الماركسية ومسألة اللغة في السودان تلخيص وتقرير جعفر خضر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 01:32 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-03-2016, 03:32 PM

جعفر خضر
<aجعفر خضر
تاريخ التسجيل: 12-01-2014
مجموع المشاركات: 203

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الماركسية ومسألة اللغة في السودان تلخيص وتقرير جعفر خضر

    02:32 PM March, 03 2016

    سودانيز اون لاين
    جعفر خضر -
    مكتبتى
    رابط مختصر

    تلخيص لكتاب عبد الله علي إبراهيم ونقاش حوله

    لم يستند تباين الآراء واختلاف وجهات النظر على أساس إثني ، هذا هو الجميل في النقاش حول الكتاب ؛ لكن المدهش أن ذوي المرجعيات الفكرية يسارا ويمينا قد اتفقوا على الاختلاف مع لب الكتاب تقريبا ، بينما اتفق غير المنتمين سياسيا مع جوهر الكتاب ، وقد يكون محض مصادفة ذلك الذي حدث في نقاش مجموعة "شروق جنوب" ، إحدى مجموعات قراءة من أجل التغيير التي يشرف عليها منتدى شروق الثقافي بالقضارف ، لكتاب (الماركسية ومسألة اللغة في السودان) لمؤلفه د. عبد الله علي إبراهيم ، الجمعة الماضية بقاعة عدن . وكانت قد صدرت نسخة سرية من الكتاب في سبعينات القرن الماضي ، إبان الحكم المايوي ، ثم أصدرت دار عزة للنشر والتوزيع طبعة أولى من الكتاب عام 2001 .

    وقال الكاتب الدكتور عبد الله علي إبراهيم في مقدمة الطبعة الأخيرة 2001 "هذا كتاب نشرته في السبعينات 1977 خلال تفرغي للعمل الثقافي بالحزب الشيوعي 1973 ـ 1987 في سلسلة اخترت لها اسم (كاتب الشونة)" ، وأضاف الكاتب "تعرضت لسياسة اللغة (أي صيغها في الدستور والتعليم والمحاكم وغيرها) في ملابسات التنوع الثقافي للبلد الذي حركت ساكنه اتفاقية أديس أببا بين الحكومة المركزية والجماعات القومية الجنوبية 1972م وتطبيقاتها اللاحقة . ولا بد لغرض من هذا القبيل أن يشتبك مع الاستعلاء الثقافي للجماعة العربية الشمالية المسلمة (الجلابة) المنسوب إليها الاستفراد بالحكم منذ استقلال البلاد 1956 . ونشأ هذا الاشتباك من أن فرح هذه الجماعة بخصائص مقدرة ومعروفة في العربية مثل توفر الأبجدية والعالمية ووفرة الأدب المكتوب قد أعماها عن حق اللغات غير العربية (وهي 150 لغة في تقدير قديم) في خدمة حاجيات تعبيرية متفاوتة لدى أهلها" . وزاد "هذا الكتاب النواة الأولى للجنس الكتابي الذي يعرف حاليا فتح الأرشيف السري للثقافة العربية الشمالية المسلمة (الجلابة)" والذي أكثره شفاهي ويسعى للتأجيج والسياسة وقد "حمى الكاتب من هذه السقطة الخلقية منهج ونية" في "حوار جدي مع مزاج ود العرب .. ليحرر نفسه بإخذائه وإحراجه وإخجاله أمام نفسه بينما يتجه أدب كشف المستور الحالي إلى تحريره بإخذائه وإحراجه وإخجاله أمام العالم ، وشتان بين المنهجين" .. "منهج كتابي هو "الثقة في ود العرب في تحرير نفسه بنفسه لأن له من الأصول الثقافية والإنسانية الدقيقة ما يلهمه طريقا سويا إلى وطن سوي" .. وقال "خالطت الكتاب ماركسية مستفحلة" و"منهج سجالي هجائي" وطالب القارئ بأن "ينفذ إلى أصل مسألة الكتاب" .

