كان الإحساس بالعجز حاضرا حينما دخل المهندس أربكان الى دار حزبه في المرة الاخيرة..الزعيم الثمانيني كان محمولا على كرسي متحرك احد مساعديه يحمل جوال من الأدوية التي يحتاجها الزعيم في كل وقت..أربكان يرفض تمرد التلاميذ ويرميهم بالعمالة لإسرائيل والغرب..رغم ان جميع الناس في تركيا يعتقدون ان المهندس العجوز هو الأب الروحي للإسلام السياسي في تركيا رغم ذلك لم يحرز حزب السعادة نتائج تذكر في الانتخابات الاخيرة ..فيما نجح التلميذ طيب رجب اردوغان في الحصول على تفويض شعبي جديد يمكنه من الحكم منفردا ويمنعه في ذات الوقت من اجراء تعديلات دستورية جريئة..نجاح اوردغان سببه ان قدرته عالية على سماع نبض الشعب..حينما شعر ان التفويض المنقوص في الانتخابات الماضية لم يمكنه من الحركة بحرية عاد للجمعية العمومية بعد أربعة اشهر من الانتخابات ولم تخيب الامة ظنه. عاد مؤخرا مقترح حكومة انتقالية تعقب مصالحة سياسية جامعة في السودان ..الحزب الحاكم يتحسس مسدسه كلما سمع هذا الاقتراح..اخر التصريحات الغاضبة كانت من المفتش ابراهيم محمود مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس الحزب الذي وصف مقترح الانتقالية بالوهم..السؤال لماذا يخشى الحزب الحاكم من الحكومة الانتقالية وقبل الإجابة على مسببات الخوف ربما يكون السؤال لماذا حكومة انتقالية أصلا. الحكومة الانتقالية تعني اعادة وضع المتنافسين في خط صفري جديد قبيل السباق..واحدة من اسباب قوة المؤتمر الوطني هو هيمنته على الساحة السياسية..هذه الهيمنة وفرت له استخدام أدوات السلطة ..مثلا في الانتخابات الماضية كان الحزب الحاكم يستغل المدارس في حشد عضويته للانتخابات..بل ان ثراءه المادي جعله يتحرك في كافة المستويات بسهولة ويسر..كل هذه المنعة ناتجة من ارتباطه بالدولة. فك هذا الارتباط يتطلب حكومة انتقالية ..العودة للشعب عبر حكومة انتقالية لا يمثل سلبا لحريات المواطن ..هذا الاتفاق يعيد خارطة الفرصة المتساوية للقوي السياسية..اجراء اي انتخابات بذات المعطيات الحالية سيفرز غلبة واضحة للحزب الذي بيده مقاليد الحكم..بل ان الحكومة الانتقالية يشترط ان يقودها شخص مستقل..هنا بإمكان المشير البشير ان يستقيل من رئاسة الحزب الحاكم ويواصل دوره في الفترة الانتقالية كرئيس توافقي بصلاحيات ليست واسعة. حتى لا تتكرر ظاهرة حزب الدولة المدلل اعتقد فرض عزل سياسي مؤقت على أعضاء الحكومة الانتقالية كما حاء في ورقة المؤتمر الشعبي مهم للغاية..هذه الحكومة الانتقالية ستعيد ترسيم الملعب السياسي..منع وزراء الانتقالية من المنافسة في الانتخابات التالية يزيد من فرص الشفافية والحكم الراشد.. مقترح التجديد النصفي في البرلمان يجب ان يطرح على الطاولة مجددا..التجديد كل عامين يمكن الشعب من محاسبة الحكومة اول بأول وكذلك يثري التنافس في الساحة ويمنع الركون لليأس من جانب من يخسر الانتخابات ..الياس يقلل من فرص التبادل السلمي للسلطة ويجعل القوى الخاسرة تفكر في التغيير بغير الوسائل الديمقراطية. بصراحة..رفض الحكومة الانتقالية يعنى الخوف من الرجوع للشعب لتجديد الثقة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة