02:38 PM March, 01 2016 سودانيز اون لاين
الطيب الزين-
مكتبتى
رابط مختصر
بعد ستة وعشرين عاماً من حكم نظام غير شرعي، أصحبت بلادنا، في ذيل قائمة دول المنطقة، في كل المجالات، حتى وقت قريب كنّا نعتبر دول مثل تشاد واريتريا واثيويبا، دول متأخرة وبائسة..!
لكن هذه الدول برغم البؤس الذي عرفته وتعرفه، الا انها، أصبحت أحسن حالاً من السودان، لاسيما اثيوبيا التي تعد الآن من أفضل خمس دول في العالم وفق مؤشر التنمية والنمو ..!
علماً، ان النظام قد وصل للسلطة، قبل الأنظمة الحاكمة في الدول الثلاثة المذكورة..!
لكن الفرق بينها وبين النظام، هو أنها كانت تمتلك مشاريع للتغيير والبناء، أو لنقل: في الحد الأدنى، إنها تتوفر على رغبة بناء الدولة، عكس النظام الحاكم في السودان، الذي لم يكن يتوفر على مشروع سياسي لبناء الدولة، بل كان يمتلك مشروع تخريب وتدمير للدولة تحركه اوهام ماضيوية، وشعارات غوغائية، ظل يرددها منذ مجيئه بطريقة غير شرعية للسلطة في صبيحة الجمعة الموافق 30/6/1989، وجسدها في ممارسة فوضى غير مبررة ومسبوقة، بحق الوطن وشعبه..! رافق حالة الفوضى هذه.. حالة من التخبط من جانب قوى المعارضة السودانية ..!
فهي لم تبخل على النظام الذي يتحمل المسؤولية الكاملة تجاه ما وصلت اليه البلاد من تردي وتدهور وخراب في كل أصعدة الحياة، سواء ببعثرتها، أو بمده بيد العون، من خلال قبول بعض اطرافها لدعوات الحوار، التي وجهها لها، الامر الذي فسره النظام بان ذلك دليلاً على ضعفها وعجزها، وإعتراف ضمني من جانبها به..!
لذا سفهها، وشن حروبه العبثية ضد الأبرياء في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، غير عابيء بها، وفي ذات الوقت قمع، كل الأصوات الوطنية التي تصدت لسياساته وتصرفاته غير المسؤولة التي ألحقت الضرر البالغ بالأسس الاخلاقية للمجتمع السوداني، ودمرت ركائز الدولة الوطنية، وإصابت المشتركات الوطنية في مقتل..!
وأوضح مثال على ذلك هو إنفصال الجنوب الذي كان بمثابة تحصيل حاصل، نتيجة للثقافة والنهج اللذين اتبعهما النظام تجاه الإخوة الجنوبيين، طوال سنوات الحرب، الامر الذي قدم خدمة لمعسكر الانفصاليين ورجح كتفهم، وأكد سلامة توجهاتهم..!
بكلمات أخرى، نستطيع ان نقول: ان النظام منذ ان جاء للسلطة كان هدفه واضحاً، وهو فصل الجنوب على أساس الدين، لذلك كانت المحصلة الفعلية هي تقسيم البلاد..! لكن التقسيم الذي سعى إليه وعمل من أجله، لم يكن حلاً جذرياً لمشكلة الصراع في السودان، لأن التهميش لم يكن حصرياً في الجنوب ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق فحسب..! هذه كانت وما زالت مجرد عناونين، لكن التفاصيل فهي تشمل كل السودان. صحيح ان تلك المناطق لها قضاياها ومطالبها، وقد قدمت تضحيات كبيرة في سبيلها.. إلا ان ذلك ينبغي ألا يشكّل غباراً أو دخاناً، يحجب رؤية المشهد العام للأزمة التي تمسك بخناق البلاد، وفاقم من حدتها، ضِعف دور المعارضة، الذي تمثل في غياب أفق سياسي واضح، بجانب ضعف آليات عملها، مما جعل الساحة السياسية تبدو شبه فارغة للنظام -مع ان الحياة لا تقبل الفراغ- ، ليرسم معالم مستقبل البلاد، كما يحلو له ..!
ولعل اتفاقية نيفاشا خير شاهدعلى ذلك..! لأنه لو كان للمعارضة السودانية دوراً مؤثراً، لما كان الانفصال خياراً..!
صحيح اننا مهما فعلنا لن نستطيع ان نعيد عجلة الأحداث إلى الوراء، لكننا نستطيع ان نستخلص الدورس والعبر مما حدث، لاسيما في هذه الأيام، التي يتعين على المعارضة، والنظام يخطط لإجراء استفتاء في دارفور, ان يكون لها دوراً فاعلاً ، وتضطلع بمسؤوليتها الوطنية، على النحو الذي يمكنها، من إفشال المخطط الذي يعمل النظام على تمريره في دارفور، ليس بغرض منح أهل الإقليم مزيداً من المسؤوليات والصلاحيات، ليعمروا ويطوروا إقليمهم، بل بالعكس هو يعمل على انتزاعها منهم ويكرسها في يده، مما يفاقم من حدة الصراع هناك..! ولكي لا يبقى الكلام في خانة العموميات، دعونا نقول: ان هذه الفوضى التي يمارسها النظام هي نتاج إخفاقات المعارضة السودانية التي تعبر عن وجود ازمة في التفكير والاخلاق والممارسة، ازمة جعلت المواطن في حيرة من أمره تجاه مواقف بعض قادة المعارضة.. انها ازمة بانتظار صحوة ضمير، مازالت غائبة حتى الآن، لتوحيد صفوفها، وتعزيز جهودها وتغيير آليات عملها العقيمة، التي ما عادت تجدي في مقارعة النظام وفوضاها التي ينشرها عبر البسطاء والانتهازيين من أبناء دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وكل أطراف السودان الأخرى، والنظام له هدف من وراء الاستفتاء الذي يعتزم إجرائه في دارفور.. وهو خلق حالة من العداء بين سكان الإقليم الواحد، وبالتالي يصبح من الصعب عليهم صوغ رؤية تكفل وتحفظ التعايش الذي عرفوه في الماضي قبل مجيء النظام. ومن دون تعسف كبير، يمكن القول: إن الفوضى ستزداد وتتعمق، وتتعدد أوجهها، وتبقى عوامل إنتاج الأزمة متجذرة في حياتنا، كلما ضعف دور المعارضة السودانية، واستكان الشارع السوداني.
تشي الحال هذه أن مستقبل السودان سيكون مفتوحاً على مخاطر عديدة لاسيما في ظل إستمرار هذا النظام الذي لم يعد لديه ما يقدمه سوى مزيداً من الخراب والدمار...!
وإذا ما استحضرنا كل تجارب الماضي، سنصل إلى حقيقة مفادها، أن ازمة البلاد الراهنة لن يحلها منطق ترك الساحة فارغة للنظام، أو ملئها عبر الدخول معه في مفاوضات ثنائية، أو غيرها.. الأزمة لا حل لها، سوى رحيل النظام، عبر ثورة شعبية، تطيح به وترسله الى مزبلة التاريخ غير مؤسفاً عليه.. وتفتح الباب واسعاً، أمام الشعب السوداني لترسيخ خياره الديمقراطي ورسم معالم مستقبله السياسي، عبر الديمقراطية والحوار الجماهيري السلمي، بعيداً عن لغة العنف والحروب.
وما قلناها بحق المعارضة السودانية، ليس الغرض منه توجيه طعنة في خاصرتها، أو التقليل من شأنها، وإنما هو مخرز نقد، لإخراج الدم الفاسد من شرايينها، لتفعل دورها، وتغير آليات عملها إن ارادت تعظيم شأنها، الذي من شأنه ان يعجل بالثورة، التي تقضي على الظلم، وواقع الفقر والبؤس...!
الطيب الزين
أحدث المقالات
برلمان الألف نائب .! بقلم عبد الباقى الظافرومن يحرسهن ؟! بقلم صلاح الدين عووضةحرب «العجز» 3 حوار محجوب بقلم أسحاق احمد فضل اللهسوار الذهب والوحدة مع مصر بقلم الطيب مصطفىالتوافق على وجع قلب الشعب!! بقلم حيدر احمد خيراللهالمقاومة الايرانيه ودستور حقوق المرأةعودة لقوى المستقبل للتغيير ألسوداني 2ّ2 ألثورة والثورة المضادةمقتطفات من كتاب الطباشيرة والكتاب والناس- 5