|
المحاولات الفاشلة (لأدلجة) معاوية محمد نور و(تجييره) حزبيا! (9 من 11) بقلم محمد وقيع الله
|
03:18 PM Aug, 30 2015 سودانيز اون لاين محمد وقيع الله- مكتبتى فى سودانيزاونلاين
تجرأ الكاتب البعثي الأستاذ عبد العزيز حسين الصاوي، على نسبة المفكر والأديب الحر، والمتسامي فوق الأحزاب جميعا، الأستاذ معاوية محمد نور إلى نمط قريب من فكر حزب البعث اليساري القومي، ذي المزاعم الليبرالية المتغربة. وقال الكاتب البعثي في مقال له بعنوان (معاويه محمد نور: علم التنوير السوداني والمصري أيضا):" تكتمل قطع الموازييك لصورة معاوية محمد نور، عَلم الاستنارة وأحد رواد الإرهاص الليبرالي العلماني العربي، إذا علمنا بانتمائه إلى (جماعة الأدب القومي) التي أسسها الكاتب والروائي المصري محمد حسين هيكل (1888- 1956) كما نُشرت معظم مقالاته في جريدة (السياسة) التي تولي هيكل رئاسة تحريرها لفترة. هذه الشخصية المصرية كانت من قيادات الفكر والممارسة الليبرالية والتنويرية المصرية، ووثيقة الصلة بأحمد لطفي السيد أبرز مؤسسي هذا التوجه ". والأخطاء الكبار التي احتوى عليها هذا النص القصير واضحة لكل من له بصر حقيقي بتاريخ الدكتور محمد حسن هيكل، والأستاذ أحمد لطفي السيد، إذ لم يكن أيا منهما قوميا بالمعنى الذي اتخذه حزب البعث أو الحركات القومية الإيديولوجية اليسارية الأخرى في العالم العربي. فقد كان الدكتور هيكل إقليميا متغربا، وإن كان أقل تغربا بكثير من وضع الأستاذ الصاوي، ثم انتهى كاتبا إسلاميا مجيدا، حيث اعتبرت كتاباته الأخيرة خصوصا (حياة محمد) و(الصديق أبو بكر) و(الفاروق عمر) و(عثمان بن عفان) فتوحا مبكرة في الفكر الإسلامي، وابتدارا لنقد حركة الاستشراق، التي كان هو نفسه قد انجرف في تيارها العارم حينا من الدهر، عرفها فيه بعُجرها وبُجرها فأصبح بعد ذلك خير ناقد بصير بها. أما الأستاذ لطفي السيد فقد قضى عمره حتى نهايته علمانيا ينعق بالتعبير عن المشاعر الإقليمية، ودعاوى النسب إلى أمة الفراعنة، والتنادي بالانقطاع عن النسب العربي، حتى إنه رفض صراحة مبدأ إعانة الشعب المصري لأي شعب عربي آخر، ولو كان في حالة حرب ومجاعة، كما حدث للمجاهدين الليبيين في نضالهم البطولي الباسل، بقيادة عمر المختار، ضد الغزو الإيطالي في عشرينيات القرن المنصرم. فالمثالان اللذان جاء بهما الأستاذ الصاوي لا يخدمان غرضه، بل ينقضانه أشد النقض. المثال الأول حاول أن يخفي حقيقة رجل أقلع عن خط التغريب، وانتمى بقوة وحمية إلى خط الأصالة الإسلامية، في وقت حرج من تاريخ الإسلام الحديث، كان من يدافعون فيه عن الأصالة الإسلامية، ويذودون عنها، قلائل جد قلائل، وهو الدكتور هيكل، رحمه الله. وأما المثال الثاني، فهو لرجل بقي طوال دهره علمانيا، ومع ذلك لم يك ذا صلة من أي نوع بالمشاعر والمفاهيم القومية العربية، بل ظل خصيما مبينا لها، وتاريخه المشين ذو النزعات الإقليمية الفظة شاهد بكل ذاك، وهو المدعو زورا أستاذ الجيل: لطفي السيد! وهكذا خانت الأستاذ الصاوي حتى الأمثلة التي انتقاها، وما ذلك إلا لأنه كاتب ذو غرض إيديولوجي حزبي، يهتبل الأمثلة، ويعتسف الأدلة اعتباطا بلا تبين ولا تبصر، إذ هو شخص عاطفي موتور، لا قضية له إلا مناوأة الإسلام، والدعوة إلى التغريب، والتخفي وراء الشعارات القومية! وأما جماعة (الأدب القومي) التي شارك فيها معاوية، ونعتقد أنه هو الذي صاغ بيانها التأسيسي، فهي أبعد ما تكون عن المفاهيم الإيديولوجية القومية العربية، خصوصا مفاهيم حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي ينتمي إليه الأستاذ الصاوي، وكان من مؤسسي خلاياه الأولى في السودان في أوائل ستينيات القرن المنصرم. إن ما قصده الأستاذ معاوية في بيان أغراض تلك الجماعة الأدبية، التي لم تلبث طويلا، هو إنهاء دور الترجمة المباشرة، وإيقاف محاولات (تمصير) القصص والروايات الأجنبية، والعمل على خلق أدب مصري خالص، يصدر عن الذائقة المصرية لا عن أذواق الغربيين. ففي منتصف عام 1930م نشر معاوية مقالا بعنوان (دعوة إلى خلق أدب قومي) مهَّد فيه لتلك الدعوة بقوله:" لا ريب أن النهضة التي تناولت جوانب الحياة في مصر والشرق العربي بأجمعه، تناولت أيضا ألوان الأدب وفنونه، غير أن طابعها، وهو طابع التقليد والنقل، كما أصاب نواحي الحياة جميعا، أصاب ناحية الأدب والفنون أيضا. بل لعله في هذا الناحية أظهر منه في غيرها. ولعلنا حين ندعو إلى أدب الخلق والاستقلال بنهضتنا نعني أكثر ما نعني ناحية الأدب والفنون، فهي الناحية التي كنا فيها حتى الآن عالة على الغرب، نعيش على آدابه القديمة، تفيض مجلاتنا وصحفنا بالترجمة عنه، ولا تبدو للأدب المحلي بادرة أو جهود في سبيل خلقه. بل لقد يعمد بعض كتابنا، وهذا ما يؤسف له، إلى تغيير بسيط في الأسماء، وتحوير في المعنى والموضوع أبسط، ويبرز للجمهور بالقطعة الأدبية أو القصة أو الفكاهة يدعيها لنفسه، مع أنك إذا رددت الأشياء إلى أصولها ألفيت هذه القطعة أو القصة أو الفكاهة ليست إلا أثرا آخر من آثار الغرب، تقدم إلى الجمهور ملفوفة في أثواب مهلهلة ممزقة يبدو منها الجثمان الأول ". (المصدر: دراسات في الأدب الحديث من آثار معاوية محمد نور، مصدر سابق، ص 27 - 28). وإذا كانت دعوة معاوية إلى قومية الأدب قد انبعثت على نحو معمم إلى أدباء وادي النيل قاطبة، إلا إنها صوبت على نحو مخصص إلى الأدباء المصريين، للفت أنظارهم إلى أن الأدب إنما هو:" صورة من صور الحياة، ومن العيب أن نضيق بحياتنا، فنلتمس تصويرها بأقلام غير أقلامنا، وأفهام غير أفهامنا، فنبدو في آدابنا، كما نبدو في صور من صور حياتنا، مرآة لا تفعل أكثر من أن تعكس الصور الباهرة الجميلة، لتشوهها بالادعاء والمسخ، غاضِّين أبصارنا عن كل ما يحيط بنا من بهر ونور، وعما وهبتنا الطبيعة ووهبنا التاريخ من جلال وروعة ". (المصدر السابق، ص 119 - 120). وقد استرسل معاوية في شرح المقصود من دعوته إلى قومية الأدب، بسبب ما شابها من غموض وما لابسها من سوء تلقٍّ، فذكر أن ليس من المقصود من هذا المفهوم:" أن نتحدث في موضوعات قومية، وإن كان هذا يدخل فيه، وليس لزاما على الأديب القومي أن يتحدث عن الحياة