|
Re: السودان بين مطرقة الكيزان وسندان فشل المع (Re: الطيب محمد جاده)
|
الأخ الفاضل / الطيب محمد جادة لكم وللقراء التحيات كيف لا يمكنك الوقوف على مكامن الخلل وهي المكامن التي تعادل شعر الرأس .. لماذا يشتكي الكل من الداء والكل يمثل ذلك الداء ؟؟ ,, ويوم أن انطلقت سفينة السودان الحديث بإعلان استقلال البلاد بدأت محاور المؤامرات على السودان ،، كما بدأت مناوشات الحقد والكراهية والتمرد ،، سفينة من أولى اللحظات كانت تعج بالمتناقضات الاثنية والفوارق الطبقية والنزاعات الأصولية والقبلية ،، كما كانت تعج بمفاهيم الطبقات السيادية ومفاهيم الطبقات الشعبية الدونية ،، ( حيث نخب الأشراف ونخب الأتباع ) ,, وحيث مفاهيم البيوت الدينية والبيوت العشوائية الهامشية ،، سفينة لم تخلو في لحظة من اللحظات من تلك الطعنات في الأظهر !! .. الكل فيها يرى الذات ولا يرى السودان ،، ومضت سفينة الأوجاع خطواتها وهي لم تخلو في مرحلة من المراحل من حالات التمرد والتناحر والاقتتال ،، وكان الأمل في البداية أن تقوم دولة السودان على أساس الوفاق والاتفاق والمودة والمحبة والعدالة الاجتماعية والمساواة ( أنت سوداني وسوداني أنا ،،،، ضمنا الوادي فمن يفصلنا ؟؟ ) .. كان ذلك هو العهد ،، وكان ذلك هو الأمل ،، وكان ذلك هو الرجاء ،، ثم بدأت دواليب الوطن الوليد تتحرك نحو الأمام ،، فإذا بالعراقيل تتوالى ،، وإذا بالخوازيق توضع تحت العجلات من أبناء السودان أنفسهم من كل الجهات ومن كل المناطق ،، وعند ذلك كانت تتوقف حركة التطور والبناء والنماء في السودان ,, وكل ذلك كان يحدث في غياب الوعي الوطني المخلص ،، وقد عودتنا حواء السودانية بأن لا تلد ذلك السوداني الوطني المخلص الماهر العادل الذي يقود البلاد لبر الأمان ،، ولكن هي حواء السودانية التي أجادت أن توفر من أرحامها اللئام أبناء اللئام .، وحين بدأت دواليب الوطن الجديد تتحرك نحو الأمام بدأت نزعات النفوس السودانية المريضة .. حيث تلك النزعات الشائكة البغيضة الكريهة ،، وحيث رغبات النفوس المريضة الطامعة الذليلة ،، والكل ينادي يا نفسي ويا حزبي ويا لوني ويا قبيلتي ويا أصلي ويا فصلي ،، ويا اتجاهات فكري ويا وجهة انتمائي السياسي والعقدي ،، ويا مصالح ومطامع نفسي الأمارة بالسوء ،، ولم ينادي أحد : ( يا سوداني ،، يا وطني العزيز ،، يا جامع شملي ويا مذهب كربي وهمي ،، يا مصدر رزقي ،، يا مفخر انتمائي ،، يا قلاع حصني ،، يا سفينة خلاصي ،، يا دولة حبي وودي ،، يا من لك الفضل في بناء خلايا جسمي ) .
والخلاصة أن السودان تحول بعد الاستقلال إلى بوتقة أحقاد ومنازعات ،, وأصبح ساحة سلب ونهب للقادرين والمتمكنين ،، كما أصبح ساحة احتكار للأقوياء والمتسلطين الجبابرة القتلة ،، كما أصبح ساحة ويل وعذاب وشقاء للعاجزين من ضعفاء الشعب المهمشين ،، تلك الفئات التي تمثل السواد الأعظم من الشعب السوداني ،، وأصبح السودان غابة فوضى تجري فيها شريعة الغاب ،، حيث الأولوية دائما وأبداً للأقوياء والمقتدرين .. وهي تتمثل في تلك الأحزاب السودانية التي تماثل الضباع الجائعة في أساليبها .. والتي أهلكت الحرث والنسل في تجاربها منذ الاستقلال ,, كما هي تتمثل في تلك الحكومات العسكرية التي كانت تتولى الأمور غصباً ثم ترد الموت والفساد عند كل زاوية ومنحنى ،، وهي تتمثل في تلك الجماعات المتمردة التي انطلقت منذ الوهلة الأولى للاستقلال ،، وهي تلك الجماعات التي ما زالت تفعل الأفاعيل في أركان البلاد ،، وقد عرفت بأنها تعشق الدماء والدمار بدرجة الجنون ،، وبعد ذلك لا يجوز التساؤل بالقول : ( لا يمكنني الوقوف على مكامن الخلل !!! ) .. فلا يمكن لعاقل يرى المشاهد اليومية لأكثر من ستين عاما أن يردد تلك العبارة التي قد تجلب السخرية ,, كيف يتقدم السودان إلى الأمام إذا كان الكل يخفي السموم في الأكمام ويدس الخناجر في الجيوب ؟؟ ,، وذلك الإسراف المفرط في الغباء والسلوكيات السودانية الهابطة كان السبب في تدهور السودان عبر السنوات .
نتفق معكم كثيرا عندما تقول : ( ساسة السودان اليوم فاشلون فاسدون شلة من اللصوص والحرامية الذين بدون ضمير يتغنون بحب السودان ويعملون على خرابه ، علــى الفاســديــيــن أن يـفـهــمــوا أن السودان مـلـك لــلـشــعـب وعـلـيـهــم أن يـفـهـمـوا بـان الأيام الـقـادمـة كـفـيـلـة بـزوالـهـم ) .
ولكن مع التحفظ الشديد على عبارتكم ( أن الأيام كفيلة بزوالهم ) ،، لأن تلك الأيام الكفيلة انتظرناها طويلا لأكثر من ستين عاما ،، ولم تكن في لحظة من اللحظات .. ولم تشرفنا تلك الأيام ولو مرة واحدة من قبيل الصدفة ،، إنما هي حواء السودانية التي تعودت أن تمد ساحات السودان بالمزيد والمزيد من الأفاعي أبناء الأفاعي السامة القاتلة , والتجارب الماضية أذهبت عنا كل مفردات ومعاني التفاؤل في هذا السودان ، فكالعادة سوف تدوم المعاناة السودانية في غياب الضمائر والإدراك الحسي ،، وفي غياب الوطنية الصادقة لدى كل الأطراف ،، وسوف تتخلف دولة السودان عن ركب الدول المتطورة عهودا وعهودا ،، حتى يغير السودانيون أساليبهم تلك البدائية المتخلفة ,, وحتى ذلك الحين فالذي يعيش في هذا الوطن فسوف يعاني ويعاني كثيرا وطويلاَ .. وسوف تدوم تلك الحروب الغبية لسنوات طويلة وعديدة ،، المقتول فيها هو ذلك المفقود في الهباء .. والقاتل فيها هو ذلك القاتل في الهباء ،، ويجري عليهما المثل السوداني الذي يقول : ( ساقية جحا تأخذ الماء من البحر لتصبه في البحر لسنوات وسنوات دون فائدة !! ) .
| |
|
|
|
|