|
الشفافية والمحاسبة
|
TRANSPARENCY AND ACCOUNTABILITY الشفافية والمحاسبة
ردا على مقال للسيد عبداللطيف البونى"حاطب ليل – الصحافة"
بقلم: عبده سليمان محمد على
قال السيد عمر البشير رئيس حكومة الأنقاذ " ولما لم يكن الظلم يوما مقصدا للدولة اومنهجا لها فاننا نعلن براءتنا من كل ظلم او تجاوز وقع في حق احد ونعلن التزامنا بدفع الظلم ورد الحقوق الى اهلها متي ما ثبت الحق لهم. ونوجه جهاز المظالم والحسبة العامة لتلقي الشكاوي ودراستها والتوجيه بشأنها لرئيس الجمهورية." الخطوط والتشديد باللون من عندنا.
هل هذا الكلام حقيقة كلام طيب؟؟؟ رغما عن (ولكن) تلك التى قلتها فى نهاية الجملة!! هل يمكن لمثل هذا الشخص الذى يبدأ بتقديم نقدا ذاتيا باعلان براءته من كل ظلم أو تجاوز وقع فى حق أحد؟ لأن الظلم لم يكن يوما مقصدا للدولة أو منهجا لها. ثم يعلن التزامهم بدفع الظلم ورد الحقوق الى اهلها متى ما ثبت الحق. هل يمكنه ان يرد ظلما أو يرد حقا؟؟؟؟؟
أولا: اخى البونى ارجو ان تقبل نقدى بأنك لم تكن محايدا فى طرحك لأنك بدأت فى تثبيت قول البشير وأنطلقت مسلما برأيه. وكانهم فى الأنقاذ لم يقترفوا جرما فى حق أى فرد فى السودان ومنذ انقلابهم على الديمقراطية قبل خمسة عشر عاما. وكأنما جهازا المظالم والحسبة هما الذان سيردان الحق الى اهله، وبعده رفع الأمر الى رئيس الجمهورية. فكيف ذلك بربك أخى البونى كيف يكون هو الخصم وهو الحكم؟ وكيف تدين جهة ما نفسها وهى قد اعلنت مسبقا براءتها؟
ثانيا: الأنقاذ تعرف وتتخوف الخطوة القادمة للشعب السودانى ، خاصة بعد وصولهم لأتفاق مع الحركة الشعبية لتحرير السودان وبوادر تنازل آخر لآهل دارفور. اتفاقات حتما ستغير من شكل السودان القديم مهما كانت آمآل وأمنيات رجال الأنقاذ. ولربما تقول البنود الغير معلنة من أتفاقهم مع الحركة الشعبية "عفا الله عما سلف". هذا من حق الأنقاذ وحق الحركة ان يتعافيا فيما ارتكبوه من ظلم فى حق بعضهم البعض. لكن ليس لهم ولا لآى مخلوق آخر حق أن يتحدث بلسان الأخرين.
ثالثا: تحدث السيد على عثمان طه "الرجل القوى بالنظام" فى أحد احاديثه الصحفية بعد توقيع أتفاق نيفاشا الأخير بأن الحركة أقترحت لجنة كلجنة الحقيقة والمصالحة فى جنوب أفريقيا بعد انتهاء النظام العنصرى هناك. لكنه قال بأنهم يرون أن تكون المصالحة اشمل وأعم ، ولم يذكر لنا كيف يكون ذلك. فاذا كان رجال الأنقاذ يرفضون شكل لجنة "مثل لجنة الحقيقة والمصالحة" لا تقدم ادانات ولا تُدخل السجون ولا ُتصادر الممتلكات؟ فما الذى ترجوه من هؤلاء؟
رابعا: ما يبحث عنه السودانيون عامة "وأنا احدهم بعد فصلى من عملى دون جريرة سوى اختلافى مع الجبهة الأسلامية خلال فترة الديمقراطية الثالثة". الذى يبحث عنه السودانيون المظلومون بالصدفة!!! فى عهد الأنقاذ هو ارجاع الحق الى اهله. ما نبحث عنه هو حق اصيل من حقوق الأنسان هو المحاسبة والشفافية فى تقبل المسئولية والرضاء بأى حكم قضائى يصدر وبواسطة القضاء المستقل الذى لا يظلم أحدا. ذلك القضاء الذى حكم بعدم شرعية حل الحزب الشيوعى السودانى فى عهد الديمقراطية الثانية. القضاء الذى يحكم وفقا لضميرة غير خائف على كرسى أو موقع. وحينما يتحقق ذلك سنرضى بأى حكم يصدر ، وقد نقول حينها للأنقاذ عفا الله عما سلف.
خامسا: نحن لانبحث عن ثأر وليس لدينا نوازع شر كامنه توجه مسارنا وتتحكم فينا. لكن اقصى ما نطلبه أن يسود العدل وينُفى الظلم ، خاصة وأن العديد من ضحايا الأنقاذ لم يجدوا الفرصة ليدافعوا عن انفسهم. بل ُأتُهموا وجُرموا وحُوسبوا فى غيابهم وغياب القانون. وانا كفرد أسال لماذا فصلت من عملى وفى نهاية فترة ابتعاثى للخارج للتحضير؟ أنا أهون حالا من العديد ممن شردوا من وظائفهم وحوربوا فى رزقهم داخل السودان وذاقوا الأمرين ليهربوا من جحيمه الى أى مكان خارج اسوار الوطن. نحن اهون حالا من ذوى الذين قتلوا بغيرذنب سوى ان لهم رؤيا مختفة عن تلك التى يحملها كادر الجبهة الأسلامية وألأنقاذ.
كيف سنقنع بالله عليكم أهل الشهيد الدكتورعلى فضل بأن يقبلوا بشهادة البراءة التى تكرم بها البشير ونطالبهم بالعفو عن الأنقاذ ، وقتلته ما زالوا يتبوأون أعلى المناصب؟ كيف لهم أن يعفو وكل جرم ابنهم المقتول ظلما وجورا أنه كان نقابيا لم يكن يحمل سوى البسمة والنقاء وطيب المعشر. رجل تعفرت أرجله بتراب السودان وهو يتنقل راجلا فى احياء العاصمة وأرجاء السودان ليحقق لنقابته "نقابة الأطباء" وجودا مرتبطا بالوطن والمواطن. كيف نطالبهم بالصمت و"على" ذلك ألأنسان الشهم الكريم الذى لم يكن يتقاضى فلسا من مرضاه الفقراء ، والذين بكوه دمعا وغضبا. وكيف يسكت وآلداه وقد أخطروا بأن ابنهم مات فى المعتقل بالملاريا. وكانوا يدرون بأنه مات بسبب آخر. وحينما اصروا على تشريح الجثمان ، جاء التقرير يقول: نزيف حاد بالمخ نتيجة للضرب بالة حادة.
كيف بربك نسكت ام مجدى محجوب محمد أحمد الثكلى. ونطالبها بان تعفو وقد اغتيل ابنها ظلما وجورا ،لأنه قبض عليه وفى خزانة منزله وفى حرز امين ومن حر ماله مبلغ لا يتعدى الثلاثون الفا من الدولارات. وبعد أقل من عام تم فتح السوق لتجارة الدولار. وكم من ابناء ومنسوبى النظام تعاملوا فيه بيعا وشراء قبل وبعد اغتيال مجدى وجرجس.
كيف نطالب أباء وأمهات ضحايا معسكر العيلفون بالعفو والصمت. والنظام مازال يصر بأنه برىٔ من دمهم ويروى الترهات للذى حدث.
ثم كيف نطالب ابناء وبنات وأرامل وأسر شهداء حركة رمضان 1990 والذين أُعدموا فى ليلة وقفة العيد وكل جرمهم انهم أرادوا ان يقوموا بنفس الذى قام به الأنقاذيون ليلة الثلاثون من يونيو العام 1989. كيف نطالبهم بالعفو والتقدم للجنة الحسبة لتنظر فى مظالمهم. وهم لايدرون حتى اليوم اين دفن احبائهم؟
كيف نطالب نحن الألآف من ضحايا مجزرة "الولاء قبل الكفاءة" والمهجرون فى اصقاع الدنيا بان نسكت ونرضى باننا فصلنا من عملنا بالصدفة ونرضى بما يقرره لنا البشير.
أخى البونى: رضى الأنقاذيون ام ابوا سنقوم نحن وأسرنا واطفالنا ضحايا الأنقاذ بتقديمهم الى المحاكم وسنرضى بحكم القضاء مهما كان. ونرجو منهم ان يعلنوا ذلك على الملأ بأنهم سوف يرضون بذلك الحكم ، بعيدا عن الضحك على الدقون واللعب فى الزمن الضائع ، فهم يعرفون والعالم يعرف كذلك أن زمان سطوتهم قد ولى ، وان المستقبل للديمقراطية ، للحرية ، حقوق الآنسان والشفافية.
|
|
|
|
|
|