|
المحاولات الفاشلة (لأدلجة) معاوية محمد نور و(تجييره) حزبيا! (3 من 11) بقلم محمد وقيع الله
|
02:42 PM Aug, 18 2015 سودانيز اون لاين محمد وقيع الله- مكتبتى فى سودانيزاونلاين
للإجابة عن السؤال الذي رفعناه في ختام الحلقة الماضية، في وجه الكاتب الماركسي تاج السر عثمان بابو، عن العلاقة الغامضة التي افترضها لمعاوية محمد نور بالمادية الجدلية والصراع الطبقي، تبرع علينا الكاتب الشيوعي برد جاء فيه:" أحسَّ معاوية نور بذلك الاضطراب في الثقافة الغربية والانهيار التام للنظريات الفلسفية البورجوازية وفي الفنون والآداب..الخ، وتوجه الفلسفة نحو الروح ". وهذا قول صحيح من هذا الكاتب الشيوعي، إلا إنه قول مبهم، وليس فيه دلالة، من أي نوع كان،على نفور معاوية من المذهب المثالي الروحي، أو تبنيه للمذهب المعرفي المادي الجدلي أو غير الجدلي. وبمعنى آخر فليس في هذا القول ما يخدم غرض الكاتب الماركسي الذي يحاول عبثا جرجرة معاوية إلى قريب من إطاره الحزبي! غير أن هذا الكاتب لا يكاد يقتنع بعجزه عن اقناعنا بمادية معاوية أو جدليته، حتى يرتد قائلا إن معاوية قد وضع يده علي أزمة الفلسفة البورجوازية، وقرر أن:" هذه النهضة الأخيرة التي يقوم بها أمثال لودج، وانجتون وبلكان..الخ وأضرابهم بأن عنصر الحياة غير مادي، وإنما هو قوة وروح وحركة، وهذه الحالة الفكرية التي نعيش فيها الآن قمينة أن تفتح عيوننا لتطورات الأفكار والنظريات. أصحيح كما قال ناقد أديب اننا نعيش في عصر قد تحول علماؤه الي متصوفة ورجال دين شكوكيين". (المصدر: دراسات في الأدب الحديث من آثار معاوية محمد نور، مصدر سابق، ص 156) إذن فهذا هو المقصود من حيث الأصل من كلام الكاتب الشيوعي السر بابو، فإن لم يكن معاوية محمد نور ماديا كالماركسيين التقليديين، الذين ينكرون الروحانيات، فليكن صاحب شك في الدين والغيبيات والما ورائيات، وغيرها من حقائق الوجود الروحي. ولكن هل صحيح أن معاوية قال بهذا القول المتسائل، الذي نقله عن غيره، أم إن النص المقتطف أشار في أصله الصحيح إلى نقيض ذلك على وجه صريح؟! الصحيح أن معاوية قصد إلى عكس هذا المعنى من كلامه، ولكن قام الكاتب الشيوعي، غير الأمين، بتحريف كلامه عمدا، ليقوِّله ما لم يرد أن يقوله قط! لقد أشار معاوية، في تساؤله الذي نقله عن أديب آخر، إلى احتمال تحول رجال العلم إلى متصوفة ورجال دين (مسكونيين)، وليس (شكوكيين)، كما جاء في النقل المحرَّف لهذا الكاتب الشيوعي الذي لا أدري كيف تجرأ على تحريف نص معاصر منشور متداول بين الناس! والفرق بين الكلمتين كبير جد كبير، فالشخص (المسكوني) - في الفهم الغربي - هو الشخص (الدوغمائي) الذي لا يشك في عقائده على الإطلاق، ولا يُقبل على أي تأويل يؤدي إلى الهرطقة، بعكس الفيلسوف (الشكوكي)، أو رجل الفكر (اللا أدري) الحر. ولأصل صفة (المسكوني) بعدٌ خطير في تاريخ الديانة النصرانية، فقد عقدت المجامع المسكونية قديما بغرض التصدي للشكوك والتأويلات التي أدت إلى (الهرطقات)، أو الكفريات، كما زعموها. وأول مجمع مسكوني هو الذي دعت إلى عقده السلطة الحاكمة في نيقية في عهد الامبراطور قسطنطين، وقد انعقد لنبذ الفكرة التي نشرها الكاهن الموحِّد آريوس الليبي، والتي كانت قريبة من عقيدة التوحيد الإسلامية، التي تقول إن السيد المسيح ليس إلها، وإنه بشر مخلوق. ولقد قرر مجمع نيقية المسكوني بقوة السلطة الزمنية القاهرة معاقبة الكاهن آريوس، ودحض فكرته، وإعلان فكرة الأقانيم الثلاثة عقيدة مفروضة على جميع النصارى. فهذه هي فكرة المجامع النصرانية المسكونية التي صاغت، على مر التاريخ الوسيط، العقائد النصرانية بقوة السلطة الامبراطورية، وهي أكثر من عشر مجامع وإن كان المشهور منها أربعا فقط! وهذه المجامع لا علاقة، لها في مجموعها، بحرية الفكر، أو ممارسة الشك الفلسفي، بل كانت حربا على رجال الشك والفكر الحر! وقد قصد معاوية محمد نور من الكلمات سالفة الذكر أن انهزام المذهب المادي، وعلوِّ المذهب الروحي في عصره، قد يحوِّل رجال العلم الطبيعي إلى رجال دين مسكونيين، أي رجال دين جامدين، يؤمنون إيمانا تقليديا بمذهب السلطة، وهو مذهب معروف من مذاهب نظرية المعرفة. ولم يقصد أنهم سيتحولون إلى شُكَّاك Skeptical كما أراد أن يقول هذا الكاتب الشيوعي! ومجرد تأمل سياق قول معاوية والنظر بروِيَّة إلى مجراه العام لا يسمح بأن يُفهم منه معنى غير هذا المعنى. ولا يسمح إطلاقا بأن يُفهم منه ما أرادنا أن نفهمه منه هذا الكاتب الشيوعي عن طريق التحريف والتزييف! وجانب آخر من قلة تدقيق الكاتب الشيوعي في النقل انطوي في نسبته العبارة السالفة إلى معاوية محمد نور، وكأنه هو قائلها الأصيل. ذلك مع أن معاوية كان قد ذكر في مستهلها قوله :" أصحيح كما قال ناقد أديب: ...". فالقول ينقله معاوية إذن عن غيره، ثم يعلق عليه بما يراه، ولم يكن هو من قال به ابتداء!
أحدث المقالات
- المجلس الوطني ليس تيساً مستعاراً بقلم د. فايز أبو شمالة 08-17-15, 09:58 PM, فايز أبو شمالة
- محن السياسة السودانية رسالة إلي الخليفة عمر بمناسبة مرور عام علي انتفاضة سبتمبر بقلم حامد بشرى 08-17-15, 09:50 PM, حامد بشرى
- انتظار نتائج الفشل لايولد الامأساة بقلم سميح خلف 08-17-15, 02:58 PM, سميح خلف
- كالي Calais الفرنسية و مبادىء حماية اللاجئين الدولية بقلم د. طارق مصباح يوسف 08-17-15, 02:55 PM, طارق مصباح يوسف
- الشغَّالات الأجنبيات ومكاتب الاستخدام بقلم الطيب مصطفى 08-17-15, 02:52 PM, الطيب مصطفى
- ( مقالب ) بقلم الطاهر ساتي 08-17-15, 02:50 PM, الطاهر ساتي
- إقالة مدحت المحمود ضرورة وطنية وتنظيف للسلطة القضائية بقلم وائل حسن جعفر 08-17-15, 07:04 AM, وائل حسن جعفر
- الجهاز الإستثماري .. مستندات الصندوق الأسود (5) يطرحها حيدر احمد خيرالله 08-17-15, 06:57 AM, حيدر احمد خيرالله
- الدور المنتظر للمثقفين الأتحاديين بقلم بروفسير محمد زين العابدين عثمان – جامعة الزعيم الأزهرى 08-17-15, 06:34 AM, محمد زين العابدين عثمان
- الدين - الماركسية من اجل منظور جديد للعلاقة نحو افق بلا ارهاب الجزء السابع بقلم محمد الحنفي 08-17-15, 06:31 AM, محمد الحنفي
- كيف دخل الصادق المهدي التاريخ في يوم الأثنين 20 يوليو 2015 ؟ الحلقة الرابعة (4-6) بقلم ثروت قاسم 08-17-15, 06:29 AM, ثروت قاسم
- فى نورى تتسامي القيم السودانية بقلم بروفيسور محمد زين العابدين عثمان 08-17-15, 05:30 AM, محمد زين العابدين عثمان
- رئاسة الجمهورية وعقدة جنوب السودان بقلم د. تيسير محي الدين عثمان 08-17-15, 04:32 AM, تيسير محي الدين عثمان
- محن الشيوعيين ... وذبح الرسل 2 بقلم شوقي بدرى 08-17-15, 04:29 AM, شوقي بدرى
- الشوايقة والجعلية تدوسهم "العرب"ية (معابثة باهزوجة سودانية قديمة معدلة) بقلم عبد الله علي إبراهيم 08-17-15, 04:27 AM, عبدالله علي إبراهيم
- الإرهاب والتطرف ... أزمة مصطلحات ومفاهيم (1) بقلم جمال عنقرة 08-17-15, 04:25 AM, جمال عنقرة
- زهر الرياض ....شعر الطيب النقر 08-17-15, 04:23 AM, الطيب النقر
- الوسط المفترى عليه بقلم دكتور محمد زين العابدين عثمان 08-17-15, 01:39 AM, محمد زين العابدين عثمان
- فارس في جب الضياع– الحاج خليفة جودة - سنجة 08-17-15, 01:34 AM, الحاج خليفة جودة
- فرسان ليهم طريق – الملك آدم أركاب 08-17-15, 01:32 AM, آدم أركاب
- هل انتفاضة العبادي زوبعة في فنجان؟ بقلم عبدالرحمن الراشد 08-17-15, 01:30 AM, مقالات سودانيزاونلاين
- القبول للجامعات ظلم للوطن ولطلاب بقلم بروفيسور محمد زين العابدين عثمان 08-17-15, 01:29 AM, محمد زين العابدين عثمان
- الصنم الذى هوى بقلم نورين مناوى برشم 08-16-15, 10:43 PM, نورين مناوى برشم
- المحاولات الفاشلة (لأدلجة) معاوية محمد نور و(تجييره) حزبيا! (2 من 11) بقلم محمد وقيع الله 08-16-15, 10:40 PM, محمد وقيع الله
- النظافة الشخصية والعامة بقلم عواطف عبداللطيف 08-16-15, 10:38 PM, عواطف عبداللطيف
- من أجل سلام السودان واستدامته بقلم نورالدين مدني 08-16-15, 10:36 PM, نور الدين مدني
- ان انسى لا أنسى (1) بقلم د. عبدالكريم جبريل القونى 08-16-15, 10:34 PM, عبدالكريم جبريل القونى
التنمية مقابل التهدئة تساؤلاتٌ مشروعة بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي 08-17-15, 10:50 PM, مصطفى يوسف اللداويلابديل للديمقراطية إلا الديمقراطية بقلم نورالدين مدني 08-17-15, 10:03 PM, نور الدين مدنيالهدنة الحمساوية بقلم سري القدوة 08-17-15, 10:00 PM, سري القدوة
|
|
|
|
|
|