    سأبدأ بتلخيص الكتاب وأعمل على أن أنفذ إلى أصل مسألة الكتاب ، ويجيء بعد التلخيص النقاش الذي دار حول الكتاب في مجموعة "شروق جنوب" للقراءة .

    تلخيص الكتاب:

    احتوى الكتاب على تقديم مطوّل في التعريف ب"كاتب الشونة" وملابسات صدورها ، ثم مقدمة تصدرها ما ورد في "حول البرنامج" ـ آخر كتابات عبد الخالق محجوب 1971 ـ والتي جاء فيها بالنسبة للتجمعات القومية والقبلية الأكثر تخلفا وفي ما يختص بالثورة الثقافية الديمقراطية :

    · لا بد من التشجيع الفعلي للنمو الحر لثقافات هذه المجموعات .

    · ولن يكون هناك نمو فعلي إلا إذا : أ) بعثت لغات ولهجات هذه المجموعات وعَمَدت الدولة الوطنية الديمقراطية بجدية إلى تشذييب تلك الأدوات والتوسل بها في التعليم . ب) أن تصبح هذه الثقافات جزءا من المكونات العضوية للثقافة السودانية .

    وذكّر الكاتب بمطالبة حسن الطاهر زروق ممثل الجبهة المعادية للاستعمار في البرلمان السوداني الأول 54 ـ 1957 ب"ألا نعلم اللغة العربية ولا الدين الإسلامي في الجنوب لأنهما غريبان على أهل الجنوب" وأورد أن الجبهة المعادية للاستعمار قد أقرت الحكم الذاتي حلا لمسألة الجنوب 1954 وأن النشرات التي قامت بنشرها ـ إبان اضطرابات 1955 ـ قد ترجمت إلى لغة الزاندي ووزعت على كثير من الزعماء وموظفي الحكومة والأهالي .

    صدر إعلان 9 يونيو 1969 كفاتحة للسياسة الرسمية لسلطة انقلاب مايو تجاه الجنوب ، والتي أعطت شعب الجنوب الحق في أن يطوّر ثقافاته وتقاليده في نطاق سودان اشتراكي . واعتبر الكاتب الإعلان علامة فارقة وتطوّر نوعي ، وقال أن جوزيف قرنق ـ القيادي بالحزب الشيوعي ـ شُغل بمسألة اللغة في الجنوب ، وطلب من مستشاره دراسة صلاحية لغة الدينكا لتكون لغة قومية للجنوب وإمكانية اختيار أكثر من لغة لذلك .

    وأفاد الكاتب أن حملة تعريب اللغة بالثانوي 1965 وما بعدها بقيادة الحركة الديمقراطية وسط المعلمين لم تكترث لوضع اللغات المحلية في المناهج الدراسية بأي حيز كان أو مقدار . وبذلك تحول الموقف التقدمي من التعريب إلى شوفونية لغوية ، حين تجاوز التعريب نطاق مدارس الذين لغتهم الأم هي اللغة العربية ، إلى الآخرين المالكين للغات أخرى .

    لعله من قلة الحيلة ألا يصدر المؤتمر القومي للتعليم (أغسطس 1969) بشأن لغة التعليم في الجنوب بأكثر من التوصية باتخاذ اللغات المحلية بحروف عربية كوسيط للتعليم في السنتين الأول في مدارس المناطق الريفية بالجنوب وأن تحل العربية مكانها ابتداء من السنة الثالثة . والتوصية بصورتها هذه ارتداد غير منتظم للسياسة التعليمية الاستعمارية تجاه مدارس الغابة ، ولا تغيير فيها غير حلول العربية مكان الانجليزية .

    لا خلاف في أن المكون الثقافي لجماعاتنا القومية /القبلية غير العربية هو أقل العناصر وعيا بذاته في عملية اليقظة القومية لتلك الجماعات . وهذا لا ينفي بالطبع مساهمة ذلك المكون السلبية أوالإيجابية ، المباشرة وغير المباشرة ، المفصحة أو المطنطنة ، في تلك اليقظة . ولهذا سلّم المتنورون من ممثلي تلك الجماعات بالسيادة المفردة للعربية ، لما بدا لهم ، أنهم حفظة ثقافة أقل شأنا و"رطانة" آيلة للاندثار .

    إنّ الوضع اللغوي في السودان: حسب إحصاء 1956 ـ حيث كان عدد السكان أكثر من 10 مليون نسمة ـ كما يلي: 51% يتحدثون اللغة العربية ، 17.7% يتحدثون اللغات النيلية (11% لغة الدينكا) ، 12.1% يتحدثون بالغات غير العربية في وسط وشمال السودان ؛ مما يعني أن السودان منطقة تعدد لغوي ، ومنطقة إزدواج لغوي ـ كذلك ـ بالنظر إلى لغة الدينكا بجانب العربية .

    وقد فاقمت السياسة اللغوية للاستعمار والفئات الاجتماعية التي تعاقبت على الحكم من فداحة هذا الوضع البالغ التعقيد . انضافت إشكالات سياسية وإدارية بفرض اللغة العربية لغة رسمية للدولة . ثم جاء إعلان 9 يونيو 1969 كأول إقرار رسمي بذلك التباين فيما يتعلق بشمال وجنوب البلاد بوجه خاص ، إلا أنّ انحراف مايو المعجل يمينا والمتوج بردة 22 يوليو 1971 ، ألحق بذلك الإعلان تشويها أخرجه من ملامسته الفذّة للواقع الموضوعي .

    جاء في الفصل الثاني من اتفاقية أديس أببا ، والمفترض زورا أنها امتداد لإعلان 9 يونيو ، أن اللغة الرسمية في السودان هي العربية مع اعتبار الانجليزية لغة رسمية لإقليم جنوب السودان ، ودون المساس باستعمال أي لغة أو لغات أخرى قد تخدم ضرورة عملية أو تساعد على أداء المهام التنفيذية والإدارية للإقليم بطريقة فعالة وعاجلة .

    ثم جاء دستور 1973 كأبلغ شاهد على انقطاع سلطة الردة عن روح إعلان 9 يونيو . فلم يقف الدستور عن إعلان العربية لغة رسمية فحسب ، بل لم يسمح في بنوده بأية مساحة للغات المحلية حتى في حيز التنويه . وكان من الطبيعي ألا يخرج مؤتمر التعليم بجوبا (1972) بشيء ذي بال في مسألة لغة التعليم ، فقد اعتمد اللغات المحلية للتعليم في السنتين الأولى ، وقصر المجلس الانتقالي العالي للجنوب التوصية على المناطق الريفية! . وطالب جوزيف أودوهو ـ وزير التعليم بالإنابة في حكومة الإقليم الجنوبي بعد اتفاقية أديس أببا ـ بأن لا يضيع التلاميذ وقتهم في تعلم اللغات المحلية! .

    إن الصفوة الجنوبية عازفة تماما عن لغاتها المحلية ، فقد دعا الكاتب الجنوبي المميز المرحوم سر أناي إلى استخدام اللغة السواحيلية كلغة قومية في الجنوب لأفريقيتها ولميزات أخرى يراها ، ثم مجّد سر أناي نفسه الصيغة التي توصلت لها اتفاقية أديس أببا بأن تكون اللغة الانجليزية لغة رسمية للإقليم الجنوبي .

    أقام القوميون الجنوبيون الدنيا حول خصائص إقليمهم الزنجي ، وأشعلوا حربا أهلية طوال 15 عاما ، وحين آل إليهم أمر الجنوب اتضح فراغ مزاعمهم حول تلك الثقافة الزنجية ، واضطهادهم للغات المحلية كأميز عناصر تلك الثقافة وكوعائها الأتم .

    استند الكاتب على أفكار لينين الذي يرى أن اللغة الرسمية تتنافى والديمقراطية "المنسجمة" وأكّد أن

    احتياجات التبادل الاقتصادية ستقرر بنفسها أي لغة للقطر المعني هي في صالح الأغلبية ، وأن ما لا نرغب فيه (لينين) هو عنصر الإكراه . ومن ثم تعرض الكاتب لأفكار الدكتورين سعيد محمد أحمد وسيد حريز وآخرين ، الذين تجسد فيهم نمط "ود العرب" كتجسيد للخيلاء القومية . فسعيد محمد أحمد يسمي اللغات السودانية لهجات ، في حين أن اللغة هي ذلك النظام الكامل من الأصوات والنحو والقاموس ، بينما اللهجة تنويع أو آخر في أحد عناصر اللغة الثلاث .

    وينحو سيد حامد حريز كباحث في مسألة اللغة من هذا الشعار الشوفيني حين يقول "إن فرض لغة على آخرين ليست عملية طبيعية وخطوة لا مناص منها ، ولا تمر بها معظم الدول متعددة اللغات وحسب ، بل هي ضرورية أحيانا" .

    ويدعو سعيد إلى اللغة الرسمية ويرى هو وآخرين أن اتخاذ العربية لغة رسمية يؤدي لتوحيد الوطن . ويقول الكاتب لقد حمَل "الجلابي" اللغة العربية إلى الجنوب منذ 1878 ووزع مفرداتها وصيغها مع بضائعه .. وسيستمر الأخذ بالعربية في حركة الهجرات والتزاوج الماثلة بين كيانات شعبنا . ولسنا بحاجة إلى اعتساف هذا التطوّر الحر الموضوعي بصيغ دستورية .

    ويؤكد الكاتب لم يعد إنشاء أبجدية مكتوبة لأي لغة بالأمر الخطير أو المستغلق على علم اللغة ، وقد اختارت الصومال الأبجدية الرومانية لكتابة لغتها . ولقد دحض علم التاريخ في أفريقيا خرافة الارتباط الذي لا فكاك منه بين الحس بالتاريخ والتدوين ، وتأكّد أنه لا توجد لغة بدائية البتة ، فعند هنود التيرا ديل فيوقو قاموس به40 ألف كلمة لإحدى لغاتهم .

    وقال الكاتب حين تصبح اللغة العربية لغة الدولة الرسمية تصبح لغة للمحاكم ، وأضاف أن لي من التجارب مع المتهمين في جرائم القتل من المواطنين المتحدثين بلغات غير العربية ما يزيدني اقتناعا بأن اللغة الرسمية في المحاكم ليست غير مصادرة لحق الفصاحة عند أولئك المتهمين الذين يعرضهم سوء أدائهم بالعربية إلى ضعف ملحوظ في الدفاع عن أنفسهم .

    جوانب من الصراع اللغوي في السودان:

    كان مؤتمر الرجاف 1928 هو الجناح اللغوي في حملة فصل الجنوب ضمن سياسة الاستعمار البريطاني اللغوية ، حيث تم فرض اللغة الانجليزية في الجنوب ، وتقرر بناء جبهة في وجه اللغة العربية بخلق مجموعات لغوية بأبجدية موحدة . وإذا اضطروا لاستخدام اللغة العربية فيجب استخدامها بأبجدية رومانية ، وهذا أشبه بسياسة الأرض المحروقة في المعارك العسكرية . وسن الاستعمار قانون المناطق المقفولة 1929 لإبعاد الجلابي ، وتم إخلاء المنطقة على طول بحر العرب ، وأزيحت قبيلة الباندا دنقو جنوبا ، وأزيلت مدينة كافياكنق التجارية الإدارية من الوجود لقيامها كنقطة التقاء للجنوبيين والشماليين .

    ورغم ذلك لم ينجح الاستعمار في استئصال اللغة العربية ، ثم نفض الاستعمار يده عن هذه السياسة ـ لاحقا ـ نتيجة نضال الحركة الوطنية .. لم تنتصر العربية لمزايا كامنة فيها ولكن لأنها أداة التبادل الاقتصادي .

    يقول عالم اللغة بروزناهان : لا شيء في دراسة اللغة يزكي أيا من الخواص الداخلية لتلك اللغة ، خواص الأصوات أو النحو أو القاموس حتى يرجح لها التأثير الغالب في تحديد تاريخها الخارجي . فعلى أهمية هذه الخواص في بعض الوجوه ، فإن التأثير الذي تحدثه على استخدام تلك اللغة يذكر بالكاد وهي في موضع المقارنة مع التأثير الذي تحدثه الأدوار المتداخلة للقوى الاجتماعية والسياسية والعسكرية .

