لا أعتقد أبداً أن الباشا وزير المالية قد فات عليه أو لا يدري أن ( حِزماً ) كثيرة من أبناء هذا الشعب كانوا يتجرعون ويلات الموت مرضاً بسبب عدم القدرة على مجاراة تكاليف التشخيص و العلاج و شراء الدواء ، ذلك بالطبع قبل رفع الدعم عن الدولار الدوائي ، فهل يا ترى سيفوت عليه أن الموت السابق و الذي كان على ما يبدو فيه مهله و ( تدرج ) سيكون عاجلاً و وشيكاً و سوف لن يقبل ( المهاودة ) و لا المراوغة ، بفضل ما سيطرأ من زيادات في أسعار الدواء على أقل تقدير متفائل لن يقل عن 200 % ، أما إذا كان من روَّجوا لهذا القرار أو الإتجاه قد جعلوه يؤمن بأن صندوق الضمان الصحي سيكون الحاضن الرئيس للصدمة التي ستنتج عن هذا القرار الخطير خطورة إستئمان ولاة الأمر على أرواح الأمة و عافيتها ، فهو بحاجة ٍ ماسة لوقفة ميدانية في ردهات المستشفيات و الصيدليات التابعة لصندوق الضمان الصحي ليرى بأم عينه كيف تكون المأساة المُقنَّنه و ليتأكد من الأعداد الهائلة للأدوية و التشخيصات الهامة غير المدرجة أساساً في قائمة أدوية الضمان الصحي ، فضلاً عن كل ذلك فإن الصندوق شأنه شأن كل مؤسسات الدولة الرسمية و شبه الرسمية يُعاني من الترهل في هياكله الإدارية و الفنية بالقدر الذي يبطيء من حركة المعاملات اليومية و الملحة و العاجلة بما لا يتناسب و مضمون الموضوع الذي هو في نهاية الأمر ( إنسان مريض يعاني و يتألم في إنتظار من يرثى لحاله و يوصله لمرحلة البدأ في التداوي ) ، مهما كانت الأسباب و الدواعي يجب أن تكون حياة الناس ( خطاً أحمراً ) لا يمكن تجاوز الأسباب التي تحميه من السياسات و الخطط الإدارية و المالية ، و ليعلم الناس أن قراراً كهذا كان يجب أن يُستشار فيه عدداً كبيراً من الهيئات و المراكز الرسمية و الطوعية كديوان الزكاة و صندوق الضمان الصحي و الشئون الإجتماعية لإستكشاف كافة الإشارات و المؤثرات التي قد تدفع بمتخذ القرار إلى التريث أو التنفيذ عبر نسب معقولة و متدرجة في تنزيلها على الواقع ، إن إعتراض إتحاد الصيادلة و معظم شركات إستيراد الدواء و كثير من الجهات الأخرى المنتمية للقطاع الصحي هو في الحقيقة موقف أخلاقي مُشرِّف و يستند على فضيلة تقديم المصلحة العامة على المنفعة الخاصة ، ذلك لأنهم كانوا و ما زالوا الأقدر على تحسس حجم المشكلة و تبعاتها ، لأنهم ببساطة أي الصيادلة هم ( المحتكون المباشرون ) بمعاناة المواطن اليومية و بذلك هم الأقدر على تلمس حجم كارثية المعاناة المتوقعة في مجمل الأيام القادمة ، بعض الصيادلة يقولون أن الحكومة تتركهم في مواجهة مباشرة مع المواطن المغلوب على أمره في قوت يومه و فاتورة علاجه ، بالقدر الذي يجعل ذلك مُهِّدداً أمنياً يشكل خطراً عليهم ، و ذلك بناءاً على تجربة سابقة فجَّرت الصراع بين المواطن و الأطباء العاجزين عن تقديم خدمة طبية ( معقولة ) بسبب يقرب في معناه من غلاء الدواء و الذي تمثل في ضعف إمكانيات المستشفيات و خلوها من كافة الأجهزة و المعينات و الأدوات التي يعمل بها الطبيب ، ما الضير أن يتم التراجع عن هذا القرار الجائر رغم السلبيات و المشكلات المتوقعة تحت مبدأ ( الرجوع إلى الحق فضيلة ) و هل من فضيلةٍ أسمى من الإعانة على إستشفاء و إحياء النفس التي حرم الله إلا بالحق .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة