|
السودانيون وعدم حب العمل بقلم شوقي بدرى
|
قال لنا احد الالمان في الستينات ونحن نبحث عن عمل في الاجازة الجامعية في الستينات وقد اتينا من شرق اوربا . انتم الاجانب تعملون لكي تعيشوا . ونحن الالمان نعيش لكي نعمل . وفي بداية السبعينات وفي ميناء هامبورق . ردد لي الماني هذا الكلام بعد ان اشاد بعملي واجتهادي . وكنت اقود الشاحنة واقوم بانزال ماكينات سيارات مستعملة وقطع غيار والاف الاطارات الاتي كنت انقلها من المدينة في دفعات . ولكنه لم يعرف انني كنت امتلك الشاحنة والمعدات وكنت علي وشك ارسالها الي السودان عن طريق الخطوط البحرية السودانية التي ضاعت كما ضاع الوطن . وربما لم اكن اعمل بذالك الحماس اذا كنت اجيرا . فانا اجنبي في النهاية .
الالماني اضاف في نهاية كلامه . هل نحن الذين خسرنا الحرب ؟ انظر الي اقتصادنا واقتصاد جيراننا . والحقيقة ان بريطانيا التي كسبت الحرب متخلفة بالنسبة لالمانيا . وهذا ما اكدته رئيسة الوزراء السيدة ثاتشر عندما قالت ... انه ليس من العدل ان تدفع بريطانيا نفس الرسوم للسوق الاوربية مثل المانيا واقتصادهم في الحجم اقل كثيرا من الاقتصاد الالماني . او يعادل النصف . اليابانيون كذالك خسروا الحرب . ولكنهم تفوقوا علي الجميع . السبب هو الانضباط والعمل . ويقولون ان الالماني عندما يولد يصرخ آربايتن. او العمل . ليس هنالك تطور بدون العمل الجاد . فكلما نام الناس كلما تقلص الدخل القومي للامة . وكلما عملوا كلما كبر الدخل القومي . وما حدث لدول الشمس في اوربا. يوكد ان من لايعمل لا يتطور , وهم الآن مدانونون بالكثير لبنوك المانيا التي خسرت الحرب .
السودانيون والصوماليون يحسبون ان العمل هو احد الشرور في الدنيا وان السعيد هو من بستطيع ان يعيش بدون ان يعمل . حسين خضر ود الحاوي كان يعمل في مدينة صغيرة . وتوطدت العلاقة بينه وبين سويدي يعمل كمسئول صيانة في مبني المؤسسة .وعرف حسين ان الخواجة ,,المجنون,, هو من كسب 3 مليون دولار في اللوتو . ولكنه لم يترك عمله . وكان يقول انه لا قيمة له ولحياته بدون العمل .
باربرو والدة ابنتي نفيسة من شمال السويد معقل الحزب الشيوعي الي صارحزب اليسار. الجميع عمال في المناجم . ووالدها واهلها كانوا عمالا في السكك الحديدية . تخرجت من جامعة اوميو وصارت فنية علاج بالاشعة لمرضي السرطان . ولزحمة العمل لا ينتظرن الزميلة او الزميل لتحريك المريض الذي قد يزن مئة كيلوجرام .وبعد عملها لعشرين سنة ، اضطروا لفتح ظهرها ووضع صفائح من المعدن ومساميرطولها سبعة سنتيمترات . وبعد اخراج المساميرو اعطوها اجازة لمدة سنة كاملة مدفوعة الاجر . ولكنها عادت بعد شهور لعملها . وكانت تقول ان تركها للعمل يضع عبئا اكبر علي الآخرين وهي الرئيسة . وان المرضي يحتاجونها . وهي لا تعرف حياة بدون عمل منذ ان اكملت السادسة عشر .
قبل اعياد الميلاد اتت ابنتي نفيسة من بيرقن في النرويج حيث تعمل كمضيفة في الخطوط النرويجية . وسالتها عن اثنين من الطيارين السويديين الذين يعملون معها كمضيفين . وقالت ضاحكة ,,,انهم يعملون . وتقابلهم في بعض الاحيان . وان روحهم عالية ويضحكون اغلب الوقت .
ابنتي في الثانية والعشرين وككثير من السويديين لا يلتحقون بالجامعة مباشرة ويعملوت لسنوات قليلة حتي يكتسبوا خبرة ويتعرفون علي العالم . لانهم عند التحاقهم بالجامعة يحصلون علي دعم من الدولة وقرض يسددونه بالاقصات المريحة بعد عملهم . ولكن تسديد القرض يحتم عليهم الانتظام في العمل . ولن يجدوا فرصة لكسب اي خبرة خارج دراستهم . لانهم سيدفنون في العمل بقية حياتهم . خاصة بعد تكوين اسر .
احد الطيارين الذي شارك مع المجموعة في الكورس التأهيلي للمضيفين كان عمره 23 عاما. ولقد كلفه تعليمه اكثر من 50 الف دولار . لان مهنة الطيران لاتجد دعما من الدولة لانها مهنة نخبة . ودعمها يعني ان الكثيرين سيصيرون طيارين . وسيتشبع السوق . كما هو حاصل الآن . الطيار الآخر قد تعدي الثلاثين . ولقد قام ببناء طائرة صغيرة بنفسة . ولقد عاش حادثة سقوط طائرة ركاب. ولكن يبدوا انه غير محظوظ في ايجاد عمل . والاثنان قد قدما لكل الشركات حتي في افريقيا ولاتن امريكا .
ما اثار اعجابي هنا ان الطيارين قررا دخول عالم الطيران من الباسنجرزكابن الي الكوكبت . او من كابين الركاب الي كابينة القيادة .ودرسا كمضيقين . وزملائهم الطيارون يداعبونهما ب ,, هالو ترولي بوشرز ,, مرحبا بدافعي العربات . وهم لا يهتمون . ويقدمون الطعام والشراب للركاب ، ومن من يفترض ان يكونوا زملاءهم بدون تأفف او شكوي . فالعمل هو العمل عند الاوربيين.
فكرت كيف يكون الحال اذا قر ر ابن عائلة سودانية دفعت له مصاريف دراسته وقرر ان لا ينتظر الفرصة وعمل كمضيف بدلا عن طيار؟ من المؤكد ان الطيار الذي قد عمل كمضيف سيكون ملما بذالك الجانب من الطيران خيرا من الطيار الذي لايعرف عن الطعام اكثر من اكله . لهاذا يتقدمون ونتراجع نحن .
في كتاب الامريكي القبيح ، يكتب الكاتب الامريكي ان الروس يتفوقون علي الامريكان لانهم يتعلمون لغة البلد المضيف وتاريخه وتراثه .وكثير من الامريكان قد صاروا سفراء بدون اي صلة بالدبلوماسية. الروس يبدؤون من بداية السلم ، وقد يكونوا سائقين او كتبة قبل ان يصيروا دبلوماسيين. ولا يتوقفون عن التعلم . ويؤدون كل الاعمال في سفاراتهم .
اخ سوداني وجراح في السويد قال لي شاكيا انهم بعد عملية معقدة استمرت لساعات . هرعوا لغرفة الطعام للاكل. وكانت مجموعة من الفراشات يجلسن وياكلن ويثرثرن . وانتظر البروفسر والاطباء السويديون . واحتج الدكتور السوداني . فقال له البروفسر . هؤلاء زملائك يجب ان ننتظرهم . وتأفف السوداني لكلمة زملاءك بالرغم من انه شيوعي . وقال له البروفسر.... انت لا تستطيع ان تجري اي عملية اذا لم يقمن بالنظافة والتعقيم .... انهم زميلاتنا .
من المؤكد ان البروفسر عندما كان يدرس الطب قد عمل وتنقل بين العديد من المهن في الاجازات . وربما عمل في النظافة في المستشفي وفي غسل الصحون ونظافة النوافذ. وطالب الطب قديما في السودان كان يجد دعما ماليا من الدولة وكان مسكنه ومأكله علي حساب الدولة . وعندما ارادت الجامعة ان تتخلص من نظام الجرسونات الذين يقدمون الطعام المجاني للطالب ، اضرب الطلاب .
والاسر في السودان تعتبر العمل شر يجب ان يبعدوه عن ابنائهم مثل المرض او الشقاء . واذا اراد ابن عائلة متوسطة الحال ان يعمل في الاجازة المدرسية كحمال او بائع قديما لرفض اهله . وسيسمع الناقصك شنو ؟ وليه عاوز تشمت فينا الناس ؟
بما انني انهيت المدرسة الثانوية قبل ان ابلغ الثامنة عشر فلم يطالبني احد بالتقدم للكلية الحربية او كلية الشرطة. لصغر سني ولانني لن انصاع للاوامر علي كل حال . وذهبت الي اعالي النيل خاصة المشاريع الزراعية. وكنت اساعد في اي عمل حتي في اعمال العتالة .
وانا عائد الي امدرمان قابلت الاخ رحمة في كوستي. ورحمة من ابناء الجبال وكان يعمل في بوفية مدرسة الاحفاد لطباح مع المتعهد وتوطت صداقتي به؟ ودعوته لقضاء الليلة في لكوندة يا داخل .لانه مكتوب عليها بحروف كبيرة . يا داخل عليك امان الله ويا طالع معاك وداعة اللة . وقضينا وقتا طويلا اناقش فكرة ادارة احد بوفيهات الاحفاد . وكان رحمة مستعدا لمساعدتي .
وطرحت الموضوع علي والدتي ، التي رحبت بالفكرة . وكانت ستعطيني راس المال الذي لم يكن كبيرا . وكانت لي عدة نجارة كاملة وقد بنيت اكشاك مرطبات والكثير من الاساس البسيط ز وكنت اساطيع ان اصنع الطاولات الكبيرة واوفر المال . وكانت والدتي تقول لي اي شغل هو احسن من القعاد ساي . وكان صديقي احمد الوسيلة من الموردة يدير بوفية الاحفاد وكان يكسب مئات الجنيهات . عندما كان الموظفون يعينون ب18 جنيها . واحمد الوسيلة كان يقول انه في الجزء الغربي من المدرسة 500 طالب زائدا الفراشين والمدرسين وانه اذا كسب قرشا واحدا من كل طالب في اليوم لادخل اضعاف ما يدخلة خريج الجامعة. وبالرغم من هذاوجدت معارضة ضارية . وكان اغلب الغاضين هم اصدقائي العمال . من عجلاتية وسمكرية وميكانيكيين وحتي بعض العاطلين . وكان الاجماع كاملا. وقرر البعض عدم الحديث معي في المستقبل . لان هذا العمل لا يليق بانسان متعلم .
قديما احس المفتش البريطاني ان الحصاحيصا تحتاج لفرن لعمل الخبز . فطرح الفكرة علي العم عبد المجيد علي طه الذي بلغ درجة الميجر في الجيش قبل تقاعدة. وتلك كانت اعلي رتبة يصلها سوداني . ووافق العم عبد المجيد علي طه وهو ابن المنطقة والبلدة العمارة طه سميت علي جده .
قام عمنا ,, ب ,, صديق الميجر وغريمه منذ ايام المدرسة . باستفذاذ احد الجعليين البسطاء . وقال له ,, مجننا جدكم العباس . وعمدتكم بقي يبيع الكسرة .... وذهب الجعلي باكيا الي عمنا عبد المجيد المشهور بالهرماس , واخبره بفضيحة القبيلة وكتين العمدة ببيع الكسرة . وانتهي الامر بان صار عمنا ,, ب ,, هو صاحب الفرن في الحصاحيصا . وصار ابنه من اشهر وزراء المالية .
المانيا كانت المغناطيس الذي شد السودانيين في الخمسينات والستينات . فلقد اثبتت بضائعها تفوقا علي البضائع البريطانية . و تدفق اليها كثير من الشباب السوداني . وكان السوداني يدخل المانيا واغلب الدول بدون فيزة . وكان الارمن واليونانيون يتحصلون علي الجنسية السودانية للذهاب الي امريكا والدول الاخري.
واردت ان اذهب الي المانيا . ووافقت والدتي واخي الاكبر كمال طيب الله ثراهم . وذهبت الي العم محمد صالح الشنقيطي لانه كان الوصي علينا بعد وفاة والدي.فكصديق لوالدي يقدمه هذا علي اعمامنا جميعا . وكنت اريد مصاريف السفر فقط . واعترض العم الشنقيطي . لان السودانيين الدين ذهبوا للدراسة في المانيا كانوا يعملون كعمال . وافهمته بانني ذاهب في كل الاحوال . وخرجت غاضبا .
اتاني ابن عمتي وزوج اختي الحبيبة فاطمة رحمة الله علي الجميع . وهو من اول المحامين . وله صبر ومقدرة علي الاستماع والاقناع . وطلب مني ان اعطيه جوازي لكي يستخرج لي تأشيرة خروج . وكنت اذهب اليه في مكتب المدعي العام ، لكي استلم جوازي وكانت له كل الاعذار في العالم . واخذني في احدي المرات لزيارة صديق والدي وتلميذه الاستاد محمد عثمان يس في منزله المواجه لمركز شرطة امدرمان . وكان وكيلا لوزارة الداخلية . وقد طوف العالم ويعرف المانيا . وكان يعرفني لانه عندما كان يسكن جنوب ميدان الاهلية كان والدي فبل الانتخابات الاولي يرسلني له من حي الملازمين بالخطابات . واخافني من الذهاب الي المانيا لان المانيا بلد متطورة وغالية جدا وساضطر للعمل كعامل . واشار الي بعض العمال الذين كانوا علي رأس شاحنة وقال لي ,, حتضطر تشتغل كده ,,,
وعند ما تحصلنا علي قبول في براغ للدراسة لم يجد مالك طيب الله ثراه جوازي لانه قد خبأه جيدا حتي لا اذهب الي المانيا واعمل كعامل . وكان يقول لي . لو كنت ما غشيتك كان شقيت في المانيا . اسي انت ياكلب حتمشي معززمكرم لبراغ ,, امشي البيت لاختك كوس باسبورتك . وبعد جهد وجدنا الجواز .
كانت هنالك مجموعة ضخمة من السودانيين في مدينة ميونخ. ولقد اعطتهم المانيا تجربة رائعة . منهم الاخ ابراهيم توسكي وابيض والجمري وعمر البرير وعز الدين شنكر . لانه عمل في شركة شنكر وهي من اكبر شركات الترحيل في العالم . وعلي متيزر الذي تبنته صاحبة مطاعم متيزر . وكان له عمل تجاري ناجح في الامارات والسودان في المفروشات . ومنهم شقيق والدتي الفيلسوف مبارك الذي ذهب الي ميونخ وهو فوق الاربعين . والدكتور محمود المليجي والطبيب عدلي سعد والاكاديمي السر بادي وعبد الله زاوية وحسين الحلفاوي ومحمد حسين الزراعي الذي تعرض لاعاقة في يده اليسري في احدي المصانع . والسر كوشيتسي المتخرخ من جامعة كوشيتسي كبيطري ، واحمد مجزوب المعروف ب ,, بشتيك ., لانه كان متخصصا لفترة في غسيل البشتيك .... الشوك والسكاكين والملاعق .. في اكبر المطاعم . والدكتور عمر العبيد بلال الذي صار وزيرا في حكومة نميري . وبابكر بدر الدين شقيق الاعلامي حمدي بدر الدين وآخرون . انهم الرعيل الاول من السودانيين الذين لم يخافوا من الذهاب الي المانيا ومارس بعضهم العمل اليدوي . وكان الاخ حسين يعمل في ملعب بولينق . ويقوم برص الاشكال التي تصيبها الكرة الضجمة . وكان العمل يحصل يدويا . وتبعهم الكثيرون من من تفتحت مداركهم وتطورت امكانياتهم الذهنية. وكان شباب المانيا موضع اعجابنا في شرق اوربا وكنا نتسقط اخبارهم باعجاب .
الدكتور محمود المليجي كان يقول لي انه في بداية عمله في ميونخ ان طلب منه الفورمان ان يكنس الارض . فرفض وكان متحفذا. ففهم الفورمان العجوز الامر, وطلب من طالب الماني في الجامعة كنس الارض . وقام الالماني بكنس الارض بدون تردد . وصار الفورمات يكنس الارض بدلا عن محمود الذي كان من زعماء الطلاب الشيوعيين في الحامعة في الخرطوم. وبعد فترة صار محمود يقوم بكنس الارض بدون تردد .
في الثمانينات وفي منزلنا في امدرمان. دخلت الي الحمام . وصار الماء يغطي قدمي لانه لا يتسرب . ولاحظت ان المانهول الصغيرقبل حوض الترسب مسدود . واشقائي وكثير من الضيوف من الشباب الذين يمتلئ بهم المنزل يجلسون بكل استسلام . ففتحت الغطاء الحديدي واتيت بقطعة من الواح الموسانايت واردت تنظيف المجري . وبدا الجميع في الصياح ,,, لا .. لا ... لا ,, دي وساخة . فقلت ايوه دي وساختنا انحنا . واخد الامر ثواني وانساب الماء . قبلها بفترة كان البعض يقوم بجر الكنبة الثقيلة المصنوعة من خشب المهوقني ويحلسون في الحوش بعد اخراج التلفزيون . ويمتلئ الحوش بالناس وبينما اربعة من ضخام الاجسام يجلسون علي الكنبة انهارت الكنبة . وهذا شئ متوقع بسبب الدردرة والجر . ولكن ما حيرني انهم واصلوا الجلوس . وكأن شيئا لم يحدث. ووجدت الكنبة مسكننا في الركن وظلت هنالك حتي عندما تركت السودان .
ومن ملاحظاتي ان الباب عندما يطرق لا يتحرك اي انسان . الي ان ياتي طفل من الداخل لفتح الباب . ولكن ما يحير انهم لا يتفاعلون مع فتح الباب ولا يكلفون انفسهم مشقة النظر لمن قد اتي ؟ وهذا يحدث في اغلب البيوت .
كثيرا ما تكون الازقة مليئة بالوحل . والسبب عادة ماسورة حاجة فلانة او ناس فلان كاسرة . والحنفية تكون قد احتاجت لجلبة . ويقومون بربط الحنفية بحبل لشهور . ولا تكف عن التنقيط طيلة الوقت ويقولون ما لاقين الصلاح . وعملية تغير الجلبة لا تحتاج لاكثر من مفتاح انجليزي وموس لقطح جلد من حذاء قديم ولكن المشكلة هي البحث عن الصلاح . والسوداني قد يشتري اغلي المفروشات والكاميرات والمعدات الالكترونية الفاخرة . ولكنه لايشتري ابدا مفكا صغيرا او زردية . ما دا شغل الصلاح.
ساعدت شخص في نقل طاولة ضخمة ، اشتراها من سيدة سويدية . واردنا ان نقوم بفك قوائم الطاولة لادخالها في شنطة السيارة . وسالنا العجوز السويدية التي في الثمانين من عمرها عن .,,مفتاح انجليزي ,, وان كان المخترع سويدي . واشارت الي دولاب ضخم علي عجلات. فيه من المعدات ما لا يوجد في اي ورشة ميكانيكي في السودان . والسويديات يغيرن ورق الحائط ويصلحن السيارات والاثاث والمعدات الكهربائية والالكترونية .
عندماكان ابني فقوق تقور في المدرسة الثانوية ، اضاع كرت البص الذي يساوي 200 يورو . واشترت له والدته كرتا جديدا . اضاعه بنفس السرعة . واضاعت فتاة سويدية كرت البص واجبرتها والدتها علي السير الي المدرسة كل يوم لاربعة اشهر . والوالدة هي صاحبة الشركة التي تعمل فيها والدة فقوق السودانية . وانا كذالك سوداني.
وعنما ذهب فصل فقوق الي رحلة استوكهولم لمدة اسبوع . كان تلفونه مثبتا في مكبرات الصوت في البص وفي الهوتيل وكانوا يستمعون للاغاني من محطات مدفوعة الاجر . وكانت الفاتورة اكثر من الف دولار . واذا حدث هذا لسويدي لحرمه اهله من اي مصروف الي ان يكمل المبلغ . او طالبوهبالعمل في نهاية الاسبوع .
كان بعض الاخوة السودانيون والاريتريون يعملون في مصنع فيندوس وهو اكبر مصنع للخضروات والاكل الجاهز واكل المدارس والاطفال . ولهم مزارع ضخمة . واحد الشركاء ومدير عام المصنع كان يسكن في منزل ضخم . والسودانيون يسكنون في غرف مريحة . وكان ابن المدير العام يتواجد دائما مع السودانيين ولا يفرقهم الا للنوم هوطالب جامعي . لكنه يعمل في الاجازة ليذهب الي اجازة في البحر الابيض المتوسط . ويجد التقريع من بقيه العمال لاي تقصير . والغرض ان يتعود علي الاعتماد علي النفس . اين المقارنة هنا مع ابناء الكيزان اليوم ؟؟
قبل سفري بايام من السودان في احدي المرات احترقت لمبة الغرفة الامامية . وكان علينا ان نسير في الظلام الي الجانب الآخر لاشعال الضوء . ويعني هذا الاصطدام بالطاولات واسقاط اغراض وايقاظ اهل الدار . ورجعت بعد نصف العام واللمبة لم تغير , الي ان اتيت بكرسي وضعته علي طاولة . والجميع يقولون . يازول بتقع تتكسر .
عندما كنت اساعد اصدقائي العجلاتية في سوق الموية كيكس والطيوبة والنيع وابكرنك . لاحظت ان اغلب الاشياءلا تحتاج ,, لصلاح ,,. فكل عجلة تاتي ومعها شنطة مفاتيح كافية لاصلاح اي شي في العجلة والاسبيرات متوفره عند شركة حسن صالح خضر . ويمكن شراء صباع سلسيون بقرشين لرقع الاطارات . وعملية التشحيم لا تاخد اكثر من ساعة ويتقاضي عليها العجلاني 25 او ثلاثين قرشا وهي ليست معقدة . ولكن السودانيون يتهيبون العمل الفني وينتظرون ,,الصلاح ,,.
اذكر ان احدهم اراد ات يغير مقابض العجلة . وكان قد اشتري المقابض . واكتفي كيكس بوضعها في الماء وثبيتها في مكان قبضة اليد . ففي داخل المقابض صمغ قوي يحتاج فقط للبل . وانصرف الرجل سعيدا بعد ان دفع الاجر . ولقم الفرامل ولقم البدال تنتهي بعد فترة لانها من المطاط. وتغيير اللقم لا ياخذ غير دقائق ويمكن لاي طفل ان يقوم بذالك . اذكر اني غيرت لقم البدال لشخص وتقاضيت 15 قرشا . اعطيتها للنيع الذي كان مشغولا . ولقد قمت بالعملية وانا جالس علي كرسي المقهي. والموضوع يحتاج لزردية تساوي 12 قرشا . وبعض الشحم لتسهيل انزلاق اللقم الجديده ، بعد قطع اللقم المتآكلة . ولكل بدال لقمتان .
المشكلة ان السودانيين عندما يذهبون الي السعودية والخليج يمارسون كل الاعمال وقد يتحصلون علي اكثر من مهنة او وظيفة . وعندما يرجعون الي السودان يعودون الي الاتكالية . واهل الخليخ قد تعلم بعضهم وصاروا يؤدون بعض الاشياء بانفسهم . ولم يعودا يعتمدون علي الهنود في كل شئ . وان صار عندهم جيل جديدعلي قدر كبير من الاتكالية .
بعد اعتقالي في براغ وتهديد رجل الامن اللواء علي صديق رحمة الله عليه باخذي في طيارته الي سجن كوبر في بداية مايو، ذهبت الي السويد .وكنت اجد الرفض عندما ابحث عن عمل . بالرغم من انني اكون مصحوبا بافارقة آ خرين يحصلون علي العمل . وتفسير صديقي الامريكي هيرمان ، هو انني لا ابدوا ك(.........) طيب .
وصرت من عتالة الميناء . وكنت قد مارست تالك المهنة في السودان ومهن كثير منها الحواتي والنواتي والتربال والنقاش والنجار والبناء . وكنا نحضر في الفجر و نسجل ارقامنا وننتظر العمل . وكنت اختار للعمل قبل السويديين . لان العمل كان بالنسبة لي سهلا . فلقد عودت جسمي في السودان علي العمل الشاق . وان كان هنالك فرق بين ان تؤدي العمل تطوعا لفترة. وبين ان تؤدي ذالك العمل بقية حياتك .
النساء كن يأتين لوالدتي ليتأكدن من صحة ذالك الخبر . ولوالدتي الخدم والسائق. ولا ينقص المنزل شئ . ويمتلئ المنزل بالضيوف الدائمين . ولماذا يعمل ابنها كعتالي في الميناء ؟ وصار الموضوع موضوع تندر واستخفاف في بعض الاحيان. وارتجلت والدتي كلاما اذكر منه .... مالو شوقي ود امينة ...شوقي ما دهب الخزينة ... راجلا دخل مينا....وما مدي ايدو قال لي زول ادينا .
قابلت احد الاطباء في هامبورق وبلغته رسالة من صديقه دكتور عبد الرحمن عبد الحميد في الدنمارك . وفرح بلقائي وكانت معه زوجته . وعندما سالني اذا كنت طبيبا ؟؟قلت له انني عتالي في الميناء . فانشغل بالحديث مع الاخرين . وانصرف بدون ان يودعني . ما قلتوا دكاترة .
كركاسة
وزير الدفاع السوداني يقول,, بما ان الحركة الشعبية قد اطلقت سراح عشرين اسيرا . فان عليها ان تطلق سراح ال980 من بقية الاسري . والغرض هنا اثبات ان الحركة الشعبية تكذب . ولكن الوزيرهو الذي كذب عندما اعلن عن استشهاد هولاء المساكين. وارادوا ان ينسوهم .
لقد اطلق البطل قرنق سراح اكثر من 1000 اسير من قبل . كان احدهم ابن الشيخ الجعلي . كم من الاسري اطلق سراحهم الجيش السوداني ، كل هذه السنين ؟
مكتبة شوقى بدرى(shawgi badri)
|
|
|
|
|
|