رمضان كريم .. وكما يقول أهلنا " البحبو كُلّو كريم" ، وهو شهر يستحق أن يُجزل فيه المزيد من الجهد فيما ينفع الناس، وفى مقدّمة ذلك السعى لتحقيق السلام وتكريس الإستقرار للشعوب فى أوطانها ، وفى مابينها.. ومن الأخبار التى يتوجّب النظر فيها، والإهتمام بها، ومتابعتها بدقّة وحذر شديدين - ونحن فى رحاب هذا الشهر الفضيل - صدور " البيان المُشترك" لـ(( اللجنة السياسية الأمنية المشتركة بين السودان وجنوب السودان))، برئاسة وزيرى خارجية البلدين، بعد مباحثات – أتّسمت مداولاتها بالسريّة التامّة، لطبيعة اللجنة- وقد نتجت عنها قرارات " أمنية "، تشمل عُدّة ملفّات وقضايا شائكة من بينها (( إعادة إنتشار الجيش فى البلدين - فوراً- على طول المنطقة الحدودية الآمنة المنزوعة السلاح، وإقرار خطّة لإيقاف دعم وإيواء " المتمردين " ، وفتح المعابر على مرحلتين)) . وهناك - بلا شك- قرارات أُخرى - لا تقل أهميّة عن ماورد أعلاه - صدرت عن الإجتماع، مثل ملف ترسيم الحدود، المختلف عليها، وقضايا النزاع فى مناطق بعينها " الميل 14 نموذجاً " ، وغيرها من الملفّات التى تُعرف بملف (( القضايا العالقة )) بين البلدين، من تركة (( إتفاقية السلام الشامل- 2005))، وجميعها - بلا شك - قضايا تنتظرالحل السلمى التفاوضى، وتحتاج لتسريع وإستكمال جهود التفاوض والحوار الثنائى، للوصول لعلاقة طبيعية، بين دولتين جارتين، وشعبين شقيقين، شاءت أقدار السياسة، وفشل النُخب السياسية، أن تضعهما فى هذا الوضع، بعد حروب دامية، ونزاع مُسلّح، هو الأطول فى القارة الإفريقية، بل والعالم أجمع. العلاقة بين السودان وجنوب السودان، علاقة تحتاج لوضعها فى مكانها الطبيعى واللائق، لطبيعة وخصوصية العلاقة بين الشعبين، وهى بكل المقاييس، علاقة تاريخية، أزلية، ذات خصوصية عالية، و هذا وحده لا يكفى، إذ من المهم - جدّاً- الإنتقال بها من مرحلة ومنطقة ضيق " النزاع" و " الصراع" إلى رحاب " بناء السلام"، و" توطيد السلم الإجتماعى" فى البلدين، وفيما بينهما، وهذا لا يأتى بالتمنّى فقط، ولا بسيادة عقلية " الحلول الأمنية " فى البلدين، و فيما بينهما، ولا بمجرّد تطبيق بتدابير " أمنية / عسكرية "، تهدف لـ" إضعاف الآخر، لتحقيق الإنتصار عليه"، أو تعمل على " زعزعة وضعه "، ولكن، بإعمال الجهد الصادق والحقيقى، لتطبيع العلاقات بين البلدين/ الدولتين، وفق المعايير والمفاهيم الدولية المعروفة، والتى تتّسم بالوضوح والصراحة، فى مناقشة القضايا العالقة ، بالشفافية والمبدئيّة اللازمة، لتحقيق التعاون والعيش المُشترك بين البلدين والشعبين، وهذا، يتطلّب النظر للصراعات الداخلية فى البلدين، بمعايير موضوعية، بغية الوصول لحل الأزمات السياسية فى البلدين، بإرادة ورغبة حقيقية، لمصلحة الشعبين. نقول هذا، ونعلم و ندرك أنّ البلدين، يعيشان - حالياً- فى ظروف ليست طبيعية، و يرزحان فى أوضاع إستثنائيّة، ويحتاجان لتحقيق الإستقرار والتنمية والرفاه - حتماً- لأنظمة حُكم ديمقراطية، تحترم التعددية، و تتفهّم التنوُّع، وتعمل لإدارته بصورة صحيحية، وتلتزم بإحترام وتعزيز حقوق الإنسان، ولكن هذه المهمّة الشاقّة، هى - فى البدء والمنتهى - مهمّة الشعوب - والشعوب وحدها - فى البلدين، وتُنجز بالأصالة، ولا يُمكن أن تؤدّى عنها بالوكالة، ونؤمن أنّ آليّة تحقيقها - فى تقديرنا- هى النضال السلمى الديمقراطى، فى البلدين، وهذا طريق طويل، ولكنّه الطريق الوحيد المأمون الجانب والعواقب ، ومع ذلك، ننظر لكل خطوة مساعدة، للإستقرار فى البلدين، والتهدئة بينهما، بمنظار دعم ومساعدة الجهود المؤديّة للسلام فى البلدين وفيما بينهما، وفى المنطقة بأكملها، واضعين فى الإعتبار أنّ دولتى ( السودان ) تنتميان لإقليم " جيوسياسى" (( مُلتهب، ومضطّرب)) سياسياً وعسكرياً وأمنيّاً، هو (( منطقة البحيرات العظمى الإفريقية ))، وهو من أعنف مناطق النزاعات المسلّحة المريرة والطويلة الأجل فى القارّة الإفريقية، وهو إقليم يُعتبر " منجم عُنف " و " بؤرة " نزاعات مُسلّحة وحروب، و تحتاج جهود تحقيق الإستقرار والسلام فيها، إلى مساهمة ومشاركة وجهود كُل دول المنطقة، بل، و القارّة الإفريقية، إلى جانب تسريع جهود الأُمم المتحدة، التى تمضى - بتؤدة - منذ سنوات، لنزع فتيل العنف فى الإقليم.. ولكل هذا، وذاك، لا بُدّ من إهتمام الصحافة، المحلية والإقليمية، بما يدور فى دهاليز اللجان المُشتركة، بين ( السودانين )، لأنّ من حق (الشعبين ) الحصول على المعلومات، ومعرفة الحقيقة، فيا صحافة السودان و جنوب السودان ، إنتبهى !.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة