|
الشيخ موسي هلال وشِيعَته يُنكِرونُ ضوء الشمس من رَمَدٍ(2) بقلم/ عبد العزيز سام
|
الشيخ موسي هلال وشِيعَته يُنكِرونُ ضوء الشمس من رَمَدٍ(2) بقلم/ عبد العزيز سام - 3 أغسطس 2014م لا بُدَّ من التنويه لأمر مهم إرتبط بالجزء الأول من هذا المقال، هي أنني قد أعددته بإعتماد أسلوب البحث العلمي في الإقتباس، بإسناد المعلومات إلي مصادرها ومظانِّها، بإستخدام نظام الـ (Endnotes citation) وتجد ضمن النص المنشور بعض الأقواس(brackets) وقد ضاعت أرقامها، ودون أن تجد أسفل النص ما يحيل إلي المصدر، وذلك يرجع لنظام النشر في الصحف الإلكترونية، ويقتضي ذلك أن أستخدِم، لاحقاً، طريقة أخري بإتباع نظام الإقتباس داخل النص وذلك بالإشارة إلي مصدر الإقتباس داخل النص ذاته بين أقواس أو ما يعرف بـ (An indication in the text that acknowledges another scholar’s words, facts, and ideas).. هذا، وكنت قد أوردت مصادر إقتباس المعلومات التي وردت في الجزء الأول وهي: كتاب الأستاذ/ نورين مناوي برشم بعنوان (الجنجويد: رسل الشر وجُند الشيطان ص111-139)، وكتاب (دارفور تاريخ حرب وإبادة- جوليا فلينت وأليكس ديوال ص97 ترجمة أنطوان باسيل/ شركة المطبوعات والتوزريع والنشر/ بيروت– لبنان 2006م)، وكتاب بعنوان: (دارفور، وجع قلب العروبة، لمؤلفه عصام عبد الفتاح ص 158)، ومعني ذلك أني لم أنطق من هوي شخصي ولا مزاج أو رغبة في محاكمة أحد ولكنها معلومات موثقة وحديثة وحيَّة وقد حضر فصولها وعاشها معظم القراء. ولا يمكن القفز فوقها أو إنكار طعمها من سَقَمٍ. وكنت قد إنتهيت في الجزء الأول إلي القول: (أنَّ الظرف، واليوم الذي يضع فيه ضحايا دارفور والهامش أيديهم علي يد موسي هلال ومجلس صحوة الجنجويد ويصفحوا عنه لم يحِن بعد.. ولكن ذلك اليوم يمكن أن يأت لو إلتزم موسي هلال ومجلس صحوته بمطلوبات ذلك اليوم، والاتفاق مع الضحايا وأسرهم علي خارطة طريق يتم الاتفاق عليه مع ضحايا دارفور وأسرهم وممثليهم الشرعيين، وليس مع أي شخص آخر، لأن ضحايا دارفور وحدهم دون سواهم من لهم الحق في التوصل إلي أي اتفاق أو تفاهم مع جلاديهم الجنجويد ومجلس صحوتهم، أما الذين جرفهم التيار فطفقوا يهللون لمذكرة الحركة الشعبية شمال مع موسي هلال ويؤيدونها، لدرجة أن تحمس بعضهم وأعلن أنه علي أهبة الإستعداد للوصول إلي مثلها مع موسي هلال ومجلسه، بينما طالب آخر بفتح المذكرة لتشمل فصيله فيكثر خيرها ويعُم هي فكرة الـ (DOC,s) صناعة حصرية لفصائل دارفور.. لكن ضحايا الجنجويد في دارفور وأسرِهم قالوا لهؤلاء المهرولين نحو المذكرة العجيبة، علي رِسلِكم، عوا الدرس جيداً وتمهّلوا تفلِحوا، ولا تنساقوا هكذا إلي جُحرِ ضبٍ أجرب..) وقبل أن أقدم مقترحي المتواضع الذي يمثل "خارطة طريق" لعملية التواصل والتفاوض والتصالح بين الجنجويد ممثلين في قائدهم الشيخ موسي هلال ومجلس صحوته حديث الولادة، وبقية فصائل الجنجويد المعلومين للكافة رغم التمويه وإعادة الإنتاج والتدوير من ناحية، وبين بقية شعب دارفور الذين هم ضحايا الجنجويد.. وقبل تقديم (مقترح) خارطة الطريق تلك، أود أن أقول ملاحظاتي لبعض قادة الحركات المسلحة من أبناء دارفور، الذين هرولوا في عجلة، ودون أخذ الحيطة والحذر اللازمين، نحو هذه المذكرة الموقعة بين الحركة الشعبية شمال ومجلس صحوة الجنجويد، تتلخص في الآتي: 1) صحيح أنكم تقودون حركات كفاح مسلح ضد المركز من دارفور، وصبر المدنيون من أهلِ دارفور علي ما جرَّه عليهم ذلك من نتائج كارثية من تقتيل وإغتصاب وتشريد إلي معسكرات الذل والمهانة نزوحاً ولجوء، ولكنكم لستم أوصياء علي الضحايا فيما لحقهم من ضرر وخسائر في أنفسهم وكرامتهم الإنسانية وأموالهم، فالضحايا وحدهم هم أصحاب الحق في الخصومة والعفو فيما لحق بهم جراء الحرب. 2) ولأنَّ الثورة التي تفجّرت من إقليم دارفور هي التي أوجدت الجنجويد في الساحة كمليشيا حكومية متخصصة في الفتك بالمدنيين طوال العقد الماضي وما زال، فهناك مسئولية أخلاقية كبيرة علي عاتق قادة الحركات تجاه ضحايا الحرب المدنيين في دارفور، وبالتالي يتوجب عليهم عدم التفريط قيد أنملة في حقوقهم، وأي تأييد أو تفاهم أو تقارب مع الجنجويد الجناة الذين إرتكبوا الموبقات في حق المدنيين دون إذنهم وموافقتهم تمثل خيانة صريحة لدمائهم وشرفهم، ويقع باطلاً لأنه عطاء من لا يملك لمن لا يستحق. 3) أعلموا أفادكم الله أنه: ليس علي الثوار تحقيق أهداف الثورة وغاياتها بأى صورة وأى ثمن، لا أبداً، علي الثوار التمسك التام ليس بأهداف الثورة ومكتسباتها فحسب لكن التمسك أيضاً بالوسائل الثورية الشريفة أيضاً، والسعي لتحقيق الأهداف المشروعة عبر وسائل مشروعة أيضاً، وعلي الثوار واجب اكبر في الحفاظ علي حقوق ضحايا الثورة من المدنيين، فلا يستقيم تأجيل الحفاظ علي حقوق الضحايا المدنيين أو تأخيرها بحجة القضاء علي الخصم أولاً(الإنقاذ) بالتحالف مع مكون أساسي من مكوناته(الجنجويد)، والله هذا خيال جامح وإستهتار بأرواح الضحايا ومشاعر أسرهم لا يليق بثوري جاد. 4) السلاح الذي يمثل قوة ضاربة بيد موسي هلال الآن، وقوامه مئات العربات المسلحة بعتاد كامل، من أين أتي به موسي هلال؟؟ هل غنمه من المعارك مع الحركات المسلحة أم هو سلاح حكومة السودان من حر مال الشعب السوداني؟؟ طيب، إذا تم قبول موسي هلال ليتمرد وينضم إلي الجبهة الثورية أو الحركة الشعبية شمال فما مصير السلاح والعتاد العسكري الحكومي الذي بيده؟ هل سيسلمه موسي هلال لحكومة عمر بشير أم سيتملكه جنائياً ويخرج به؟ وأين أخلاق الفرسان وشرف وطهر الثورية هنا؟ ثم ما الفرق بين اللص القرصان وبين الثوري الشريف؟ وما الذي سيمنعه من جحد عتاد آخر مملوك للحليف الجديد والعودة به إلي حكومة البشير إن تم قبوله هكذا بلا ضوابط ولا أخلاق ثورية أو ذمة مالية وتسليم وتسلم ؟؟ الذي يأتى إلى الثورة يجب أن يأتِ بأيدى نظيفة. 5) قد يحق للحركات المسلحة وقادتها الدخول فيما يعتقدون أنها صفقات مصالح لهم مع من يشاؤون، ولكن بإسمهم هم لا بإسم ضحايا دارفور ولا شعبه الذي ذاق ويلات الجنجويد، ويعني ذلك فصمٌ لِعُرَي أيه علاقة بين الحركات المسلحة المنطلقة من دارفور وبين المدنيين الضحايا إنفصاماً نهائياً وقاطعاً لأنها تمثل خيانة عظمي لأرواح ودماء وشرف الضحايا المدنيين. 6) ننصح الرٍفاق الذين أماطوا اللثام عن مكنونهم من قيادات الحركات المسلحة السودانية المنطلقة من دارفور، فمنهم من صرح أنه مستعد لتوقيع نفس مذكرة الحركة الشعبية مع موسي هلال ومجلس صحوته، ومنهم من طالب بفتح مذكرة الحركة الشعبية وتمكينه من دخول مظلتها، ومنهم من برر ذلك بضرورة تأجيل محاسبة الجنجويد عن فظائعهم لحين تحرير السودان من المؤتمر الوطني!! طيب وموسي هلال والجنجويد ومجلس الصحوة وحميدتي وقوات حرس الحدود والشرطة الظاعنة والمستريحة وجميع فصائل الجنجا أليسوا مليشيات تابعة للمؤتمر الوطني، ويجب أن يزولو معه؟؟ ولا ديل موتمر تاني؟؟ 7) هل من بين قادة فصائل دارفور المهرولين خلف مذكرة الجنجويد وقطاع الشمال من هو غير مُطلِع علي تجربة الثورة الإرترية؟؟ إذًاً، فأنتم تعلمون أن الثوار الإرتريين أجَّلوا الإنقضاض علي العاصمة أسمرا وتحرير كامل التراب الإرتري عشرة أعوام لحل الخلافات الداخلية بينهم وليدخلوا العاصمة ويحرروها وهم علي قلب رجلٍ واحد، وليتفرغوا بعد التحرير لإرساء السلام والبناء وتوطيد أركان الدولة وبناء دعائمها، أم أن ثوار السودان يؤمنون بخلاف هذه النظرية الإرترية الرائدة، ويتبنون نظرية ترحيل المشاكل الماثلة بما في ذلك قضية ضحايا الجنجويد من أهل دارفور إلي ما بعد تحرير الخرطوم وطرد الإنقاذ منه! ولو كان الحل بعد التحرير ممكناً من غير صعوبات أقلها سفك الدماء داخلياً بين الفاتحين، فلماذا أخَّر ثوار إرتريا معركة التحرير عشر سنين عدداً؟؟ ومن الذي أقنع ثوار دارفور بهذه الفكرة العكسية الخيالية، وأين جُربت في هذا الكون؟ وما هي نتائجها؟ وكيف إقتنعوا بها؟ 8) ننصحكم بأن المطالبة بالحقوق والثأر لها في الصحو والمنام واجب وفرض عين علي الثوري، والثائر لا ينام، وهناك فرق بين خدمة الثورة والتجارة بها، أقصد أن الثوري قلبه وضميره لا ينامان، ولا يقبل أن يُغررَ به من قِبَل من لم يفقد أهله في هذه الحرب، من لم يقدم شهيداً ولا جريحاً وآحداً من أسرته أو منطقته أو حتي قبيلته، من لم يحرق الجنجويد قراهم ويغتصبوا أخواتهم وأمهاتهم وحتي الحبوبات إمعاناً من المهانة والإذلال، وإنتقاماً لأحداث تأريخية مزعومة إرتبطت بتكوين السودان الحديث والثورة المهدية!! ولم يكن ثوار دارفور الحاليين ولا الضحايا المدنيين طرفاً في وقائع ذلك التأريخ، ولم يؤيدونها عندما ولدوا وإرتبط علمهم بتلك الأحداث، فلماذا يدفع الأبرياء من أبناء دارفور وهوامش السودان الأخري ثمن أخطاء تأريخية، إن حدثت، فهي ليست بإسمهم ولا يستقيم عدلاً أن يدفعوا ثمنها. فالألمان الآن ليسوا مطالبين بدفع ثمن كارثة "الهولوكوست" بعد أن أدانوها وتبرأو من فظاعتها وأدانوا من فعلها وعوضوا المجني عليهم فيها.. والأوربيون والأعراب ليسوا مسئولين عن جرائم إصطياد أبناء القارة الأفريقية السمراء والإتجار بهم كرقيق، أسوأ ظاهرة شهدها التاريخ الحديث، ولم يطالبهم أحد بضمان وتعويض ما إقترفه أيدي أجدادهم.. دعك من كل ذلك، أنظر إلي أمريكا التي كانت بطلة العنصرية الأولي التي إصطادت أبناء أفريقيا ورحلتهم بعيداً إلي جزيرتها النائية وتاجرت بهم رقيقاً، وإستغلتهم وإستخدمتهم عبيداً، وميزت ضدهم حتي وقت قريب، الآن قد تصالحت أمريكا مع نفسها وكفّرت عن ذنبها بفضل إستجابتها لنضالات السود وإصرارهم علي إنتزاع حقوقهم كبشر متساوين مع كل البشر بمختلف أشيائهم، والنتيجة أنَّ الآن يحكم امريكا رجل أسود من أبناء أفريقيا الذي كان مزرعة للأمريكان البيض يصطادون أبنائها عبيداً، يُسترقُّون ويباعون كالنعاج. فلو أن الأمريكان الأفارقة إنبطحوا كما ينبطح اليوم بعض ثوار الهامش من دارفور أمام قاتلهم موسي هلال ومجلس صحوته إقتفاءاً لشيطان الإنس، لما نال الأمريكان السود حقوقهم، ولكن بفضل نضالات الأمريكان السود بقيادة زعمائهم أمثال مارتن لوثر كينج، ومواقف السيدة روزا بارك، تشرَّف السود اليوم بإبنهم باراك حسين أوباما رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، وسعدنا بالفخر الذي يملؤنا بكوننا إخوة أفارقة شرفاء للسفيرات الفضليات ضمن فريق الحكم الأمريكي من لدن السيدة الفاضلة الدكتورة كوندوليزا رايس والسفيرة العظيمة جونداي فريزر إلي السفيرة سوزان رايس فضلاً عن السيدة الأولي ميشيل أوباما، هنَّ رموز السيادة والعزة والسطوة الأمريكية وعقولها المستنيرة والمدبِّرة والموثوقة في كفاءتها العلمية وخبرتها العملية وحكمتها القيادية، وثقة الشعب الأمريكي بها. أمَا نحن فيجب علينا، قياساً، الحفاظ علي الإنسان الإفريقي الأسود في السودان، وعدم التفريط في حقوقه وكرامته الإنسانية إستمراراً لنضالات الآباء الأوائل الذين سطروا صفحاتٍ من التضحية والنضال لأجل كرامة وآدمية الإنسان الإفريقي، فأعلموا أنكم إمتداد طبيعي للأيقونات السودانية رموز الحرية والنضال لأجل الكرامة الإنسانية، الماظ وعلي عبد اللطيف فلا يستذِلكم من أساءوا إلي أولئك الأجدادكم والرموز، ونعتوهم بأنهم عبيد وأبناء عبيد ولا يستحقون القيادة ولا الريادة. ثم أنكم قد رضيتم السير في طريق باتريس لوممبا عندما قاد ثورة كبري ضد المستعمر البلجيكي في دولته الكونغو في ستينيات القرن الماضي، ومرِّ بظروف عصيبة للغاية قبل إغتياله، وقد هبَّ أباء أفريقيا الأوائل لنجدة لوممبا بقيادة الدكتور الرمز كوامي نكروما رئيس غانا حينذاك، ومحمد احمد محجوب من السودان وجمال عبد الناصر وأحمد بنبلا وأخرون من قادة التحرير الأفارقة، جاهدوا لإنقاذ لوممبا، إلي الحد الذي تمكنوا من تحريك الأمم المتحدة لأجل هذا الأمر، فتحركت المنظمة الدولية في شخص أمينها العام السيد/ داج همرشولد الذي إستشهد في حادثة سقوط طائرة في أدغال أفريقيا، في رحلة ضمن عملية إنقاذ باتريس لوممبا العظيم. ولا تنسوا أن أيقونتكم وملهمكم ورمزكم الحي الذي رأيتموه بأعينكم ولمستموه بأيديكم (ماديبا) نلسون مانديلا لن يقبل ما أنتم مهرولون إليه اليوم هكذا من دون وعي، وما زال كبد ماديبا رطبٌ لم يجف، وأمثال مانديلا يسمعون في قبورهم أخطاء رفاقهم الثوار فيغضبون ويحزنون، فدعوه ينام في سلام، وإقرأوا بلا إنقطاع مخطوطته بيده: "مسير طويل إلي الحرية" (Long Walk to Freedom).. هذا الطريق طويل وشاق فأرفقوا بأنفسهم وتزودوا بزاد الحب والشراكة والتضامن فيما بينكم ولا تتركوا للشيطان دَخَلاً إليكم فيفسد قضيتكم ويمحق إنجازاتكم العظيمة حتي الآن. ثم تمهْلوا، واصبروا وصابروا ورابطوا وفاءاً لنضال وإجتهاد النساء الأمريكيات السود اللائي نعتز بأخوتِهِنَّ وإلهامهنّ لنا، فإنَّ معزّتنا للسيدة/ كونداليزا رايس التي أتت إلي دارفور وهي وزيرة خارجية أمريكا العظمي لتقف علي جرائم الجنجويد ضد أهالي دارفور، وجلست إلي الناس وإستمعت بألم مأساة نساء دارفور مع الجنجويد مخففة عنهن ما عانين، وشاركت تلميدات مدرسة معسكر أبو شوك في تخوم الفاشر وشاركتهم الغناء والرقص إحتفاءً وإحتفالاً بمقدمها الميمون والتأريخي إليهن، لا يحق لأحد دفن هذا التأريخ الناصع في الكفاح ضد التمييز العنصري تحت حوافر خيول التتر بلا محاسبة ورد الحقوق السليبة إلي أهلها، وما دون ذلك عواءٌ في خواء، وبيع للطير في الهواء وحرثٌ في البحر. 9) الرفاق الكرام، الثائر لا يحنِي ظهره لخصمه ليمتطيه، الثائر يموت واقفاً من أجل أقل حق من حقوق شعبه الذي ثار لأجلهم. ومعلوم مصير من يحني ظهره ليمتطيه خصمه، وقبل هذا وذاك يجب علي ثوار دارفور أن يعرفوا خصمهم بدقة! الجنجويد ليسوا خصوم ثوار دارفور قبل أن يستذلهم الشيطان وتغرر بهم حكومة الإنقاذ وتدفع لهم الأموال والسلاح للفتك بأهلهم "الزرقة" كما يسمون هم أهل دارفور من غير العرب، أمّا وقد فعلوا فعلتهم فهُم جناة يجب أن يحاسبوا علي جنايتهم قبل الهرولة إلي إحتضانهم دون محاسبة أو محاكمة تحقق العدل بالقسطاط المستقيم، ولكم في القصاص حياة، ثم، ومن عفي وأصلح فأجره علي الله، فلما العجلة؟ أم أن شيطان الإنس قد أذلَّكم فهو رجيم. يا رفاق أنصحكم لله: لا تحنوا ظهوركم لأحد، ولا تبيعوا دماء وشرف أهليكم الذين نكَّل بهم الجنجويد لتكسبوا كسباً وهَماً وسراب. لا تخذلوا أهلكم وتكشفوا ظهرهم في حربهم لنيل حقوقهم المشروعة في ساحات العدالة، والأهم من ذلك كله، من قال لكم أن الجنجويد سيحترمونكم ويحفظون لكم جميل أنْ تنازلكم عن حقوق أهلكم الضحايا؟ من قال لكم أنهم سيجلسونكم في عروش وثيرة في القصر الجمهوري في الخرطوم، ثم يُلبِسون أنفسهم "الكلابيش" ويسلمونها للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي أو المحلية في الخرطوم ودارفور؟؟ من قال لكم أن هذا هو السيناريو؟؟ كلا وألف كلا، من يُهَن يسهُلِ الهوانَ عليه. وأعلموا أن الذي ينحني لعدوه وخصمه، هو في نفس الوقت يكشف عن مؤخرته ويبرزها لذات الخصم، ويستطيع الخصم اللدود قبل أن يمتطي ظهره أن يفعل به ما يفعل قوم لوط الذين يأتون الرجال شهوة من دون النساء!!، وقوم لوط ليسوا ببعيدين عن أهل الإنقاذ هؤلاء، فكم من رجل أغتصِب في بيوت الأشباح ومعتقلات الموت؟ أم إنكم أقدس وأطهر في نظر هؤلاء من أساتذه الجامعات من بني جلدتهم وأبناء عمومتهم الذين إغتصبوهم في بيوت الأشباح ثم قتلوهم، أو تركوهم ينتحرون ليضعوا حداً لحُطام حياتهم.. فحافظوا علي مؤخراتكم قبل ظهوركم إذا إنحنيتم لهؤلاء ولشيطان الإنس، فهم لا أمان لهم علي شيئ، هم كالنار في الهشيم لا تُبقِي ولا تذر. قديماً قال أمل دنقل ناصحاً من يهرول للتصالح قبل أن يعقله ثم يتوكِّل: لا تصالح، ولو منحوك الذهب، اتُرَي حين أفقأُ عينيك، ثم أضع جوهرتين مكانهما هل تري؟؟ هي أشياءٌ لا تُشتري. التصالح بين أهل دارفور والجنجويد ومجلس صحوتهم هو أمر أكيد وحتمي إذا إستمرت دورة الحياة، ولكن ليس بهذا التسطيح وهذه العجلة، ولا بين هذه الأطراف، ويقع باطلاً ومُجرَّماً أي إجراء تصالُحِي مسبق مع الجناة الجنجويد مع أية جهة سودانية كانت أو أجنبية، فلا تصالح مع مجرم قاتل ولا مغتصب ولا حارق بالنار مع غير المجني عليهم، بمعني: قبل ما ضحايا دارفور يتصالحو مع الجنجويد ما في زول تاني ولا جهة مهما أعتقدت في نفسها القوة والحق، عندها الحق تتصالح ولا تتفاهم مع الجنجويد، رُفِعت الأقلام وجفت الصحف. مشكلة قيادات الحركات المسلحة الذين يتصرفون في هذه الأمور بإرتباك، إنهم يعانون من أزمة حقيقية في "التصورات" و"التصويرات" فهم يتصورون الأشياء بآفاق غير رحبة ولا يقلبون الأشياء علي وجوهِها كما يجب، ثم أنهم متشاكسون لا يجلسون سوياً ليتفاكروا جماعياً، وبذلك يتركون مداخِل لشيطان الإنس ليدخل بين فرجاتهم ويضاجع أفكارهم لتفرِّخ هذه الأخطاء الفادحة.. ومن حيث "التصويرات" فهم يصوِرُون الأشياء بغير حقيقتها فيرون الأخ الحبيب غريباً، والغريب اللدود أخاً حبيباً، يثقون فيمن يدِسُ سكينه خلف معطفِه لينقضَ بها عليه في الوقت المناسب، ويتوجسون خِيفةً في إخوتهم الذين يحرسونهم وهم نيام.. دارفور وعموم الهامش السوداني لن يهزمه غير أبناءه، ولن يقتلهم غير أخطاءهم التي يدسها لهم أعدائهم الحقيقيين الذين يَلبَسُون ثوب الصديق الصدوق.. وموسي هلال ومجلس صحوته مِنّا أهل دارفور وبينهم وبين مكونات دارفور الأخري جغرافيا وديموغرافيا وتاريخ مشترك ودم مخلوط يجري في العروق، وملح وملاح، ولكن بفهمهم القاصر وتصورهم وتصويرهم المختل للحقائق إستذلهم الشيطان ففعلوا ما فعلوا بأهلهم، فأنظر أين هم الآن؟ في الجزء الأخير سأتبرع بكتابة (مقترح) بخارطة طريق لعودة موسي هلال ومجلسه وشيعته لأهلهم في دارفور بعد وضع الأمور في نصابها، لو إتسع أفقهم لفهم الواقع الماثل، صحيح أن الثمنَ غالٍ، ربما دفع الظالم أن يسدُرَ في غيِّه ويعود إلي حضن عمر بشير مرة أخري.. لكن أهل دارفور وعموم السودان لن يستعصِ عليهم أمر مهما عظم إن صدقوا وتعاهدوا. في الصلح بين الزوجين وهو أسهل المشاكل علي الحل لما بين الزوجين من مودة ورحمة أودعها الله بينهما، فأنظر ماذا يقول الله تعالي في حق الحكِّمين في الصلح بين الزوجين: (إن يريدا إصلاحاً، يوفِق الله بينهما..) وفي شرح معني الآية أن الحكمين من أهل الزوج وأهل الزوجة، إنْ كانت نيتهما سليمة ومتجهة نحو الإصلاح فإن الله يوفق بين الزوجين، لذا المصطفي(ص) قال في الحديث: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكلِ إمرئٍ ما نوي.) فأحسنوا النوايا ولا تستعجلوا يا رفاق ففي العجلةِ الندامة، ودعونا نتمهل الأمر لنري نوايا الجنجويد ومجلس صحوتهم، ومرامي من تفاهم معهم، قبل أن تهرولوا هكذا إلي حتفكم الأكيد، فتخسرون الدنيا وأهلكم، ثم الآخرة. (نواصل في الجزء الأخير، خارطة الطريق)
|
|
|
|
|
|