|
الشريعة والأسلمة في السودان (8) كيف عامل الأخوانُ نسآء السُودان؟ بقلم محجوب التجاني
|
02:51 PM Apr, 19 2015 سودانيز اون لاين محجوب التجاني-تنسى-الولايات المتحدة مكتبتى فى سودانيزاونلاين
19 أبريل 2015
حول أوضاع المرأة السودانية الإجتماعية والقانونية ، نطالع في مؤلف الباحثة كارولين فلوهر- لوبان توثيقا دقيقا لما أصاب نسآء السودان وشبابه من جرآئم وانتهاكات بتسلط الأخوان. ونجد في سجلات المنظمات الوطنية والدولية ما يندي له الجبين عارا مما جآء في تقرير كاسبر بيرو مفوض الأمم المتحدة خروقات لا إنسانية بالغة لنسآء النازحين وأطفالهن. واحتوي المجلد الأول من منشورات المنظمة السودانية لحقوق الإنسان القاهرة (1995) بلاغاتٍ بتهجير آلاف النسآء والأطفال قسرياً من جنوب كردفان، واعتقال نقابيات ورآئدات في الحركة النسوية الديمقراطية ومطاردة جماهير النسآء في الأسواق والأماكن العامة مراكز وقري، والتهافت علي فرض الزي الإيراني عليهن. أثبتت التقارير مواجهة المرأة السودانية الحازمة للإسلاميين الإنقلابيين ومقاومتها البارزة لهذه التصرفات الهوجآء، ورفض الإتحاد النسآئي السوداني بقوةٍ وصرامةِ الإنصياع لإملآءات الأجانب وتطبيقات الأخوان الحمقآء. يكتب التاريخ: كيف ازدري الأخوان في شقآءٍ كرامة السودانيات، عصيانا لما أوصي به الرحمن في الأرحام؛ وكيف لفظت نسآء السودان غرابة الأخوان وانسلاخهم عن معني الوطن؛ شامخات في إبآء، رفرفت بأيديهن رايات الإستقلال.
خروج النظام العام علي القانون والثقافة رأت الباحثة بدرايتها القانون الجنآئي وتطبيقاته في بلدان عديدة، "إن السودان بات مثالا رئيسا علي أسلمة الدولة، مثابرا كإيران علي حقبة من التغيير القانوني، والبنآء المؤسسي، والتحول الإجتماعي تحت لوآء إسلام سياسي" يماثل فترة الطالبان المتطرفة في أفغانستان التي فرض فيها الإنقلابيون الإسلاميون "إحتباس عمالة المرأة وتعليمها وحظر سفور الإناث مع فرض لباس البرقة". إن السؤال الأساسي يتعلق بحق الشعب في اختيار نظامه السياسي والجنآئي طآئعا مختارا، ومدي التطبيق العادل للقانون. وهنا تؤكد الباحثة مفارقة الأسلمة لأحكام الشرع الحنيف في القانون الجنآئي خاصة: "ما لا يدركه النقاد الغربيون عن الشريعة مقياسها القوي للتعويض العادل للخسارة، والغفران، والحقوق الجّلية والقوية للضحايا الذين ينعمون بحق القرار النهآئي في طلب العقوبة أو حل القضية التي عانوا هم وأسرهم بسببها من الإعاقة، أو الموت، أو فقدان الملكية. ويتضمن الشرع الإسلامي نفس الإعتراف لحقوق المتهم كما هي الحالة في الأنظمة القانونية الرئيسة في العالم، بما فيها افتراض البرآءة، والحق في عدم التعريض للإعتقال الإعتباطي أو التعذيب، والحق في محاكمة عامة، والحق في الإستشارة القانونية، وعدم الإلزام بالشهادة ضد النفس، والحق في الإستئناف"... لا يتفق شيئا مع هذه الحقوق الراسخة ما وجده بحثها من حقآئق عن أسلمة السودان...
إستهداف الفقرآء والمساكين تواصل الباحثة الكشف عن حقآئق الأسلمة وإيغال الأخوان في اضطهاد النسآء بإسم الدين: "مع التأكيد علي الأخلاق العامة، إمتد ظل العقوبة الحدية الطويل ليس علي الفقرآء والمعرضين للعقوبة وحدهم؛ إنما علي كل النسآء موضع عفاف المجتمع الإسلامي وسلامته. المسلك المحتشم علي الجمهرة، غض النظر في حضرة الرجال، واللباس الطويل بما فيه غطآء الأيدي والرأس (كما الثوب التقليدي) والشعر والأذنين، وتجنب المساحيق والعطور التي ربما تجتذب الرجال غير الأقارب – إستخدمت كلها معاييرا لتحدد ما إذا كانت المرأة منتهكة (للأخلاق العامة). النسآء اللاتي لا يرغبن أو يتمردن علي الأحكام المحافظة الجديدة المقننة يضايقن علي الأقل، أو ربما يُلقي القبض عليهن ويُواجهن الإتهام بالخروج علي القانون الجنآئي". "إتهام النسآء بعدم لبس الحجاب الملآئم كان شآئعا خلال عقد التسعينات، غير أنه تيسر مع بداية تدفق النفط والعزل السياسي لحسن الترابي أو بعده. مثال واحد علي التطرف والأصل غير السوداني بشكل عام للقوانين ظهر في ملاحقة ما كان يُوصف بأنه صّبغٌ مبالغ فيه بالحنآء. إن كل من إعتاد علي الثقافة الأنثوية السودانية يعلم أهمية الحنآء الجمالية ودلالتها علي الوضع الإجتماعي... وهي أشد إرتباطا بطقوس الزواج وولادة الأطفال، وتنبئ عن مكانة المرأة المتزوجة بعرضها في اليدين والقدمين وهي ملتحفة بثوبها، وهي الرمز الدال علي الإحترام". "النسآء بائعات الشاي [المُناضلات بها] وصانعات المريسة [المُكرهات عليها] أكثر النسآء عُرضة للمضايقة بسبب ما يشغلنه من مساحة عامة، ولإتصالهن بالسُكر العام للرجال. ومن الموثق تماما أن قانون الشريعة الجنآئي الخاص بصنع الخمور وبيعها واستهلاكها يُقاضّي به علي أساس يومي في معسكرات النازحين. المقاضاة تتم في معظم الحالات من شرطة المعسكر – شماليين يستخدمون القانون وسيلة للإرهاب والسيطرة علي السكان الذين يُفترض أنهم يحملون بذور العصيان والإستيآء. أما سكان المعسكر فيشكون بمرارة من إخضاعهم لقوانين الشرع الإسلامي بينا أنهم ليسوا مسلمين. بل إنهم محرومون من أي وسيلة يكسبون بها عيشا، وهم مجبرون بظروف الحرب علي النزوح ليعيشوا في الشمال في عزلة وأحوال معيشية منحطة." المعروف للإخصآئيين الإجتماعيين وبُحاثة علم الإجتماع وخبرآء الأنثروبولوجيا الثقافية أن معالجة المشكلات الإجتماعية مثل تعاطي المُسكرات ورعاية ضحاياها لا تمارس بالعقاب والمضايقة والإضطهاد؛ ولكنها تتقصي الأسباب السياسية والإقتصادية والثقافية للظاهرة، وتضع لها البدآئل المناسبة مع الضحايا والمجتمعات، منهجا علمانيا سليما يكتمل أثره بالإنسانية ويرتقي إحسانا بالدين - ولا يحمل الأخوان من هذا الفكر ذكرا ولا حسبانا.
جلد النسآء علي الولادة! "الجلد لا يزال مستعملا، وهو أكثر عقوبة حدية يثابر عليها بين كل جزآءات الحدود، يُحّدُ اليوم في أمكنة شبه علنية، ساحات المحاكم الشرعية، مما يقلل من مبررات أثره الرجعي في الماضي. وربما يتزايد الجلد أساسا علي جرآئم الخمر في مراكز الشرطة المحلية التي يتركز فيها الفقرآء نحو معسكرات النازحين. وربما أن أشد تحذير من الجلد يتصل بالمستشفيات التي يُصّرح فيها بجلد النسآء اللآئي أنجبن أطفالا دون زواج، إذا أو عندما يتناهي لعلم السلطات إنجابهن. فأي إنجاب في المستشفي لا يكون به إسم الأب واردا في شهادة الميلاد لغيابه، يجب الإبلاغ عنه للشرطة. وهنا تنفذ الشرطة المادة القانونية الخاصة بتوقيع 100 جلدة علي المرأة المتزوجة، مع إنه لم تمْضّ عقوبة في السودان بعد. وفي دارفور، تشهد تقارير موثقة بجلد نسآء علي جرآئم إرتكزت البّينة فيها علي حقيقة أن المتهمات لم يكن متزوجات، ولم يُجازي الرجال المرتبطين بالقضايا علي جناياتهم. ولقد نهض الإقليم