الميتافيزيقيا الغربية تمنح الكلام افضلية على الكتابة، فهي تعطي إمتيازاً خاصاً للكلمة المنطوقة لانها تجسد حضور المتكلم على عكس الكتابة التي تمثل الغياب، غياب الصوت . إن سمة المباشرة في حقل الكلام تعطي قوة خاصة، لانها تمكن المتلقي من الوقوف على احساس المتحدث ، الذي يطفح من خلال صوته ونبرته التي تمكن المتلقي من الدخول مباشرة الى عقل ونفس المتحدث. لغة الخطاب ووضوح الفكرة مهمتان ، لكن الأهم للسامع هو الوقوف على احساس المتكلم. ولعل الذي استمع لخطابات الشيخ موسى هلال، مؤخراً، لاسيما بالامس واليوم، قد تكونت لديه صورة واضحة، عن حالة الغضب وروح التمرّد اللتان تملئان دواخله . بسبب مؤامرات شعر انه يحيكها بعض رموز النظام ضده، وقد سماهم بالاسم ، الفريق حميدتي، الذي قال: عنه، لا كوع ولا إنبوع..! لكنه مع ذلك نال لقب فريق في إطار قوات الدعم السريع..! حميدتي، كان يستحق اكثر من رتبة فريق لو لانه وظف شجاعته، وقواته، للدفاع عن الشعب وترابه في عهد نظام سياسي راشد، يستطيع أن ينظم العلاقة بين أفراد المجتمع والدولة، وفق مبدأ المساواة بين المواطنين،ومشاركتهم في صنع التشريعات، نظام ديموقراطي تكون السيادة فيه للشعب. لكن ان يوظفها لخدمة نظام شمولي يحكمه شخص دكتاتور، مثل عمر البشير، ظل متربعاً في السلطة، لأكثر من ربع قرن، بلا شرعية من الشعب، وبلا رؤية أو وقيم. . . ! نظام فاسد، جمع حوله كل الفاسدين والانتهازيين. . فرتبة فريق في ظل هكذا نظام، هي وظيفة، أفضل منها، مهنة راعي او غفير تعود على صاحبها بلقمة عيش حلال غير ملوثة بفساد او انتهاك لحقوق الانسان، أو قبول بواقع الذل والاهانة . . ! والشخص الثاني الذي انصب عليه هجوم الشيخ موسى هلال ، هو النائب الثاني لعمر البشير اي حسبوا، الذي وصفه باللقيط.. وقال: له بكل وضوح، يا: حسبوا انت لست في حاجة لان تجد نفسك مضطراً، اضطراراً للدخول معي في مواجهة، فأنا موجود ولن أغادر دارفور شبراً. تعال وسترى هل سأواجهك بصدري أم بظهري، فهذا يعني ان الشيخ موسى هلال قد طفح به الكيل ولم يعد يقبل بمساومات رخيصة تكون نتيجتها تسليم ما بيد أنصاره من سلاح في ظل نظام لا عهد له. إذن الأمور في دارفور وصلت نقطة اللا عودة، فالنظام لا خيار له، سوى القبول بشروط الشيخ موسى هلال، او الدخول معه في مواجهة مفتوحة مجهولة العواقب...! وإذاما ان انفجر الصراع وبالصورة التي يبدو عليها الوضع الآن، فهذا يعني ان السودان في طريقه للإنفجار الكبير، لان هناك حالة احتقان شعبي عامة، ماثلة في دارفور وفِي جبال النوبة وفِي مناطق الانقسنا، وفِي شمال السودان بالذات مناطق المناصير، بجانب الصراعات القبلية التي شهدتها كردفان الكبرى، والاحتقان الأكبر في العاصمة الخرطوم بحكم مستوى الوعي السياسي الذي يمكن المواطنين من تحديدالسبب الأساسي في معاناتهم طوال هذه السنوات، وقد تجلى هذا الامر في تشييع الراحلة فاطمة محمد ابراهيم، التي انتقلت الى جوار ربها بعد مشوار حياة كان عامراً بالنضال والتضحيات من أجل الشعب والوطن. نسأل الله لها الرحمة والمغفرة . موسى هلال كان ذكياً هذه المرة، عكس المرات السابقة، التي كان يوجه فيها مناشداته للقبائل العربية في دارفور وكردفان والجزيرة والشرق، لكن هذه المرة وجه مناشدته لكل قبائل السودان، وهذا نوع من الذكاء، وإنتقال موفق من خانة القبلية المحصورة في إطار القبائل العربية، الى خانة الوطنية المتحزمة بكل قبائل السودان،، بهذا التطور في الخطاب، سيجد الدعم من كل القبائل التي تعرضت للظلم من قبل النظام، أو على الأقل يضمن حيادها. ولكي يتحقق هذا الهدف المنشود، الشيخ موسى هلال، مطالب بان يكون اكثر وضوحاً تجاه، النظام ورئيسه، وليس ان يحصر صراعه ضد أشخاص بعينهم، لان كل شيء بات واضحاً وحبل الاكاذيب اصبح واهياً، بعد ان بانت شعرات الشيب السياسي على النظام ورئيسه، ولعل الشيب لا يبدأ إلا من محيط الرأس. ومحيط الرأس يقول: ان النظام شائب، وهذا ليس فيه افتراءاً على أحد. . . ! إذن ماذا يعني قطع ذنب الأفعى، بينما هي ما زالت تتحرك برؤوسها المختلفة في قمة السلطة. الطيب الزين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة