في سبتمبر من العام الماضي، أصر رجال الدبلوماسية المصرية على ترتيب لقاء بين الرئيس السيسي الزائر لواشنطون ومرشح الرئاسة دونالد ترامب.. تفادياً للحرج شملت اللقاءات هيلاري كلنتون المرشحة المنافسة.. بُعيد لقاء ترامب خرج المشير السيسي مبتسماً..رلكن سر الابتسامة شرحه ترامب للصحفيين حينما وصف ضيفه بالمدهش قائلاً " انظروا كيف سيطر على مصر".. يبدو أن قدرات السيسي في الالتفاف الناعم قبل الإجهاز على الخصم كانت مصدر إعجاب رجل الأعمال الذي يرنو وقتها للوصول للبيت الأبيض.. تكرر ذات الترحاب في الثالث من أبريل حينما ولج السيسي لأول مرة عتبات البيت الأبيض. يفصلنا نحو مائة يوم عن قرار مهم يجب أن يتخذه الرئيس ترامب بشأن العلاقة مع السودان .. الرئيس أوباما كان قد رفع العقوبات الاقتصادية لمدة ستة أشهر قابلة للمراجعة.. وقتها قدم أوباما مبررات للخطوة المهمة في نقاط أبرزها تعاون الخرطوم المضطرد في ملف الأرهاب.. كما شملت الحيثيات الإسهام الإيجابي في شؤون جنوب السودان بجانب انخفاض وتيرة العنف في دارفور . قبل الخوض في معايير واشنطن لمدى التزام السودان بالمطلوبات الأمريكية علينا أن نتوقف في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك.. قبل ايام ألمحت ممثلة أمريكا في مجلس الأمن لموقف جديد من الصراع في دارفور .. السفيرة نيكي هايلي أكدت تأييدها لتخفيض قوات اليوناميد في دارفور، وقالت: ربما لا نحتاج إلى سبعة عشر ألف جندي هنالك.. بل طالبت باستخدام وسائل جديدة بالإضافة لدور للحكومة السودانية .. هنا يبرز ملمح جديد لإدارة ترامب التي تسعى لتركيز جهودها في جبهة حرب الإرهاب.. الحقيقة أن أمريكا دفعت نحو عشرة مليارات دولار في تمويل أنشطة متعلقة بحفظ السلام في دارفور بجانب المساعدات الإنسانية.. ارتفاع التكلفة المالية يغري إدارة ترامب بالانسحاب من المشهد الدارفوري.. سيحدث ذلك الانسحاب عبر استخدام الساتر. في تقديري أن الحكومة السودانية في غالب الظن ستكسب مهلة إضافية أكثر من رفع كامل ونهائي للعقوبات .. ملف التعاون الاستخباراتي سالك جداً .. لا توجد أي دلالات أن الخرطوم تتدخل بشكل سالب في شؤون جنوب السودان .. بل إن هنالك شواهد تدلل على الوجه الإيجابي .. من ذلك تدفق أرتال اللاجئين نحو السودان في أعقاب توجيهات الرئيس بفتح الحدود.. كما أن الصورة الذهنية السالبة لحكومة سلفاكير لن تجعل لها صوتًا مسموعاً في البيت الأبيض. من المهم إعادة قراءة أهمية الدور المصري في قرار رفع العقوبات الأمريكية عن السودان .. بات من الواضح أن إدارة ترامب قد أوكلت لمصر ورئيسها السيسي دوراً جديدًا ومهماً في المنطقة ..أي توصية مصرية بشأن السودان سيكون لها وزن إضافي.. لهذا التعويل على البوابة الخليجية وحدها ليس كافياً.. لدول الخليج هواجس وتحديات تخصها في علاقتها بإدارة الرئيس ترامب التي ورثت تركة مثقلة من سوء الظنون بُعيد صدور قانون (جاستا) بدعم كبير من الكتلة الجمهورية في غرفتي البرلمان الأمريكي. بصراحة .. في مثل هذه المتغيرات والأرض الطينية على الدبلوماسية السودانية توخي الحذر وممارسة أكبر قدر من ضبط النفس مع الجار الجنب.. أي ملاطفة مع أديس أبابا في هذا الوقت قد تُوصِد بوابة الفرج المصري. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة