|
العرب وصناعة الاحزاب السياسية بقلم د.ابراهيم مخير - لندن تحالف غرب السودان
|
السابع من يناير 2015
الكثيرون يميلون للإتفاق معي ان مشكلة دارفور المزمنة ومشاكل كردفان الحاضرة لا يمكن لها ان تحلّ الا في اطار معادلة سياسية عامة تعالج مشكلة السودان عموماً وأن لا تكون تلك المعادلة رهناً بأمزجة الافراد هنالك والسلطة غير الشرعية في الخرطوم والتي لا تكاد تستقر علي حال .
وقد شهد تاريخ النزاع في دارفور ، وكذلك في كردفان ، مصالحات واتفاقيات عدة ولكنها لم تسفر سوي الي تتدهور اكثر يعكسه المستوي المعيشي للمواطنين هناك وروحهم المعنوية المتدنية والإحباط العام برغم المحاولات الحديثة لتسويق حكومة عمر البشير الاحادية التفكير والمنطق عبر انتخابات أخري مملة متكررة ومزيفة لا اري للعرب لهم فيها اي صالح بالمشاركة إذ دوماً ما تفرز مثل هذه التمثيليات واقعاً ًمخيباً للآمال وتحيطها نوايا ملغومة بالشكّ ويسجل عليالمجموعات المشاركة وصمة تاريخية مزرية من التعاون المباشر أو الا مباشر مع النظام ضد إرادة الجماهير تصب محصلته في دعم الحكومة المركزية ولن يغير شئ من الواقع الاليم الذي يعيشه الناس.
اضف علي ذلك أن الحكومة اتخذت قرارها بالفعل علي مايبدو بتجاهل من يحملون السلاح والدخول في نزاعات دونكيشوتية ومن ثم التحالف بصورة نهائية مع احزاب الوسط في السودان. ويتمثل ذلك في اتفاقية الصادق المهدي الاخيرة مع العتباني والجناح الآخر لها - نداء السودان ، إذ يبدو الصادق المهدي العمل المشترك الاعظم بين الحزمة وتلك الاحزاب التي تعبر عن قيادات ثقافية بعينها إنفصلت عن الواقع السياسي لجماهيرها منذ سنين طويلة ، وهي لا شك بعيدة عن هموم العرب في غرب السودان خصوصاً أو غيرهم من المهمشين السياسيين سوي من قبل الحكومة او المعارضة ذاتها مما سوف لن يحسن أوضاعهم داخل أي حكومة مستقبلية بغض عن الوعود المبذولة سوي في العلن أو تحت الطاولة .
علي إنني لا ادعو السياسيين العرب بالطبع أن يكونوا متصلبين وأن لا يمدوا يدّ التعاون لمن حولهم فالحقيقة نحن غير ذلك تماماً. فالكثيرون يعرفون مدي الثقلّ السياسي الذي يمثله عرب غرب السودان في الاحزاب القومية المختلفة ، ويتذكرون اننا عملنا مع بعضنا البعض في مشاريع سياسية عدة بل وأشركناهم حتي في المشاريع المتعلقة بغرب السودان خصوصاً كمشروع توحيد قبائل دارفور . وشخصياً قابلت العديدين من الشاطئين ، المؤتمر الوطني والمعارضة صادقاً في البحث عن حلول وسطية ترضي الجميع وتدفع بإمور السودانيين الي الامام لكنني إقتنعت بالدليل القاطع ، وعبر مرارة التجربة ، أن لا مستقبل دون التخلص من النظام الحاكم اليوم في السودان . وهذه قناعة لا تحتاج الي شرح مستفيض.
ولقد إجتهدنا في مشروع توحيد قبائل دارفور علي مختلف خلفياتها الثقافية ذلك أيما إجتهاد ، وتشرفت بوضع توقيعي بجانب توقيع السيد الشريف الهندي رحمة الله عليه ، علي الوثيقة التي كانت بوابتنا إقناع المعارضة السودانية بإهمية وجودها كشريك في حل مشكلة غرب السودان وليس فقط كمراقب لها .كما بذلنا مجهوداً ضخم في توحيد الارادة الدولية والافريقية واقناعهم بالنوايا الحسنة لقيادات القبائل العربية وحقهم في الدفاع عن انفسهم إذ تعاونا مع الاتحاد الافريقي والعربي والاوروبي وحاورنا شخصيات غربية وشرقية وأخري اسيوية وافريقية مجتهدين أن نبلور مشروعنا ذلك - مشروع توحيد قبائل دارفور -هادفين أن نحقق تحته مظلة السلام التنمية. تلك الجهود تمخض عنها اللقاء المعروف بين السفارة الامريكية وممثلي القبائل العربية والذي أبرز أهمية الدور السياسي للمثقفين العرب ومقدرتهم علي دفع الامور في مناطقهم والسودان نحو مستقبل واعد .
كل تلك الطاقات التي بذلناها كانت سوف تصبّ في مصالحات قبلية يفترض لها ان تتم تحت سقف مرصوف من الشفافية وارضية صلبة من المشاركة برعاية " الحكومة الرشيدة!!" ، بحيث نضمن محاصرة المنافع الشخصية وكشف المتأمرين الحقيقيين وعزلهم نهائياً وتحجيمهم بعيداً عن النوايا الحسنة لأهالينا . ونعيد بالتالي الثقة بين الناس وتعمل علي تهيئة الارضية لتحقيق مصالحات سياسية تهدف في الاخير الي حسم المشكل نهائياً في دارفور عبر اليات عديدة ومتشابكة تحول الصراع المسلح الي صراع سياسي ينتهي بإنتخابات تشارك فيها أحزاب جديدة صنعتها الديمقراطية الواعدة. لقد وضعنا حينها نصب أعيننا أن نضرب به المثال للمناطق الاخري في البلاد في شأن تحقيق السلام والتنمية معاً بل ونخرج بذلك اطراف السودان الاخري من التهميش المزمن. ولقد إقتنعت عدة دول كبري حينذاك بذلك المسار بل وعرضت الولايات المتحدة 5 مليارت دولار كقرض مبدئ تنفذ به البنيات الاساسية ويدعم المهن والاعمال الحرة الصغيرة . إنه النمو الذي كان سوف يكون هبة ذلك المشروع المبني علي السلام والامان الا ان الحكومة المركزية رفضت المشروع ووضعت عراقيل اساسية اشترطت فيها أولاً أن تضع ذلك القرض في بنوكها وتشرف بنفسها علي تحقيق التنمية ، وليس كما اشرنا تحت مراقبة لجنة دولية مركزية محلية : وليس الاخرين بأغبياء.
الحقيقة أن هذا موقف الحكومة اعلاه كان مفاجئاً اذا ما قارناه بالتصريحات العلنية "للمسئولين" عن ملف دارفور التي كانت تدعو لتقبل الآخر وتنادي بالتغيير الذي سوف يحققه القائد الفذّ عمر البشير . موقف الحكومة المفاجئ هذا وصف لاحقاً من جهات عديدة افريقية ودولية "بالغير جاد" عموماً وتفصيلاً . وانصرفت الحكومة بعد ذلك اي توزيع السلاح وتحريض المواطنين علي بعضهم البعض ورشوة الادارات الاهلية او ارعابها وحصار الجهود المحلية والدولية وتنويمها مغنطيسياً بالوعود الفارغة للتعاون ، كما تذكرون ، وشارك في تفعيل مواقفها تلك والتي عكس مراهقة سياسية - عرب من غرب السودان - ارتأوا ان يقبلوا مناصب استشارية وعملوا مع الحكومة المركزية علي عزل مثل هذه مبادرات وافشال كل الجهود وافراغ المصالحات البين - قبلية والمفاوضات السياسية من مضمونها . وادي ذلك في النهاية الا ما نحن عليه اليوم ....فهل هنالك جديد ؟.
ليس هنالك من جديد بالطبع ، اذ ما زال عمر البشير هو نفس الديكتاتور الذي تسبب في هذه المأساة ، وما زال الرجل في مشروعه العجيب يستبدل الدمي بدمي اخري في الحكومة ويجدد الوعود الفارغة ، بل أصبح أكثر وقاحة إذ اجري تغييرات في الدستور تتيح له أن يكون إلهاً في السودان : من آمن به فهو ينتظر رحمته ومن كفر به أحل دمه ، ماله وعرضه . ومازالت الحكومة السودانية تنظر الي مواطنين غرب السودان ك "غرابة" اي بترفع ، وما زال الامر هنالك لا تراه الا العين الأمنية والعسكرية في الاقليم عموماّ ، ويدعم ذلك الاتجاه جهاز الامن السوداني الي الذي تحول الا "قوة نظامية" .
وبما أن الجميع يعرف أن تلك القوات عصبها الضارب من أفراد القبائل العربية فالعرب إذن تضعهم الدولة في مواجهة نضال ومسار الشعب السوداني نحو الحرية . وتأثير ذلك مؤكد علي عزل الاقليم سياسياً والاضرار بالمشاركة الحقيقية للقبائل العربية هنالك في بناء سودان المستقبل علي حساب استفادة شخصيات أو قبائل بعينها استفادة محدودة من نظام هو أساساً مفلس ودا امكانيات مادية وعقلية محدودة .
ذلك النظام الذي يعيش "رزق اليوم باليوم" ويعتمد علي العمالة للأخرين والذي أطالت ايامه الاخيرة المساندة الامبريالية لتحقيق اهدافها في "محاربة الارهاب" كأداة للسيطرة علي ثرواتنا ومقدراتنا . وتمثلت تلك المساندة في الدعم العمي الغربي للحوار أو بالاحري " طك الحنك" الذي تمارسه الالة الديكتاتورية لعمر البشير .
ومن الناحية الاقليمية فقد تفتقت العسكرية المصرية بفكرة تجنيد عمر البشير ليتحول وادي النيل ومياهه خصوصاً حقاً خالصاً لمصر ، خاصة بعد الاتفاق القطري - المصري الذي تخلص من الدعاية الاعلامية المضادة للنظام مصر ( الجزيرة مصر) وضمنّ تحييد القطريين في الموضوع الليبي حارماً السودانيين صالحهم وطالحهم منالسوق الليبي ومحاصراً خصوصاً اقليم دارفور وكردفان لصالح مصر باعلان مناطق جنوب ليبيا مناطق إرهاب .
ويدخل في الا جديد أيضاً عجز المعارضة علي تشكيل جبهة موسعة لمقاومة الديكتاتورية لأسباب عديدة أهمها في نظري تركيزها علي التحالف في ما بينها وليس في بناء مقدرات جماهيرها مع عدم اعترافها بطبيعة شعبها القبائلية المتمثلة في مجموعات ثقافية وعرقية مختلفة. فعلي الرغم من مواصلة الحوار - طق الحنك ، واعلان الاتفاق علي بعض النقاط فإن الاستقطاب العرقي في السودان لم يخفّ توتره بل إزداد بصورة أصبحت تهدد دون شك بتقسيم جديد جغرافي للسودان وافقه تأييد سياسي تمثل في الاخذ بمبادئ نيفاشا كأساس للتفاوض حول جنوب كردفان ومناطق أخري من السودان ،تلك الاتفاقية الرعناء التي أدت الي انفصال جنوب السودان والحرب الاهلية اللاحقة التي اندلعت هنالك. اذن ، ما هو موقفنا نحن كسياسين سودانيين ننتمي لغرب السودان من كل ذلك الهرج والمرج ؟ .
لقد عرضنا مشروع تحالف غرب السودان ، وهو تحالف مبدئي يسعي لتوحيد السياسيين في دارفور وكردفان من العرب خصوصاً وكذا المهمشين من القبائل الاخري والمجموعات الثقافية والبشرية الاخري التي لا تجد تمثيلاً لها في الحياة السياسية اليوم في السودان ، لانها لم تشارك في الصراع أو لانها لا تملك الوزن جيوبوليتيكي واللوجستي ( بمعني : الدعم السياسي البشري والامكانيات ) للمشاركة في معركة البقاء ، ومن ثم حاولنا أن نوفر مناخاً تتداعي له المجموعات العسكرية المختلفة سياسياً في غرب السودان نحو التعاضد طبيعياً مع جيرانهم للوصول الي اهدافهم الشرعية الا وهي المشاركة في حكم السودان. وقد حققنا ذلك وإتفقنا علي التحول الي النضال السلمي متي ما سقط النظام .
هذا الحق - المشاركة في حكم السودان - يحتم علي السياسيين في غرب السودان خاصة من العرب أن يخصصوا جزء كبير من إهتماماتهم القومية للدفاع وبوضوح ومن موقع معافي من الاتهام بالعصبية والعنصرية للمطالبة بالمشاركة. إذ إن العرب جزءً اصيلاً من المجتمع السوداني ومجموعة تملك حقوقاً ثقافية وثرواتية ووجوداً عددياً يؤهلهم للتأثير علي الدوائر السياسية وبالتالي مقدرة مضمونة مفتقدة علي التأثير علي خلق القرار السلطوي المتوازن بهدف النظر في حل المشاكل المتعلقة بخصوصيتهم والمساهمة قومياً في حلّ مشاكل اللآخرين، كما يفعل الجميع حولنا سوي من أهل الشرق أو الجنوب أو أهالي مشروع الجزيرة غداً.
وفي هذه المرحلة الحرجة وتكتيكياً وللحفاظ علي التوازن المجتمعي والسياسي والجغرافي للإقليم ، غرب السودان ، الذي يمر عبر متغيرات سريعة وعنيفة ، يجب عليهم ان يواصلوا دعم المصالحات القبلية دون ان يلتفتوا الي الاشخاص والافراد أو حتي الحكومة المركزية أو الطرفية أو الذين يقفون حولها بل يعملوا علي استقطاب المزيد من المثقفين والمتعلمين لدعم قبائلهم واداراتهم الاهلية وتنظيم المؤتمرات التنسيقية الفوقية والبينية ورفع مستوي كفاءة أدائهم الاداري والسياسي . ليس ذلك فحسب بل يجب ان يصرّ مثقفيهم واداراتهم الاهلية علي التحالف معاً ودعم تكوين منبر سياسي للقبائل في غرب السودان . ذلك المنبر الذي سوف يطور تلك المصالحات القبلية ويدعم من تمثيل كافة القبائل في دارفور وكردفان تمثيلاً سياسياً . والحقيقة إن ذلك المنبر السياسي لا يمكن تخيله الا في صورة حزب سياسي سوداني جديد يضع نفسه علي قدم المساواة بجانب الاحزاب التقليدية خياراً لأجيال لم تستفّد لظروف تاريخية معروفة من الاطراف السياسية المشاركة في الحياة السياسية في السودان اليوم مثل حزب الامة والاتحاد الديمقراطي وغيرهم وهو أيضاً بتكوينه يتخلص من التبعية المرهقة للمؤتمر الوطني.
إن ذلك الحزب سوف يعكس اهتمامنا بالمحلية ولن يحيد بنظرنا بعيداً عن القومية ، وسوف يخرجنا من دائرة الدفاع عن انفسنا وسمعتنا إقليميا ودولياً الي دائرة توضيح الحقيقة المأسوية للاقليم وما وقع عليه من ظلم واستهانة ويؤكد التزامنا بالعمل بفعالية مع الصادقين في حسمّ هذه المعضلة. هذا الحزب سوف يساعدنا علي عكس مواقفنا المتمسكة بالنضال للخروج من الفقر والجوع والحرب متمسكين بالوطنية والتسامح القومي دون تحيز مما يكسب مجموعتنا البشرية والثقافية الاحترام والفرصة كي نعيد فيها تنظيم مجتمعاتنا ونضمد جراح ونسحب أبنائنا من خدمة احزاب تريد لهم الموت قبل الحياة كحزب المؤتمر الوطني أو تهدر طاقاتهم في نقاشات لا فائدة من وؤائها ولا طائل . وسوف يساعد هذا الحزب علي إخراج المنطقة من أتون الحرب الاهلية التي اجتاحتنا لسنين طويلة اذ سوف يدعم التحول السياسي من الصراع العسكري ويتحصل علي الدعم المعنوي والمادي الذي سوف يمكننا علي تجميع صفوفنا والبدء في العمل بجدية وشفافية ومشاركة لتحقيق اهداف علي المدي القصير والبعيد.تلك الاهداف التي ليست هي خافية وهي المشاركة بفعالية في بناء سودان يسعد فيه الجميع بدلاً أن نكون كما نحن اليوم متفرجين بل حطباً للنار.
ذلك الحزب سوف يحدد ليس فقط وجودنا بل مستوي رفاهيتنا ومدي ارتقائنا ومشاركتنا في ادارة بلادنا بمن لدينا من كفاءات بل سوف يعمل علي توحيد أمزجتنا ورؤيتنا للمستقبل وهي امور لا يمكنها ان تتم سوي بثلاث خطوات مرهقة وربما موجعة للبعض وترتكز علي الدعوة والتنسيق لمؤتمر تحضيري حول تأسيس حزب سياسي في غرب السودان دارفور وكردفان ندعو له المؤسسة الدولية والقوي السياسية الاخري الصديقة ويكنّ بمثابة خطوة أولي لتوحيد القوي السياسية في وحول دارفور وكردفان تحت شعار تحويل الكلمة بدلاً عن الرصاصة.
ان الحزب السياسي في غرب السودان لا يمكن له ان يكتب نجاحه علي المدي البعيد بل والقصير في الانتخابات القادمة ، اذا ما إكتملت شروطها الوطنية - الا إذا كان محصلة المؤتمرات الفرعية المتعددة وعمليات بناء متواصلة وليس اجتهادات فردية. ان المشاركة الواسعة والشفافية والتخطيط العلمي إذ هي الوسائل الحقيقية والوحيدة لتطوير مجموعتنا البشرية ومنطقتنا الجغرافية وضمان المحافظة علي هوية قبائلنا وكرامتها وتفرد ثقافتها ونمو إقتصادياتها وليست الفردية والهوائيات والعنتريات والمؤامرات ضد ابناء العم والاخوان التي لن تسّمن ولن تشبع من جوع وسيئة . ذلك نتائجه كما نري اليوم اذ لم تنفع اولئك الافراد ومن عاضدهم طمعاً الا في حلّ مشاكلهم الشخصية او تحسين ظروفه المعيشية والمعاشية لحين ثم إنه ليس من المستبعد تحت أي تصور آخر ان تقوم أحزاب أخري في المنطقة مدعومة من الحكومة المركزية للنيل من وزن المطالب الحقيقية والتشويش علي المسار الديمقراطي هنالك مثلما تمّ قبل فترة غير قصيرة إستبدال موسي هلال بحميدتي عسكرياً .
تلك المؤتمرات يجب أن تمثل استقطاب مجموعات مختلفة من انحاء السودان بل العالم أجمع من القري والمدن العديدة وفي المهجر الذي انتشر بها أبناء تلك المنطقة مضطرين لا مختارين . إن الحزب السياسي يجب أن يكون قادراً علي بلورة أفكارهم فنونهم ومهنهم وخبراتهم المختلفة إذ يتقدمه الاداريين ويكرس له الصحفيين والمهندسين والاطباء والرعاة والمزارعين والمعلمين بل والمهنيين علي كافة مشاربهم والنساء والشباب أنفسهم صفاً واحداً دونما ترفع أو شعور بنقص إذ يشعرون انهم يمثلهم جميعاً . يجب أن يخلق الحزب مظلة من الصداقات والمعارف الداخلية والدولية ويتبادل المنافع معهم ويوحد رغباتنا وجهودنا في العمل علي حماية اهالينا وثرواتنا وتطويرها وتدريبهم سياسياً تحت مظلة تبادل المصالح والتقائها ووحدتها وهو امر نحتاج فيه كل الاطراف المستفيدة واصدقائهم في السودان وخارجه ومشاركتهم كل حسب امكانياته العلمية والمادية وعلاقته واتصالاته .
والمحصلة ان ترسل المؤتمرات الفرعية من السودان وخارجه مندوبيها للمؤتمر العام التحضيري للحزب الموعود ناقلين وجهات نظر كل الناس من كافة الانحاء والارجاء من داخل السودان وخارجه حول محور العمل المجتمعي والسياسي وتصوراتهم عن كيفية العمل السياسي ومقدرتهم علي حسم وازالة الكراهية وتجاوزات الضغائن ونشر الوعي وثقافة التسامح وحول محور الاقتصاد وافكارهم حول كيفية تمكين انفسهم كمواطنين سودانيين في المشاركة العادلة في استغلال وتطوير ثرواتهم الطبيعية وكفاءاتهم البشرية وأخيرا حول محور ضمان المحاسبة القانونية والأمان وتصوراتهم عن الاشراك الفعلى للقبائل في حماية أنفسها مشتركين مع الدولة والمجتمع الدولي في اطار مشروع وروئ جديدة تطرح للدولة والمجتمع الدولي بمناطقهم .
المؤتمر العام التحضيري للحزب السياسي المأمول سوف ينبذ العصبية والعنصرية والتحيز السياسي العرقي بإن يضع برنامجاً زمنياً نوعوياً يتيح تغيير الحزب جذرياً في فترة زمنية محددة عير خطة واضحة نحو المستقبل يعتمد فيه الفكر اساساً لصراعه السياسي وليس العرق أو الجنس أو الجهة ويدعو السودانيين وخاصة السياسيين السودانيين من دارفور وكردفان بإختلاف مللهم الي الاتفاق حوله بحيث نتيح تحويل الحزب تدريجياً نحو القومية بعد الجهوية التي فرضت علي السودان جميعاّ تحت هذا النظام الذي طبق بين أهله دونما حياء سياسية فرق تسدّ فإتخذ أهل الشرق لهم مقراً وأهل الجنوب لهم دولة وكذا الاخرين يسعون في مفاوضات سياسية هنا وهناك لتحقيق إنفصاله في الحكم وادارة الدولة.
وسوف ينادي المؤتمر العام للحزب الي التزام صوت العقل وابعاد الكيانات القبلية عن الاستقطاب والتناحر السياسي مع الدعوة الي تكوين لجان قبلية مشتركة قبلية مشتركة للمناطق المتداخلة بين القبائل بغرض مراقبة الاداء الحكومي وحثّ الدولة علي القيام بواجباتها في حماية مواطنيها وضمان التوزيع الفعال للقوات الدولية والدعم في دارفور وكردفان لضمان حماية اهاليهم والتعامل مع افرادها كمواطنين سودانيين متساويين في الحقوق والواجبات في ما يخص المساهمة مع الحكومة في تطوير وتنمية المناطق القبلية خاصة الماء والكهرباء تحت إشراف لجان مشتركة دولية قبائلية حكومية ويفترض حق الاحزاب في مراقبة تلك العمليات بحيث نضمن الشفافية عدو الفساد حيث ان التنمية هي المحور الاساسي للسّلم في دارفور وكردفان وكل مناطق السودان المختلفة.
كما سيدعو الحزب الحكومة بإعادة النظر في اليات التنمية وإنشاء بنك لغرب السودان لتطوير الاعمل الحرة ودعم قروض البنيةالاساسية بالاقليم وبناء الجسور مع المواطنين عبر اجهزتها الحكومية بصور اكثر عدلاً ولا مركزية تضمن عدم تسرب واهدار الامكانيات التي تخصصها الدولة – قري حديثة وحفر ابار وغيره- ويوجهها المجتمع الدولي – دعم المنظمات مثلا للتنمية المستدامة لغير اغراضها. ومن ذلك وانا شاهد علي ذلك إذ ان مركزا صحياً لا يمكن ان يتوفر دعمه من الحكومة المركزية او اي منظمة طوعية الا بعد ان يمهره الوالي بإمضائه. وبالطبع سوف يعمل الحزب السياسي علي القيام بالتعديلات الدستورية اللازمة لذلك دون ما تردد . ومن المؤتمر سوف ينطلق برنامج يستهدف توضيح موقف أهالي غرب السودان مما يحدث في دارفور والتزامها بالسلام والعمل علي اشراكها في برامج نزع السلاح وما تتضمنه من فوائد وعوائد وضمانات لدفع الضّيم الذي تتعرض له القبائل الاقل عددا وتنميتها بإعتبارهم اقلية ثقافية في المنطقة .
ومع النظر في البناء الداخلي للحزب وضمان التوازن السياسي داخله بحيث يتغلب الراي الحسن والبرامج الفعالة علي النعرة القبلية والسطوة الشخصية تبقي مركزية النظر الي أهم خطوة للمؤتمر التحضيري الا وهي هي تأكيد امكانية اعادة هيكلة كيان الادارة الاهلية للقبيلة دون ان تفقد البيوتات التاريخية حقوقها - الناظر - في المشاركة الايجابية في الاختيار بحيث نحيد العداء والكراهية لأشخاص بعينهم من القبائل حولنا ونفصل ثوباً جديداً لقبيلتنا لمرحلة جديدة ، وغير هذا كثير من الامور التي اعتقد ان مثل هذا المؤتمر قادرا علي ان يعرضها ويناقشها ويتوصل بها علي مواقف عبقرية تنفعنا لمئات السنين القادمة .
اما من الناحية السياسية البحتة ففي المؤتمر التحضيري بل ولقيامه يجب ان ندعو ان يتقدم سياسيي العرب من داخل مظلة احزابهم المختلفة اليوم في خطوة سباقة لدعم قيام ذلك الحزب والالتقاء حوله. فيتنادوا لمؤتمر لسياسيي كردفان ودارفور حاثين قياداتهم السياسية بتجاوز الضغائن والاحقاد الشخصية والالتفاف حول مواطن غرب السودان البسيط ان يخططوا الي لقاء كل القوي السياسية وهم علي وحدتهم ويكرسوا رسائل موقعة منهم لذلك متحدين للمنظمات الدولية وممثليهم في السودان بالمعني.
هذه الخطوات الثلاثة : المؤتمرات الفرعية ثم المؤتمر التحضير وأخيراً إعلان الحزب ، هي اسقف لعمليات كثيفة وتفاصيل كثيرة ومتواصلة ومتطورة نحو الاهداف الحقيقية الا وهي تحقيق الاستقرار واستجلاب الاليات التنموية للمنطقة بما فيها التعليم وتحييد قوي الظلام والقضاء علي اي نوايا سيئة عبر اشراك جميع القوي المختلفة في المجتمع بحيث نضمن مظلة من المصالح تحمينا وتحمي منطقتنا ......
والله الموفق..
منصات حرة مكتبة بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين
|
|
|
|
|
|