    وفي معركة تعريب مناهج التعليم الثانوي 1965 ، ونتيجة اتخاذ العربية لغة رسمية ـ تم شن حرب صليبية على اللغات الأخرى . كان تعريب المرحلة الثانوية نتيجة لنضال حركة المعلمين الديمقراطية ، وطَرَح مؤتمر معلمي المرحلة الثانوية 1965 التعريب وهدد بالإضراب ، وقد بدت استجابة الحكومة لمطلب التعريب كمؤامرة صامتة ، في عصر الشوفونية والقومية 65 ـ 1969 . إن تحبيذ اللغة العربية على الانجليزية كوسيط للتعليم لا ينسحب تلقائيا على اللغات المحلية ولا يبرر الإنصراف عنها . ولا نرى رسمية اللغة العربية دستوريا ، وإن استتباب اللغة العربية كوسيط للتعليم في مناطق غير المتكلمين بها واقع تاريخي وليس قدرا تاريخيا ، فهو ليس الكلمة النهائية .

    كُتبت التبداوي (لغة البجا) بأبجدية رومانية منذ أوائل القرن التاسع عشر ، وتطورت الهنقارية في القرن التاسع عشر وأضافت مقدار 10000 كلمة في أقل من عقد من الزمان ، وقد انبنت تلك الإضافة في الأساس على جذور اللغة الهنقارية .

    وتتسم بقية الحجج التي تدعو لفرض العربية بتعسف ومحدودية ، يقولون إما أن تسود اللغة العربية وتزهق كل لغة محلية أخرى ، أو العكس؟! والأمر ليس كذلك وأن فرض العربية سيصيب التماسك الاجتماعي في الصميم . ويُحتج بأن اتخاذ العربية يفتح للطالب الجنوبي متابعة تعليمه في الشمال ، ولكن هذا بسبب ضعف البنية التعليمية في الجنوب وهذا ليس سرمديا . ويستصعب البعض تجهيز مقررات ب50 لغة ويرى أن ذلك مكلف ، والمشكلة تكمن في أن نلغي مستقبل وطننا البالغ التنوع والتعقيد خشية تجاوز بنود الصرف ، أي أن يصبح الفقر مسلمة لا فكاك منها .

    ويعترضون بأن التلاميذ الذين لم تتخذ لغتهم ـ كلغة تعليم ـ يضطرون لتعلم 3 لغات : اللغة المحلية الأخرى ، العربية ، الانجليزية ؛ وهم في سنين تكوينهم الأولى مما لا يستقيم وأصول التربية . هذا اعتراض مقبول شريطة أن تستبعد الانجليزية بحيث تدرج في موقع ملائم ، مع الوضع في الاعتبار أن اليونسكو أوصت ان يبدأ كل تلميذ بلغته الاصلية .

    كما أنّ الطريق ليس مفروشا بالورود ، فإذا كنا أمام خيارات وضحايا ، فلا أقل من الخيار المتطابق مع الديمقراطية "المنسجمة" .

    وقدم الكاتب في نهاية كتابه عدة مقترحات ومخارج بأن:

    1/ تقرر اللغات المحلية كمواد للدراسة كل في بيئة المتحدثين بها ، وأن يضطرد تطويرها حتى تحل محل العربية كوسيط للتعليم مرحلة إثر مرحلة. مع الإبقاء على العربية كمادة من بداية السلم التعليمي . ومن شأن العلم وحده ، واعتبارات سياسية وتربوية ـ لا يمكن التنبؤ بها الآن ـ أن يحددا اللغات المحلية التي ستعتمد كوسائط مستقرة للتعليم .

    2/ أن تأخذ الأسبقية المميزة في هذا التجاه لغة الدينكا التي يتحدثها 11% من السكان . وأن ندرج في هذه الأسبقية كل لغة ذات ثقل سكاني ملموس .

    3/ تطوير اللغة العربية لتتلائم مع أصوات اللغات المحلية الأخرى . وأن ننمي إمكانات الأبجدية العربية بالقدر الذي يؤهلها لترمز للأصوات التي ليس أصلا فيها والموجودة بتلك اللغات .

    4/ أن يكون لطالب محو الأمية الخيار في تعلم لغته المحلية أو العربية .

    وختم بأن ليس من صلاحية أي كائن أو جماعة أن يبشر باسئصال لغة في عصر الأنوار الاشتراكي .

    وأن الاشتراكية ترث أفضل ما في الديمقراطية البرجوازية في مسألة اللغات وتستعين بالعلم والوفرة لكي تتخطى بقايا الحزازات القومية . وأن كل لغة تكره على الغياب عن هذا الكونشيرتو ستتحول إلى الاغتياب والنميمة ، بل والحرب فقد كان بدء اضطرابات 1955 ببرقية بلغة الأشولي.

    وقد حوى الكتاب أفكار لاحقة من ضمنها حيثيات في أحداث 2 يوليو 1976 التي سمتها صحف حكومة مايو ب"أحداث المرتزقة" ، حين تم تجريد السوداني المتحدث بعربية غرب السودان من جنسيته واعتباره مرتزق ، لا لشيء سوى لهجته العربية المختلفة .

    نقاش مجموعة "شروق جنوب" حول الكتاب:

    قال الأستاذ خالد عبد الله عثمان /معلم أن الحفاظ على اللغات السودانية وتطويرها كنز للسودان ، وقال متأسفا أن لغة أهله في طريقها للانقراض . وأضاف ليست المشكلة في اللغة العربية وإنما في فرضها ، وأن احتقار اللغات الأخرى هو المشكلة ، وزاد أي رطانة فيها غناء وشعر وقصص ، وعارض تعريب الجامعات ، ووصف إدعاء العديد من القبائل بالانتماء إلى العباس بالمشكلة النفسية .

    ومن جهته قال الأستاذ فؤاد إدريس /معلم أن خصوصية اللغة العربية تنبع من أنها لغة الدين ، وشدد على أن العربية ليست عرق وإنما لغة ، وأكّد أنه لا يؤيد تحديد لغة رسمية ، وأن لغة الاقتصاد ولغة العلم هي التي تسود ، ولكنه دعا إلى دمج المتحدث بالتبداوي بدلا من عزلته ، ورأى أن العربية تؤدي إلى ذلك الدمج . وقال فؤاد إذا لغتي حاضرة وانا ممثل في الدوائر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فأين المشكلة؟ . وزاد أن عبد الخالق محجوب أخذ طرح لينين دون أن يراعي الفوارق الثقافية ، وحذّر من تحويل الصراع السياسي إلى صراع ثقافي .

    وقال الأستاذ وجدي خليفة/موظف أنه لم يجد المنهج الماركسي في الكتاب ، وأضاف كيف يمكنك أن تدرّس ب150 لغة ؟ ونحن ليس لدينا دستور أصلا لنتجادل عن لغته الرسمية ، وتساءل من ذا الذي فرض اللغة العربية على المجتمع ؟ ينبغي ألا نتوهم عدوا ونبني عليه مواقفنا . وأضاف الذين يقولون بتهميش لغاتهم ، هم أنفسهم لا يعملون على نشرها ، وقال أن الأمر ينطوي على أغراض سياسية ، وزاد أنه ضد تعريب الجامعات الذي أضاع الانجليزية مثلما أضاع العربية .

    وقال الخريج عبد الرحمن محمد عبد الله أنه مولع باللغة العربية ، وأكد على أن التدريس باللغة الأم مهم ، ووصف القول بأن من يتحدث اللغة العربية هو عربي ب"الكلام الساي" والتدليس ، ونبّه إلى أن بعض الكتاب يحرضون ضد اللغة العربية ، التي يكتبون بها ، مما اعتبره وميض نار ودعوة للفتنة .

    من ناحيته قال الأستاذ محمد محمود/موظف المشكلة في أن فرض اللغات يؤدي لفرض الثقافات ، وواستدرك لكن لا خيار سوى استخدام اللغة العربية التي يرشحها الواقع لتكون لغة الدولة ، وتساءل المشكلة شنو ؟ .. وشدد على ضرورة أن تكون هنالك لغة واحدة للدولة ، هذا لا يسلب الحق في التكلم باللغات الأخرى ، ولكن عند الحديث عن الدولة فالوضع مختلف ، وأكّد أنه شخصيا في بيته لا يتكلم العربية إلا لماما وأن 90% من كلامه بلغته الأم . وقال يمكن أن يبدأ التدريس باللغة الأم في البداية ثم يتم الانتقال إلى اللغة العربية ، وتساءل لماذا لا تكون هنالك قناة مخصصة لللغات السودانية الأخرى .

    وقال محمد محمود أن لغة "ود العرب" التي استخدمها الكاتب ليست لغة ماركسية ، وأنّ أحاديث الكاتب عن استعلاء "ود العرب" لم تكن عميقة وشواهده من قائع 1976 كذلك ، وأضاف في فترة ستالين وبعدها كانت هنالك مشكلة قوميات في الاتحاد السوفيتي .

    من ناحية أخرى قال الأستاذ عبد الرحمن محمد علي/تاجر أن الكتاب بُذل فيه جهد مقدر في موضوع مهمل ،ولكن هنالك تشويش بسبب مواقف الكاتب . وأن الطرح الذي يعطي اللغات حقها يفضي إلى الديمقراطية الحقيقية ، وزاد اللغة العربية مؤسسة وشبه مفروضة ، ويجب أن نعرف لغاتنا ونتأسف لعدم معرفتنا بها ، وقال الإشكال يكمن في عدم احترام اللغات الأخرى التي يسخر منها الكثيرون ، وشدد على ضرورة توفير بيئة تساعد على نمو اللغات .

    ومن جهة أخرى قال الصحفي عبد اللطيف عوض الضو أن حرية الاخر ليست نهاية حريتي بل شرط حريتي ، وقال أن هنالك ترسبات من الماضي ، لذا لا بد من دراسة الواقع التاريخي والتمرحل في حل المشكلة بتذليل الفروق بتحقيق المساواة ، وقال أن واقع الانقسام يتفاقم يوما بعد يوم ، وكان التعايش هو السائد في ما مضى .

    يلاحظ أنّ نهاية النقاش مالت إلى المفاضلة بين العربية والإنجليزية في الجامعات منتصرة إلى الإنجليزية ، وتم إلى حد ما تهميش اللغات المحلية . وقد بدأت الحرب الأهلية لأسباب عدة من ضمنها تهميش اللغات المحلية لتنتهي الحرب بمحاصصة سلطوية في 1972 واستمرار تهميش اللغات ، وها هي دولة جنوب السودان الآن تهمّش تلك اللغات . ورغم أن جل القوى السياسية ترفع شعار الانتصار للغات السودانية الأخرى إلا أنها لا تصدر أيّا من وثائقها بهذه اللغات مما يشكك في جديتها في هذا المضمار .

    إننا نحتاج حقا إلى أن ننظر إلى اللغات السودانية بحب واعتزاز ، وأن نراها كنزا يغني ويثري التنوع السوداني الفريد ، وأن نبدأ بتدريس منهج اللغات السودانية من مرحلة الأساس وإلى الجامعة بما يعرّف بتلك اللغات ، ويحبب التلاميذ فيها ، ويعلم مبادئها ، مع التأكيد على حق التدريس بها . وتُرى متى تفتح الإذاعات والفضائيات السودانية التي تملأ الأثير أبوابها للغاتنا السودانية ؟ .

    أحدث المقالات

  • يوم فى حمدنالله وطريق فى المتاهة!! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • الهروب بقلم صلاح الدين عووضة
  • يا أمريكا ارحميني بقلم عبد الباقى الظافر
  • استغاثة التجار الشماليين في الجنوب بقلم الطيب مصطفى























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de