يتحدثون همسا عن قرية منسية ترقد في حضن الصحراء .. عن أناس يعيشون في الظل .. حذرون حد العزلة .. غامضون كالقصص التي تروى عنهم .. كأنما عناهم العالم الفرنسي الأمير (لوي دبروي) حين قال: ( هناك أناس لاتملأ منهم العين يعرفون أكثر مما نعرف .. ولكننا لانراهم .. وهم حريصون على ألا يرونا .(
جغرافيا تقع (القرب) شرق منطقة سيدون وتعرف أيضا ب (القداد) وهم مجموعة من البشاريين فرع من قبيلة البجا .. تقول الأسطورة أن (كوكا) حفيد (بشير) جد البشاريين كانت له إمرأتان .. أم علي ( أم البشاريين ) .. وأم ناجي ( أم النباتات والحيوانات ) .. وعندما قرر كوكا الرحيل من الحياة إمتزج بالجبل (جبل علبة) وصار جزءا منه .. حتى يكون قريبا من أبناءه .. وذلك يفسر سر إرتباطهم الشديد بالمناطق التي نشأوا فيها ( مناطق الأجداد) .. وتقديسهم لجبل علبة .
شح المعلومة وتحفظ الكثيرين ونصائح البعض لي بعدم الخوض في الموضوع بحجة أن أولئك القوم بارعون في علم السحر ولايحبون الخوض في شئونهم .. كل ذلك كان دافعا كبيرا بالنسبة لي للمضي قدما وإزاحة بعض ركام الغموض حول المنطقة .. من الروايات التي سمعتها أنه يستحيل دخول الغرباء للمنطقة بعد المغرب أو مغادرتها إلا بإذن من الشيوخ .. بل ذكر البعض أن المنطقة تختفي بعد المغرب وتصبح غير مرئية حتى طلوع الفجر .. كذلك يروى عنهم مقدرتهم في التأثير على الأشياء عن بعد .. تعطيل سيارة أو طائرة أو قطار .. حيث لايستطيع البص مغادرة المحطة إلا بعد حضور الشخص المعني وقس على ذلك .. تعج المنطقة ب(الفقرا) تلاميذ الشيخة (كتوتاي) أشهر معالجة بالمنطقة وخليفتها (عاشة كيرا) .. وعورة الطريق وصعوبة الوصول إلى المنطقة لم تثني البعض عن الذهاب إلى هنالك طلبا للعلاج بعد أن أعلن الطب عجزه وقلة حيلته .
هذا كل ما حصلت عليه شفاهة وليس كل الحقيقة .. عن مجموعة سودانية ترفض أن يوثق لها أحد أو يقترب كثيرا من عالمها الخاص .. سعيدة بموقعها على هامش الحياة .. أكثر ما يزعجها الأضواء وفضول الغرباء .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة