السلطة الرابعة فى زمن الانقاذ أهينت بما لم يسبق له مثيل.. وما لم يسبق له مثيل هو سياسة الانقاذ فى أن تفعل أشياء لا يصدقها عقل ولم تحدث فى الاولين والاخرين حتى تستعصى على المنطق الطبيعى للاشياء..الصحافة هى عنوان الدولة..مثلما سعادة الاطفال و المسنين ورفاهيتهم هى ايضا من عناوين الدولة الحضارية..وهذا بعض ما فعلت الانقاذ فى صاحبة الجلالة السلطة الرابعة.. هناك أرتال من الصحف اليومية تتبع للدولة وتتحدث بلسانها..وهى تكذب وتتحرى الكذب فى تلميع وجه الحكومة الكالح دائما وابدا.. وتصرف من خزينة الدولة ملايين الجنيهات لتصدر تلك الصحف الى الشارع السودانى ظنا منها بأن الشارع السودانى لا يستطيع أن يميز الخبيث من الطيب.. وتدفع بأعلاناتها الى تلك الصحف زيادة فى دعمها....يكتب منسويى الحكومة وصحفيى السلطة فى هذه الصحف.. فتدفع الجريدة لكّتاب الاعمدة التى تمجد الحكومة وتنظف أفعالها, تدفع لكاتب العمود خمسة الاف جنيها بالتمام والكمال.. فى المقابل..نجد الصحف التى تحاول أن تتنفس بعض الحرية أو صحف المعارضة صراحة مثل الميدان تتعرض لكافة اشكال المضايقات..منها على سبيل المثال الرقابة القبلية وحضور جهاز الامن ليقرأ الجريدة فى صورتها النهائية وقبل أن يدفع بها الى المطبعة..يقوم رجل الامن بقصقصة بعض السطور أو منع المقال من اساسه من النشر..فتتأخر الجريدة عن الصدور صباح اليوم التالى وتفقد بعد الزبائن..يحدث أن لا يفهم رجل الامن مقالا معينا, لان الصحافة اصلا ليست تخصصه, تذهب الجريدة الى المطبعة..يصدر العدد..وتجد الصحيفة استجابة غير عادية من الشارع السودانى..تصادر الجريدة..ويعتقل الصحفى..وتتعطل الجريدة الى أحل غير مسمى.. فى هذا الاثناء يفشل الصحفى فى دفع الايجار..ومصروف البيت. وشراء الدواء ال prescribed medication و حينما تعاود الصحيفة الصدور بعد جهد جهيد, يمنع جهاز الآمن الشركات من أن ترسل اعلاناتها الى تلك الجريدة, زيادة فى الضغط....تضطر الجريدة المنكوبة الى تقليص مرتبات الموظفين والعمال والمحررين الى أدنى درجة..مثلا الحد الادنى لاجر الصحفى هو ستمائة جنيه سودانى..ولكن صحف المعارضة لا تستطيع أن تدفع هذا المبلغ..وهكذا يتقلص المرتب حتى يفقد الصحفى الامل ليبحث عن وظيفة أخرى تسند صاحبة الجلالة.. الصحفى فى زمن الانقاذ كثير الاعتقال..ويجلد ويضرب ويهان..فيما يدلل صحفى السلطة..مثلا يتخصص صحفى السلطة فى متابعة اخبار وزير معين..وينشر عنه كل صغيره وكبيرة..ويلمع الوزير ..كل هذا مقابل ظرف سمين يتردد على جيب الصحفى , اضافة الى اصطحابه فى رحلات الوزير الداخلية والخارجية لتغطية أنجازاته الخرافية.. ونذكر من الصحافيات اللائى أهانتهن الانقاذ نتيجة قلم جرئ ونظيف هن عائشة السمانى حينما كتبت عن رئيس حزب المؤتمر السودانى..أعتقلت وأودعت السجن..أمل هبانى أعتقلت وضربت و ادخلت السجن..الخ ومن الذين ماتوا جراء القهر النفسى زميلنا فى منبر سودانيزأونلاين دكتور عادل الشهير بسجيمان...قابلته فى الخرطوم و زرته فى جريدة الصحافة...ثم زارنى فى جريدة الخرطوم.. تحدثنا كثيرا عن أهانة الصحافة والصحفيين فى زمن الانقاذ..غادر الصحافة الى جريدة أخرى تعثرت كثيرا فى الصدور بسبب عدم رضى الحكومة عنها....أغلقت الجريدة..وبعد شهرين من عودتى الى كندا سمعت بأنه قد توفى رحمة الله عليه...و مازالت كلماته تجلجل فى أذنى وضحكته المميزة وسخريته العبقرية ماثلة أمامى كما لو أنه موجود بشحمه ولحمه.. صاحبة الجلالة فى زمن الانقاذ أهينت أيما اهانة وهى تحاول أن تبث ضوئا ضئيلا من الشفافية والصدق فى عتمة الانقاذ.. من أجل هذا وأكثر... الشعب..يريد..أسقاط النظام...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة