الرباطابي دخل على مرتو وقال ليها: شفتى ولدك (خايب الرجا) سوّا شنو؟ السِناحي شرد من المدرسة، عشان خايف من الدّق.. أُمبارح قالوا لي شافوهو مِتغزِّي وسط الدايرة وراتِب للسوط! الأم إتحرقت من قولة إنو جناها (خايب رجا). ردت عليه: ــ إنت أكان فتحت ليهو الدرب، كان زماان شقَّ طريقو! ــ افتحلو الدرب، واللّا أحسن أرمي ليهو الصّاجات؟ الدرب ما تراهو فاتح. سمع الإبن (النَّهَرِي).. التقط شيئاً من مساخات تتعلق بمستقبله المهني والسياسي.. ما أن رآه أباه على عتبة الباب حتى ترك ردحي الأُم جانباً، ووجه له سهام الكلام: ــ إنت تبقى راجل متين، بدل ما تتحاوم لي فى بيوت العُرُوسات زي الكودِّي، ما كان أحسن تمرق، تمشي الدهب!؟ زولك ما كضّب، رزم بُقجتو وراسو عديل، مشى محطة السكة حديد، أيام كانت للسودانيين محطات سكة حديد! ركب المحلي تسطيح وسافر، لكنه مع الأسف، أدلى ببعض التصريحات لأصحابه قبل ركوب القطار: ــ أنا داخلنى حلف، تانى ما أرجع البلد دي.. يا موت مال أحمر، ياموت أحمر! طاف أودية الدهب، وغشي وادي الحُمار، بحثاً عن دقَلول الدهب، ولِقى الحِكاية ما جايبه حقها، بعد تحويش الشركات الحكومية للحقول الواعدة.. قال أحسن يمشي الدامر، يشمشم هِناك ويشوف ليهو شغلانة فى مشاريع مؤسسة الشمالية الزراعية، أيام كانت للسودانيين مشاريع! فى الدامر غلبتو العيشة.. اشتغل طيّاني ما نفع.. إشتغل عتّالي ما نفع، فقال أحسن يبيع الطعمية في المحطّة، أيام كانت للسودانيين محطّات! بعد شهرين من بيع الطعمية، تمكّن من تجميع حق التذكرة، ووصل بالتالي إلى محطة بحري الحرارية.. نزل من القطار، كابسْ كابسْ، لحدي ما وصل لبعض معارفه فى الخرطوم. قبل ما يأخد تكْيَتَو في الديوان قال:أنا البلد دي، عُودي فيها عُود مرا! ليته اكتفى بهذا التصريح ولم يدلق أمامهم المزيد من التهريطات.. سألوه: شن داير تسوِّي؟ ــ أنا داخلنى حلف، إلا أدخُل الحكومة! الجماعة جرجروهو ليك فى الكلام: تدخل كيفن، وعشان تسوي شنو، والدخلوا قبلك عملو شنو؟ جرجروهو فى الكلام لحدي ما قال إنو (داير يدخل عشان يقلِبا)! و غايتو، المناصير يعجبوك فى تلقيح الكلام.. الخشَّامة شالوا كلامو، صُرّة فى خيت ، وصلوهو البلد وأسمعوه لأبيه قِدّام الناس: ( قالوا ولدك داخل فى حَلِفْ)! كان الرباطابي ممغوس يسمع المناوشات بخصوص حلايف ابنه بتغيير النظام.. يسمع ولا يستطيع أن يقول شيئاً.. حتى الرعاوية فى (البَرَوِّدْ) كانوا يسألونه كلما ظهر فوق جدول الجنّابية: ( يا ود بابكير، الولد ما مِنو خبر)..وبعض القطيمين من الرباطاب، كان يوغل فى التندر، فيسأل بصوت عالٍ فى بيوت المناسبات: (ود بابكير، إن شاء الله الليلي تكون سمعت نشرة الأخبار)! يا زول، الحكاية دي ضايقت الرباطابي شديد، وعلى ما أوتي من فصاحة، كان لا يعرف مع كلام الناس ، صرفاً ولا عدلاً. دارت الليالي، وسنة ورا سنة، سنتين وعشرة وعشرين..... بعد زمن عاد الابن إلى دار منصور، مُتشنِّط بالميري.. استقبلته أُمه بالزغاريد، فانتهرها ود بابكير: ــ زغِردِيلو سمح ، دحين ولدِك دا، مو قال ماشي الخرتوم عشان يقِلبا! تذكّر الإبن قولته التى لا تُغتفر، فقال لأبيه: إنت يا أبوي، قالوا ليك الحكومة دي (قصَّابية)، واللّا (أبَقة)!؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة