الصدق والكذب (3-3) بقلم خالد الحاج عبدالمحمود

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-14-2024, 05:12 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-06-2017, 05:02 PM

خالد الحاج عبدالمحمود
<aخالد الحاج عبدالمحمود
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 164

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الصدق والكذب (3-3) بقلم خالد الحاج عبدالمحمود

    05:02 PM December, 06 2017

    سودانيز اون لاين
    خالد الحاج عبدالمحمود-
    مكتبتى
    رابط مختصر

    بسم الله الرحمن الرحيم
    "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ"

    لقد دار الأستاذ علي العوض كثيراً حول الصدق والكذب.. وذلك لمعرفته بما هو عليه من كذب.. وليس الكذب في القول وحسب، فهذا أخف من غيره.. كذب علي العوض هو في موقفه كله.. فهو بعد أن نقد د. النعيم نقداً واضحاً، جاء ليقول عكس ما ورد في ذلك النقد.. فهو يعلم تماماً أنه في موقفه الأخير من د. النعيم يكذب عن علم، ويمكن الرد على كذبه هذا، من أقواله هو نفسه.
    الأستاذ علي العوض أراد أن يقول إن د. النعيم صادق وهو يعلم أنه كاذب فلجأ إلى حيلة ضعيفة ومتهافتة، فاختار موقفاً جانبياً ليقول فيه أن د. النعيم صادق، وحجب جميع صور كذب د. النعيم التي يعلمها.. يقول الأستاذ علي العوض في هذا الموضوع: (مثلاً في نص الأخ البروف النعيم، في مقابلته للأستاذ محمود، لم أرى ما رأه د. محمد محمد الأمين، من أنه تطرق لدواخل الأستاذ محمود.. وقبلت كلام البروف، بأن الأستاذ محمود قد قال له ذلك..).. وفي نفس الموضوع يقول: (كان من الممكن أن نقول للبروف النعيم بأن الأستاذ محمود لا يمكن أن يقول بأنه سعيد بأن أحد تلاميذه عارضه.. لكننا لم نكن معه.. ولا نعرف حقيقة ما قيل.. نصدقه ولكن لا نبني على ذلك..)!! من طبائع الأشياء أن الصدق يُبنى عليه، فلماذا نصدقه ولكن لا نبني على ذلك؟! يقول علي العوض في نفس الموضوع: (ونحن نحمد للبروف أنه لم يقل لنا ان الأستاذ محمود قد قال له ان الحدود مرحلية وانه قالها مراعاة لضعف تابعيه!! نشكره لصدقه..)!! هكذا يستدل علي العوض على صدق د. النعيم بما لم يقله، لا بما قاله "ونحن نحمد للبروف أنه لم يقل لنا ...إلخ".. و"نشكره على صدقه"!! علي العوض يريد أن ينسب د. النعيم للصدق، فترك كل أكاذيب د. النعيم لينسبه للصدق بدليل لم يقله!! واتجه الأستاذ علي العوض إلى التحذير من التكذيب بصورة معممة، وهو يستخدم الآية القرآنية "ويل يومئذ للمكذبين"، بصورة توحي بانه يريد أن يقول، ويل لمن يكذب د. النعيم، وويل لمن يكذب علي العوض!! اسمعه يقول: (التكذيب ينم عن خفة في الرأي، وبالطبع خفة في العقل، وقد قال الله تعالى: "ويل للمكذبين".. لذلك من الأدب عدم التكذيب..).. الأدب مع من؟! إن قولك هذا هو مبالغة في سوء الأدب مع الله تعالى، بتحريف قوله عن موضعه.. فعبارة: "ويل يومئذ للمكذبين"، وردت في القرآن كثيراً جداً، وهي تعني المكذبين بأمر الله، وليس المكذبين للناس، خصوصاً الذين عرف عنهم الكذب.. وكلمة ويل تعني البعد عن الله.. وويل للمكذبين تعني بعداً للمكذبين عن الله، بسبب تكذيبهم أمره.. فلا يمكن أن يكون لمن يكذب مسيلمة الكذاب الويل!! بل تكذيبه واجب، لأن كذبه واضح ومفضوح.. عندما زار وفد قريش ملك الروم بصدد النبي صلى الله عليه وسلم، سألهم بعض الأسئلة عن النبي الكريم، منها قوله: (هل جربتم عليه من كذب؟) فقالوا: لا!! قال: (ما كان ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله!!).. وصاحبك د. النعيم في زعمه الباطل ان الدين صناعة بشرية، يُكذِّب المعصوم في قوله انه رسول من الله، بل هو يُكذِّب جميع الرسل.. فالأولى ان تقول عبارة (ويل يومئذ للمكذبين) في وجه هو، لا في وجه من يكذبونه أو يكذبوك.. وفي حق الخبر الذي يرد عن الناس بعضهم لبعض ليس المطلوب التصديق مباشرة، وإنما المطلوب هو أن نتبين، ثم نبني على تبيننا هذا ان كان الخبر صادقاً أو كاذباً.
    في موضوعك كله أنت (تعرض) خارج الحلقة!! فلنحاول جرجرتك إلى داخل الحلقة، ومن خلال موضوع الصدق بالذات، لأنه موضوع هام جداً فالمؤمن لا يكذب.. والآن، سنورد لك بعض أقوال د. النعيم، ونطلب شهادتك امام الله وأمام الناس، عن صدقها أو كذبها.. ونريد منك قول واضح ومحدد، بأن تقول انها صدق، أو انها كذب.. وإذا قبلت أن تكتم الشهادة، ويكون آثم قلبك، كشأن اخوانك الذين سبقوك، فهذا شأنك.. والإجابة تكون قد وصلت لنا، ولعامة القراء.
    ونحن هنا سنورد بعض أقوال د. النعيم كما هي في القائمة التي أودعناها في هذا الموقع، وحسب ترتيب تلك الأقوال، حتى يتم الرجوع إلى مصادرها.

    يقول دكتور النعيم:
    1/ (ان الفكرة التي تقول إن القرآن هو المصدر المباشر أو الأساسي للتشريع، إنما هي فكرة مضللة، وغامضة، وتسبب إشكالية حقيقية..).. ح 3/1
    (أ) نحن نسأل الأستاذ علي العوض: هل الفكرة الجمهورية تقول إن القرآن هو المصدر المباشر أو الأساسي للتشريع أم لا؟
    (ب) إذا كانت الفكرة الجمهورية ترى ان القرآن هو المصدر الأساسي والمباشر للتشريع، هل هي بذلك فكرة (مضللة، وغامضة، وتسبب إشكالية حقيقية)؟
    2/ يقول د. النعيم: (ومن واقع معرفتي بالتاريخ الإسلامي أو تواريخ الشعوب الأخرى، فإن المسلمين لم يصبحوا بشرا صالحين بسبب أنهم مسلمون، كما أن المسيحيين لم يصبحوا مسيحيين صالحين، بسبب أنهم مسيحيون، وهلمجرا..).. ح3/10
    هذا يعني أن د. النعيم يرى أن الأديان لا تؤدي لصلاح البشر، فإذا كان الأمر كذلك فإنها لا قيمة لها.. فهل يوافق علي العوض د. النعيم بأن المسلمين، تاريخياً لم ينصلحوا بالإسلام.. حسب الواقع التاريخي، هل د. النعيم في زعمه هذا صادق أم كاذب؟
    3/ يقول د. النعيم: (بالمناسبة مفهوم جريمة "الحد" نفسه، مفهوم صاغه وابتدعه الفقهاء.. وليس هناك أي ذكر لهذا المفهوم في القرآن..).. ح3/7
    هل د. النعيم في هذا القول صادق أم كاذب؟
    4/ يقول د. النعيم: (وعلى هذا، فإن النسخ الذي حدث كان خيارا اتخذه الفقهاء المشرعون والقضاة!! لا يوجد نص في القرآن يقرّر النسخ!!).. ح3/8
    هل فعلاً لا يوجد في القرآن نص يقرر النسخ؟ أم أن د. النعيم كاذب في زعمه هذا؟ وهل من يكذب على الله يمكن أن يتورع من الكذب على خلقه؟.
    هذه مجرد نماذج بسيطة وواضحة، ولكنها كافية جداً لتضع صدقك أنت على المحك، وأذكرك ان عدم الإجابة هو إجابة كافية تتضمن الكذب، وخيانة أمانة أداء الشهادة.
    يقول الأستاذ علي العوض: (الأخ عبدالله عثمان واضح بأنه "متعاطف" مع د. النعيم.. وقد عمل معه في ميثاقه.. لكنني اعتقد بأنه لا يفوت عليه "خروج" اطروحات د. النعيم وأفكاره عن الفكرة الدين، وعليها..).. واضح جداً من النص ان الأستاذ علي العوض يقرر بصورة لا لبس فيها ان اقوال د. النعيم خارجة على الدين، وخارجة عن الفكرة كدين، وخارجة عليهما.. يقول الأستاذ علي العوض، قديماً، قبل الارتكاسة عن كتابتي: (هناك تصحيح كبير تم لتشويهات بروف النعيم للفكرة..).. وهذا إقرار واضح بأن د. النعيم شوه الفكرة، ومع ذلك يقرر علي العوض بعد الارتكاسة ان د. النعيم جمهوري!! وبذلك يذهب إلى النقيض تماماً، لما قرره في البداية، رغم أن ما قرره في البداية قائم على أسس واضحة لا يمكن الخلاف حولها، أما ما قرره مؤخراً فلم يورد عليه أي دليل.. وقد قرر علي العوض، قبل الارتكاسة، مبدأ أساسياً واضحاً لمعرفة من يخرج عن الفكرة وعن الدين، وقال: (الفكرة الجمهورية "دين" وفيه ثوابت وأساسيات ان تم التخلي عنها فهو الخروج عن الدين والخروج على الدين.. الفكرة تعطي الناس حق الخروج عنها وعليها، لكن لا تضن على أعضائها بالقول لهم انهم قد خرجوا.. وهي بهذا غير ليبرالية، تعطي أي منتمي لها الحق في أن يقول ما يقول ثم يذهب موفوراً يرفل في ثياب العافية الفكرية والدينية..).. 8 أغسطس 2013 الصالون.. قول واضح ومسدد.. إن كان الأستاذ علي العوض قد نسى أو تناسى أقوال د. النعيم التي تتخلى عن ثوابت الفكرة وثوابت الدين جميعها وبصورة صارخة، فمن حقه علينا أن نذكره بها.. ولكن قبل ذلك نورد نص علي العوض، بعد الارتكاسة، الذي يزعم فيه ان د. النعيم جمهوري.. يقول: (الا ترى يا د. محمد محمد الأمين ويا د. بليلة أنكم تكلفان الجمهوريين بمن فيهم البروف وغيره فوق طاقتهم)..
