الطريق الي السلام المفقود بين فلوتو الالمانية و أبوجا النيجيرية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 00:08 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-07-2004, 01:31 PM

محمد الزين محمد-لندن


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الطريق الي السلام المفقود بين فلوتو الالمانية و أبوجا النيجيرية

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الطريق الي السلام المفقود بين فلوتو الالمانية و أبوجا النيجيرية

    إستراتيجية التفاوض الخاطئة تقود الي نتائج وخيمة ومأسي دموية

    محمد الزين محمد

    جامعة لندن



    من خلال البيان الختامي لسمنار : دارفور الصراع السياسي و الازمة الانسانية .. ما هو المخرج ؟ المنعقد في فلوتو 27 -29 أغسطس2004م بجمهورية المانيا الاتحادية ومن متابعة لمباحثات أبوجا النيجيرية المنعقدة منذ 23 أغسطس وحتي الان ، وبقراءة لاتفاقية إنجمينا الموقعة بين الحكومة وحركتي العدل والمساواة وتحرير السودان بتشاد في الثامن من ابريل هذا العام ومن سجل المحاولات للتوصل لتسوية النزاع المسلح في دارفور من أبشي الاولي في سبتمبر والثانية في نوفمبر من العام الماضي وأديس أبابا وجنيف و باريس في منتصف هذا العام ، نحاول في هذا المقال تسليط الضوء علي إمكانية السير في طريق السلام دائم وشامل وعادل ، من خلال قراءة الاستراتيجية التفاوضية لحكومة الانقاذ وحركتي العدل والمساواة وحركة تحرير السودان .

    في البداية كما ورد في البيان الختامي لابد من التاكيد علي أهمية الرؤية الصائبة للازمة السودانية في مجالاتها المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا يمكن حل إشكاليات الغبن التنموي وإقتسام السلطة والثروة بمعزل عن بقية أقاليم السودان وذلك درءا للدعوات الانفصالية والنعرات القبلية والجهوية ،إذ أن العالم يشهد تحالفات وتكتلات وإتحادات علي أسس و رؤي وبآليات جديدة.

    وهذا ما ينفي أن حركتي العدل والتحرير حركات جهوية أو عنصرية وإنما هما جزءا من الحراك السياسي السوداني ضد التهميش الناتج من مركز السلطة والثروة في الخرطوم ، وهذا الصراع بين المركز والاطراف صراع طبيعي و نتاج لوعي سياسي حتمي لتراكمات أخطاء الماضي ، والثورة ضد الفئة الباغية المتواطئة من المتحالفين من الهامش والمركز ضد الاطراف عامة شمال ،جنوب ،شرق ،غرب ، وهذا الموضوع طويل وعريض أذا حاولنا الولوج فيه وهو ليس موضوع المقال و إن كان مرتبط به ، ويمكننا في مقال أخر التعرض والتطرق له بشئ من التفاصيل.

    جاء سمنار فلوتو الثالث من حيث التنظيم والاعداد والاوراق المقدمة والبيان الختامي أكثر تطورا وعمقا ومدلولا من الاعوام السابقة وهذا دليل صحة وعافية نحو الافضل ،وهو مبتقي الجميع .حيث أفتتح اليوم الاول الجمعة 27 أغسطس 2004م بكلمة من الاستاذ أحمد موسي عن اللجنة المنظمة AKE،وفي اليوم الثاني السبت 28 أغسطس قدمت 6 أوراق أولها خلفية تاريخية بجذور مشكلة دارفور والوضع الانساني الحالي قدمها الدكتورعبدالرحمن بشارة دوسة ،بروفسير في كلية العلوم التطبيقية جامعة جوبا، ثم الورقة الثانية لكاتب المقال بعنوان العلاقات الدولية والنزاع السوداني في دارفور، والورقة الثالثة تحالف المهمشين:الطريق الي سودان جديد قدمها الاستاذ أبو بكر القاضي مستشار قانوني في الدوحة- قطر. الورقة الرابعة رؤية حركة العدل والمساواة لمشكلة السودان في دارفور قدمها الاستاذ نصرالدين حسين دفع الله عضو القيادة التنفيذية لحركة العدل، أما الورقة الخامسة أزمة دارفور مرآة لازمة السودان باكمله قدمها الدكتور منصور يوسف العجب ،رئيس المنظمة السودانية لحقوق الانسان ، وكانت ورقة مشروع دعم الايتام ومشردي الحرب من الاطفال والنساء في دارفور قدمها الدكتور محمد عيسي نجيب ، من منظمة SAVE AFRICA بالنمسا ،وجاء اليوم الختامي الاحد 29 ،حافل بالاوراق والنقاش المثمر مثلما بداء اليوم الثاني فكانت 3 أوراق ،الاولي رؤية تضامن أبناء دارفور في حل المشكلة قدمها الدكتور آدم بابكر السكرتير العام لتضامن ابناء دارفور بلندن ،عقب عليها: الاستاذ نور الدين بركات ،وشارك الاستاذ عرفات زكريا بمداخلة عن رابطة ابناء دارفور بالمانيا ،ثم الورقة الثانية رؤية الحزب الاتحادي الديمقراطي لمشكلة دارفور قدمه الاستاذ ميرغني مساعد وكانت الورقة الثالثة ختام السمنار من مسك الثغر رؤية مؤتمر البجا لمستقبل السلام والاستقرار في السودان والتي قدمها الاستاذ علي الصافي عثمان ، وبعد نقاش لتسعة أوراق دسمة خلال فترة السمنار جاء البيان الختامي والتوصيات شاملا مانعا جامعا وبلسما لشفاء القلوب الجريحة من حرب ضروس ونبراسا ومشعلا في ليل ظلم قاسي.



    حيث أكد المشاركون ضرورة إكمال أتفاقية نيفاشا بمشاركة قوي المهمشين والقوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني كافة . إن تجزئة الحلول لا تؤدي الا لتعقيد المشكلات .وإن قضية دارفور هي قضية سياسية ،هي قضية السودان ،والمخرج هو إصلاح الهياكل الاقتصادية والاجنماعية المشوه. وبالتالي تكون وحدة ابناء السودان ضد الاخطار والمطامع الخارجية.

    وعليه وجه المشاركون في فلوتو رسائل إلى : حكومة الاتقاذ ومعاونيها ( الجنجويد) :
    o الالتزام بالتنفيذ الفوري والكامل لما نص عليه الاتفاق الإنساني لوقف إطلاق النار الموقع في انجمينا 8 أبريل 2004م.الالتزام بضمان حرية وصول المراقبين الدوليين لوقف إطلاق النار إلى جميع مناطق دارفور.كما على القوات الحكومية ومعاونيها أن تكف فوراً عن حملة الابادة الجماعية. ومساعيها للتحريض القبلي وتقسيم المواطنيين علي أساس عرقي .وعلي الحكومة القيـام فوراً بنزع سلاح وتسريح الجنجويد ، وسحبهم من المناطق التي احتلتها في دارفور بالقوة من عام 2003 وحتى الآن. كذلك لا بد من الالتزام بإجراء التحقيق في الانتهاكات التي اقترفتها قوات ميليشيا الجنجويد ، ومحاكمة المتهمين بارتكابها وفق المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، وإرغامـهم على التخلي عما نهبوه من ممتلكات. كذلك لا بد من إيقاف المسؤولين الحكوميين السودانيين المتهمين بالمشاركة في التخطيط أو التجنيد أو المهام القيادية لقوات ميليشيا الجنجويد. كذلك علي الحكومة أن تسهل تشكيل بعثة تابعة للأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان والتعاون معها. بالإضافة إلي اتخاذ الحكومة التدابير الفورية والفعالة لتمكين اللاجئين والنازحين من العودة الطوعية إلى ديارهم سالمين دون أي مساس بكرامتهم.

    إلى حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان
    لا بد من التنفيذ الفوري والكامل لنصوص الاتفاق الإنساني لوقف إطلاق النار الموقع في 8 أبريل 2004. كذلك لابد للحركتين من أن تسهل دخول العاملين في الإغاثة الإنسانية، بصورة كاملة وآمنة ودون عرقلة.والالتزام بالحل السياسي للمشكلة عبر الحوار السلمي.
    إلى حكومات دول الجوار المضيفة: لا بد من ضمان تمتع اللاجئين السودانيين في تلك الدول بما يلزم من الحماية والمعونة، وفقا للمواثيق والاتفاقات الدولية.
    إلى المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي:
    لا بد من الإسراع بنشر أفراد لجنة ومراقبي وقف إطلاق النار وضمان وجود العدد الكافي من المؤهلين في مناطق النزاع.والعمل علي إصدار قرار يهدف إلى إنهاء "الابادة الجماعية" وإزالة آثاره، في دارفور، وضمان حماية المدنيين المعرضين للخطر، وإيجاد المناخ الذي يسمح بالعودة الطوعية، في أمان وكرامة، لجميع اللاجئين والنازحين، إلى ديارهم، والنص على التوصيل الفعال ودون قيود للمعونة الإنسانية. كذلك ضرورة إنشاء لجنة خبراء محايدة، لفحص الأدلة القائمة على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وغيرها من انتهاكات القانون الإنساني الدولي التي ارتكبتها الحكومة ومعاونيها في دارفور، وتقديم التوصيات الخاصة بالإجراءات المناسبة ضماناً لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم. وأخيرا ضرورة تشكيل بعثة دولية لمراقبة حقوق الإنسان، وإنشاء مكاتب ميدانية لها في دارفور والخرطوم، ومنحها صلاحية الإبلاغ بصورة دورية وعلناً عن انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني.


    من خلال قراءة عامة لهذا البيان المشار اليه أعلاه وللتصريحات ومقترحات الحكومة وممارساتها فى جولات المفاوضات السابقة في أبشي الاولي والثانية، وإنجمينا، وأديس أبابا، جنيف، باريس، و أبوجا، وردود فعلها تجاه تصريحات واطروحات حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان، يلاحظ- من خلال ذلك - ان الحكومة ومعاونيها الجنجويد تعتمد على استراتيجية تفاوضية تعمل على محاور اساسية أهمها:

    1- عدم الاعتراف بالحركتين ككيانات سياسية تحارب الحكومة من أجل مطالب مشروعة في العدل والمساواة، وأنما التصريح بأنهم من قطاع الطرق، ولا يمثلون ابناء دار فور، وأحيانا تصرح بأنهم عملاء للأمريكان ويجدون الدعم من إسرائيل.

    2- العمل على إطالة أمد المفاوضات وتأخير نتائجها ما امكن لما بعد الانتخابات الامريكية وذلك لكسب مزيد من الوقت لافقاد الحركتين بعض اوراقها من جهة وكسب مواقع جديدة فى دارفور بعمليات عسكرية جديدة.

    3- الإكثار من طرح طلب تسليم الحركتين سلاحهما، والتجميع في معسكرات محددة ومعروفة. قبل تجريد الجنجويد من سلاخهم.

    4- الابتعاد عن طرح المسائل الجوهرية على طاولة البحث ، وتقديم مقترحات أمنية تفرغ المفاوضات من محتواها الاساسى المرتبط بالمسائل السياسية والاقتصادية.

    5- دفع العمليات العسكرية فى الاتجاه الاثني والعرقي.وتعميق وتجذير الصراع القبلي.

    6- التمسك بعدم تجريد الجنجويد من السلاح الى اطول فترة ممكنة للضغط على الحركتين لتقديم المزيد من التنازلات. ومن قد صرح الفريق البشير: "ما عايزين أسير ولا جريح ". والاشادة بالشيخ موسي هلال والعمل علي استيعاب الجنجويد في قوات الجيش والأمن والشرطة، لطمس أدلة تورط الحكومة في دعم الجنجويد.

    7- إشغال جانب الحركتين بالمفاوضات وطولها وتعقيداتها من اجل التمكين العسكرى فى دارفور وزيادة القوة الدفاعية و الهجومية للجنجويد و للقوات المسلحة والشرطة.

    8- الاكثار من المبالغة فى ذكر التخوفات الامنية، والتدخل الدولي، كذلك الادعاء الي أن الدعم المالى و العسكرى مقدم للحركتين من اسرائيل و امريكا والنرويج، وتضخم المعلومات حول ان المأساة الانسانية بسبب (المتمردين) وليس الحكومة.

    9- محاولة المساومة لربط مفاوضات الحركتين في أبوجا مع الحكومة والحركة الشعبية في نيفاشا والتجمع الوطني الديمقراطي في القاهرة.

    10- إبراز امكانية الحرب الهجومية وإستخدام الطيران الحربي وخاصة بعد شراء طائرات الميج من الصين وقدرة الحكومة على تحقيق السلام بالقوة.

    11- الالتفاف علي القرارات الدولية الضاغطة علي الحكومة للإسراع بتحسين الأحوال الإنسانية والالتزام بوقف إطلاق النار والتسوية السياسية، وذلك بحشد التأييد من الاتحاد الافريقي مثلما فعلت لافشال الادانة في إجتماعات اللجنة الدولية لحقوق الانسان، وإختيار الاتحاد الافريقي كوسيط للتسوية، ومراقب منفرد لوقف إطلاق النار، وعقد الاتفاقيات الأمنية مع تشاد (المصائب يجمعن المصابين ).كذلك حشد الجامعة العربية بإلادعاء أن إسرائيل خلف ثوار دارفور، وأن دخول الامريكان السودان يكرر تجربة إحتلال أفغانستان والعراق ويدعم مشروع الشرق الاوسط الكبير، والإسراع بعقد صفقات مثل الاتفاقيات الأربعة ومشروع الحوض النوبي لضمان انحياز مصر لمصالحها مع حكومة الإنقاذ. ومن جانب آخر حشد منظمة المؤتمر الاسلامي بأن الصراع بين حكومة الانقاذ الاسلامي وثوار دارفور العلمانيين المدعومين من الغرب. و دعوة الشيخ يوسف القرضاوي للتأثير علي أبناء دارفور.وأخيرا محاولة إدخال المجموعة الاسيوية ذات المصالح المتعارضة مع أمريكا، وشراء صفقات الطائرات الحربية من الصين بمئات الملايين من الدولارات ثم وزيارة وزير الخارجية لليابان.

    كما يمكننا ايضاً ان نحدد ان استراتيجية الحركتين للتفاوض تتبين على محاور اساسية اهمها:

    1- الحذر من المنزلقات التى تضعها الحكومة فى طريق المفاوضات و التى قد تؤدى الى تقديم تنازلات من وجهة نظر الحركتين فى وقت مبكر من المفاوضات و بالتالى القفز على اساس المفاوضات .

    2- التمسك باوراق المساعى الدولية مثل مساعى الامم المتحدة، الاتحاد الاوربي، الولايات المتحدة الامريكية وكذلك الجهود الوطنية وخاصة الاتفاقات مع التجمع الوطني الديمقراطي، والحركة الشعبية في حالة حركة تحرير السودان، وتنظيمات مؤتمر البجا، والاسود الحرة الحزب الشيوعي في حالة حركة العدل والمساواة ومحاولة القاء الاتهامات المتتالية على "الحكومة" بسبب عدم احترامها لاتفاقية نيفاشا الموقعة في أبريل الماضي، والخرق المتكرر لوقف إطلاق النار.

    3- العمل على اشراك منظمات المجتمع المدني السوداني والدولي بشكل اكثر فعاليه وذلك للضغط على " الحكومة "خصوصاً فى حالة نشوب الخلاف على اى من نقاط البحث فى جولات المفاوضات المختلفة . كوقف لاطلاق النار وتوصيل المساعدات الانسانية.

    4- الاصرار العلنى على عدم التوقيع على اتفاقيات لنزع السلاح قبل تحقيق تقدم ملموس فى حل المشكلة السياسية.

    5- العمل على احراج الوفد " الحكومى " من خلال الكشف عن تعنته وتشدده والخروقات المستمرة لوقف إطلاق النار ، والعجز في توصيل المساعدات الانسانية ،وإزدياد حالات الموت الجماعي للاطفال وللنساء .والمطالبة بحظر الطيران الحربي والمدني المستخدم في أغراض عسكرية.

    6- اظهار قدر من تحقيق الانجازات لصالح الحركتين في وقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات الانسانية وذلك امام الرأى العام السوداني والاقليمي والدولي.والمطالبة بوضع الاقليم تحت الرقابة الدولية أذا أستمرت قوات الجيش والجنجويد في حملات الابادة الجماعية.

    7- العمل على تقديم مبادرات ومقترحات بأمل ان تكون محط نقاش على طاولة المفاوضات ، ويبدو انها تمثل اكثر من الحد الادنى المتوقع القبول به فى ظل تحليل شامل للموقف وتوابعه المختلفة .

    8- العمل على ان يكون حق المشاركة في السلطة والتوزيع العادل للثروة محفوظا لأبناء دارفور خلال مسيرة المفاوضات التالية التى يتقرر فيها الوضع النهائى لمساعى السلام .



    يتبين من استراتيجية الحركتين انها تعتمد اساسا على تدخل وضغط دولي على الحكومة للتخفيف من تعنت مواقفها التفاوضية، كما تعتمد على استمالة الرأى العام السوداني والعالمى من خلال اظهار موقف الحكومة من حقوق الانسان السودانى والابادة الجماعية والتطهير العرقي والاغتصاب و المجاعة و الامراض فى دارفور والاستيلاء علي أراضي السكان الاصليين.



    من خلال العرض السابق لاستراتيجيات التفاوض لحكومة الانقاذ و حركتي العدل والمساوة وتحرير السودان يمكن ان نسجل الملاحظات التالية:

    1- ان الحركتين تعملا على محورى نجاح وفشل المفاوضات فى وقت واحد . بينما تلقى الحكومة بكل ثقلها فى احتمال النجاح دون ظهور اى استعداد لمواجهة احتمال الفشل. خاصة و أنها مطالبة بحسم (التمرد) في دارفور قبل التوقيع علي إتفاقية نيفاشا.

    2- تعتمد الحكومة على شرعيتها و السند الشعبى لها ولو كان جزئى لاستخدامه فى الضغط على الطرف الثالث ( الوسيط) وهم من دول الاتحاد الافريقي لدعم الموقف الحكومى التفاوضى ، فيما تعتمد الحركتين على بعض " انسانية" و" موضوعية " هذا الطرف الثالث الذى قد يلتمس بعض الميل لاعطاء الحركتين بعض السند السياسى .

    3- تعمل الحركتين على صياغة تصريحاتها ومقترحاتها بما ترضى المواقف الدولية بشكل عام ودول الجوار الافريقى بشكل خاص من مسائل المفاوضات ، بينما تقدم الحكومة مقترحاتها وتعلن تصريحاتها متمسكه " بثوابتها السياسية المتعلقة بمشروعها الإسلاموىعروبي " تجاة مسائل المفاوضات ، وقد تأخذ بعين الاعتبار بعض الالتفاتات فى الصياغة لارضاء الموقف الدولى .

    4- تتفق استراتيجيات الحكومة و الحركتين فى استبعاد الاتفاق على عدد من المسائل الهامة و الحساسة من تطبيق الشريعة الاسلامية، الفصل بين الدين و الدولة في حالة حركة تحرير السودان ، المشاركة في السلطة والثروة، اقامة مؤتمر إقليمي قومى دستورى لمناقشة قضايا السودان المصيرية تشترك فيها أقاليم السودان السته و الاحزاب و الفعاليات السياسية في حالة حركة العدل والمساواة.

    5- تحاول الاستراتيجية " الحكومية " تجاهل جوهر الصراع وهو قضية السودان باكمله، وتتجه لحل مشكلة دارفور كاقليم يعانى من مشاكل اقتصادية واجتماعية. وذلك بتكوين اللجان من الكوادر الدارفورية الموالية للنظام من نواب البرلمان وبعض الوزراء والعسكرين وبعض النظار والعمد لعقد مؤتمر لمناقشة وضع دارفور في الخرطوم بأجندة وتوصيات حكومية جاهزة. وكل ذلك قبل انجاز اى تقدم فى حل جوهر الصراع ، بينما تسعى الحركتين لترسيخ قضية السودان على المحورين وبمرونة متوازية ، رغم بعض التوجهات المتفرقة المتعجلة فى مجال السلام العادل و الشامل.



    ان لحظات انطلاق اى مفاوضات سياسية يفترض ان تبدأ بتصريحات من الاطراف المشاركة فيها والتى تمثل لهم الحد الاقصى للمطالب القابلة للتفاوض ، حيث تبذل تلك الاطراف جهداً للدفاع عنها وتوضيح اهميتها الحيوية ، وفى ذات الوقت يقلل كل طرف من اهمية مطالب الطرف الاخر او يعمل على ابرازها كمطالب تعجيزية . ولكن بعد المراحل الاولى للمفاوضات يقدم كل طرف تنازل فى الحجم او النوع عن مطالبة الاولى كابداء لحسن النية ، وقد يكون ذلك عبر اقتراح محايد يتجاوب معه طرف واحد على الاقل ، و التى تعطى دفعه معنوية لعملية التفاوض من جهة ، كما انها وسيلة ضغط على الطرف الاخر لتقديم تنازلات مماثله من جهة اخرى . وهكذا تستمر هذه العمليات الى ان يتم الوصول الى نقاط مشتركة تخدم اساس الاتفاق .

    ونضيف الى ان المفاوضات السياسية تتعرض للتوقف و الانقطاع او التوتر و المقاطعة الجزئية فى تكتيكات ومناورات متتابعة ، فاذا امتنع طرف ما عن تقديم تنازلات ذات اهمية نتيجة تخوفات يفترضها او عندما يطلب من الطرف الآخر تنازلات غير مقبولة او غير ممكنه - حسب تقديره - فان توقف المفاوضات قد يكون كليا . لذلك تكون المناورات و التكتيكات اثناء عملية التفاوض من قبل الضغط او الاحراج او توريط الطرف الاخر لاضعاف قدرتة على المساومة و بالتالى الخضوع او التسليم لبعض مطالب الطرف جهة المناورة . ان نجاح المفاوضات يكون عادة عبر توقيع اتفاق قائم على تنازلات متبادلة ، وليس بالضرورة ان تكون متساوية لقناعة الطرفين بان مصالحهما ولو المرحلية تتحقق بشكل اكبر وفق هذا الاتفاق ، وان وصول المفاوضات الحكومية و حركتي العدل والمساوأة وتحرير السودان الى مثل هذا الاتفاق يخضع لعوامل عديده متداخلة ، كما ان وصول هذه المفاوضات الى الفشل يخضع لعوامل اخرى . ومن هنا تخضع نتائج المفاوضات لجدل واسع بين السياسيين و الباحثين و من غيرهم .

    غير انه وقبل عرض ابراز واهم عوامل فشل او نجاح المفاوضات بين حكومة الانقاذ و حركتي العدل والمساوأة وتحرير السودان يجدر بنا ان نشير الى ان ثمة مسألة مهمة تحكم النتائج المتوقعة للمفاوضات ، وهى حجم الربح الممكن لكل طرف ، وحجم الخسارة التى قد تقع عليها ، حيث يتطلب تقليل الخسائر تراجعات يمكن ان تستمر فى حالة تصاعد الضغوط الخارجية من جهة و الخوف من فقدان كل شئ من جهة خرى ، وهذه التراجعات قد تجر لخسائر اكثر فداحة من التى كانت متوقعة قبل تقديم التنازلات . وفى هذا الاطار ومن هذه القاعدة يمكن لنا ان نعرض لابرز واهم عوامل نجاح او فشل المفاوضات بين حكومة الانقاذ حركتي العدل والمساوأة وتحرير السودان.

    أولا: عوامل فشل المفاوضات:

    أ - اصرار حكومة الانقاذ على مشروعها الحضارى ( الاسلاموىعروبي) دون اتاحة الفرصة للاحزاب و القوى السياسية الاخرى للمشاركة من خلال نظام ديمقراطى تعددى لاكمال مهام البناء الوطنى ، مما يجعل الحركتين فى موقف عدائى مع الحكومة ومتقارب مع التجمع الوطني الديمقراطي .

