|
اللا مبدئية السياسية في مجموعة الطيب زين العابدين! بقلم: محمد وقيع الله (1)
|
اللا مبدئية السياسية في مجموعة الطيب زين العابدين! بقلم: محمد وقيع الله (1) في الحوار المرتجل الذي أجرته الأستاذة عفراء فتح الرحمن، ونشرته صحيفة (الجريدة) بتاريخ الحادي عشر من هذا الشهر، اتضحت ملامح أكثر من ملامح ما سميت الحركة الوطنية للتغيير، والتي تنبأنا لها منذ إعلانها الأول بالفشل الكبير. وقد أدلى كبيرها البروفسور الطيب زين العابدين بمعلومات غريبة في هذا اللقاء الصحفي، الذي كان من مزيته أنه كان حوارا مرتجلا كما قلنا، وكانت صياغته في أكثر نواحيه باللهجة العامية. لذا لم يتمكن صاحبه في غضونه من إخفاء نقاط الضعف الكبرى في مشروعه، الذي سماه حركة حوار كرَّة، ودعاه مشروعا لحزب سياسي جديد كرَّة أخرى! وكنت قد شرعت في نقد هذه الحركة المريبة فور إشهار أصحابها لها، وقلت إنها مشروع حزب سياسي جديد ليس غير. وقلت حينها: أحيانا يبدو لي أنه لا أحد أذكى من أحد بين القادة السياسيين الحزبيين السودانيين! وخاصة أولئك الذين ينسلخون من الأحزاب القديمة، ويتجهون إلى إنشاء أحزاب سياسية جديدة خاصة بهم، وكأنما هذا عمل سهل ميسور ممكن. ومن هؤلاء الصحاب الذين اتجهوا أخيرا إلى إنشاء الحزب السوداني السبعين أو التسعين. ويا ليتهم سموه بالحزب السبعين أو التسعين. فذلك خير وأهدى من أن يسموه بحزب التغيير. فهذه الكلمة متى وردت في القرآن الحكيم وردت بصفة ذم ومعنى سلبي! فقد وردت في (الأنفال) و(الرعد) بمعنى زوال النِّعمة! وإلى آخر ما قلت.. وإنما سميت حركتهم حزبا، لأنه لم تخف على المقاصد الحقيقية المخفاة، التي لم ينصوا عليها في ذلك الإعلان، وهي مقاصد تكوين حزبي لهذه المجموعة التي تتوشح بوشاح الفكر، وتستبطن إنشاء حزب سياسي تتزعمه. وفي غير هذا الحوار اعترف البروفسور الطيب أن حركته التغييرية ربما تحولت إلى حزب سياسي فور أن يهبط عليهم التمويل. وريثما يعثروا على الكوادر المدربة التي تدير الحزب. أي إنهم يريدون أن يحصلوا على تمويل جاهز يأتيهم في شكل صدقات أو قرابين. ويريدون أن يعثروا على كوادر جاهزة تتطوع بالعمل الوطني تحت إمرة هؤلاء المفكرين وتوجيههم. وقد عجبت لهؤلاء القادة، وأكثرهم أساتذة علوم سياسية، أن جنحوا لمثل هذا الضرب من التفكير الصغير. فمن كبرى مهام الأحزاب السياسية، وهؤلاء العلماء السياسيون يعرفون هذا قبل غيرهم، أن تقوم بإنشاء الكوادر وتربيتها وتدريبها، وتقديمها للشعب وللوطن كي تخدمه بإخلاص. ولا يُتصور ولا يُنتظر من حزب واعد جاد أن يعفي حزب نفسه من أداء هذه المهة الشاقة التي لا محيص منها والتي تتطلب وقتا طويلا وجهدا كبير ولا ينتظر منها عائد وشيك. ولا يُتصور ولا يُنتظر من حزب واعد جاد أن ينتظر قدوم هذه الكوادر لتترامى عنده من مدارات أخرى. والمدارات التي تنتظر جماعة التغيير إياها أن تتسلل إليها منها الكوادر ليست سوى الأحزاب والكيانات السياسية الأخرى. فكأن هذه الحركة المريبة تريد أن تسلب الأحزاب الأخرى إطاراتها وكوادرها التي جهدت في إنشائها وتربيتها وتدريبها. فهي تريد أن (تشلَّع) الأحزاب الأخرى، ولاسيما الأحزاب الكبرى من كوادرها، وأن تستخدم هذه الكودار في حربها واكتساحها. وقد اتضح اضطراب أفكار مؤسس الحركة وتناقضها في تقديمه لنفسه في حال على أنه إسلامي، وفي حال آخر على أنه من حال آخر. ففي بدء الحوار أوحى بأنه يريد أن يستدرك على تجربة الإنقاذ الإسلامية بما يصححها ويصلحها فقال: " الحركة الوطنية للتغيير هي مشروع فكر فيه أولا بعض الإسلاميين نسبة لاعتقادهم في فشل تجربة الإنقاذ بعد أكثر من ربع قرن في الحكم قادتنا إلى طريق مسدود بما اتهم إسلاميين والسلطة الحاكمة وصلت باسم الإسلام والإسلاميين إلى الحكم فإنه من مسؤوليتنا محاولة إصلاح الوضع لذا بدأنا في معالجة فشل الإنقاذ ". فهو يقدم نفسه ولعله يقدم بذلك بطانته المتمحورة حوله بهذه الصفة الإسلامية. ولكنه بعد قليل يكاد يتخلى عن هذه الصفة، فيقول إن جماعته الحالية وحزبه اللاحق لا يصران على موضوع الشريعة الإسلامية من حيث المبدأ. وهذا ما انبثق من قوله العجيب:" نحن الآن في معيتنا مسيحيين مثل القسيس إسماعيل من جبال النوبة وعبدالعزيز حسين الصاوي البعثي المعروف. فهذه التعددية ستفيد في حل المشكل السوداني رغم ما به من تعقيد، وأزيدك من الشعر بيت. صحيح المؤسسون الأوائل إسلاميون، لكن رفضنا إدخال الشريعة الإسلامية في أطروحاتنا الأساسية ويمكن أن تطرح في مرحلة لاحقة بعد التلاقي الوطني وبعد الفترة الانتقالية ". ثم قرَض بيتين آخرين من قريض السياسة الجاف فقال:" أولا: تطبيق التجربة الإسلامية في السودان لم تكن ناجحة وغير جاذبة. ثانيا: نحن نطمح لجمع كل التيارات السياسية بما فيها اليساريين وغير المسلمين فأول ما نَخُتْ حاجة مثل الشريعة الإسلامية بوضوح (هل يريد ان يَخُتَها بالدس يا ترى؟!) لا نتوقع البتة أن هذه التيارات والكيانات ستتفاعل معنا. ثم هنالك مرحلة لاحقة لهذا الائتلاف وهي أن الأحزاب السياسية ستظل موجودة بما فيها الإسلاميين وحتى بعض الإسلاميين مثل أنصار السنة والجهاديين وغيرهما لذا نحن لم نأتِ بالمختلف عليه ". فكأن استبعاد الشريعة الإسلامية وإلغائها ليس من الأمور المختلف عليها في نظر الدكتور وشيعته من أقطاب اليسار الإسلامي؟! حقا إن إلغاء الشريعة الإسلامية واستبعادها ليس من الأمور المختلف عليها لدى اليساريين السودانيين، وهم قوم قليلون. ولكن إلغاءها واستبعادها أمر مرفوض من قِبل المسلمين السودانيين، وهم ليسوا قوما قليلين. ثم ما هذه المثالية الافتراضية غير العقلانية التي يريد حزب الطيب زين العابدين أن يتعامل بها مع جماعات (أصولية) مثل جماعة أنصار السنة المحمدية والجماعات الجهادية وهو يعلن أن تطبيق الشريعة ليس من برامجه الأولى ولا الأخيرة؟! فإن أرضى حزب الطيب زين العابدين اليساريين بمثل هذه التنازلات فلن يُرضي بها الإسلاميين. بل يبقى بعض الشك يتسرب من إمكان أن يرضى اليساريون بتنازلات الطيبيين! فحتى هذه المحررة اليسارية المسكينة التي أجرت الحوار مع البروفسور قد سارعت بالمزايدة عليه في هذا الموضوع الحساس. والمزايدة السياسية، كما هو معروف بالبداهة، خلق مذموم من أخلاق العلمانيين اليساريين السودانيين، لن يتخلوا عنه طائعين، حتى ولو تخلى عنه وعنهم صاحبه وصاحبهم إبليس! وقد تحلَّبت شهية للمحررة للمزايدة الرخيصة المعهودة فتحفزت وواجهت البروفسور بطلب جديد قائلة: " عدم إدراجكم الشريعة الإسلامية توقعت أن يكون جاذبا للتيارات المغايرة، لكن تظل الحقيقة ماثلة وهي أن المؤسسين إسلاميين هذه وحدها أليست كافية لخلق قلق من تشابه النهايات؟" وإذن فلابد من إقصاء الإسلاميين عن الحزب الجديد. وآنها تنازل البروفسور ونفَح المحررة ببيت قصيد جديد فقال: " لو كنا اكتفينا بالمؤسسين الإسلاميين ما كنا نادينا الناس الآخرين وأنا بقول ليك معانا غير مسلمين وهم مؤسسون ونحن ما غرضنا حزب إسلامي ". وفي العبارة الأخيرة بيتُ القصيد وحبُّ الحصيد!
|
|
|
|
|
|