@ زار السودان في تاريخه القديم والحديث ما لا يمكن حصرهم من رؤساء دول شقيقة اقليمية ودولية وشخصيات بارزة في مناحي الحياة السياسية الاقتصادية والاجتماعية .. ولكن تبقي زيارة الشيخة موزا الاسبوع المنصرم هي العلامة الاكثر لمعانا وعمقا تميزت بأنها خرجت عن كونها زيارة لقصور ومجالس الحكم الى حيث التلاقح والنبض الانساني ، لامست الاطفال جيل الغد حادثتهم وحاورتهم وبثت فيهم الامل وقالت لهم أنكم مبدعون وان الحياة المشرقة لكم بما تملكون من امكانيات ذهنية وبطموحاتكم التي رسمتموها خلال أحرف الدرس وألوان الرسم. @ وبداية زيارتها كتبنا مقال ( الشيخة موزا الانارة والاستنارة ) ذكرنا فيه جوانب من شخصيتها كونها لماحة جاذبة تستطيع ان توصل افكارها وفلسفتها بالافصاح تارة والايحاء تارات اخر ، لذلك لا تصول كثيرا في ميادين الخطابة الانشائية الرنانة فبكلماتها المغتضبة او بمجالستها القرفصاء وسط التلاميذ وبزيارتها التاريخية لارض الحضارات كوش " أوفت وكفت " واوصلت رسالتها الانسانية النابعة من مكونات شخصيتها الذاتية وما اكتسبته من خلال مهامها الرسمية كأنسانة مستنيرة ومن تجوالها شرقا وغربا لحض الهمم واستنهاض روح العمل المنتج الجاد بوقوفها علي تفاصيل انجازات مؤسسة " صلتك " وتوقيع اتفاقيات جديدة .تصب في صالح الشباب والفئات المحتاجة والاسر المتعففة وذوي الاحتياجات الخاصة ووقوفها علي ادق التفاصيل مع اصحاب العلاقة والعاملين بورش العمل ومصانع الانتاج .. @ المتتبع لتفاصيل الزيارة يستشف ان القائمين عليها من الجانبين السوداني والقطري أنهم اجادوا صنعها ورسم خطوطها فلم تكن مربكة او مرتجلة بل مبرمجة ومدروسة بعناية ابرزت وجهً السودان الحسن ومكوناته الاجتماعية وقوته البشرية ان كان في جيل الغد الجالسين بمقاعد الدرس بمدارس امدرمان الطرفية او في ساحة الاحتفال الكبرى بمدينة الابيض "عروس الرمال " حيث شهدنا مهرجانا جماهيريا لافت عرض فيه التلاميذ والتلميذات وبفقرات استعراضية غنائية التراث والموروث ولعل فقرة الرقص الخليجي علي انغام قصيدة نسجت خصيصا للترحيب بها كانت ختام للوحة ملونة تخدم التقارب والتلاقح الانساني بين قيم المجتمعات عاداتهم وتقاليدهم وتترجم مفردة ان العالم قرية صغيرة مفتوحة النوافذ قابلة للحراك هنا وهناك . @ انها زيارة ناجحة بكل المقاييس لتنوع برامجها وخارطة أمكنتها وما حوته في جوفها من قيم الضيافة المعروفة او فتح صفحات لعلاقات اقتصادية وسياسية اجتماعية لمزيدا من التلاحم والتلاقي بما يغذي المصالح المشتركة والتي تؤرخ لمرحلة جديدة وذات خصوصية بين القطرين .. وكل من يحسب ان هذه الزيارة هي تدفق لاموال انطلاقا من ملاءة قطر المالية المعروفة فهو قاصر النظر فدولة قطر صانعة لوثيقة الدوحة لسلام دارفور وهي حاضرة في كثير من القضايا السياسية والاجتماعية اقليميا ودوليا وبها جالية سودانية لها وزنها ومكانتها حفروا في ارضها منذ القدم بما شخصية " الزول " ومارسوا الدبلوماسية الشعبية في ارفع مراتبها ، وإن كان الهدف مالي بحت لضغطت سموها من علي مكتبها بالدوحة علي اي ذر ليتم تحويل ارصدة مالية وفق تكنولوجيا التعامل المصرفي .. ولكن زيارة سموها ذات ملامح عميقة ورمزية عالية مفادها ان العلاقات بين الدولتين تسير الى الامام .. فسموها والتي نالت العام 2003 ثقة منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة " اليونسكو" كمبعوث خاص للتعليم الاساسي والعالي والعام 2005 اختيرت كاحد اعضاء المجموعة رفيعة المستوي حول تحالف الحضارات وغيرها من المناصب والتكليفات وظفتها جميعها لتحريك مكامن القدرات البشرية بتأسيس مشروعات منتجة بطاقات الشباب وقدراتهم وتسليط الضوء علي التراث السوداني الغني وحضارته المؤغلة في القدم وبما يصب في مواعين بناء علاقات استراتيجية اكثر فاعلية ومن منظور قدرات سموها المعرفية والسياسية وامكانياتها وهي التي تسنمت كثيرا من المواقع ذات البعد الاقليمي والعالمي وجابت العالم واثرت وتأثرت بهدف توطين التنمية المستدامة اقليميا ودوليا. @ ولم يكن مستغربا ان تزور مناطق الاثار السودانية بشمال السودان ( البجراوية ) مكملة لدور قطر وداعمة لبنود الاتفاقية المبرمة بين البلدين لتطوير هذا التراث الانساني الحضاري الغنى .. وقد اشعلت زيارتها مواقع التواصل الاجتماعى وسعي البعض لافراغها من مضامينها بجدلية انصرافية لا تقدم ولا تؤخر في حين تفوقت صورها وبأنقتها المعهودة واختيارها الدقيق لملبوساتها " وبحسب الزي المناسب في المكان المناسب " بجانب الاهرامات العتيقة وعلي حبات الرمل وتحت الشمس الساطعة علي أي حملة يمكن ان تتم للترويج للسياحة وبذكاء لفتت الانظار لكنوز ما زالت مضمورة تحت الارض وظلت دهورا في عالم النسيان ونحسب انها ما هي إلا اولي حروف الترويج لتلك الكنوز الغالية والثمينة . @ من محاسن هذه الزيارة المباركة انها حركت اقلام الباحثين وعلماء الاثار بل جذبت المهتمين لتناول الشأن السوداني بحضارته وثقافته وتقاليده ومقوماته الكبيرة ، حتى ولو جار عليه الزمان في فترة من الفترات وعاف سيرته الخبراء والعلماء انه حاضر وسيظل حاضرا .. ونتمني من القائمين علي الامر حراسة انجازات هذه الزيارة واعتبارها الشعلة المضيئة والتي تحتاج لصب مزيد من الافكار والرؤي لتصل الى الافاق الاكثر رحابة وبما يعود على الشعبين بكل فائدة ، بل على العالم اجمع علما واستنارة ورخاء .. @ شكرا الشيخة موزا .. وشكرا مؤسسة صلتك .. وشكرا لمنظمي الرحلة وواثقة أن سموكم سعدتم بهذه الزيارة وربما صنفتموها ضمن الاكثر " متعة واثارة وفائدة " تماما كما احتلت صدارة الميديا ودخلت عبرها للبيوت والمؤسسات ومراكز الابحاث .. وباذن الله فان المستقبل سيكشف عن مفردات حصادها لانها كانت بذورا طيبة من اياديكم الكريمة وفكركم الناضج الذي ظل يطال السحاب وينزل خيرا وبركة على اوردة الانسانية اينما هي .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة