(1)إن الضمير البشرى تُحركه عادة الحالات الإنسانية وهى الفطرة السليمة لدى جميع البشر والتى قوامها الوحدة العُضوية فى الإحساس بالأخر والشعور بحاله وظروفه ، ففى حالات المجاعة أو تفشى مرضُ معين أو فى حالة الكوارث الطبيعية فالتعاضد الإنسانى هو الذى يسود! والتفاعل بين شعوب الأرض هو الذى يتم ! ذلك لأن الإنسانية لا تتجزأ ! وحين يتعلق الأمر بمساندة شعبك ومجتمعك الذى تنحدر منه وتنتمى إليه هنا يكون تقديم العون والمساعدة دينُ مستحق! وواجب مفروض! وعُرفُ لايسقط بل هى خدمة مُلزمة واجبة النفاذ . (2)الأوضاع بالمعسكرات فى شرق السودان فى غاية الصعوبة فالبيئة غير صحية والبيوت تكاد لا تقى ساكنيها حر الصيف وبرد الشتاء ! فالمياه بالطبع ليست نقية فضلاً عن صعوبة الحصول عليها + مشكلات التغذية ، المستشفيات غير مؤهلة من حيث إنعدام الكوادر الطبية المتخصصة وإنعدام الدواء ومُعدات الكشف وأدوات التحليل ، هذا يعنى ببساطة بأن حياة الناس هناك مُهددة والمعسكرات مليئة بالمرضى من كل الأعمار وبمختلف الأمراض ! وقطعاً جميعنا يعلم ذلك فمُعظمنا تربى فى تلك المعسكرات وعاش ، ويجب علينا أن لا ننسى من هم فيها وينبغى علينا تناسى الخلافات السياسية وأن نقف جميعاً خلف كل عملٍ يتم تقديمه لأهلنا فى المعسكرات، ولعل القافلة الطبية قابلتها بعضاً من هذه الإشكالات فالعمل الإنسانى يُفترض فيه التجرد لخدمة الإنسان ومن المعيب جداً أن تشترط بعض الكيانات الطلابية المشاركة فى القافلة بأن يكون فى يدها كامل الصلاحيات إدارةً وإشرافاً ومتابعة وتوضع بين يديها الميزانية أو لا تشارك ! مؤسف جداً أن يصدر هذا من جهات يُفترض فيها الولاء للخدمة حتى دون مشاركة إدارية أو إشرافية طالما فيها تخفيف لمعاناة أهلهم فى معسكرات اللجوء فمتى ترتقى مفاهيمنا من أجل الغلابة المحرومين. (3)بمبادرة من المنتدى الإرترى للتغيير بدأ جمع التبرعات للقيام بقافلة طبية تغطى معسكرات اللاجئين بشرق السودان وساهمت الجاليات الإرترية فى كل من أميركا وكندا وإستراليا والخليج بمساهمات مُقدرة دلت على إحساساهم بمعاناة أهلهم فى المعسكرات وكانت منظمة الشباب الإرترى بكندا فى المقدمة بإسهامٍ مُعتبر وتجاوبٍ مُقدر، هذا وقد بدأت القافلة الطبيبة عملها بتاريخ 10 ديسمبر وستستمر حتى ال 20 من الشهر الجارى بمعدل يومين لكل معسكر عدا الشجراب وستشمل كل من المعسكرات التالية :معسكر أم قرقور – معسكر كيلو 26- معسكر الشجراب- معسكر ودى شريفى ، تحوى القافلة أطباء متخصصون وصيادلة ومشرفين إداريين ومتعاونين من المراكز الصحية والمستشفيات بتلك المعسكرات وقامت القافلة بعلاج 750 حالة فى معسكر أم قرقور بالكشف والتشخيص وتقديم العلاج للمرضى وتقديم متبقى حصة المعسكر من الدواء للصيدلية بالمعسكر، واقامة محاضرة صحية وتقديم ورقة توعوية للوقاية من الأمراض وتوزيع عدد (4) كرسى متحرك للمعاقين ووجدت القافلة ترحيباً كبيراً وحفاوة من سكان المعسكر وأشادوا بمستوى الخدمات العلاجية التى تلقوها من القافلة وذكروا بأنها من أميز القوافل التى مرت بالمعسكر!