في الريف أو في المدن، أو في وادي النيل كله. وإنما جوهر الأدب القومي هو (الإحساس القومي)، ورُبَّ قطعة توحيها (وستمنستر أبي) لأديب مصري ذي إحساس قومي صميم، هي من الأدب القومي أعلى من عشرين قطعة عن الحياة في الريف المصري، فليس كل قطعة منتزعة من الحياة المصرية هي أدبا مصريا. وليس كل قطعة تقال عن أمور خارج مصر ليست بالأدب المصري، وإنما عبرة كل ذلك الاحساس الذي يتمثَّله الفنان، ويودعه القرطاس، كأشد ما يكون بريقا وصحة يشدُّه للإحساس المصري الصميم. فالقطعة الريفية من مصر ربما يكتبها الإنجليزي، فهي ولا شك أدب إنجليزي، وليست من الأدب الصمري شيئا. وربما يكتبها المصري ممن لم تتمثَّل فيه خصائص جنسه، وإحساس أمته، وفهمها، وترجمتها عاطفة وفكرا وشعورا، فلا تكون من الأدب المصري شيئا أيضا ". (المصدر السابق، ص 119). وكان كاتب مصري يدَّعي فهم الأدب، يُدعى يوسف حنا، قد شرح فكرة الأدب القومي شرحا مغلوطا، مدعيا أن الروح القومية لا توجد إلا في أهل الريف وحدهم، ولا يُعثر عليها لدى أهل الحواضر. وهذا ما حفز معاوية ليعيد شرح مفهومه الراقي المتقدم بهذا النهج القويم، وهو الشرح الذي يحتاج أن يرجع إليه الأستاذ عبد العزيز الصاوي، ليفهم مغزى دعوة الأدب القومي، كما نادى بها معاوية في ذلك الزمن البعيد. وعليه بعد أن يفهم معنى الدعوة كما شرحها صاحبها، ويدرك مغزاها جيدا، أن يكف عن استثمارها واستغلالها في غير ما صدرت من أجله من غرض أدبي صرف، هو أنقى بكثير، وأسمى بكثير، من الأغراض الإيديولوجية السياسية الحزبية الميتة، التي يسعى الأستاذ الصاوي لنفخ الروح فيما تبقى منها من أنقاض وأوصال وأشلاء.
أحدث المقالات
- خربشات مسرحية (2) لصوص لكن شرفاء بقلم محمد عبد المجيد أمين (براق) 08-30-15, 06:35 AM, محمد عبد المجيد أمين(عمر براق)
- كيف سجل مجلس السلم والأمن الأفريقي خمسة إصابات في شباك نظام الإنقاذ ؟ الحلقة السادسة ( 6- 7 ) 08-30-15, 06:34 AM, ثروت قاسم
- الخاء فتحا ثم ضما بقلم الحاج خليفة جودة - سنجة 08-30-15, 06:31 AM, الحاج خليفة جودة
- البرلمان السوداني و تخريفه السياسي بقلم بدوي تاجو 08-30-15, 05:02 AM, بدوي تاجو
- أنين بائعة الهوى . . في دولة الحرائر بقلم اكرم محمد زكى 08-30-15, 04:59 AM, اكرم محمد زكى
- إلى كتائب القسام في الحرب القادمة بقلم د. فايز أبو شمالة 08-30-15, 04:57 AM, فايز أبو شمالة
- الزول الوسيم: كاتال في الخلا عقبان كريم في البيت (المقال الخاتم) بقلم عبد الله علي إبراهيم 08-30-15, 01:28 AM, عبدالله علي إبراهيم
- التميزيون الصغار يمتنون على السودان الشمالي بقلم بدوي تاجو 08-30-15, 01:24 AM, بدوي تاجو
- لماذا تظلمون الأطباء (1) بقلم عميد معاش طبيب سيد عبد القادر قنات 08-30-15, 01:23 AM, سيد عبد القادر قنات
- دارفور ليس ملكأ لتجاني سيسي يا أمين حسن عمر بقلم محمد نور عودو 08-30-15, 01:21 AM, محمد نور عودو
- الإنشطارات السيـاجتماعية تهدد مصالح الجميع بقلم نورالدين مدني 08-30-15, 01:19 AM, نور الدين مدني
|
|
|
|
|
|