    من هو الجمهوري؟ حسب علي العوض، هو من يكون على ثوابت الفكرة الدينية، ولا يخرج عنها، وحسب هذا التعريف اعتبر علي العوض، قبل الارتكاسة ان د. النعيم خرج عن ثوابت الفكرة الدينية، وعليها.. وبذلك، حسب التعريف، هو ليس جمهورياً.. أما ما قرره أخيراً من أن د. النعيم جمهوري فلم يورد عليه أي دليل.. الأمر الواضح جداً ان الجمهوري، هو من يكون على طريق محمد صلى الله عليه وسلم عقيدة وعملاً.. وهذا التعريف يشمل تعريف علي العوض، لأن من يكون على طريق محمد يكون على ثوابت الفكر الديني.. ومن لا يكون على طريق محمد يكون قد خرج على ثوابت الفكر الديني.. الفكرة الجمهورية ليست انتماء لجماعة وحسب، فالفرد قد يكون مع الجمهوريين، وهو ليس بجمهوري.. والآخر قد يكون على طريق محمد صلى الله عليه وسلم، فهو جمهوري، وإن لم يسمع به الجمهوريون.. والفرد قد يكون جمهورياً ثم يخرج من الفكرة وعليها، فيصبح غير جمهوري.. وقد انذرنا بذلك الأستاذ محمود كثيراً، وقال ان هنالك غربلة للجمهوريين ستتم.. وفي هذه الغربلة، الغربال قد يرمي الكبيرة ويمسك الصغيرة.. وهذا ما يجري في مجتمعنا بالفعل.. فقد ادركتنا الفتن، التي انذر بها المعصوم، وهي فتن من صفاتها، كما اخبر المعصوم (كقطع الليل المظلم، القاعد فيها خير من القائم.. والقائم فيها خير من الماشي).. (ولأن تكن مقتولاً خير لك من أن تكون قاتلاً..).. و(تجعل الحليم حيران).. وفيها (يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً.. ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً..).. إلى آخر ما انذر به المعصوم.. والمتأمل يرى ان هذا يجري الآن بالفعل، وبصورة مخيفة، خصوصاً في فتن العقيدة والفكر، وفي فتن الهوس وسفك الدماء، مما قاله المعصوم عن هذه الأخيرة، ان القتل (الهرج) ينتشر، وفيه (لا يعرف القاتل لم قَتل، ولا يعرف المقتول لم قُتل..).
    نحن هنا سنورد بعض أقوال د. النعيم في مجال فتنة العقيدة والدين.. ونحن في حيرة لماذا يقول هذا الذي يقوله؟!
    من هذه الأقوال:
    1/ (أنا لا أفكر في سبب إيماني بالله. هذا الموضوع لا يهمني إطلاقا. بل أنا لا أفكر فيه حتى. ولا أهتم أن أوضح أسبابا لذلك. أنا لا أحتاجه، لأدافع عنه أمام أي شخص، وبالمناسبة هذا هو السبب الذي قادني إلى قناعتي السياسية بوجوب تطبيق الدولة العلمانية..).. ح3/9..
    2/ (لأكون واضحا، أنا لا أهتم كثيرا بأن أقنع الناس الذين لا يؤمنون بالله، بأن الله موجود.. هذا ليس واجبي. بالنسبة لي شخصيا، هذا الأمر ليس من أولوياتي. أنا لا أهتم إن أصبح كل العالم مسلمين، أو ظلوا مسيحيين. بالنسبة لي هذا الموضوع غير مهم..).. ح3/10..
    3/ (كمسلم، فأنا دائما أطلق التقرير (الهرطقي) أن الدين علماني، وهذا القول ربما يبدو متناقضاً، في العبارة. ولكن واقع الأمر هو، أنه ليس لنا من سبيل لأن نعتنق الدين، أو نعقله، ونتأثر به، أو نؤثر فيه، إلا عبر الواسطة البشرية. فواسطتنا، كبشر، هي العامل الحاسم في تحديد، وتعريف، ديننا. وبهذا المعنى فإن الدين علماني.. الدين من صنع البشر.. وموقفي هنا، هو أن أؤكد علمانية الدين، هذه، التي أتحدث عنها، حيث يمكن، من هذا المنطق، إخضاع الدين للسياسة، أي جعله عنصراً، وذخراً، سياسياً.. وهذا المفهوم ينطبق، بنفس المستوى، على الثقافة.. فأنا، عندما أتحدث عن الدين والثقافة، إنما أتحدث عنهما بنفس المعنى، أي بمعنى أن كلاهما من صنع البشر، وأن كلاهما يمكن إعادة صنعهما، من قبل البشر)!! ح2/5 ..
    4/ (وأوضح وجهة نظري التي أقول بها إن القرآن ليس مصدرا للتشريع، ولا للشريعة حتى..).. ح3/3 ..
    5/ (الاعتقاد أن الشريعة الإسلامية منزلة من الله هو مصدر المشاكل، والنفاق، والمعايير المزدوجة التي نعيشها اليوم..).. ح3/5 ..
    6/ (وعليه فإن النسبويين الأخلاقيين يعارضون ادعاءات وجود صنف واحد مطلق من الأخلاق، أي أن هناك قيم أخلاقية مطلقة وثابتة يمكن على هداها الحكم بصحة أو خطأ ممارسات أو قيم بعينها للثقافات المختلفة..).. ح2/16..
    7/ (أعتقد أن صياغة السؤال بهذه الطريقة باطلة من حيث المفهوم، نظراً لأن السؤال يفترض أن هنالك شيء قابل للتعريف، ومتماسك اسمه "الإسلام"، يمكن مقارنته بتعريف ثابت وراسخ لحقوق "الإنسان"..).. ح2/1..
    8/ (هنالك جدل واسع بين المسلمين "الذين اصروا و يصرون، في الماضي والحاضر، على ان فشل المسلمين في المعيشة وفقا للمثل العليا للاسلام لا يجب ان يتخذ ببساطة مؤشر الى ان المشكلة هي في الاسلام نفسه. ومن جانبي لا اقبل بهذا الدفع، فيما احاول عرضه،لأني اتحدث هنا عن الاسلام كما هو مفهوم وممارس من قبل المسلمين، وليس كما هو في نموذجه المثالي الاعلى..).. ح2/4..
    9/ (ولكن الأمر فيما يخصني هو أن هذا هو موقفي! وهذه بالطبع هي عقيدتي في كيفية حدوث الأشياء في الكون. فأنا لا أعتقد أن الله يفعل الأشياء في هذا الكون بطريقة متجاوزة للوجود المادي أو خارقة للطبيعة. إن الله يفعل في الوجود عبر الواسطة البشرية.. فالبشر هم الذي يتصرفون ويتخذون المواقف.. إننا نحن البشر من نفعل أو نفشل في الفعل..).. ح2/6..
    10/ (عندما أقول ديني، وهو الإسلام، فإني لا أتحدث عن الإسلام بصورة عامة، أو الإسلام بالنسبة للمسلمين الآخرين، وإنما أتحدث عن الإسلام الشخصي. ذلك أنه بالنسبة لي الدين يجب أن يكون ذاتيا. لا يمكن له أبدا أن يكون غير ذاتي. لا يمكن للدين أبدا أن يكون غير التجربة الفردية والشخصية للإنسان..).. ح2/10..
    نحن هنا، في إطار الحديث عن الذين يشوهون الفكرة من داخلها، نحب أن نعلق على أخبار الحزب الجمهوري وما آل إليه أمره.. فد. النعيم والأستاذ علي العوض وجماعة الحزب الجمهوري، جميعهم قبيل واحد، يربط بينهم الخروج على الفكرة والعمل على تشويهها باسم الانتماء إليها.
    الحزب:
    الأستاذ علي العوض، ليس وحده المتلفت، الذي وصل إلي ان ينقلب علي عقبيه.. فجماعة الحزب، سبقوه في ذلك، فهم كانوا يقولون، حسب زعيمتهم، الأستاذة أسماء محمود أنهم ضد الحركة السياسية.. وقد عبرت الأستاذة أسماء عن ذلك بصورة واضحة، في أوقات مختلفة.. وأسماء الآن عملياً هي زعيمة جماعة الحزب.. والزعيم لا يتلفت.. قال الزاكي الأمي: "قبيل قالوا الجنيات* راعي الديش مو لفات".. وقال تعالى: "وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ".. أمضوا حيث يأمركم ربكم، لا حيث يأمركم هواكم..
    الآن الأستاذة اسماء و جماعتها، يعكسون موقفهم تماماً، ودخلوا في العمل السياسي بصورة عملية.. ومن الأفضل أن نذكر أسماء، ببعض أقوالها التي تعبر فيها عن موقفها ضد الحركة السياسية.. فهي قد قالت، مثلاً: (نحن لدينا فهم مختلف في مسألة السياسة وهي تعني لدينا: إدارة شؤون الناس وفق الحق والعدل ولا نرى أن الأمر مطبق حالياً، ونرى أن كل السياسيين عبر التاريخ مهتمون بالمصلحة الشخصية، وتحقيق المكاسب المادية وترسيخ المحسوبية، والكذب والنفاق، واستعباد الناس وتخويفهم وقهرهم وسلب حقوقهم، وبدلاً أن يكونوا خداماً للشعب السوداني يخدمون مصالحه يصبحون أسياداً للشعب السوداني، في مثل هذا المناخ لا يمكن أن نمارس السياسة)!! لاحظ (لا يمكن أن نمارس السياسة) والآن هي تمارس السياسة، وتقيم حزباً، تسعى من خلاله إلي السلطة، شريطة أقتناع 51% من الشعب السوداني بما تدعو إليه!! والأحزاب التي هجتها كل هذا الهجاء، هي الأن من تسعى إليهم، وتقول انها تلتقي معهم (نلتقي مع قوى المعارضة في العمل من أجل انتزاع الحقوق، وازالة هذا الوضع الفاسد واقتلاعه).. جريدة اخبار الوطن الاحد 26 نوفمبر.. ولم تذكر الأستاذة اسماء أن الأحزاب تغيرت عما وصفتهم به، فلم يبق إلا انها هي من نزل إليهم، لتلتقي بهم في أوصافهم التي ذكرتها..
    تقول الأستاذة أسماء: (نركز على العمل الفكري وإقناع الناس بالنظرية الكاملة في التغيير والتربية وفق المنهاج النبوي، لأن الشخص الذي لم يتربَّ جيدا حينما يأتي إلى السلطة يفسد..).. والأن تركت الأستاذة أسماء، (النظرية الكاملة في التغيير والتربية وفق المنهاج النبوي) وتركت التربية أساساً – وهي الشرط الأساسي للتغيير- لتمارس السياسة علي ما هي عليه من مفارقات خطيرة، ليست بغائبة عن الأستاذة أسماء، فالموضوع لم يعد اصلاح الناس، وخدمة الشعب السوداني، وإنما أصبح سياسة بنفس المفهوم الذي عليه الأحزاب التقليدية.. تقول الأستاذة أسماء في مواصلة نفس النص: (نحن لسنا طلاب سلطة أساساً، إذا أعطوني اليوم فرصة لأن أحكم السودان سأرفض (ودَه طرفِي مِنُّو)!! لا نريد السلطة، نريد أن تتغير حياة الناس بما نقدمه لهم وهذا ما لدينا في المرحلة!!).. هذا هو قول أسماء في القديم أما في الجديد، فهي تسعي إلي السلطة وتتحالف مع الأحزاب التقليدية التي كانت تدينها بأعنف أساليب الأدانة، كلما هنالك أنها تشترط الأغلبية.. وفي الديمقراطية الوضع الطبيعي أن الحزب الفائز لا يصل الى السلطة إلا عن طريق الأغلبية.. فشرطها هذا شرط لا معنى له، فهو قائم بحكم النظام الديمقراطي.
    وتقول الأستاذة أسماء: (الفكرة الجمهورية كفكرة دينية قائمة على مسائل روحية، العمل فيها لا يقوم بطريقة الأحزاب العادية، كمقاومة فقط!! فهناك مسائل كثيرة، ومعقدة: في الاعتقاد، والعمل الروحي، وفى الانتظار، وفى الدعوة لإصلاح المجتمع، وعودة المسيح والآخرة!! وهذه مسائل كانت تقف أمام الجمهوريين في القيام بعمل، ويكون غير المطلوب..)!!