تمردا علي الحكومة؛ ويبدو أن نمطا معينا يميز تطبيق جرآئم الحدود في دارفور، كواحد من الوظآئف السياسية الهامة للقانون". هذه ملاحظة بليغة للباحثة، إذ بالغ الأخوان في معاداة شعبنا الرافض لحكمهم في دارفور بكل ما في جعبتهم من عُدوان. والإقليم الغني بالخيرات وأهلنا الطيبين عمّد الثورة المهدية ومشآئخ الرواق الأزهري وقوافل السلطان علي دينار لكسوة بيت الله الحرام ما كان أغناهم بحواكيرهم وإداراتهم الأهلية عن عبث الأخوان المستهبلين وما اصطنعوا في ديارهم من أمرآء الجبهة الضلالية. ولو تركوا للمقدم والشرتاي درء الحدود بالشبهات وتزويج الضحايا بأعرافهم الشعبية لما احتاجوا مظاهرة قضائية ولا عقوبة حدية. أضف إليه أن اتهام المحكمة الجنآئية الدولية لرئيس الاخوان ومعاونيه أرباب السوابق والإجرام، الهاربين من العقاب، فاض بالبيناتٍ الدامغة لما أوقعوه بالأهالي ونسآئهم من قتل الغيلة والإغتصاب، والإستيلآء علي الأرض، ومضمضمة الضرع، ونهب الزرع، بما لم يجرؤ عليه إستعمار. فالواضح أن تطبيق الأخوان للعقوبات لم يعالج المشكلة ولكنه فاقم من المأساة، وستذكر الباحثة في كتابها عن الأسلمة إرتفاع معدلات الإنجاب لمواليد أبريآء هرب آباؤهم من مغبة الإعتدآء علي الأرحام، تاركين ضحاياهم للجلد والتشهيروأحكام الإعدام. وأين هذا الظلم من إدعآء الأخوان بإقامة الدين وبسط العدل؟ أولم يشدد الإسلام علي العدل والإحسان؟ ومنْ في سلطة الأخوان خشعت قلوبهم لآي القرآن:"وإذا المؤودة سُئلت بأي ذنبٍ قتلتْ" وهم يبطشون ساسة ومشائخا، قضاة وعسكرا، أمنا وإدارة بالضحايا من النسآء، ويخلون سبيل المعتدين والمغررين، مُكرهي الفتيات علي البغآء، الجبنآء الهاربين؟!
الشرع الصحيح الذي مرق عليه الأخوان قالت المناضلة فاطمة أحمد إبراهيم، الزعيمة الموقرة في الإتحاد النسآئي السوداني وقيادة الإتحاد النسآئي العالمي عن مسامحة الضحايا لإجرام الأخوان: "إن الضحايا أنفسهم يملكون إحقاق الحق، فلا يملكه عنهم أحد ولو كان دولة أو تنظيما". ورأي السيدة الفاضلة هو عينه أمر الشرع الصحيح. فالقانون الجنآئي في شريعة الإسلام يضع لأهل الضحايا ولاية الدّم، وحق التعويض أو العفو. لا يملك حاكمٌ أعناق الناس ليضرب علي هذا أويُبقي ذاك. تلك أفعال تناهضها ضمآئر الأحيآء في كل شرع سليم، وهل أبقي حكم الأخوان علي مبادئ الإحسان من شئ؟ مُهم ألا يُهال تراب النسيان علي حُفّر الأخوان التي رجموا فيها حزمّا من أكرم أخلاقيات السودانيين في الزود عن الأعراض وصونها، وتكريم المرأة وتوقيرها، وإكرام النشئ بإدراك الحقوق واحترام المسؤوليات.
مُهمٌ جدا ألا ننسي لجبهة الضلال مسمياتها المخدوعة وسياساتها الرعنآء.
نواصل في حلقة أخيرة مزيدا من الحقآئق وملخصا لنتآئج البحث...
وغداً يومٌ جديد
المرأة السودانية
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- الشريعة والأسلمة في السودان الثروة دينُهم، والسُلطة شرُعهم (7) بقلم محجوب التجاني 04-10-15, 05:45 PM, محجوب التجاني
- الشريعة والأسلمة في السودان (6) بقلم محجوب التجاني 04-06-15, 03:48 PM, محجوب التجاني
- الشريعة والأسلمة في السودان (5) تحولاتٌ سكانية: قصُور وكُهوف! بقلم محجوب التجاني 04-03-15, 01:29 PM, محجوب التجاني
- الشريعة والأسلمة في السودان (4) بقلم محجوب التجاني 03-29-15, 03:31 PM, محجوب التجاني
- الشريعة والأسلمة في السودان (3) بقلم محجوب التجاني 03-25-15, 08:54 PM, محجوب التجاني
- الشريعة والأسلمة في السودان (2) بقلم محجوب التجاني 03-20-15, 04:57 AM, محجوب التجاني
- الشريعة والأسلمة في السودان (1) بقلم محجوب التجاني 03-15-15, 01:21 AM, محجوب التجاني
- علي شرفِ جماهير منتصرة بقلم محجوب التجاني 03-11-15, 05:51 AM, محجوب التجاني
|
|
|
|
|
|