|
المؤتمر الشعبي شايت وين..؟! - بقلم يوسف الجلال
|
خمّن الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر، أنه لابد من مُعايرة مدى جودة الانتخابات التي ينتوي المؤتمر الوطني إجراءها غضون الشهور المقبلة، فقام – تبعاً لذلك - بإدخال الانتخابات في نسختها المرتقبة، إلى مختبر التقييم، فوجد أنها مُصابة بداء "النقصان".
هكذا إذن، فقد تيّقن كمال عمر بأن الانتخابات المقبلة ستكون معيبة ومعلولة، وأنه لا فائدة مرجوة منها، طالما أنها ستكون معزولة، ومُحاصرة بالمقاطعة من القوى السياسية ذات التجربة الراسخة. ثم إن "عمر" خلُص إلى أن الأجواء العامة لا تشجع على قيام الانتخابات. لذا جزم بأن حزبه لن يكون طرفاً فيها. بل إن "كمال" مضى - في سبيل الحيلولة دون قيام الانتخابات - إلى أبعد من ذلك، ودفع بمقترح مثير، مُلخّصه، أن يتم التمديد لرئيس الجمهورية والهيئة التشريعية، من خلال إجراء التعديلات اللازمة التي تُشرّعِن لذلك..!
حسناً، فمقاطعة المؤتمر الشعبي للانتخابات لم تعد أمرًا مخفياً، أو رهيناً للأضابير والأدراج السرية. فقد جهر أمينه السياسي بموقفهم الداعي إلى تأجيل الانتخابات، إلى حين قيام "الحوار الوطني". لكن هل نما إلى علم المؤتمر الشعبي الذي يبدو حريصًا على الحوار الوطني، ولا يبدو حادباً على قيام الانتخابات، أن "الحوار" الذي يطرب له ولا يزال يصر على المشاركة فيه معيب ومعلول، ومُصاب بذات الداء الذي أصاب الانتخابات..!
وإذا قام "كمال عمر" بإدخال الحوار الوطني - في نسخته الحالية المعزولة – إلى مختبر التقييم، سيجد أنه مصاب بداء "النقصان" أيضاً. وهذا يعني أنه يتوجب على كمال عمر أن يعي أن قرار مقاطعة الانتخابات، لن تكون ذات قيمة، في ظل المشاركة في الحوار الوطني، لجهة أن هناك أحزاباً "ديكورية" سترسل مرشحيها للمفوضية، للتقدم بأوراق ترشحهم في الانتخابات. بل إن جماهير تلك الأحزاب - على قلتها وعدميتها - ستصطف أمام صناديق الاقتراع، لتبيع للمؤتمر الوطني شرعية زائفة يحتاجها. بمعنى أن هناك أحزاباً يمكن أن تؤدي دور "المحلل الانتخابي"، الذي يوازي ذات الدور الذي يؤديه "حزب الترابي" في الحوار الوطني المعزول، أو حوار (من حضر..!).
خلاصة الأمر، أنه لا جدوى من قيام انتخابات مرفوضة من قبل أكثرية القوى السياسية الفاعلة، بما فيها الأحزاب التي ارتضت الدخول في الحوار الوطني، لأن قيامها لن يكون سبباً في إنهاء الأزمة السودانية. إذ أن تطبيب الجرح السوداني يحتاج إلى وصفة علاجية مكتوبة بمداد الإجماع، ولا يحتاج إلى روشتة فوقية أو منقوصة. وبالمقابل لا جدوى من قيام حوار وطني لا يضم كل المكونات والتشكيلات السياسية المدنية والمسلحة.
ظني، أنه يتوجب على المؤتمر الشعبي أن يتفطّن إلى أن الحوار الوطني والانتخابات مثل طرفي حبل مشدود، سيكون من العسير الامساك بهما في توقيت واحد. إذ أن إجراء الانتخبات في توقيتها المعلن، سيُلغي فاعلية وجدوى الحوار الوطني. أما قيام الحوار الوطني، فسيلغي ضرورة إجراء الانتخابات في توقيتها المعلن.
|
|
|
|
|
|