    في القديم العمل لا يقوم بطريقة الاحزاب العادية، والآن العمل يقوم بطريقة الأحزاب العادية.. وتخلت الأستاذة اسماء عن كل الشروط الدينية التي ذكرتها (الاعتقاد، والعمل الروحي، وفى الانتظار، وفى الدعوة لإصلاح المجتمع.. الخ).. أما اعتبارات عودة المسيح، والآخرة، فقد تخلت الأستاذة اسماء وحزبها عنها تماما.. تخلت عن الإذن الإلهي _إذن التطبيق_ والبديل هو أسماء وصحبها، فهؤلاء هم بديل المسيح الموعود!! فكأنهم يقولون: انتظرنا وانتظرنا ولم يظهر أي مسيح!! فمن الأفضل أن نقوم بالأمر من أنفسنا، فكل شيء في الفكرة واضح، فلا توجد ضرورة للإذن الإلهي ولا للمسيح.. هذا هو (الوقت) عند جماعة الحزب، وهو البديل لوقت الله الوارد في اذن التطبيق الذي تحدثنا عنه!! نقول لهم: إن الاختلاف بين وقت الله ووقتكم، كالاختلاف بين الحتمي والمستحيل!! او الاختلاف بين أمر الله وأمركم!!
    وتقول الأستاذة أسماء في القديم: "(الكلام عن الحزب الجمهوري: هل هو حزب عشان الناس يتعاملوا معاهو على أساس إنه حزب، ولاّ هل هو حاجة غير كدا؟؟ الحزب الجمهوري نشأ كحزب جمهوري.. لكنه حسع هو الفكرة!! فكرة مطروحة للتغيير!! وأنحنا ما بنعمل العمل، ما بنتنظم كحزب، ونقوم بالعمل البي يقوموا بيهو الأحزاب، لأنه نحن أساسا ساعين لي إقناع الناس بي فكرتنا!! لو ما جات الأغلبية البيها نحن بنكون مكان لاعتبار الناس، ويطرونا الناس، ما بنشتغل بالعمل السياسي، البشتغلوا بيهو بقية الأحزاب!! لأنه نحن أساسا عندنا دعوة للتغيير!! دعوة بنفتكرها إنها كونية!! بنفتكرها إنه العالم كله محتاج ليها!! دا طموحاتنا نحن!! ودي قناعتنا نحن بي فكرتنا!! وعقيدتنا فيها!! فبالتالي ما بنتجمع، ونخش مع الأحزاب، على أساس إنه نتعامل مع ناس ما بيؤمنوا بي فكرتنا، وما يؤمنوا بالقضية الأخلاقية، وما بيؤمنوا بقضية التغيير، ونتلمّ معاهم، وفي النهاية تحصل الخلافات، زي ما قاعد تحصل حسع بين الأحزاب!! لأنه كل حزب عنده رؤيته المختلفة يعني!! فبمجرد ما يتلمّوا، اتلمّوا كمجموعة!! لكن لما تجي التفاصيل، بتكون مشكلة كبيرة!! ودي بتقودني للسؤال عن مسألة إنه: الناس حقهم يتفقوا على مسألة المواطنة كشعار أنه الدولة تقوم على هذا الأساس!! يعني، أنحنا ممكن نرتضيها، لكن لمن تجي التفاصيل الدقيقة برضو الاختلاف بيحصل!! لأنه مجرد إنه الناس يتلمّوا ما معناها متفقين!! الناس لازم يتلمّوا _يجتمعوا_ علي قناعة، علي فكرة معينة بكل تفاصيلها..)!! كل هذا تخلت عنه الأستاذة أسماء وحزبها، وعكسوا وضعهم تماماً.. وأصبحوا يسعون الى (اللمة) دون فكر يجمع الناس.. وتخلوا تماماً عن الناحية الدينية والتربية، وبدل الدعوة الكونية، أصبحوا يسعون الى السلطة، في بلد واحد، بنفس الصورة التي تعمل بها الأحزاب التقليدية!!
    تقول الأستاذة أسماء: (الفكرة دي هي ما مجرد عمل سياسي.. هي دعوة صاحبها مأذون ليهو.. بي عمل من العبادة والعلاقة مع الله، جات الفكرة دي منزلة من الله، كأنها وحي.. ودي قناعتنا نحن كدا.. وأنا قناعتي شخصيا انو الدعوة دي داعيها الأستاذ، وأنها بتنصر برضو من الله، بطريقة أنو نحن منتظرين عودة المسيح.. قناعتي أنا الشخصية انو الدعوة دي بتنتشر، وبتعم الأرض لأنها هي عمل من الله، وناصرها الله، وداعيها الله..)!! هكذا كانت الرؤية واضحة.. الفكرة ليست مجرد عمل سياسي، وأنها مأذونة من الله والداعية فيها هو الله، وناصرها الله.. أما في الدعوة للحزب الجمهوري الجديد، فقد تم استبعاد اساس الدعوة تماماً!! استبعد الله، واستبعد الأستاذ محمود صاحب الدعوة وصاحب إذن التبشير، واستبعد النبي صلى الله عليه وسلم، قدوة التقليد، واستبعد المسيح، صاحب إذن التطبيق!! هذه دعوة جديدة تماماً ليست لها علاقة بدعوة الأستاذ محمود محمد طه لبعث الاسلام، وأصحابها يعلمون ذلك، ويعترفون به بوضوح، كما هو واضح من أقوال الأستاذة اسماء..
    لمصلحة القراء الكرام، نحب ان نذكر ببعض الحقائق الأساسية بالنسبة للفكرة الجمهورية، حتي يتضح حجم المفارقة.. الفكرة الجمهورية دعوة لبعث الإسلام في مستوى جديد من التوحيد _من لا اله الا الله_ بحيث تأخذ معناها النهائي الذي كان عليه المعصوم صلي الله عليه وسلم، وهي تعني لا فاعل لكبير الأشياء ولا صغيرها الا الله، تعني وحدة الفاعل.. الفاعل الوحيد في الوجود هو الله تعالى، وكل فاعل سواه، فعله محاط به من قبل فعل الله.. وهذا المستوى من التوحيد هو مستوى الإسلام الاخير.. الفكرة دعوة للرسالة الثانية من الإسلام، وهي رسالة أمة المسلمين، في حين أن الرسالة الأولى كانت رسالة أمة المؤمنين.. ورسالة أمة المسلمين تبدأ بالأسلام الأول والإيمان، والباب أمامها مفتوح ليحقق الأفراد مراحل اليقين من الإسلام _المستوى العلمي_ ومحمد صلي الله عليه وسلم هو رسول الرسالتين، الرسالة الأولي رسولها محمد صلي الله عليه وسلم والرسالة الثانية رسولها أحمد.. الرسالة الأولى كانت تنزل لمستوى الناس في القرن السابع الميلادي.. أما الرسالة الثانية التي تخاطب الإنسانية المعاصرة فهي ارتفاع لمستوى الرسالة الأحمدية _مستوى السنة، وهي عمل النبي في خاصة نفسه.. من أجل ذلك منهاج السلوك في الرسالة الثانية يقوم على تقليد المعصوم في عمله في العبادة، وفي مايطيق الناس من المعاملة، وآيته قول الله تعالى: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ" .. وطريق محمد صلى الله عليه وسلم، هو المنهاج العملي الذي تدعو إليه الفكرة، ويمكن أن يقال انه هو الفكرة.. فما تبقى من الفكرة هو عبارة عن معارف، نتجت عن ممارسة العمل في طريق محمد.. والإسلام الأخير الذي تدعو إليه الفكرة هو المستوى الأخير من دين الاسلام، والذي يظل التطور في مجاله سرمدياً، يشمل جميع مراحل الوجود الإنساني، في عالم الدنيا وعالم البرزخ وعالم الآخرة.. فالإسلام في هذا المستوى، هو خلاصة التجربة الدينية وقمتها، وقد ظل التطور يطلبه طوال مراحل الوجود في الأرض.. هو دين الله، الذي قال عنه تعالى: "وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ".. والآية تعني ضمن ما تعني، عندما تتهيأ الأرض للإسلام الأخير، فكل محاولة لحل مشكلات البشر فيها، بغير الإسلام لن تنجح، ويكون اصحابها من الخاسرين.. وقد استعدت البشرية للإسلام الأخير بالحاجة إليه والطاقة به، فكل يوم جديد تنغلق السبل أمام حل مشكلات الإنسانية بغير الإسلام.. فالواقع البشري اليوم واقع هائل جداً، ليس لحل مشكلاته من سبيل سوى القيم الداخلية الدقيقة التي يقوم عليها الإسلام الأخير، وتقوم عليها حياة النبي صلى الله عليه وسلم.. لقد قطعت البشرية شوطاً طويلاً في معرفة آيات الأفاق، واستعدت لمعرفة آيات النفوس، وهي معرفة مستحيلة بغير الأسلام.. البشارة بأمة المسلمين هي بشارة بدخول البشرية مرحلة الأنسانية، وهي آخر مراحل التطور البشري، ومرحلة الإنسانية لها بداية وليست لها نهاية _راجع مقدمة كتاب رسالة الصلاة.. هذه المرحلة هي التي سينتهي فيها دور الحرب، ويتم الأستغناء عنها، ويدخل الناس مرحلة السلام، لأول مرة في تاريخهم، بل وتدخل البيئة كلها مرحلة السلام.. هذا هو عهد الأخوان مقابل عهد الأصحاب لأمة المؤمنين.. هذا هو العهد الذي يظهر فيه من العارفين من قال عنهم المعصوم: ليسوا أنبياء، ويغبطهم الأنبياء لمكانهم من الله.. وقد بشر المعصوم بالأخوان في أحاديث عديدة، منها قوله: "واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد!! قالوا أو لسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: بل أنتم أصحابي.. واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد!! قالوا أو لسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: بل أنتم أصحابي.. واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد!! قالوا من إخوانك يا رسول الله؟ قال: قوم يجيئون في آخر الزمان، للعامل منهم أجر سبعيـن منكم!! قالوا: منا، أم منهم؟ قال: بل منكم!! قالوا: لماذا؟ قال: لأنكم تجدون على الخير أعوانا، ولا يجدون على الخير أعوانا".. وفي عهد الأخوان ينزع الضغن من الصدور يقول تعالى: "وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ".. هذا العهد هو (عهد الخليفة) الذي قال عنه تعالى: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً".. هذا هو وقت تحقيق خلافة الإنسان لله في الأرض، وفيه ما كان في الملكوت من كمالات يتجسد في الأرض، فتتم الوحدة بين الملك والملكوت.. وتشرق الأرض بنور ربها، وتتحقق جنة الأرض، التي قال عنها تعالى: "وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ".. هذا العهد هو ما ظل التطور في الأرض، يعمل من أجله، في جميع مراحل هذا التطور.. فما تحرك من متحرك، وما سكن من ساكن الا في سبيله.. فله يعمل جنود السماوات والأرض _الأرواح العلوية والأرواح السفلية، (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)..
    هذه ملامح أساسية عامة لأمة المسلمين، أمة الرسالة الثانية.. هذه الأمة قد تهيأت البشرية لها تماماً.. ولكن إذن التطبيق لا يكون إلا بظهور المسيح، الإنسان الكامل، خليفة الله في الأرض، وهو أكبر من يتخلق بأخلاق الله، وإليه الأشارة بقوله تعالى: "هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ"..
    مع هذا التصور العام، يمكن أن تظهر المفارقة الكبيرة والمخيفة في دعوة جماعة الحزب.. وهم، كجميع بقية خلق الله ليس لهم في هذا الأمر من شئ.. فوهم أنهم يمكن أن يطبقوا الجانب السياسي، وهم غليظ جداً، ويدل على غفلة حقيقية.. فلا شيء من الجانب السياسي يمكن أن يطبق من دون الجانب الديني.. من المستحيل تطبيق الديمقراطية الحقيقية من غير تربية الإسلام الرفيعة، وكذلك الحال بالنسبة للإشتراكية.. والأصعب هو الجمع بينهما.. فجميع أمور السياسة في الفكرة هي جزء من التصور الديني العام لا يمكن عزله عن بقية الأشياء.. الموضوع موضوع حضارة، وليس مجرد موضوع سياسة.. والأساس في التحول الحضاري هو في التحول للنظرة للوجود وطبيعته والنظرة للطبيعة الإنسانية، ثم إيجاد المنهج العملي الذي يقوم على الطبيعتين.. خلاف هذا لن يكون هنالك أي تغيير كلي في إتجاه الفكرة، ولن يكون هنالك تحول عن منهج العلمانية القائم، إلى منهج الدين.. فالعلمانيون أصحاب دين، يتعصبون لدينهم ولن يتركوه إلا أذا جاءت الآية التي تخضع لها الأعناق.. ومجيء الأية حتمي، فالله بالغ أمره، ولا يتوقف على أحد من البشر.
    لقد طفف جماعة الحزب الفكرة تطفيفاً مخيفاً، ووباله لا يقع إلا عليهم.. ونحن إذ نكتب في أمرهم، هم غايه عندنا، نستهدف إنقاذهم، كما نستهدف تصحيح التشويه الذي يلحقونه بالفكرة، وتبرئة الأستاذ محمود والفكرة من هذا التشويه.
    نحن هنا نحب أن نذكر الأستاذة أسماء، بوضعها في الترتيب الروحي والتنظيمي في حضرة الأستاذ.. فهي لم تكن ضمن الأمناء الثلاثة، ولا حتى كانت القيادية الأولى للأخوات الجمهوريات.. ونذكرها بقول الأستاذ لها بصورة مباشرة، فقد قال لها: دايرك تكوني أرض الناس يمشوا عليك!! ولكن الأستاذة أسماء عملت بعكس التوجيه!! أكثر من ذلك هي عملت علي تشويه الفكرة بصورة بشعة، وصلت حد أن تتحالف مع دكتور النعيم، رغم كل تشويهه للدين، بالصورة الفظة التي رأيناها.
    هنالك عقوق من البعض، لأبوة الأستاذ محمود الروحية، لأبنائه وبناته من الجمهوريين.. وبكل أسف، الأستاذة أسماء ممن يتزعمون هذا العقوق، وهذا هو الظلم الذي ليس عليه من مزيد.. ولولا أن الوقت وقت الفتن، لما كان مثل هذا العقوق متصوراً.. ولكنه طرف من فتن آخر الزمان، التي تجعل اللبيب حيران، والتي فيها لا يعرف القاتل لم قتل، والمقتول لم قتل، كما أخبر المعصوم.
    لقد ركبتم مركبا صعباً.. وأرخصتم غالياً، وهونتم عظيماً..
    العملية كلها عملية سطو على اسم الحزب الجمهوري، مع استبعاد كل اساسيات دعوته.. وليس من حق الأستاذة أسماء، ومن معها أن يسطوا على هذا العمل العظيم، ويحولوه الى مجرد عمل سياسي تقليدي!! هذه أكبر خيانة للأستاذ محمود ودعوته، وهي لن تفلح في شيء.
    في مؤتمر صحفي لحزب اسماء جاء قولها: "إن الحزب لن يدخل أي انتخابات ما لم يوافق 50+1% من الشعب السوداني على مشروعه الفكري".. في القديم كانت تشترط التربية على طريق محمد صلى الله عليه وسلم، والشروط الدينية الأخرى، أما الآن فالشرط الوحيد هو اقتناع 51% من الشعب السوداني بدعوة الحزب!!
    الشيء المعروف أنه في الديمقراطية، اقتناع مواطنين ببرنامج حزب ما، يتم بالاقتراع، فمن يحقق الأغلبية هو من اقتنع الشعب ببرنامجه.. الدخول في الانتخابات اولاً، وعلى ضوء نتائج الانتخابات، يتحدد الحزب الفائز.. وهذا الشرط الذي تقوله اسماء، لا يوجد أي ضمان لعدم تغييره، وقد غيرت ما هو اهم منه بكثير.. فعندما يبدأ التنازل لا يوجد حد لما يمكن ان يصل اليه هذا التنازل..
    لقد نبهت منذ وقت طويل، في هذا الموقع أنه قد يأتي للشعب السوداني من يطلب اصواته، باسم الحزب الجمهوري.. وما يجري الآن هو البداية..

    أوردت صحيفة التيار قول السيد البروف حيدر الصافي، الأمين السياسي للحزب الجمهوري، في المؤتمر الصحفي المشار اليه، وجاء في قولها: (الأمين السياسي قال إن الحزب لن ينتظر الحكومة لتعطيه حق ممارسة نشاطه، لأنه يمتلك رؤية ومشروعاً سيسعى لإنزاله إلى أرض الواقع، وقطع بأن الجمهوريين "سيقفون عقبة حقيقية امام المؤتمر الوطني في انتخابات 2020 حتى لا يعيد تجربته بثوب جديد"، مضيفاً عملنا خلال الفترة المقبلة سيكون منصباً على فضح الاسلام السياسي، سنخبر الناس انه لا علاقة له بالدين..) جريدة التيار 22 نوفمبر 2017.. وأين هو الدين في عملكم هذا؟! تبعدون الدين، من الفكرة الجمهورية، وتزعمون أنكم ستفضحون الإسلام السياسي ببيان أنه لا علاقة له بالدين؟!
    على كلٍ، وعدتنا الأستاذة أسماء، وحزبها باسقاط النظام بالطرق السلمية.. كما وعدنا الأمين السياسي للحزب، بأنهم سيقفون عقبة حقيقية، أمام عودة المؤتمر الوطني في ثوبٍ جديد.. ونحن في الانتظار لنرى كم ستقتل هذه العنتريات من الذباب!! لقد تأخرتم كثيراً جداً يا بروف في انقاذنا!! لماذا انتظرتم حوالي ثلاثة عقود لتنقذونا؟! هذا الانقاذ على الرغم من انه لن يكون لكم فيه دور، إلا أنه لم يعد له طعم بعد هذا الزمن الطويل من المعاناة.. ولا شك عندنا، في أن الدور الأساسي للتغيير سيكون للعوامل الخارجية، أكثر من العوامل الداخلية!!
    لقد اتضح الاتجاه الى التخلي عن الدعوة الدينية منذ البيان الذي اصدره د. النعيم واتباعه مع بعض اعضاء الحزب بتاريخ28 أكتوبر 2013م، بالصالون، وفيه أخذوا اجازة مفتوحة من الدعوة للفكرة فجاء قولهم: (فإن شعبنا لم تتضح له الفكرة، حتى ندعوه ليتقبلها الآن، ويحل مشاكله وفقها.. ولكن هذا لا يمنعنا من الإسهام في إصلاح شأن وطننا، بالقدر الذي يمكن ان يعيه شعبنا، ويتجاوب معه، ويقدر عليه، في هذه المرحلة الهامة، من مراحل تطوره.. ثم إن نظرنا الى غايتنا النهائية، لا يزال قائماً في كل حين..).. قولهم: (إن شعبنا لم تتضح له الفكرة حتى ندعوه ليتقبلها الآن ويحل مشاكله وفقها..).. قولهم هذا يعني أنهم سيتركون الفكرة جانباً، لأنها لم تتضح للشعب.. وسيتجهون إلى الإسهام في اصلاح شأن الوطن (بالقدر الذي يمكن أن يعيه شعبنا ويتجاوب معه، ويقدر عليه، في هذه المرحلة).. وهذا يعني ضمناً أن الفكرة الجمهورية ليست بالقدر (الذي يمكن أن يعيه شعبنا ويتجاوب معه)، ولذلك تستبدل بما يمكن أن يحقق المطلوب!!
    ومنذ ذلك التاريخ هم يتخبطون، إلى ان تبلورت رؤيتهم في قيام الحزب، بالصورة التي تحدثنا عنها.. والمحاولة كلها هي للانصراف عن الدين، وجعل الحزب مجرد حزب سياسي، مثل الاحزاب التقليدية.
    موضوع الدين دائماً الباب فيه مفتوح للتوبة والرجوع الى الله.. ولكن الخوف، كل الخوف، من التبرير، والارجاء، فلا أحد يضمن الأجل.. وقد يكون بعضنا ورقته قد سقطت من السماء، وينتظر لها أن تصل الأرض في أي لحظة!! أما موضوع السياسة فإنني لا أجد أدنى شك، في أنكم لن تحققوا أي شيء ايجابي، ولن تنالوا الا الخزي.. واكتبوا هذا على، وأسألوني عنه.
    لم يكن غائبا عن الأستاذ على العوض في القديم، أن نصرة د. النعيم كظالم، إنما تكون برده عن ظلمه.. ونقد د. النعيم هو رحمة به، وحرص عليه، وإن كان هو لا يريد ذلك.. فالموقف الأخلاقي هو أن تعامل الآخر وفق الحق، وأن تبغيه الخير بما تعلم أنت، لا بما يريد هو.. فكل الذين يؤيدون د. النعيم يعلمون تماماً أن موقفه الروحي سيء جداً.. وهم قد عجزوا عن الدفاع عنه هنا في هذه الدنيا، فمن المستحيل أن يدافعوا عنه أمام الله.. هم بدل أن يعينوه على الرجوع الى ربه، ببيان ظلمه الشديد لربه، ولرسوله، وتطاوله عليهما بصورة لا تتناسب مع تاريخه كمسلم، ولا حتى مع مجرد سنه، مهما حدث عنده من تغيير في العقيدة، هم يؤيدونه.. والذين يؤيدون د. النعيم هم عدوه الحقيقي، وهم أعداء أنفسهم، إذ لا بد أن يسألوا عن تأييدهم هذا، الذي عجزوا أن يجدوا له أي مبرر.. إنني هنا، أدعو د. النعيم وجميع مؤيديه، بصدق واخلاص: أن يرجعوا الى ربهم، وأن يتخلوا عن هذه الهرطقات التي لا تفيد في شيء.. يجب ألا تأخذهم العزة بالاثم، فالأمر لا يتحمل التسويف، ولا مجال فيه للتبرير.. عليكم الرجوع الآن، وليس غدا.. مهما كان موقفكم مني، فأنا لست عدو.. إنني على يقين من أنني اريد لكم الخير، وأعرف طريق هذا الخير.. وهو طريق واحد، _ليس معه غيره.. ارجعوا الى ربكم، عسى أن يتقبلكم، فالأمر جد لا مجال فيه للهزل.. ولستم في سعة من أمركم.. ارجعوا تحمدوا عاقبة رجوعكم إن شاء الله.
    خالد الحاج عبدالمحمود
    رفاعة
    الأربعاء 6 ديسمبر 2017























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de