|
العبودية والإسترقاق الحديث بقلم علي الكنزي
|
09:52 PM Aug, 26 2015 سودانيز اون لاين علي الكنزي-الخرطوم - السودان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
بسم الله الرحمن الرحيم من رسائل النور والظلام
mailto:[email protected]@gmail.com
لا يحقُ لأحد منا أن يكون وصياً على الأخرين ويأمرهم بأن يكفوا عن العمل في وظائف بعينها، فكل إنسان أدرى أين تكون مصلحته فهو أدرى بالظروف التي تحمله لممارسة مهنة بعينها. فإن كنا نترفع أن تعمل المرأة السودانية عاملة او (خادمة) منزل في المملكة العربية السعودية أو غيرها من دول الخليج، فلماذا لا يتملكنا هذا الشعور وتلكم الغيرة ونحن نرى نساء أُخريات من شعوب شتى تعمل في مثل هذه الوظائف؟ فمن يثور لكرامة الإنسان عليه أن لا يجعلها ذات لون أو جهة أو دين، وعليه أن يتذكر أن من خلق الإنسان كرم الإنسان، ولم يفرق بين الوانهم أو دياناتهم. فقد قال تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ...) وفي آية آخرى يقول تعالى: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوب وقبائل لتعارفوا ...). قولوا لي مَنْ مِنْ أبيضنا وأسودنا، أحمرنا وأصفرنا جاء من صلب غير آدم وحواء؟ إن كان منا من آتى من أصلاب غير التي أشرت إليها، فيمكنه أن يكون صفوة خلق إله آخر غير الذي قال: ( ولقد كرمنا بني آدم ...). أما إن أقررنا بتلك الحقيقة الأزلية أننا من آدم وآدم من تراب، فكل منا عند الله كريم فوجب علينا إكرام بعضنا بعضاً. هذا مدخل لقضية النساء السودانيات اللآتي عملن بالمملكة العربية السعودية كعاملات منازل أو قل (خادمات) ولا عيب عندي أن يقتات المرء من عرق جبينه، ولكن العيب أن تقتات المرأة من ثديها. هالني وهال غيري أن الخدامات السودانيات أصبحن سلعة تباع وتشترى في المملكة من قبل كفيلهم، وكأننا في سوق عكاظ بمكة القريشية قبل البعث. وزاد أسفي لمن كتب أو علق أو حقق لإكتفائه برمي التهمة والتقصير على النساء أنفسهن وعلى أهليهن، وعلى من تولى كبره من الوسطاء بالخرطوم والمملكة، ثم صمت السفارة السودانية بالرياض وتدخلها الحيي المتردد وهي ترى بنات وطننا يدخلن السجن وكأنهن أنعام تعدت على مزرعة الكفيل؟ وشد ما صدمني أن يقع أمر كهذا في بلاد نزل فيها الوحي وبعث من أهلها نبياً ورسولاً هدىً للعالمين. ومن تلكم البلاد أنطلق نور الكوكب الدري ليملأ الكون نوراً وهدىً وليخرج الإنسان من ظلمات إلى النور. من بلاد ما أظنها جَهُلَتْ أرثها وأن حقوق الإنسان وحقوق المرأة أنداحت منها قبل أربع عشر قرن ونيف من السنين، يومها قال الخطاب بن الخطاب أمير المؤمنين عمر قولته التي ما زال يرن صداها في آذان كل مسلم ومسلمة بل في آذان كل من يدعو للحرية والكرامة: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أماتهم أحراراً؟) سؤال الإجابة عليه هي أن نترك الناس احراراً كما ولدتهم أمهاتهم، لا أن نسترقهم ونستعبدهم. ما أحزنني أنه لم يجرؤ قلم واحد أو صوت نشاذ ليقول لأولي الأمر في المملكة السعودية كيف تسمحون أن يقع مثل هذا الفعل في بلاد الحرمين؟ وكيف تحمي الدولة المستعبد للنساء (الكفيل) وتفتح له سجنوها لتبقى الإنعام (الخادمات) بداخلها حتى سداد المعلوم الذي يحدده الكفيل. أين تلكم الأقلام والأفواه التي أحتلت وسائل إعلامنا طوال الفترة الماضية، وأصبحت وصية على دين الله فينا. اين هي تلكم الأقلام التي صدعتنا في صحفنا والمواقع الإسفيرية متحدثة عن الدفاع عن بيضة الإسلام والهجمة الشيعية والشرك الصوفي في السودان، وكان الظلم والإستعباد واسترقاق حرائرنا ليس خروجاً عن دين الله الإسلام القائل ربه: (إني حرمتُ الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً)، فلماذا لا تغضب تلك الأقلام على الإستعباد والرق الحديث وتدينه بأعلى مفرداتها وصوتها؟ جاء قول رسولنا الإكرم: (أخوانكم خولكم، فمن كان أخاه تحت يديه فليطعمه مما يطعم وليلبسه مما يلبس، وإن كلفه ما لا يستطيع فليعنه عليه). والله ما جرى لحرائر بلادي في بلاد الحرمين أمر تهتز له الجبال، وهي أفعال لا تتماشى وقيم ديننا وتلكم البلاد التي تشرفنا بزيارتها حجاً وعمرة ورأينا رأي العين ما أذهل عقولنا. هذا ليس تملق أو تلزف ولكنها حقيقة كضوء الشمس لا ينكرها إلا من به رمد. فالجهود التي تقوم بها المملكة في خدمة الحرمين وزوارهما تبهر كل بصير. ولمن يجهل فإني مفصح بأنني تشرفت في إحدى زياراتي للمدينة المنورة بزيارة موقع طباعة مصحف المدينة المنورة مع التعرف على نقل المصحف المرتل في اشرطة تسجيل في ذلك الزمان. وقد رأيت عجباً. وقال لنا محدثنا وكان أماماً بالحرم المدني، أنه ذهب مرة لألمانيا في رفقة وفد سعودي لمتابعة طباعة المصحف الشريف هناك فهاله ما رأى ومن معه أن عمال المطبعة كانوا يطأون بعض صفحات المصحف التالفة وهي تقع تحت اقدامهم. عند عودتهم للمملكة طلبوا مقابلة الملك فهد رحمة الله عليه، وكان يومها القرار بإنشاء مصحف المدينة لحفظ كرامة آيات الله. نحن كمسلمين نحفظ لأهل المملكة وولاة أمرها كل هذا، ومن قبل فهو محفوظ لهم عند الله. ولا يمكن أن نجهل أو نتجاهل فضل المملكة لأستضافتها للملايين من القوة العاملة من البلاد الإسلامية ومن السودان خاصة. وإنني لن أأتي بجديد إن قلتُ أن المملكة العربية السعودية ودول الخليج قد ساهمت مساهمة إيجابية في محاربة البطالة والعطالة في السودان وأنها ساهمت في حد الفقر ومحاربته وذلك بإتاحتها فرصة العمل في بلادها للأيدي العاملة السودانية منذ نحو أربع عقود مضت، وما زالوا يستقبلون. مما أتاح لهؤلاء كفالة أنفسهم وأهليهم في السودان. ولكن كل هذا لن يعم أعيننا ويصمُ أذاننا عن ما فعله الكفيل في المملكة بأن يسوق نساء بلادنا كالإنعام ليدخلهم حظائر السجون فهذا هوان وإذلال لا يليق أن يقع بالمملكة ولا يستحقه من ذهب بحثاً عن رزق حلال بأرضها ليكف به جوعة جائع ويكسو به عارٍ ويعلم به جاهلاً، ويعف به فقيراً. لهذا علينا أن نجهر بعدم قبولنا لمثل هذا الظلم وتلكم المعاملة غير الإنسانية، وأن نستنجد بمن في يدهم القرار، ونقول لهم: أوقوفوا هذه العبودية والأسترقاق الحديث. وإننا كمسلمين نتطلع أن تناطح المملكة وكل الدول الإسلامية دول الغرب في حقوق الإنسان لأننا أحق منها بهذا الشرف. ففي البلاد التي أقيم وأعمل فيها هناك حماية لعاملات المنازل خاصة العاملات مع الدبلوماسيين وموظفو الأمم المتحدة وتكفل لهم الحقوق الآتيه: • عقد عمل مكتوب يأتي موافقاً لشروط الخدمة المسبقة التي حددتها الحكومة السويسرية الفدرالية، • صافي راتب شهري ١٢٠٠ فرنك سويسري ما يعادل ١٣٠٠ دولار، يدفع للحساب البنكي لعاملة المنزل ولا يدفع لأي جهة آخرى. على أن يكون الحساب باسم العاملة دون اسم مشارك لها. • يوفر المخدم ثلاث وجبات مع سكن لائق وعليه سداد اقساط الضمانات الإجتماعية مثل ضمان التقاعد أي المعاش. • يقوم المخدم بسداد كل التأمينات الإلزامية (المرض، والحوادث، إلخ) • على المخدم الألتزام بساعات العمل المحددة (٤٥ ساعة في الإسبوع) وما زاد عن ذلك يدفع كساعات عمل اضافية بواقع ٢٠ دولار في الساعة. • على المخدم الإلتزام بمنح راحة اسبوعية ليوم ونصف اليوم لعاملة المنزل. • العطلة السنوية والعطلات الرسمية يجب أن تتمتع بها عاملة المنزل في كل سنة • لعاملة المنزل حق التنقل بكل حرية في أيام عطالتها، وأن يكون بحوزتها جواز السفر وبطاقة إقامتها، ولا يحق أن تكون بطرف المخدم، أو أي طرف آخر. • من حق عاملة المنزل الحصول على كل المستندات التي تبين حقوقها وذلك فور وصولها لسويسرا، كما يحق لها طلب المساعدة القانونية متى ما واجهت اشكالاً مع مخدمها. • كل هذه المعلومات التي وردت في النقاط اعلاه تمنح لعاملة المنزل من السفارة السويسرية ببلدها فور اصدار تاشيرة الدخول وقبل أن سفرها لمقر عملها. راجع الموقع. • http://www.humanrights.ch/fr/droits-humains-suisse/interieure/politique-sociale/droits/plus-de-protection-personnel-de-maison-diplomateshttp://www.humanrights.ch/fr/droits-humains-suisse/interieure/politique-sociale/droits/plus-de-protection-personnel-de-maison-diplomates • تعتبر هذه الشروط شروط ناعمة (soft) رأفة بالعاملين في الأمم المتحدة والبعثات الدبلوماسية إذا ما قورنت بشروط التخديم لعمال المنازل بالنسبة لبقية السويسريين. لهذا عارضتها نقابة عمال بدون حدود وطالبت بأن تعامل القوى العاملة بالمنازل والسفارات بنفس الشروط التي تعامل بها القوى العاملة المنزلية لدى السويسريين أو من يقيمون هناك وهي تمثل ضعف المكاسب المشروطة أعلاه، خاصة في الراتب حيث يبلغ الحد الآدني لعاملات المنازل ٢٩٥٠ فرنك ما يفوق ثلاث ألف دولار بالإضافة لحق التقاعد أي المعاش. هل نحلم يأن نكون أنداداً لدول الغرب التي نقول عنها كافرة؟ هذا سؤال موجه لأهل المملكة العربية السعودية ودول الخليج وكل بلاد المسلمين. وصدق الشيخ محمد عبده عندما عاد لمصر بعد زيارة طويلة لفرنسا حين قال: (ذهبتُ إلى فرنسا ووجدتُ اسلاماً ولم أجد مسلمين، وجئت إلى بلاد المسلمين فوجدتُ مسلمين ولم أجد اسلاماً). ومن أراد أن يتوسع فليقرأ القصة الشهيرة التي وقعت بين الدبلوماسي السوداني محمود الكرنكي وعاملة منزله السودانية بلندن، والتي نظرتها المحاكم البريطانية حتى مرحلة المحكمة العليا البريطانية. هل تحلم (الخدمات السودانيات) بالتقاضي أمام المحاكم العدلية بالمملكة لرد حقوقهن وكرامتهن المهدرة؟ ومن حقهن العودة لبلادهن دون دفع هللة واحدة، دع عنك اربع عشر الف ريال عن كل رأس! من أحق بهذا العدل نحن الذي نزل في قرآننا (وزنوا بالقسطاس المستقيم)؟ أم هؤلاء النجاشيون؟ أي من تمثلوا بعدل النجاشي في الألفية الثالثة. (رب بما أنعمتَ عليَّ فلن أكون ظهيراً للمجرمين).
أحدث المقالات
- حلفا القديمه ومسلسل التجاهل الحكومي؟؟ بقلم صفيه جعفر صالح 08-26-15, 04:20 PM, صفيه جعفر صالح
- 5 % من المياه المعبأة غير صحية!! بقلم نور الدين محمد عثمان نور الدين 08-26-15, 04:18 PM, نور الدين محمد عثمان نور الدين
- أزمة الكهرباء فى السودان بقلم عبدالباقي الظافر 08-26-15, 04:17 PM, عبدالباقي الظافر
- الدولة السودانية الفدرالية الليبرالية العلمانية الديمقراطية بقلم حامد جربو 08-26-15, 04:15 PM, حامد جربو
- ثقافة الإفلات من العقاب فى السودان بقلم حماد سند الكرتى 08-26-15, 04:10 PM, حماد سند الكرتى
- ثدي الدولة الذى ارضع الراسمالية!! بقلم حيدر احمد خيرالله 08-26-15, 02:42 PM, حيدر احمد خيرالله
- الإنقاذ تنشد .. وأشغل أعدائي بأنفسهم وأبليهم ربيَ بالمرجِ بقلم صلاح الباشا 08-26-15, 02:40 PM, صلاح الباشا
- حسن.. (أنسى) !! بقلم صلاح الدين عووضة 08-26-15, 02:39 PM, صلاح الدين عووضة
- هل تذكرون بيتر سولي ؟!بقلم الطيب مصطفى 08-26-15, 02:38 PM, الطيب مصطفى
- إلى متى ..؟؟ بقلم الطاهر ساتي 08-26-15, 02:36 PM, الطاهر ساتي
- لن نحاور من خوف ، ولكن لن نخاف الحوار ؟ بقلم ثروت قاسم 08-26-15, 06:17 AM, ثروت قاسم
- تايه بين القوم / الشيخ الحسين/ الاتحادي الديمقراطي ومفترق الطرق 08-26-15, 03:00 AM, الشيخ الحسين
- العدو يعتقل ويغتال والتنظيمات تقصي وتحرم بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي 08-26-15, 02:56 AM, مصطفى يوسف اللداوي
- التطرف الديني والنعف المصاحب له الى أين؟ بقلم إبراهيم عبد الله أحمد أبكر 08-26-15, 00:09 AM, إبراهيم عبد الله أحمد أبكر
- إحدى عشرة رسالة لوالي الخرطوم .. (7) سفلتة معظم شوارعنا محبطة بقلم توفيق عبد الرحيم منصور 08-26-15, 00:06 AM, توفيق عبد الرحيم منصور
- تنظيم داعش الفكرة وأسباب القيام بقلم إبراهيم عبد الله أحمد أبكر 08-26-15, 00:03 AM, إبراهيم عبد الله أحمد أبكر
- نحو غدٍ أفضل بلا منغصات أو مؤامرات بقلم نورالدين مدني 08-26-15, 00:02 AM, نور الدين مدني
- الخادمات السودانيات في السعودية مشكلة قومية بقلم إبراهيم عبد الله احمد أبكر 08-26-15, 00:01 AM, إبراهيم عبد الله أحمد أبكر
|
|
|
|
|
|