهم سيد قطب! مَن مِن التنظيمات استمر معهم غير حزب الهندي، والذي لجأ لهم هروباً من الميرغني ..!! والآن جاءهم الميرغني نفسه ..!! والميرغني يعتقد أن القوة في السلطة؟ وما علم أن السلطة هي سلطة الشعب ..!! وقوى أخرى شاركتهم والآن هي تناصبهم العداء السافر، وحتى الحركة الشعبية شاركتهم وتماشت معهم وأخيراً أنفصل الجنوب والذي كان القشة التي قصمت ظهر البعير ..!! فلقد تردت الأوضاع الإقتصادية بعد فصل الجنوب تردياً فاضحاً، وعجزت الدولة عن الأساسيات بعد أن ذهبت أموال البترول إلى دولة الجنوب الناشئة وثم بعد حروبات جبال النوبة والنيل الأزرق أو ما يسمى بـ"الجنوب الجديد"، تم إغلاق أنبوب النفط أو التهديد بإغلاقه من كل جانب، ولهذا التأثير المباشر في تردي الأوضاع هذا ..!! ومع عدم الإنتاج الحادث نتيجة عدم وضوح الرؤى وعدم وجود آليات للإنتاج، أو مدخرات إنتاج من مواد بترولية ومواد صناعية واسمدة، نسبة للإرتفاع الكبير في أسعار العملة الصعبة وعلى رأسها الدولار مما ساهم في إزدياد الأزمة، استيراد بعض المواد والحبوب من الخارج مثل الفول المصري (أثيوبيا، سوريا، بريطانيا) والثوم (الصين)، لجأت الحكومة إلى عائدات الذهب، وفي السنون الأخيرة أزدهرت صناعة تنقيب الذهب، وبالرغم من الإعلان الرسمي عن الأرقام الفلكية للعائدات إلا أن هذا لم ينعكس على حياة المواطنين والدولة إيجاباً ..!! ففي غضون الستة شهور الماضية مر على البلاد ذات ما حدث في سبتمبر 2013، إذ قررت الحكومة الحكومة ووزير ماليتها رفع الدعم عن المحروقات جزئياً، وتماطل البرلمان في تمريرها، وبعد شد وجزب تم تمريرها، ومن ثم ارتفعت الأسعار في كل شئ، ومما عمق الأزمة تحويل المواقف في العاصمة القومية، مما شكل معاناة جديدة للمواطنين وخاصة النساء وكبار السن والأطفال، وعبئاً إضافياً مع حالة التعتيم الإعلامي من جانب وعدم وضعها ملصقات أو إرشادات يستدل بها المواطن/المواطنة الغلبانة على حكم الشديد القوي لتعرف مكان مواصلاتها، وهذا زاد من غبن وغضب المواطنين تجاه الحكومة وزاد من الإحتقان المترسب أصلاً في النفوس، وثم جاءت كارثة السيول والأمطار لتضفي بعداً جديداً للأزمة المستفحلة، وحتى أيام عيد الفطر المبارك كان كثيرين مشردين يفترشون العراء، أو يسكنون بين أطلال منازلهم وتعجزهم المسغبة عن بناء شئ، مع عجز حكومي وعدم توفير الأساسيات من خيام وغيره ورفع يد بالكامل عن مواطنيها .. والأوضاع هكذا تجئ نغمة جديدة برفع الدعم عن المحروقات مرة أخرى ياللهول..!! وبعض المواطنين اعتقد أن هذا ضرب من المستحيل أو الخيال أن تقوم الحكومة بذلك، وحتى المقربين من السلطة كانوا يستبعدون أن يتم هذا، ونصحوا الحكومة أن تتريث، ولكن كيف؟ فالحكومة أصبحت بعيدة عن الواقع الشعبي ونبض الجماهير؟ وصار بينها وبين المواطن حواجز ما صنع الحداد ..!! حاولت الحكومة إدخال البرلمان في الأمر، وعلمت أنه مادام هناك إصلاحيون فإن الأمر لن يمر، ولذا جاءت تصريحات نائب رئيس البرلمان بأن هذه الزيادات: (يمكن أن تتم بدون إجتماع البرلمان، وأنه أمر يخص مؤسسة الرئاسة)، وفعلاً جاء القرار من مجلس الوزراء، وإن تم تأجيله كم يوم كدا ..!! لأن الكثيرين إتجهوا نحو الطلمبات ليعبوا منها وثم إرهاصات لحركة إحتجاجات شعبية، هنا جاء خبر فحواه أن الزيادات قد تم تأجيلها ولم تمر يومان حتى تم تطبيقها من عشية الأحد 22\9\2013م رفع الدعم عن المحروقات، وزيادة تعرفة المواصلات وثم تلتها رفع قيمة الدولار الجمركي ..!! وعن تلك يكتب الأستاذ الطاهر ساتي عن حالة مسؤولي الحكومة والحزب في عموده "إليكم" بصحيفة السوداني عدد الأربعاء 2 أكتوبر 2013م: (المواطن المسكين بعد أن حرمته سياسة وزير المالية من كل نعيم الدنيا وحقوقها، بما فيها (حق العيش الكريم) ومن شر البلية أن يضحكك قطبي المهدي حين يبرر لإحدى لإحدى الفضائيات قرار رفع الدعم عن البنزين والجازولين قائلاً بالنص (الشعب لن يتأثر، لأنهم إما ماشين بكرعينهم أو يركبوا الدواب))، وكما يكتب عن معاناة المواطنين من تعامل الحكومة معهم: (والمحزن قبل أن تجف مآقي الناس من دموع قرار رفع الدعم عن البنزين والجازولين ها هي سياسة علي محمود تلطم وجوه الناس بقرار آخر (غير معلن) قبل أسبوع تقريباً، وزيادة قيمة الدولار الجمركي من 4,42 جنيه إلى 5,7 جنيه بنسبة تقرب إلى 30%، بل ضريبة أرباح الأعمال التي كانت 2% إرتفعت إلى 20% كل هذه الأثقال اعتباراً من يوم 25 سبتمبر الفائت وعلى كاهل المواطن أن يتحملها مكرهاً ويصطلي بنارها ثم يكظم غيظه، هذه القرارات أخطر على حياة الناس من قرار رفع الدعم عن الجازولين والبنزين وخاصة قرار رفع قيمة الدولار الجمركي إذ أن حكومتنا تستورد وتستهلك ولا تنتج وتصدر). وللأخ الطاهر نقول أن هذه ليست سياسة علي محمود يتحمل وزرها وحده، وإنما هي سياسة المجموعة الحاكمة ومجلس وزرائها، هذه الحكومة التي انعزلت عن المواطنين، وكأنها تحكم شعباً آخر غير الشعب السوداني، هذه القرارات القاسية المتعسفة، قال عنها رئيس الجمهورية أنها من أجل الفقراء ..! فكيف هي كذلك الله وحده أعلم!. ولذا وبشعور بالغضب والغبن وتراكمات الإحتقانات من صعوبة العيش وإحساس المواطنين ببعد المسؤولين عنهم وبتصريحاتهم الغير واقعية والغير متعاطفة مع الأغلبية الساحقة منهم، إندلعت الإحتجاجات الشعبية وهذه المرة ليست من الجامعة، إنما من الأحياء ومن الشباب، والخريجين والعطالى والبائسين من المواطنين والجوعى، كان يمكن أن يتسع صدر الحكومة وتتعامل بالحكمة مع المتظاهرين، ولكن تعاملت الحكومة بذات طرقها القديمة، التعامل الأمني ..!! وكانت مواجهتها قمعية معهم، وعنيفة لدرجة أوجدت ردود فعل مضادة، وثم تصريحات المسؤولين إبان المظاهرات (الضرب بيد من حديد)، وثم إعتبار كل المتظاهرين "عصابات تخريبية"، وكان يمكن أن يقال أن هنالك عناصر مخربة وسط المتظاهرين، والواضح أن الخطاب الحكومي افتقد الحكمة في هذه المقولة، لأن العناصر المخربة يمكن أن تستغل ظروف الفوضى خاصة عندما يحدث إحتكاك ومواجهة بين المتظاهرين والشرطة، فهذه العناصر تجدها خلف المظاهرة وهي تعبث بالممتلكات الخاصة والعامة، فماذا يفعل المتظاهرين هل يواجهون قمع الأمن؟ أم يواجهون المخربين؟ ماذا يفعل المواطن المتظاهر سلمياً؟، ووضح جلياً:- • أن سلطة الإنقاذ لن ولم تتراجع عن قراراتها التعسفية بشأن رفع الدعم عن المحروقات والإجراءات الإقتصادية الأخيرة، ولن تخضعها لأي حوارات أو نقاشات بغرض إثباتها أو نفيها. • أن السلطة تريد شارعاً خالياً نظيفاً لا مظاهرات سلمية ولا غيرها. • أن الحكومة لها وسيلة واحدة لمواجهة الإحتجاجات والمظاهرات وغيرها وهو أسلوبها الوحيد منذ أن تربعت على سلطة البلاد. • وفي ذات الوقت لا تريد أن تتحمل أي مسؤولية جراء هذه الوسائل القمعية. and#8195; الجزء الثاني (2) ونجد الخطاب الحكومي مرة أخرى متردداً، ولا يريد أن يتحمل مسؤولية تجاه أعداد الشهداء الذين سقطوا، وأسمائهم معروفة لدى الناس وبأي حال لا يمكن وصفهم بأنهم عناصر تخريبية أو تتبع لحركات مسلحة ..!! هنا أتت الحكومة بفرية أخرى أن من أطلق الرصاص جهة مجهولة. وفي نفس اللحظة كانت عرباتهم المدججة بالأسلحة وبالعناصر الأمنية تجوب الشوارع وتستعرض عضلات القوة، فكيف دخلت هذه القوة المجهولة ولماذا لم تصطدم بها مئات العربات المحملة بالجنود ومليشيا الكتائب؟ ثم لتقول أن هناك جهة مجهولة قامت بهذه الإغتيالات؟.. وإذا كانت تدري هذه الجهة وتركتها تعبث بأمن المواطنين فهذه مصيبة وإذا كانت لا تدري فتلك مصيبة أفدح!! ولا معنى لوجودها وقمعها للمواطن الأعزل، وفي ذات الوقت هنالك جهات مسلحة تغتالهم والحكومة لا تعرفها ..!! فهذا القول يجانبه الصواب والمنطق!! أفضل للحكومة ألف مرة التراجع عن قرارات يتضرر منها المواطن، أو أن تقنعه بلسان حالها ومنطقها بأنها معه في السراء والضراء وتتعاطف معه في محنته، بدل هذا القمع الوحشي والذي يضرب إسفيناً ابدياً بينها وبينه، وهذه التراكمات والترسبات يمكن أن تعمق في شرخ عزلتها، ويزيد من الغبن في المرة التالية، وكما أسماها الطاهر ساتي الدرس الأخير، وحينما تقوم "ثورة الجياع" فإنها لن تنتظر من الحكومة التعامل بالحسنى وبالسلم، عندها يكون قد سبق السيف العزل، فلا تتوقع غير العنف ودخول البلاد في أتون الفوضى والإغتيالات والتفجيرات وسوف تكون سابقة رسختها الإنقاذ. على الحكومة أن تكون جادة في الحوار مع القوى السياسية والتنظيمات، وحتى اشراك مؤسسات حزبها في اتخاذ القرارات الإقتصادية والسياسية، لأنه من الواضح وأصبحت حقيقة كالشمس في كبد السماء، أن هناك ململة داخل الحزب الحاكم يقودها قياديون، وعلى الحكومة أن تدير حوار سياسياً، وأن تلجأ للحل الإقتصادي والإجتماعي والسياسي، لأن الحل الأمني ما عاد مرجواً وعديم النفع، وهذه المليشيا التي تدافع عنك اليوم لن تمنع الجماهير من الوصول إليك غضباً، ومن الحكمة الإستفادة من تجربة الغير، فالحل الأمني والقبضة العسكرية لم ينجي شاوسيكو من قبل ولم ينجي سوموزا؟ والقذافي جارنا؟ وبهذه الطريقة سوف تتحول الدولة إلى دولة بوليسية قامعة لمواطنيها. وما حدث في الأيام الأخيرة وصفه الكاتب الصحفي د.عبد اللطيف البوني في عموده الراتب (حاطب ليل) بصحيفة السوداني عدد االخميس 3\10\2013م حيث قال: (الهوة بين الحكومة وشعبها قد اتسعت وأصبحت كبيرة جداً هذا إذا لم نقل أن فصاماً نهائياً قد وقع بينهما) ويواصل الكاتب النحرير: (والحال هكذا لا بد من تحرك سريع لفهم المتغيرات التي أحدثتها العشرة أيام الأخيرة التي مرت بالسودان وعبء المبادرة يوقع بحكم الأمر الواقع رغم ضيق فرص المبادرة). وليصل إلى تبدل وسائل الصراع والنضال حيث يقول: (حتى الآن فشلت المظاهرات في تغيير الحكومة وكذا فشلت في تغيير سياستها الإقتصادية المعلنة وقد تفشل الوسائل الأخرى من إعتصامات واحتشادات وعصيان مدني ولكن هذا لا يعني أنه ليس هناك وسائل أخرى غير منظورة في الوقت الحالي ولكنها حتماً موجودة في الوسط والأطراف والخارج). مع تأكيدنا أن المظاهرات السلمية والعصيان المدني والإحتجاج والغضب الشعبي قد أودى بديكتاتوريتين من قبل في أكتوبر 1964م وثم في أبريل 1985م، وكما هناك أنظمة مشابهة في الأقاليم ومناطق أخرى في العالم قد كنستها الثورات والهبات الشعبية، إلا أننا نتفق معه أن القمع والكبت لن يؤدي إلا إلى مزيد من الإحتقان السياسي والغبن، ويؤدي إلى عواقب وخيمة .. ونتفق معه أن الهوة التي تفصل السلطة عن الشعب وانعدام الثقة هو السبب المباشر لكل هذه التداعيات، لأنه لا يوجد جسور تواصل بين السلطة والشعب، ولا يمكن أن تصدر السلطة قرارات فوقية وإذا ما احتجت الجماهير وخرجت إلى الشارع يقابلها العسس بالقمع والإعتقال والتصفية، وهل يمكن أن يستمر الحال هكذا؟ فالسلطة تملك الأموال المكدسة وتصرف على آلة القمع، ولكن ألا يمكن أن يتمرد حاملي هذه الآلة في يوم من الأيام ..!! وينحازوا لجموع الشعب ولأهاليهم ..!! وكما أن السودان اليوم ليس السودان قبل ثلاثين عاماً كما في أكتوبر، فنجد أن معدلات الوعي في ازدياد والطبقات المتعلمة والمهنية في ازدياد مضطرد، وحتى المجموعات الثقافية بدأت تتحرك وراء مستحقاتها ولها مطالبها العادلة التي سوف تنجزها سلماً أو حرباً، وكما أن زلازل التغيير تمور وتفور من حولنا، والشعوب المقهورة والمقموعة تتحرك بحثاً وراء مصالحها واستنهاضاً لقيم الخير والعدالة والإنصاف، وتحقيقاً لمبادئ التمثيل والمشاركة السياسية، والتوزيع العادل للسلطة والثروة، ومقاومةً ضد تغول الأنظمة الشمولية وعسفها، وحتى ظلم الأنظمة الديموقراطية، ورأينا كيف أنه في العام الماضي قامت أعتى الإحتجاجات في قلاع الديموقراطيات الغربية ضد تحكم الأقلية في موارد وأموال هذه الشعوب مما أفرزه النظام الرأسمالي البغيض، ثم على السلطة أن تلاحظ وتميز أي عصر نعيش فيه وأي بيئة نتعايش فيها، فنحن في الألفية الثالثة حيث عالم الإتصالات التي تفوق الخيال ونقل المعلومة في أقل من الثانية.
|
|
|
|
|
|