    ب- تباين الموقفين " الحكومه و الحركتين " من جهة " و الحكومة والمجتمع الدولي " خاصة الامم المتحدة والاتحاد الاوربي و الولايات المتحدة الامريكية من جهة اخرى . ويتمحور هذا التباين حول قضايا الديمقراطية ، حقوق الانسان ، رعاية ودعم حكومة الانقاذ للارهاب والتدخل فى شئون الدول الاخرى .

    ج- تنامى القوى المعارضة لمسيرة المفاوضات لدى الطرفين الحكومة والحركتين او احدهما الى الحد الذى يجعل احد الطرفين غير قادر على تقديم تنازلات يعتبرها الطرف الاخر اساسية.

    ثانياً: عوامل نجاح المفاوضات:

    ان نجاح المفاوضات بين الحكومة و الحركتين بشقيها الثنائية و المتعددة - تحكمه عوامل وظروف موضوعية تتعلق بالوضع الدولى واخرى ذاتية تتعلق باطراف التفاوض . حيث تلعب امكانات تقارب التصورات وقناعة كل طرف من التجربة التاريخية للعلاقة بينهما ان مصلحة الطرفين تتحقق بانجاح المفاوضات ، اضافة الى توازن القوى بينهما ، وشعور كل طرف بالمخاطر الناجمة عن افشال المفاوضات ، اضافة الى المهارات الاطراف فى المناورات و التكتيكات التفاوضية ، كل ذلك يلعب دوراً مهماً فى تحديد امكانات نجاح المفاوضات .

    وباستقراء الجو الدولى الموضوعى فى المنطقة و الواقع الذاتى الاطراف التفاوض فى هذا الاطار ، يمكن ان نخلص لاهم الاسباب و العوامل القائمة التى تساعد على نجاح المفاوضات :

    1/حاجة الاستراتيجية الامريكية الجديدة لاستقرار منطقة القرن الافريقى من خلال حل المشاكل الإقليمية، وأزالت بؤر التوتر فيها، وفى مقدمتها مشكلة جنوب السودان و دارفور.

    2 / أن حاجة حكومة الانقاذ الى نوع من الاستقرار الامنى و الاقتصادى للاستعداد لمرحلة الشراكة مع الحركة الشعبية، يدفعها باتجاه الحرص على انجاز تسوية محدودة مؤقتة لتتفرغ لحل هذه المشاكل، خصوصا وان هذه التحديات سوف تكون عاملا محددا لنجاح او فشل سياسات الحكومة المشتركة.

    3/إن تحليل القيادة السياسية للحكومة باتساع المعارضة وتحركات مناطق الهامش وخاصة مؤتمر البجا والأسود الحرة ( الرشايدة) ومجموعات كوش النوبية في شمال السودان و الدعوة للمهمشين من ضرورة حمل السلاح ضد حكومة المركز في الخرطوم يدفع الحكومة الى التفكير فى احتواء ثورة المهمشين القادمة. هذا العامل يدفع الحكومة الى تجاوب اكبر مع حلول سياسة محددة مؤقتة . ويساعد على نجاح هذا العامل عدم اتفاق الحركتين مع التجمع الوطنى الديمقراطى على اسقاط حكومة الانقاذ بقوة السلاح. وإذا توصلت الحكومة الى القناعة بعدم إمكانية الإتفاق السياسى مع الحركتين، فيبدو انها ستتجه الى توقيع إتفاق سلام مع أحد المفصولين من الحركتين، ومن ثم تحاول الحكومة الضغط على الحركتين بالسير في ذات الاتجاه.



    يتضح من خلال التحليل السابق ان نجاح المفاوضات فى ظل الظروف والمعطيات القائمة أمر غير راجح ، لان إحتمال الفشل قائم لتوفر عوامل متعدده ، أهمها عدم جدية الحكومة على إنجاح المفاوضات مقابل أدنى حد من التنازلات ،كذلك إن التسوية المتوقعة يرجح انها تتصف بالسطحية ،فى معالجة مشكلة دارفور ،حيث أنها لم تعالج جوهر الصراع فى السودان. وهذه السطحية تشكك لامكانية دوام هذه التسوية او نجاح تطبيقاتها العملية على المدى البعيد .

    محمد الزين محمد

    لندن 5 سبتمبر2004م






    Cordially,

    Mohamed Elzain Mohamed























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de