وبنفس القدر وبذات الطريقة قامت القافلة بعلاج (1800) مريض بمعسكر كيلو 26 خلال يومين كاملين ومن الأهمية بمكان الذكر بمشاركة مستشفى مكة للعيون بالقافلة بمعسكر كيلو 26 حيث تم التعاقد معهم وعملت على تقديم العلاج والكشف وتقديم النظارات مجاناً للمرضى وتم عمل يوم مفتوح لمرضى العيون بالمعسكر.وفى معسكر الشجراب قامت القافلة بعلاج 700 مريض يومياً خلال ثلاثة أيام وعلاج 700حالة من مرضى العيون وتوزيع 400 نظارة خلال يومٍ واحد بالمعسكر وستتجه القافلة غداً إلى معسكر ود شريفى لتقدم خدماتها لمدة يومين بذات الطريقة التى قدمتها فى المعسكرات الثلاث وسيكون اليوم الختامى للقافلة بها . (4)القافلة الطبية التى إنطلقت قدمت وستُقدم حتى يوم 20 ديسمبر خدمة طبية مُتميزة كانت بجهد ذاتى مُقدر من الأرتريين وعلى رأسهم الشباب وهنالك جنوداً مجهولين قاموا بالكثير بل صنعوا بصمة النجاح والتميز للقافلة إداريين وأطباء ومشرفين وصيادلة وداعمين وعلى رأس هؤلاء يجب أن نُقدم الشكر أجزله للمنتدى الإرترى للتغيير وإدارييها وأعضائها الذين لم تفتر لهم عزيمة ولم تلن لهم قناة حتى أستوت القافلة وأكملت جاهزيتها وأستعدت للإنطلاق رغم العقبات التى واجهتهم والتى إعترضت طريقهم لكنهم أثبتوا جدارتهم فى الصمود والتحدى ساعدهم فى ذلك خُلوص النية والإصرار ولهذا فهم الآن أكثر سعادة وحمداً لله ممن يتلقون الخدمة لأن جهودهم تكللت بالنجاح ، وعبر هذه السانحة نقدم شكرُ خاص لمنظمتى التيسير الخيرية ومنظمة أراها الخيرية على إشرافهم على القافلة الطبية فى السودان وبذلهم جهداً مُقدراً فى حلحلة الإشكالات التى إعترضت القافلة فلهم كامل الشكر والتقدير ولكل من ساند ودعم وشارك بالقافلة وعمل على إنجاحها لهم من الجميع فائق الشكر والإمتنان .(5)إن تنظيم القوافل الصحية لتقديم الرعاية للمحتاجين مهم جداً لأنها فرصة لتلقى العلاج المجانى والفحص ، وتبعث روح الأمل فى الناس وتجعلهم يحسون بأن هناك من يحس بمعاناتهم ويجتهدون فى رفعها وهو جانب معنوى مهم لدى الإنسان حيث تمنحه القوة للتحمل ومغالبة الظروف والمرض وهذا بالضبط مافعلته قافلة المنتدى التى إنطلقت تحت شعار(الصحة للجميع وبالجميع ). ولكن على الرغم من أهمية القوافل الطبية لكن تظل خدمات القوافل مؤقتة لهذا يجب أن نُفكر جميعاً فى خلق وتوفير خدمة طبية مستمرة بالمعسكرات عبر عمل مراكز صحية مكتملة أو مستشفيات تُحسن من الوضع الصحى وتُوفر الأساسيات من الدواء والعلاج والتحليل ويجب أن نُدرك بأن هنالك مرضى يحتاجون إلى متابعة وتحليلٍ مستمر ، هذا يفرض علينا جميعاً البحث عن منظمات طبية أو إنسانية تُساعد فى توفير أبسط المطلوبات لأهلنا بالمعسكرات بصورة دائمة ، ختاماً أقول لشرفاء المنتدى الأرترى للتغيير ولجميع الشباب بالمهجر عليكم بالمضى قدماً فى سبيل الغايات التى ترونها مُقدسة حتى مطلع الفجر الذى لا محالة آت .بقلم : محمد رمضانكاتب أرترى[email protected]أحدث المقالات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة