|
الغاء الاحتفاء بذكري عيد الاستقلال في عهد "الاستغلال" / محــمود علي
|
الغاء الاحتفاء بذكري عيد الاستقلال في عهد "الاستغلال" / محــمود علي
لا اعرف السبب المقنع الذي جعل هذا النظام الدكتاتوري الفاشي المستبد من ان يغض الطرف عن الاحتفال بذكري هذا اليوم المجيد .. إلغاء أثر هذا الحدث التأريخي الذي كان من المفروض ان يكون سانحة لغرس الروح الوطنية في اعماق الاجيال القادمة وتذكيرها بماضيها العريق .. يمثل خيانة وطنية عظمي لا تغتفر ..
يا هؤلاء .. كيف سولت لكم انفسكم ان تعبثوا بتاريخ ومكتسبات هذا الشعب الابي الي هذا الحد!!
ذكري يوم الاستقلال .. انه ذاك اليوم الذي عشقناه وتفاعلنا معه منذ نعومة اظافرنا .. وما زالت الذاكرة تختزن الكثير من الاحداث الجميلة من الماضي عن هذا اليوم العظيم .. اتذكر عندما كنا تلاميذ صغار .. كنا نكاد نطير من الفرح الذي يغمرنا عند قدوم هذا اليوم الجميل .. انه يوم 1 شهر 1 .. انه يوم عيد الاستقلال
كانت الطوابير الطلابية تملأ الشوارع مصطحبة بالاناشيد والاغاني الوطنية الملهمة .. متجهين نحو الميادين الاحتفالية التي كانت تبذل الدولة وقتها وجهدها لاعدادها وتجهيزها للاحتفال بهذا اليوم المجيد كنا نستنشق روائح الحس الوطني من الهواء الطلق دون ان يملي علينا احد .. وكانت المدن تخرج باكملها .. رجالها ونسائها .. كبيرها وصغيرها شيوخها واطفالها .. تخرج في هذا اليوم الكرنفالي بالوان زاهية وشعارات جميلة .. مرددين الهتافات والاناشيد الوطنية (اليوم نرفع راية استقلالنا .. ويسطر التاريخ مولد شعبنا) واناشيد اخري جميلة وملهمة ..كنا نقضي يوما جميلاً ممتعاً منذ بزوغ الشمس الي غروبها .. حيث كنا نستمع الي خطب الساسة في الفترات الصباحية .. وفي فترات مساء ذات اليوم كنا نتجه نحو الميادين الشعبية التي تعمها الرقصات (النقاقير .. والرقيص الشعبي .. والمسارح الترفيحية التي كانت تقام علي الهواء الطلق)
كل هذه المظاهر الجميلة كانت من اجل زرع البهجة والفرحة في نفوس الناس وتذكيرهم بما سطره اجدادهم من بطولات بالامس .. والله العظيم انه كان يوماً جميلاً مليئاً بالاحداث الرائعة .. الناس في هذا اليوم كانوا يتماسكون ويتكاتفون ويهنئون بعضهم بعضا .. كنا حقيقة نشعر بان العلم الذي نحمله بين ايدينا هو الذي يوحدنا بالفعل .. الناس كانوا لا يعرفون الكراهية ونبذ الاخر كما هو اليوم .. القبائل كلها كانت تنصهر فيما بينها في الميادين لتخرج لوحة جميلة يطرب الناظرين ويجدد فيهم روح الاخوة والمحبة والاحساس بالحب للوطن
والان فجأة .. كانما توقفت دورة الحياة .. او كانما انقلبت الدنيا رأس علي عقب!!
لا احتفال بذكري يوم عيد الاستقلال .. ولا حتي قداسة لروح لانسان السوداني الذي يحاصره الموت والجوع والفقر من كل الاركان .. النظام يحصد ما استطاعت الته القتالية حصده من ارواح .. وبزرع الفتنة بين الناس يحصدون ما تبقي من ارواح .. وخارطة الوطن كل يوم في شكل جديد .. تتجزء وتتقطع عند كل حين واخر .. ولا احد يأبه لصرغة الوطن المكلوم لإستغاثته من المارد اللعين الذي يتغلغل في جسده .. والحكام باتو كالذئاب الضالة .. يكشرون انيابهم الحادة علي كل من يعترض طريقهم المنحرف .. همهم هو جني الاموال وحصد الثروات لا غير .. والناس لم يكونوا كالناس الذين نشأنا تحتهم وتعلمنا منهم روح التاخي والتسامح .. والجو لم يعد كالجو المعافي الذي ترأرأنا فيه..
يا الهي ماذا اصابنا؟؟
الهي انت اعلم منا بما يجري .. فندعوك باسمك الاعظم ان تفك اسر هذا الشعب .. وان تعيد لهذا الوطن مجده وقوته .. وان تنشر السعادة والمودة والتالف والتماسك بين شعبه ..
وان تزيل عنهم روح التنابذ والتناهر .. وان تزيل عنهم هذا الوحش الذي يجسم علي صدورهم لقرابة الربع قرن من الزمن .. وان تصون كرامتهم ولا تسلط عليهم من لا يرحمهم ولا يخافك يا رب.
محــــمود
|
|
|
|
|
|