|
المحاولات الفاشلة (لأدلجة) معاوية محمد نور و(تجييره) حزبيا! (8 من 11) بقلم محمد وقيع الله
|
04:13 PM Aug, 27 2015 سودانيز اون لاين محمد وقيع الله- مكتبتى فى سودانيزاونلاين
في شطح مفارق لنهج العقل الراجح، أفضى الكاتب الجمهوري، الدكتور النور حمد، بخلاصة رأيه في معاوية محمد نور، فشبهه من طرف خفي، بزعيم حزبه في بدايته ونهايته قائلا:" لقد ولد معاوية ليكون شمسا تدور حولها الكواكب، لا كوكبا يتخذ لنفسه مدارا حول أي شمس من شموس وقته، بالغا ما بلغت. ولا غرابة إذن أن حمل معاوية صليبه وتابوته، لم يساوم، ولم يتراجع حتى اغترب بعقله لسبع سنوات غيبه بعدها الموت، وهو بعد في الثانية والثلاثين من العمر ". وبالطبع فليس لموضوع الصلب والصليب، الذي ساقه الكاتب، من تأثير إيجابي في وجدان المسلمين يماثل تأثيره في قلوب النصارى! فالصلب في الفهم الإسلامي ليس سوى عقاب حدي شرعي رادع، مخصص لقطع دابر قطاع الطرق الإرهابيين، وترهيب من تحدثه نفسه بسلوك مسلكهم الوخيم، ولا يوجد من بين المسلمين من يتعاطف مع المفسدين في الأرض. وبهذا فلا مساغ لكاتب كي يورد تعبير (الصلب) وهو يخاطب جمهرة المسلمين، ويستهدف جذب انتباههم وتعاطفهم الودي تجاهه. وأما إن استخدمه بشعور نصراني زائف، بدافع التقليد المحض، فإن ذلك لا ينطلي أيضا على المسلمين، ولا يتسلل إلى وجدانهم، ولا يجد تقديرا حسنا من جانبهم، لأن قرآنهم المجيد قد نفي قضية الصلب نفيا قاطعا، عندما تحدث عن نهاية سيدنا المسيح عليه السلام، وأبان أن ربه سبحانه وتعالى قد نجاه برفعه إليه من مصير الصلب! وغرام الدكتور حمد بقصة الصلب، رغم نفي القرآن الحكيم لها، غرام لا ينقضي، فهو يرشح وينضح من مقال ثان له خاض فيه في شأن معاوية، وهاجم فيه الأستاذ الطيب صالح قائلا:" ليس من السهل أن يختلف المرء مع الطيب صالح، فالطيب صالح عقل كبير، وقلب كبير، وروح كبير أيضا. وليس غرضي هنا محاكمته، وإنما ينحصر غرضي في الانتصاف لمعاوية محمد نور العبقري الاستثنائي، الذي لأمر ما حاول الطيب صالح أن يضع حصيلة تجربته الحياتية الملحمية الثرية المنتجة في جرة (الفشل) و(الهزيمة). فما ضرَّ الطيب صالح، مثلا، لو أنه قال إن معاوية قد خلق أصلا ليعيش تلك الحياة الملحمية القصيرة المنتجة، وإن ذلك النمط من العيش كان قدره الذي لم يكن يملك منه فكاكا، وإنه لم يكن يملك، بحكم المزاج المودع في بنيته النفسية، خيارا آخر سواه؟! الشاهد أن الكتاب الذين نذروا أنفسهم للتضحيات، من شاكلة معاوية محمد نور، والأستاذ محمود محمد طه، وغيرهم من حملة الصلبان والأكفان، قد ظلوا يزعجون الطيب صالح، ويؤرقون مضجعه". فها نحن مرة ثانية مع قضية الصلب والصليب، ومع مقارنة معاوية بالزعيم الحزبي المقدس لدى هذا الكاتب الجمهوري! وسنعود بعد هنيهة لنبين طبيعة مواقف الصمود المنسوبة زورا إلى هذا الزعيم الحزبي، طالما أن تابعه مصر على التنويه بها في كل شاردة، ومثابر على إزعاجنا بخبرها في كل واردة! وأما الذي حدا بالكاتب الجمهوري المتعصب للتطرق إلى ما دعاه غيْرة من جانب الأستاذ الطيب صالح تجاه معاوية حتى جعل فعل الغيرة شاخصا بارزا في عنوان مقاله (معاوية نور: هل غار منه الطيب صالح أم خشي على مواقفه منه؟!) فهو ما كتبه الأستاذ الطيب صالح بروح ودي متعاطف وغير عدائي على الإطلاق عن مأساة معاوية ونهايته الحزينة، التي عدها خيبة أو فشلا لسلاسل مغامراته العنيدة. وفي الواقع فإن ما انتهى إليه الطيب صالح في تقويمه لتجربة حياة معاوية، هو نفسه ما انتهى إليه الأستاذ إدوارد عطية من تقويم، وذلك عقب أن استعرض بالتفصيل نواحي هذه المغامرات، وكتب عنها فصلا مطولا تحت عنوان (نصر وهزيمة) قال في ثناياه:" ولكن ما أسرع ما أخذ الجسد المُهان ينتقم من صاحبه شر انتقام، فقد طغى عليه الهزال، وتفشت آثار سوء التغذية في جسده. لم يعد مردود معاوية المادي، من نشر مقالاته الفتانة المعجبة كافيا للصرف على غذائه، ولو كان من الخبز والجبن، ولم يبق ثمة رجاء أو أمل في تحسن الحال، فقد بات من المحال أن يكسب المرء رزقه في مصر من الكتابة للصحف والمجلات. ولم تتأخر العلة كثيرا، إذ هبطت على الفتى، وهو مقيم في حجرته العلوية، ولم يجد ما يكافحها به من غذاء أو دواء، ولم يجد رعاية من أحد. وما عتَّم الاكتئاب أن هاجمه، وناء عليه بكلكله الثقيل، وتبدد في خاطره، تباعا، كل ما كان يراوده من أمجاد الأدب والفن ". وقال عن رجعته الأخيرة من مصر إلى السودان في ختام المغامرة:" لكنها كانت رجعة حزينة باعثة على الشجى لتلك الروح المخاطرة التي كانت تجوب الآفاق. كانت رجعة مجللة بالفشل والعطب والرعب من مهمة استكشاف عقلي بالغ الاجتراء". (المصدر: Edward Atiyah, An Arab Tells His Story, John Murry, London, 1946, P. 173, 180).
فلا تثريب على الطيب صالح إذن إن كتب كلاما رقيقا رفيقا مماثلا لهذا الكلام، ولا يجوز تفسير ما قاله على أنه نوع انتقام دافعه الغيرة من معاوية، بسبب ميل معاوية إلى الاقتحام والمناجزة، وميل الطيب صالح إلى التصالح مع ظروف الزمان! إن لكل شخص طبعه الذاتي وطريقته الخاصة في التعامل مع ما يُحْدِق بحياته ويكتنفها من صروف التحدي، ولا يطلب من فلان أن يكون مثل علان، ولا من علان أن يكون مثل فلان، وإلا كنا كمن يتحكم في الناس ويوجههم كيف يشاء، وهذا محال! ولربما اصطنع الكاتب الجمهوري المغرض هذا التخرص العجيب بدافع الإساءة إلى الطيب صالح، الذي آثر ألا يعرض نفسه إلى غضب النميري أيام محاكمة محمود محمد طه وصدور الحكم بقتله، ولذا لم يشهر اعتراضا علنيا على حكم القتل كما فعل الكثيرون في ذلك الوقت، هذا ما لم يغفره له الجمهوريون! وقد انتهز الكاتب الفرصة كذلك لكي يردد الإشادة المكررة دوما بصمود مدَّعىً منسوب إلى زعيم حزبه المدعو محمود محمد طه. ودعوى هذا الصمود المزعوم إنما دعوى احتفائية دعائية، تساق بلا عضد، ولا يسندها برهان، كيف وقد كان هذا الشخص الغوي نصيرا لقوى الاحتلال الصهيوني، ومؤيدا لدولة إسرائيل منذ يومها الأول، وداعيا إلى التصالح معها، وغاضَّا بصره وحاجبا بصيرته عن اغتصابها لوطن الفلسطينيين، وبطشها وتنكيلها بجموعهم. وقد ظل محمود نصيرا ومؤيدا لقوى المارونيين طوال فترة الحرب الأهلية اللبنانية، التي دامت خمس عشرة سنة حسوما، حصدت فيها آلة البغي الماروني الصليبي الانعزالي الفدائيين الفلسطينيين وتكتلات القوى الوطنية اللبنانية. ومحليا ظل محمود محمد طه متعاطفا ومتحالفا ومؤيدا لحكومة النميري، ومنافحا عنها، ومحرضا لها ضد خصومه وخصومها، لمدة أربع عشرة سنة من عمر النظام المايوي. ولو طلب منا دليل حاسم على ذلك فهو هذا الدليل الذي انتزعناه من الموقع الإلكتروني للحزب الجمهوري، وقد سها المشرفون عليه سهوة كبرى فسجلوا على أنفسهم هذه الإدانة الدامغة. وذلك ما جاء في الحوار الصحفي الذي أداره الأستاذ عبد الله جلاب مع زعيم الحزب الجمهوري، الذي لم يتردد في إعلان تأييد حزبه لنظام النميري بقوله:" إن هذا العهد قد قوض نظام الأحزاب الفاسدة، وهو قد ضرب الطائفية ضربة كسرت شوكتها، ولكنها لم تقتلع جذورها، ولاتزال الطائفية قائمة في عقول بعض الناس وفي قلوبهم. ويمكن لهذا النظام أن يجد تبرير استمراره في كونه حائلا بين الشعب وبين عودة النظام الطائفي الفاسد إلي الحكم ". (المصدر: عبد الله جلاب، حوار مع زعيم الحزب الجمهوري، صحيفة (الأيام)، بتاريخ 11 ديسمبر 1972م). وفي هذا اللقاء أيد محمود محمد طه ضرب تنظيم حزب الأمة بقوة السلاح:" إن النظام الحاضر يجد تبريره الكافي في أنه منذ البداية سار في اتجاه تصفية الطائفية بصورة لم يسبق لها مثيل في العهود السابقة، ولا يمكن لهذا الشعب أن يدخل عهد كرامته ومن ثم ديمقراطيته إلا إذا تخلص من النفوذ الطائفي، وليست الطائفية تنظيما فحسب وإنما عقيدة. ولا تحارب العقيدة بالسلاح، وإن حورب التنظيم بالسلاح". (المصدر السابق) فأين الصمود وأين شرف الخصومة والشرف الفكري والسياسي من زعيم ظل يساند نظام الحكم المايوي، الذي جاء بانقلاب عسكري، قوَّض به الحكم الديمقراطي، وعطل الحريات، وسجن الأحرار من أبناء الشعب، وصادر ممتلكات الناس وأموالهم، وقتل الآلاف معارضيه قصفا بالطائرات والدبابات؟! وهذه الأسئلة وشبيهات لها إنما هي أسئلة إجبارية سنظل نوجهها إلى أسماع الجمهوريين كلما حدثونا عن صمود مزعوم لزعيمهم.
أحدث المقالات
- كيف تصبح الخرطوم.. دبي؟! بقلم عثمان ميرغني 08-27-15, 02:56 PM, عثمان ميرغني
- أمنيتك؟ مبروك !! بقلم صلاح الدين عووضة 08-27-15, 02:54 PM, صلاح الدين عووضة
- الأمية.. المأساة المنسية ! بقلم الطيب مصطفى 08-27-15, 02:52 PM, الطيب مصطفى
- دال تٌعقب بقلم عمر عشاري 08-27-15, 02:51 PM, الطاهر ساتي
- المحرقة:سكر ، قمح ، طفيليات!! بقلم حيدر احمد خيرالله 08-27-15, 06:19 AM, حيدر احمد خيرالله
- رخصة دولية للدول بقلم عمر الشريف 08-27-15, 06:16 AM, عمر الشريف
- مآلات الديمقراطية كقيمة أمريكية في مصرن بقلم عبد الله علي إبراهيم 08-27-15, 02:28 AM, عبدالله علي إبراهيم
- حكومة عنصرية للعاصمة القومية مبروك للمهمشين بقلم ادريس حامد أوهاج 08-27-15, 02:24 AM, مقالات سودانيزاونلاين
- الوسطية والانفتاح المطلوب على العالم بقلم نورالدين مدني 08-27-15, 02:22 AM, نور الدين مدني
- Blaise Kaptue Fotso الشاعر والمسرحى الكاميرونى بليز كابتو فاتو بقلم د.الهادي عجب الدور 08-27-15, 02:21 AM, الهادى عجب الدور
- الخديعة الكبري بقلم عميد معاش طبيب سيد عبد القادر قنات 08-27-15, 02:17 AM, سيد عبد القادر قنات
- أمبيكي ؟ قبض الريح وشئ من سدر قليل ؟ بقلم ثروت قاسم 08-27-15, 02:14 AM, ثروت قاسم
|
|
|
|
|
|